أبو القاسم محمد كرو رائداً في النضال القومي عموماً والنضال البعثي تحديداً في العراق وتونس وفلسطين

خالدون في سبيل البعث :

من سجل النضال القومي المجيد

حزب البعثُ العربي الاشتراكي هو حزبٌ قوميٌّ وُلِدَ من رحم معاناة الامة  من أجل تحقيق وحدتها وحريتها ونهضتها، لتمارس دورها الحضاري بين الأمم بما يَليق بمكانَتِها الكبيرة وإمكاناتها الهائِلة وتأريخها المجيد. وهو فِكرٌ رَصينٌ وراسخٌ، ونَهجٌ ناضجٌ ومُتقدمٌ ينير درب مناضليه وجماهيرَه في كفاحهم لتحقيق أهدافه الاستراتيجية الكبرى في الوحدة والحرية والاشتراكية. وحزبٌ هكذا هي أهدافه، قومية تقدمية انسانية، لا ينهض برسالَتِه الحضارية العِملاقة في بعث أمة بكاملها، الاّ نوعية خاصة من أبناء الأمة المناضلين في صفوفِه، من الذين آمنوا بحقِّ أمتهم في النهضة والتقدُّم لتحتَّل مكانتها الكبرى بين الامم ، فوهبوا حياتهم لتحقيق رسالته، خائضين في سبيل ذلك نضالاً ضروساً وتضحيات جسام لتأصيل الأهداف النبيلة للبعث، وقيمه ومبادئه السامية. انَّهم صُنَّاع الحياة ومستقبل الامة، ورجال العطاء والفداء من أجل تحقيق وحدة أمتهم العربية المجيدة. هكذا هُم مناضلو البعث على امتداد وطنهم العربي الكبير من المحيط الى الخليج.

يسعى هذا الباب الى القاء الضوء على محطات من السجلّ الخالد لمناضلي البعث في الوطن العربي ، الذين شكَّلوا رايات عالية ستبقى تنير درب أجيال وأجيال من ابناء الامة في نزوعها نحو الوحدة والحرية والتقدم. ومن تلك الرايات الرفيق ابو القاسم محمد كرو من تونس .

 

أبو القاسم محمد كرو

 رائداً في النضال القومي عموماً والنضال البعثي تحديداً

في العراق وتونس وفلسطين

 مقدمة:

أبو القاسم محمد كرو أديب ومثقف عربي يمكن اعتباره بيرقاً عالياً في مسيرة النضال القومي عموماً والنضال البعثي تحديداً، فهو إضافة إلى هواه العروبي الممزوج بالهوى الوطني التونسي فقد ساهم مع رفاقه في تاسيس الحزب في اكثر من قطر عربي ودافع عن فلسطين و قدم قضية بلاده تونس في المشرق العربي من خلال محاضراته وكتاباته التي تسلط الضوء على تونس والمغرب العربي في المجالات كافة، الكفاحية والأدبية والثقافية، وما يشهد لأبي القاسم الكُتاب والمثقفون والمناضلون والسياسيون في تونس وفي العالم العربي.

إن مسيرة الأديب والمثقف العربي أبو القاسم كرو تأسست على أرضية قوية ثابتة وهي النضال الوطني والقومي الذي بدأه من مسقط رأسه مدينة قفصة الذي برز فيها مثقفاً ومساهماً في العمل الجمعياتي المقاوم، وكان حضوره المميز واللافت بين طلبة الزيتونة وداخل الجمعيات التي أخلص العمل لها وفيها. ونستعرض فيما يأتي بعض العناوين التي وثقها أبو القاسم كرو في كتابه “حصاد العمر“:

  1. مكتب المغرب العربي بالقاهرة والطريق إلى بغداد:

أحداث كثيرة ميزت الفترة الممتدة بين سنة 1947 وبداية سنة 1948 وهي الفترة التي نشطت فيها العصابات الصهيونية في الأرض الفلسطينية التي كانت تحت الانتداب والاحتلال البريطاني، فنتيجة هذه الممارسات الصهيونية تَجَنَّد الكثير من الشباب العربي للدفاع عن فلسطين وعن الشعب العربي الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة.

