القيادة القومية : تحية إلى جماهير السودان في انتفاضتها ضد الردة والإفراج الفوري عن القادة الوطنيين والمعتقلين السياسيين
حيت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي استمرار جماهير السودان في انتفاضتها ضد الردة على الوثيقة وطالبت بالإفراج الفوري عن القادة الوطنيين وكل المعتقلين السياسيين والعودة بالوضع الى مرحلة ما قبل 25 تشرين الأول/ اكتوبر ،كما نوهت بالمآثر النضالية للرفيق عبد الصمد الغريري في الذكرى السنوية لوفاته وبالأهمية التي انطوت عليه المؤتمرات الحزبية في لبنان وتونس.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية في ما يلي نصه:
تحل هذه الايام الذكرى السنوية الاولى لوفاة الرفيق المناضل عبد الصمد الغريري (ابو زيد) ، عضو القيادة القومية للحزب وعضو قيادة قطر العراق في وقت تبدو فيها ساحات النضال على المستويين الوطني والقومي بأمس الحاجة إلى مناضلين يتمتعون بكل الخصال النضالية التي انطوت عليها شخصيته وهو الذي ما فارق الساحات لحظة وكان دائم الحضور حيث اقتضى الواجب النضالي ذلك ،وهو كان وسيبقى دائم الحضور في وجدان رفاقه وفي الذاكرة الجمعية لجماهير امتنا العربية من المحيط الى الخليج. فالتحية لروحه الطاهرة وألهم ذويه ورفاقه الصبر والسلوان على فراقه .
ولمناسبة انجاز منظمتي الحزب في لبنان وتونس مؤتمريهما القطريين رغم ما يحيط بساحتي عملهما من تعقيدات وظروف صعبة ، فإن القيادة القومية تعتبر عقد هذه المؤتمرات على قدر كبير من الأهمية لتأكيد حضور الحزب في ساحات عمله ، وهي تتمنى للرفاق ، قيادات منبثقة من مؤتمراتها الشرعية ، وقواعد في هاتين الساحتين ، التوفيق في مهامها لتحقيق ما قررته المؤتمرات في السياقات التنظيمية والنضالية والسياسية وعلى طريق تحقيق الأهداف الكبرى لأمتنا العربية في التحرر والتقدم والوحدة وتجذير آليات الممارسة الديموقراطية على الصعيد الداخلي كما على الصعيد الوطني العام.
ان القيادة القومية للحزب التي تعتبر النضال السياسي بتعبيراته الديموقراطية من الثوابت الاساسية في فكر الحزب وممارساته ، تشدّد على الالتزام بوحي مقتضياته في كل ساحة يثبت الحزب فيها حضوراً فاعلاً في صياغة التحالفات السياسية وفي مشاركته بوضع الأسس الدستورية لإدارة الشؤون العامة والسودان واحد منها وهو الذي دخل معطى مرحلة انتقالية بعد اسقاط نظام التمكين وولوجه مرحلة جديدة من حياته السياسية ، تقوم على أساس التحول الديموقراطي واقامة حكم المشاركة الذي يضع هذا القطر العربي البالغ الأهمية في موقعة وإمكاناته ، على طريق الخروج من أزماته الاقتصادية وإنهاء النزاعات المسلحة التي استنزفت قدراته وباتت تهدد وحدته الوطنية.
ان هذه المرحلة الانتقالية التي كان ُينظر إليها بإيجابية لاعتبار انها وضعت الأسس لعملية التحول الديموقراطي وبناء الدولة المدنية التي تعزز قيم المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام الخيارات الوطنية التي يقررها الشعب عبر أطره الشرعية المنتخبة ، لم تصل الى مآلاتها النهائية وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية التي رسمت خارطة طريق للانتقال بالسودان إلى مرحلة جديدة من حياته السياسية . بعدما أقدم المكون العسكري وهو الشريك في السلطة منذ وضعت الوثيقة الدستورية حيز التنفيذ ، على القيام بردة على ما سبق وتم الاتفاق عليه مع المكون المدني .
هذا الانقلاب العسكري الذي أعلن منفذوه فض الشراكة السياسية مع قوى إعلان الحرية والتغيير ، وإعلان حالة الطوارئ وحل المجلس السيادي والحكومة ، أرفق ذلك بحملة اعتقالات واسعة شملت رئيس الحكومة واعضاء من المجلس السيادي ووزراء وقادة وطنيين وعلى رأسهم الرفيق المناضل على الريح السنهوري الامين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي ، أمين سر قيادة قطر السودان للحزب فضلاً عن قادة نقابيين ومهنيين .
ان هذه الردة التي نفذها رموز المكون العسكري في المجلس السيادي ، حصلت قبل ان يحل استحقاق انتقال رئاسة المجلس السيادي الى المكون المدني بحسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية ، وبعدما تبين ان قوى الاعتراض السودانية على مسار التطبيع مع العدو الصهيوني استطاعت ان تحد من اندفاعة رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ونائبه حميدتي دقلو في هذا الاتجاه دون الرجوع إلى المجلس السيادي أو الحكومة علماً ان هذه مثل هذه القضايا الشديدة الخطورة على الامن الوطني السوداني والأمن القومي العربي لا يقرر بشأنها شخص أو مكون مهما كان موقعه السلطوي بل يقرر بشأنه الشعب وبعد استكمال هياكله ومؤسساته الدستورية ،وهو الذي لم يتم حتى الآن طالما ان المرحلة الانتقالية لم تنقض فترة نفاذ احكامها ومواثيقها.
