لماذا حزب البعث؟ (الحلقة الخامسة) (5/ 7)

البعث هو الحزب الذي يجسِّد العلاقة

بين الرسالة الفكرية والنضال الوحدوي العربي

 

منذ ابتدأ حزب البعث العربي الاشتراكي كفكرة، منذ أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، كانت مسألة وحدة الامة العربية ثابته الأول، وبوصلته المرشدة. وكانت تلك الفكرة استئنافاً وتواصلاً مع الفكر القومي الذي كان سائداً في الشرق عموماً وفي منطقتنا العربية حتى قبل ظهور الاسلام ، وان كانت الهوية القومية وقتها لم تستقر ملامحها بعد. ففي الشرق كانت القومية موجودة واساسها الثقافة اللغوية والهوية المميزة. و كانت المحرك للعلاقات القديمة بين الامم الشرقية. وقد استمر ذلك في العصر الحديث. فهذه الحقيقة يعتز بها الصيني والياباني والفارسي والكوري وغيرهم ، ويتمسك بها ويبني فلسفته عليها حتى حينما يكتسب الفكر الحديث.

ولان الوعاء الاهم للقومية هو اللغة التي تعد واحدة من اكبر الروابط التي تربط بين الناس أكثر من أي صلة أخرى ، إذ لا قومية بلا لغة. فوجود لغة مشتركة يؤسس لكتلة بشرية مرتبطة ببعضها من خلال تلك اللغة التي تعتمد عليها في حياتها كلها وليس في الثقافة وحدها، ويتضامن افرادها مع بعضهم من خلالها.  لذا فقد شكل العرب واحدة من  أقدم القوميات في العالم كما تدل لغتنا الأغنى والأكثر عمقاً بمعانيها على ذلك . ويعد ذلك المؤشر واحداً من بين مؤشرات اخرى تؤكد بأن قوميتنا ليست حديثة، ولا هي نسخة من القوميات الأوروبية، كما يحاول ان يروج له بعض المستشرقين الغربيين . لذا فقد نشأ البعث لكي يناضل من أجل بعث الامة العربية الموجودة أصلاً ، ولكن النائمة في احضان التخلف والتجزئة، وليس خلقها من العدم .

ان ذلك مغاير لما يحاول المستشرقون الغربيون ترويجه في منطقتنا العربية من تاريخ غير حقيقي يشير إلى أن القومية العربية، والفكر القومي العربي، هو فكر حديث. وفي الواقع فإن القوميات الأوروبية هي الحديثة التكوين. حيث ظهر الفكر القومي في أوروبا كردة فعل على أممية البابوية الكنسية وممارساتها، التي استغلَّت مركزها في سبيل تنمية مصالحها على حساب مصالح الشعوب الأوروبية. وكرد فعل ضد سلطة الكنيسة انفصل عنها رجال دين مسيحيون في مختلف دول أوروبا، وراحوا يؤسسون كنائسهم القومية، والدعوة لانفصالها عن سلطة البابا في روما من جانب، وضد تعسف النظام الملكي الاقطاعي المتحالف مع سلطة الكنيسة من جانب آخر. لذا انتشرت كتابات المفكرين الأوروبيين حول مبادئ العدالة والمساواة بين الموطنين، وإحلال سلطة الشعب بديلاً للتحالف الملكي – الكنسي.

ولما كان العرب يشكلون جزءاً أساسياً من حركة الوعي لما يدور في العالم من حولهم، فقد انتشر الفكر القومي بين العرب مجدداً في عصر الانبعاث القومي، ونظَّر فيه عدد من مفكريهم، ثم جاء البعث ليُحدث فيه طفرة نوعية عندما انتقل بالفكر القومي من دوائره النظرية إلى دوائره العملية، وهو ما يُعرف بالنقلة من برج الصفوة العاجي إلى نشره في الأوساط الشعبية. وكانت النقلة النوعية بتأسيس حزب لينشر فكره بين الجماهير الشعبية.