لقد كان لتونس المبادرة الأولى من خلال انطلاق عدة مجموعات على دفعات وكانت آخر مجموعة تطوعت للذهاب إلى فلسطين كانت هذه المجموعة تضم أكثر من ستمائة شاب مقسمة إلى ثلاث مجموعات ترأس إحداها الشاب أبو القاسم الكرو.

 

لقد ارتبطت رغبة أبي القاسم كرو للمشاركة في الدفاع عن الحق العربي الفلسطيني، بفكرة النضال الوطني، فقد تم اقناع بعض الحكومات العربية في المشرق العربي –سوريا والعراق- بقبول عدد من الشباب المغاربي وتكوينه عسكرياً من خلال التحاقهم بالمعاهد والكليات العسكرية، وتم قبول عدد من الشباب المغاربي في الكلية العسكرية في بغداد وكان من ضمنهم أبو القاسم كرو، وإثنين آخرين من  تونس وجزائري واحد وأربعة شباب من المغرب، فكان هؤلاء الثمانية أول بعثة طلابية مغاربية إلى العراق، حيث سافرت هذه المجموعة يوم 13 أكتوبر 1948م.

بدأت هذه المجموعة الدراسة في الكلية العسكرية في بغداد ولكن حدوث بعض الملابسات الخاصة بالوثائق حالت دون إتمام الدراسة بالنسبة لأبي القاسم كرو، الذي غادر الكلية العسكرية والتحق بدار المعلمين العالية التي استمر فيها حتى عام 1952، ويقول أبو القاسم كرو في هذا الصدد:” بالتحاقي إلى دار المعلمين العالية انتقلت من الدراسة العسكرية إلى الدراسة المدنية وهنا استمرت الصلة بيني وبين الدكتور الحبيب ثامر وهو ممثل تونس في المكتب العربي في القاهرة ولم تنقطع“.

لقد تميزت السنوات التي قضاها أبو القاسم في بغداد بالنضال، فبعد شهرين من بداية دراسته في دار المعلمين العالية بدأ نشاطه السياسي القومي من أجل القضية الفلسطينية، فتعرض جراء ذلك إلى الملاحقة من قبل السلطات العراقية التي أوقفته في شهر كانون الثاني/ يناير 1949 وهددته بالطرد من الكلية إذا استمر في المشاركة بالإضرابات والمظاهرات.

 لقد استمر أبو القاسم كرو في نضاله من اجل فلسطين فكتب ونشر عشرات المقالات والأحاديث في الإذاعة وقاد المظاهرات وأصدر الأعداد الخاصة للجرائد وألقى المحاضرات وأصدر الكتب واتصل بالأحزاب، وكل ذلك وهو طالب في السنة الثانية والثالثة في دار المعلمين العالية.

 

2- ظروف النضال القومي في بغداد

في كتاب الرفيق الأستاذ شبلي العيسمي الأمين العام المساعد للحزب في حينه ، والذي يحمل عنوان “حزب البعث العربي الاشتراكي” في طبعته الأولى سنة ١٩٧٧ وتحديداً خلال شهر نيسان/ أبريل. جاء في الجزء الثاني للكتاب المذكور والذي تعرض للفترة بين السنوات ١٩٤٩-١٩٥٨ وسماها «مرحلة النمو والتوسع» بصدد حديثه عن انتشار الحزب في أقطار المغرب العربي في الصفحة ٢٤٩ ما يلي:

في النصف الثاني من الخمسينات تكونت بعض الخلايا الحزبية في أقطار المغرب العربي عن طريق الطلبة الذين كانوا يدرسون في الخارج، وبخاصة في القاهرة ودمشق وبغداد“.

وكان أقدمهم في تونس أبو القاسم كرو الذي برز نشاطه في بغداد في بداية الخمسينات وبعد عودته إلى تونس ١٩٥٤ راح يبشر بمبادئ الحزب بين الطلبة في جامعة الزيتونة ثم محمد الشابي منذ عام ١٩٥٦ وهناك عبد الكريم المراق تخرج من دمشق عام ١٩٥٦“.