ان ما قامت به الطغمة العسكرية من انقلاب على كل ما كان قد اتفق عليه ، وما اتخذته من قرارات ، من تعليق بعض بنود الوثيقة الدستورية ، وتشكيل مجلس سيادي جديد يكون واجهة سياسية للمكون العسكري برئيسه ونائبه ومحاولة تشكيل حكومة تنفذ املاءاتها ، وإطلاق سراح مسؤولين من فلول النظام السابق ، والحملة التي استهدفت لجنة إزالة نظام التمكين برئيسها واعضائها ، كشف بما لا يقبل الشك ، بأن المكون العسكري في الهيئات التي تشكلت استناداً إلى مندرجات الوثيقة الدستورية لم يقطع علاقاته مع النظام السابق ، بل بيّن من خلال ما اتخذه من قرارات انفرادية بانه كان مجرد وديعة لذلك النظام في هياكل السلطة الجديدة ، وان رموزه الذين كانوا جزءاً من آليات اتخاذ القرارات في نظام البشير تطالهم شبهة الفساد ، وإلا لماذا كان استهدافهم للجنة إزالة التمكين واسترداد الاموال المنهوبة !
ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، التي سبق ودانت الردة التي قام بها المكون العسكري ، تجدد ادانتها لهذا الانقلاب الذي نفذته طغمة عسكرية لا تريد للسودان ان يدخل مرحلة التحول الديموقراطي واقامة الدولة المدنية التي تنفذ استراتيجية تنمية وطنية مستدامة وغير مرتهنة للصناديق الدولية والاقلاع عن مسار التطبيع مع العدو الصهيوني الذي يسيل لعابه على خيرات السودان وثرواته الطبيعية وخاصة الزراعية منها ،وترى ان مسارعة العدو الصهيوني للترحيب بالانقلاب العسكري ومعه أنظمة التطبيع العربية ،يكشف وبما لا يقبل الشك ، بأن الذي حصل في الخامس والعشرين الأول تاريخ تنفيذ الانقلاب لم يكن بدون تنسيق مع الكيان الصهيوني ومن يدفع من الانظمة العربية باتجاه توسيع دائرة المطبعين وأياً تكن الانعكاسات والتداعيات المدمرة على البنية الوطنية السودانية والأمن القومي العربي.
من هنا ، فإن القيادة القومية للحزب ، وهي ترى الخطورة الكامنة في ما اقدم عليه المكون العسكري من خلال خطوته الانقلابية وما أعقبها من إجراءات قمعية طالت القوى الوطنية السودانية وزج رموزها في السجون والمعتقلات ، تدعو جماهير السودان الى تصعيد انتفاضتها الشعبية لإسقاط نهج الردة في الداخل ومسار التطبيع مع العدو ، واعتبار الطغمة العسكرية التي نفذت الانقلاب هي من بقايا فلول النظام السابق ، وهي بالتالي موضوعة تحت سقف المساءلة والمحاسبة وتطبيق قواعد العدالة الانتقالية عليها وعلى كل من ارتكب جرماً بحق جماهير السودان ومن نهب الاموال العامة ومن يسير نهج التطبيع في تنكر للقيم الوطنية لشعب السودان وانتمائه القومي ونكث بعهد اللاءات الثلاث التي باتت جزءاً من التاريخ الوطني السوداني.
ان جماهير السودان بقيادة قواها الوطنية التي تخوض معركة حماية الحريات العامة والتحول الديموقراطي والتنمية الوطنية المستدامة ومقاومة نهج التطبيع ، انما تخوض نضالها على ارضية الموقف الذي فجر الحراك الشعبي في العديد من الساحات العربية ، ومعركتها ليست منفصلة عن المعارك التي تخوضها الجماهير العربية ضد انظمة التطبيع ونظم الاستبداد والتأبيد والتوريث السلطويين والاحتلال بكل اشكاله ومسمياته لأجل إنهاء الاستلاب الاجتماعي القومي الذي عانت منه الامة العربية ولا زالت.
وعليه فإن القيادة القومية للحزب التي تكبر في جماهير السودان وقواها الوطنية موقفها الرافض للانقلاب، وتحيي استمرار حراكها عبر استعادة الشارع لنبضه والضغط من خلاله لإسقاط الانقلاب وما ترتب عليه من نتائج ، تدعو إلى الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين وفي طليعتهم الرفيق المناضل علي الريح السنهوري الأمين العام المساعد للحزب ، أمين سر قيادة قطر السودان ورفاقه من قيادة الحزب وسائر الطيف السياسي الوطني ، كما تدعو إلى إطلاق أوسع تحرك شعبي عربي رفضاً للانقلاب ودعماً لانتفاضة شعب السودان في مواجهة حكم الردة الذي صادر الحريات العامة ويعمل لإجهاض كل التحولات الايجابية التي حققتها ثورة ديسمبر المجيدة .
تحية لانتفاضة جماهير السودان المستمرة حتى تحقيق الأهداف التي انطلقت من اجله والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للمناضلين المعتقلين وللإفراج الفوري عنهم .
عاشت جماهير السودان في حراكها السلمي الديموقراطي وليسقط حكم الردة ودعاة التطبيع.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في 2021/11/16م