وقد يعود ذلك إلى طبيعة وظروف العمل السري الذي مارسه البعث في بدايات تواجده في تونس، حيث تعرض أبو القاسم كرو إلى مضايقات كبيرة خاصة مع بداية تشكل الدولة الوطنية.

أما عن الدور الذي لعبه أبو القاسم كرو في تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي سواء في العراق أو تونس فتوجد معلومات شفهية منقولة تذكر أنه أحد المبشرين بهذا الفكر عن طريق كتاب البعث الذي نشره في تونس بعد عودته من العراق، والذي يذكر فيه أنه انتسب للحزب حينما كان في العراق.  بدأت هذه المعلومات تتوثق وتتوضح أكثر ولأول مرة من خلال الحوار الذي أجراه معه الصحفي صلاح الدين الجورشي ونشر أبو القاسم كرو في المجلد السادس من كتاب “حصاد العمر” تحت عنوان: “محطات في حياتي“.

وتوضح بعض المصادر التي توثق بدقة أن أبا القاسم كرو قد تولى بعض المهام الحزبية وخاصة أثناء دراسته في العراق. فقد ذكر السيد فخري قدوري وهو من الشخصيات البعثية العراقية المهمة والذين تولوا مسؤوليات رفيعة سواء في تنظيم البعث في العراق أو في الدولة الوطنية للبعث في العراق، ذكر في كتاب له صدر سنة ٢٠٠٦ ما يلي:

بعد أن ترك عبد الرحمن الضامن الحزب نهائياً بسبب ما قيل عن مرضه تارة وابتعاده الفكري عن الحزب تارة أخرى تولى أبو القاسم محمد عمر كرو من تونس عام ١٩٥٠ (على وجه التقريب) مهمة الإشراف على التنظيم الحزبي، وكان طالباً في دار المعلمين العالية في بغداد وكانت القيادة في سوريا هي التي تعين مسؤول التنظيم في العراق الذي يمارس مهمته الحزبية كأمين سر القطر تقريباً حيث لم يكن هناك قيادة قطرية بالمفهوم الانتخابي في تلك الفترة“.

وتعتبر هذه المعلومات التي تضمنها كتاب السيد فخري قدوري شهادة هامة وتاريخية لأنها تأتي من شخص عايش المرحلة وكان فاعلاً فيها،حيث يذكر أيضاً أنه تولى قيادة الحزب بعد تخرج أبي القاسم كرو وعودته إلى تونس.

يقول السيد فخري قدوري في الكتاب نفسه

بعد أن قارب كرو على الانتهاء من دراسته الجامعية ورحيله عن العراق عهدت القيادة في سوريا إليَّ مهمة تسيير أمور الحزب في القطر العراقي وكان ذلك عام ١٩٥٢ وكنت ما زلت طالباً في كلية التجارة والاقتصاد

ويضيف: “وفي خضم الإضرابات والمظاهرات في تلك الفترة قام مسؤولو الخلايا في الكليات وكنت أنا من بينهم بالضغط على أبي القاسم كرو لجعل

 

مهمة تسيير الحزب بيد مجموعة يكون كرو على رأسها، فتم تحويل الإشراف على الحزب في العراق لأول مرة من مهمة فردية إلى مسؤولية جماعية

ويقول السيد فخري قدوري في وصفه لأبي القاسم في نهاية الكتاب في فقرة خاصة بعنوان: “أبو القاسم كرو: صورة من واقع الحال”: “أبو القاسم طالب تونسي تولى مسؤولية الحزب في العراق أثناء دراسته الجامعية في بغداد وحتى نهايتها في أوائل الخمسينات كما ورد من قبل.

كان أبو القاسم لطيف المعشر حسن التصرف مجاملاً في التعامل مع زملائه وهم كثر فيما عاش في الوقت نفسه نتيجة فقر الحال حياة بسيطة للغاية. كان يعاني على الدوام من ضنك العيش، يعجز أحياناً عن دفع ما يسدد به الرمق لكنه يأبى رغم ذلك اللجوء إلى طلب المال من أحد مهما كلف الأمر“. 

علماً أن أبا القاسم محمد كرو ذكر اسم السيد فخري قدوري كأحد الموقعين على البيان الصادر عن قيادات بعض الأحزاب ومن أقطار مختلفة والذي كان سبباً في كشف انتمائه للبعث من قبل السلطات العراقية، ونعني به البيان الذي ذكر في كتاب حصاد العمر على النحو التالي:

وكان أول بيان كشف حركتنا في الواقع لأنها كانت سرية لكن هذا البيان هو أول بيان وعمدة كل الذين كتبوا عن تاريخ الحركة في العراق. لكن هذا البيان قد أصدرناه في ١٩٥٢ تحت عنوان (بيان الشباب العربي).

وقد أمضي البيان من طرف السادة: وصفي الغانم (سوري من لواء الإسكندرون طالب في العراق وهو أحد الثلاثة الذين أسسوا الخلايا الأولى للبعث بالعراق وأخ لوهبي الغانم عضو قيادة البعث في سوريا، فؤاد أحمد، أبو القاسم كرو، عدنان لطفي، فخري قدوري، عبد الله السامرائي، غازي جاسم، شفيق الكمالي، مصطفى خصاونة، سعيد غراين، محمد جميل، زهير مصطفى، جاسم محمد). وقد نشر البيان في جريدة الجبهة الشعبية ببغداد، العدد ١٧٠ بتاريخ ١٧ /2/ ١٩٥٢.

 

 

وعن كيفية اختياره للبعث وانخراطه في تنظيمه فإن المعطيات تشير إلى أن فائز إسماعيل سلمه قيادة الحزب بعد تخرجه سنة 1950، وهنا لا بد أن نشير إلى أنه لا يمكن أن يكون مسؤولاً في الحزب دون أن تكون له أقدمية معينة في التنظيم الحزبي.

ويجيب أبو القاسم كرو عن كيف كانت علاقته بالحزب وبالإيديولوجية البعثية؟ فيقول: “ومن أبرز هؤلاء الذين نشروا أفكار البعث في الأوساط الطلابية وبدأوا الحركة في الأوساط الطلابية الشاعر السوري سليمان العيسى والسياسي والمناضل القومي المعروف فائز إسماعيل لكن هؤلاء كانوا الطلائع” ويتابع حديثه قائلاً “عن طريق فائز إسماعيل ومن حوله أخذت أنا النواة الأولى لأفكار البعث ويمكن اعتبار هؤلاء من المؤسسين واعتباري أيضاً من المؤسسين بعدهم إذ أن قيادة الحركة كانت في بدايتها عن خلايا محدودة في المعاهد العليا.

ويواصل “عندما تخرج فائز إسماعيل خلفته أنا في قيادة الحركة في العراق -كان ذلك سنة ١٩٥٠-وعندما تركت العراق في ١٦ /6/ ١٩٥٢ خلفني في العملية فؤاد الركابي الذي صار فيما بعد من القادة البعثيين البارزين.”

إن الفترة التي اختار فيها أبو القاسم كرو لفكر البعث كانت فترة البدايات، وكان البعث في العراق فكراً ناشئاً، وكان هذا الاختيار استجابة لنزعة عربية متأصلة لديه، وقد عبر عن ذلك في قوله: “فأنا مهيأ نفسانياً وفكرياً للاتجاه القومي العربي، فلما اكتشفت فكرَ البعث وجدت نفسي أنسجم معه وتقبلته بسهولة وبسرعة“.

لقد ساهم أبو القاسم كرو مساهمة فعالة وكبيرة في نشر فكر البعث بين الطلاب والعمال في أنحاء العراق، وكان دوره بارزاً في انتشار تنظيم البعث في بغداد والناصرية والبصرة وغيرها من مدن العراق.

وقد تعرض جراء ذلك للاعتقال والنفي أكثر من مرة، وبوجه الخصوص إثر إعلان الشباب العربي البعثي لبيان سياسي ضد الأحلاف العسكرية وضد اتفاقية النفط العراقية البريطانية (١٩٥٢).

وكانت جريدة البعث قد نشرت له كلمة ألقاها خلال زيارته إلى دمشق سنة 1951م وفي هذه الزيارة قابل على انفراد كلاً من ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار.

 

3- أبو القاسم محمد كرو والبعث في تونس

لقد كان الحس الوطني عند أبو القاسم محمد كرو حاضراً، فقد قدم الكثير لتونس والمغرب العربي من خلال نشر المقالات وإلقاء المحاضرات وتنظيم الندوات للتعريف بقضايا بلاده.

وفي هذا الصدد يقول الجنرال عبد الله العباب في كتابه الصادر بتونس سنة ٢٠١٠ تحت عنوان “شهادة للتاريخ” تحت عنوان فرعي “مناضل وطني يقال له أبو القاسم محمد كرو“:

وأود هنا أن أخص السيد أبو القاسم محمد كرو بشكر وعرفان خاصين يليقان بمقام هذا الرجل الوطني الذي أبدى بالمناسبة إيثارية قل نظيرها. ان فضائل هذا الرجل على بلاده عديدة إذ كان آنذاك كثير التردد على مجالس الفكر والأدب البغدادية، دائم الاتصال بأدباء العراق وفنانيه ومفكريه. وكان لا يفوت فرصة للتعريف بنضال التونسيين من أجل الاستقلال واسترداد السيادة، كما كان يلقي المحاضرات في المنتديات وعلى منابر الجمعيات الثقافية والفكرية عن تونس وشعبها وتاريخها العريق ورجالاتها. وكان لتلك المحاضرات الصدى الحسن لدى الإخوة العراقيين والعرب المقيمين في بغداد، خاصة وأنهم لا يكادون يعرفون شيئاً ذا بال عن بلادنا.”

 

وللحديث عن دوره في إدخال فكر البعث إلى تونس وتأسيس خلاياه الأولى. فلقد كانت تونس ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي وكانت المقاومة الشعبية المسلحة قد انطلقت لمواجهة الاحتلال بقيادة الحزب الدستوري آنذاك، وزعمائه الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف والطيب المهيري وغيرهم، وكانت الظروف غير مؤاتية لتأسيس أي حزب آخر.

وكانت تونس تعيش في هذه الأثناء معركة الجلاء ولكن ذلك لم يمنع أبي القاسم كرو من ممارسة النضال الفكري والدفاع عن القضايا الفكرية أكثر من القضايا السياسية، فبدأ بعد عودته وتحديداً في سنة 1955 في التفكير في إصدار جريدة البعث. ويقول في هذا الصدد: ” فعلاً فإن الترخيص الذي تحصلت عليه لا لكتاب شهري وإنما لإصدار جريدة “البعث”  . وقد صدر الكتاب الأول من هذه السلسلة في غرة أكتوبر ١٩٥٥ بعنوان “نداء للعمل

لقد كان أبو القاسم كرو بحق بعثياً تونسياً صلداً، إذ يقول: “وأكاد أكون أول تونسي اعتنق أيديولوجية البعث، وما يقال عن يوسف الرويسي كونه بعثياً خطأ بل كان يتعاطف مع البعث” ويضيف في حديثه عن أيديولوجيا البعث: “كنت أول من أدخلها في تونس وكذلك في ليبيا“.

ومارس أبو القاسم كرو التبشير لفكر البعث من خلال سلسلة كتاب البعث، وأيضاً من خلال تأسيس عدد من الخلايا في تونس التي استمرت بفضل تلاميذه الذين حملوا مشعل البعث من بعده في التبشير بوحدة الأمة وبناء الحرية وللعدالة على أرضها.

من مقالاته المنشورة:

  • مقال: “برقية الشباب العربي في ذكرى الجهاد الوطني المرسلة إلى رئيس حزب الاستقلال في مراكش الزعيم علال الفاسي من القاهرة

 

 

بتاريخ ١١/1/ ١٩٥٢ موقعة من فيصل حبيب الخيزران وأبو القاسم كرو وعدنان الراوي

  • مقال: “هيا للكفاح يا شباب العرب” المنشور في جريدة “اليقظة” ببغداد ونقلته عنها جريدة “البعث” في دمشق في عددها ٤٨٦ بتاريخ ١٧ / 2 / ١٩٥١.
  • مقال: “أمة عربية واحدة” (نشر بالعدد ٤٨٩ من جريدة البعث بغداد بتاريخ ١٠ / 3/ ١٩٥١) ـ وهي الكلمة التي ألقاها باسم البعثة العراقية في حفلة الجامعة السورية للبعثة.

ويقول في هذا المقال: “وأنا لم أقف منكم هذا الموقف لأشكر من أقام هذا الحفل أو سعى إليه، فإن ذلك من عمل الغريب في البلد الغريب وأنا لست من ذلك في شيء، رغم هذه الجوازات والأوراق القنصلية التي تملأ جيبي الآن، كما تملأ جيب الغريب في البلد الغريب، والتي لا تبعث في نفس كل عربي يتنقل بها في أرجاء وطنه العربي إلا إيماناً قوياً راسخاً بأنها قيد من قيود الاستعمار والفئات الحاكمة، يمنع امتزاج أفراد الشعب العربي امتزاجاً يمهد الطريق أمام زحوف المناضلين العرب في سبيل الحرية والوحدة والاشتراكية“.

  • مقال: “ماي شهر الدماء والدموع في المغرب العربي” وهو محاضرة ألقيت في نادي البعث العربي ببغداد مساء يوم الخميس ١٠/5/١٩٥١.
  • مقال: “أمتنا …. وشبابنا” وهو كلمة ألقيت في حفلة التعارف التي أقامها نادي البعث العربي ونشرت بجريدة اليقظة العدد ١٣٢٣ بتاريخ ١٤ /1/١٩٥٢.

ويقول فيه: “انظر يا شباب العرب بل تأملوا جيداً حالة الأمة العربية في كل مكان من أرجاء الوطن العربي، أنتم يا من آمنتم بعروبتكم وآليتم على نفوسكم الموت في سبيلها، انظروا أمة مزقها المستعمرون أشلاء مبعثرة

 

 

وتحكموا في مقدراتها وخيراتها وثرواتها وسخروا أبناءنا وأرضها وبحارها وسماءها“.

مما قيل في الأديب والمثقف أبي القاسم كرو:

  • عبد الرزاق عبد الواحد بتاريخ ٨ مارس ١٩٥٠:

أي أبا القاسم…. عرفتك طالباً للحرية قبل أن أعرفك طالبا للعلم، نافراً من الذل قبل نفرتك من الجهل. فكان بيننا زمالة جامعية وكان بيننا تجاوب روحي وأخوة أدبية…. وأنا الآن أكتب إليك. …وما أدراني لعلنا لا يرى أحدنا الآخر بعد عامنا هذا“.

  • فائز إسماعيل بتاريخ ٩ /7/١٩٥٠ (أحدد مؤسسي الخلايا الأولى للبعث في العراق): لقد جاء دورك يا أبا القاسم لتساهم مع الشباب العربي الموجودين في جميع أرجاء الوطن العربي وسيجيئ دور كل ذي روح لأننا جميعاً مدعوون لتحقيق رسالة الأمة العربية الخالدة باسم البعث العربي، لا بل باسم الانقلاب العربي المنشود.
  • كاظم جواد بتاريخ ١٤ /6/ ١٩٥٢ ( زميله بالدراسة الجامعية الشاعر والملحق الصحفي في السفارة العراقية بالهند ) “عرفتك صديقاً للروح وخديناً في الفكر …. وزميلاً في حياتنا الجامعية، فوجدتك في الأولى الوفي المؤمن بقداسة المحبة، ووجدتك في الثانية الشاب المؤمن المجاهد الذي يغني على أوتار الثورة ويصدح على أيكات العروبة والجهاد.
  • من مقال الأستاذ الدكتور زكي الجابر (هو زميل دراسة بدار المعلمين العليا) يقول في شهادته: “لقد كانت جمعية الثقافة العربية مدرسة قومية عربية وكان كاتبها العام، ذلك الفتى أبو القاسم محمد كرو، يعكس إيمانه بأمته ونضالاته من خلال أنشطتها ومن خلال ممارساته بين صفوف الشباب العربي.

 

 

  • من شهادة الشاعر علي الحلي: “إن الأستاذ أبا القاسم كرو بيرق خفاق في دنيا العروبة الأصيلة ومجاهد يتحلى بأقصى مراتب التواضع والفضيلة ونكران الذات ممن انخرط منذ بدايات النهوض والبعث في صفوف الطليعة العربية الواعية… حاملاً معه زاد التقوى وإكسير النقاء وعفوية الوجدان الصادق، وهو بالإضافة إلى كل ذلك – وهذا أمر مهم وحيوي بتقديري – صوت بارز في حركة الأمة الفكرية والثقافية والتراثية الأصيلة وشاهد مرموق من بين شهود خصره على النهضة الشعرية الحديثة وتفجير ينابيع الفن التشكيلي في العراق منذ البدايات فهو إلى جانب إحاطته بمضامين الحركة كان من الملتصقين برموزها أو ممن يعرفهم عن كثب ودراية.
  • من مقال للأستاذ هلال ناجي (وهو باحث وشاعر عراقي من أوائل المنتمين إلى البعث في العراق ترأس اتحاد الكتاب العراقيين سنة ١٩٧٣ وله العديد من المؤلفات): “وبسبب من حدة ذهن صاحبنا ونشاطه الدؤوب وثوريته التي لا تعرف كللاً ولا مللاً، فقد شدته إلى جمهرة نابهة من شعراء الشباب القوميين الثائرين آنذاك صلات مودة وتآلف بعد إذ ضمهم مسار فكري واحد يتلخص في إيمانهم بوحدة الأمة العربية وبوحدة الوطن العربي الكبير، وكان كاتب هذه السطور من بينهم“.

 

المصادر:

_ محمد الهاشمي بلوزة، للندوة التي نظمها منتدى الفكر التنويري التونسي، مدينة الثقافة، تونس في ٦ /4/ ٢٠٢٠

_ محمد كرو، أبو القاسم: حصاد العمر (المجلد الأول)، دار المغرب العربي -تونس ١٩٩٨ الطبعة الأولى.

_ محمد كرو، أبو القاسم من كتاب حصاد العمر المجلد السادس، دار المغرب العربي، ط ١، تونس ١٩٩٨، ص ١٠٣ من حوار بعنوان «محطات في حياتي» أجراه معه الصحفي صلاح الدين الجورشي.

 

_ العيسمي، شبلي: حزب البعث العربي الاشتراكي، الجزء الثاني ١٩٤٩-١٩٥٨ مرحلة النمو والتوسع، دار الشؤون الثقافية العامة -آفاق عربية -بغداد، الطبعة الثانية ١٩٨٧ الصفحة ٢٤٩، وتجدر الإشارة أن المقصود بمحمد الشابي محمد المسعود الشابي خريج الآثار الذي كان له الفضل أيضا في كسب وتنظيم المجموعات البعثية الأولى.

_ قدوري، فخري، دار الحكمة -لندن، الطبعة الأولى سنة ٢٠٠٦.

_ التميمي، عبد الجليل: سيمنارات الذاكرة الوطنية الجزء الثاني، منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، تونس يوليو ٢٠٠٨.

_العباب، عبد الله الكتاب: شهادة للتاريخ: مذكرات: الجزء الأول ١٩١٧-١٩٦١، مطبعة السفير الفني، تونس سنة ٢٠١٠

 

Author: mcLuGWLRpf