واستناداً إلى ذلك، ولأن الدعوة إلى القومية في الغرب كانت رداً على تعسف سلطة رجال الدين المسيحيين، وليست ردة فعل ضد الدين. بل كانت لفصل وظيفة رجال الدين عن وظيفة رجال السياسة. فإنها، أي الدعوة إلى القومية في الأوساط العربية، لم تضع نفسها في مواجهة الدين، بل وضعت نفسها في مواجهة تعسف السلطة العثمانية باستغلالها الدين وتوظيفه لمصلحة طبقاتها الحاكمة من جهة ومن أجل إحلال نظام حكم الشعب للشعب من جهة اخرى.

وما انتشار الفكر القومي في شتى أنحاء العالم، والدعوة إلى بناء الدولة القومية المحمية بالقوانين والتشريعات الدولية، بحيث شملت الدول المتقدمة والعالم الثالث على حد سواء، سوى تأكيد على أن الدولة القومية هي دولة العصر، والتي اكتسبت شرعيتها الدولية.

ولهذا، واستئنافاً لنشاط الحركة الفكرية القومية التي سبقت تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي انخرط مؤسس البعث في ميدان العمل القومي. فكان انخراطه امتداداً لحركة القوميين العرب الأوائل، حيث كانت البنية المعرفية للفكر القومي تشهد تراكماً متواصلاً جيلاً بعد جيل، وجاء حزب البعث ليضيف إليها مداًودماءاً جديدة أحدثت طفرة نوعية في مسار تلك الحركة.

وقبل أن نستعرض تلك الإضافات، لا بدَّ من أن نقوم بإطلالة موجزة على التطور التدريجي لحركة الفكر القومي التي سبقت تأسيس حزب البعث.

لقد شملت المقدمات التاريخية التي انطلقت الفكرة القومية منها  ما يلي:

1-إن الفكرة القومية العربية هي نتاج تبلورات تاريخية بالغة القدم، وترتبط في بعض جوانبها مع نشوء اللغة العربية، فما إن نشأت اللغة العربية حتى نشأت معها المجموعة البشرية المسماة العرب. الا ان تسليط الضوء على ذلك لم يحظى باهتمام المستشرقين الغربيين لاسباب مبهمة او لعلها متعمدة ، مما يحتم علينا كعرب ايلاء هذا الجانب عناية خاصة لدراسة التاريخ بشكل معمق والتنقيب فيه بصورة شاملة ، وبموضوعية تامة من أجل العثور على المزيد من الأدلة التي تثبت قدم القومية العربية ، مستفيدين في ذلك من اللغة العربية كبوصلة أساسية تمكننا من معرفة تاريخنا القومي الحقيقي، اضافة الى الاستفادة من الكم الكبير من الاثار والمكتشفات واللقيات الاثرية التي تشكل ادلة علمية من شانها ان تلقي الضوء على تاريخنا القومي العريق . ومن هنا نرى اصل دعوتنا لبعث الامة – وليس خلق امة – . فالبعث الحديث ينطلق من ماض عريق موغل في القدم جرت عليه عملية تعتيم متعمد ،  كما انه يعبر في نفس الوقت عن حاجة عصرية لاعادة بناء الامة واحياء ثقافتها واطلاق وجودها وفقا لقوانين العصر من جهة اخرى .

2- تأثر المفكرون القوميون العرب الأوائل في العصر الحديث بمفاهيم الدولة الحديثة التي كانت تشق طريقها في أوروبا، والتي حققت إنجازات حضارية مهمة بهرت شعوب العالم الأخرى. فالدولة الحديثة قامت على أساس الرابط القومي، بعد انقلاب الأوروبيين على سلطة الكنيسة التي حكمت الشعوب الأوروبية بمفاهيم السيطرة الإمبراطورية التي تعتمد على الهيمنة والاستغلال.

3- بعد انعزال الشيوعيين العرب عن الحركة  التحررية العربية، في أواسط الثلاثينيات من القرن العشرين عندما اعتبروا الفكر القومي فكراً شوفينياً، وتعود أسباب ذلك إلى تأثير المد الستاليني الذي ألزمهم باعتبار الاتحاد السوفياتي مركزاً للثورة العالمية وعليهم حماية هذا المركز، راحت حركة  البعث تشق طريقها المتميز نحو تأسيس حزب قومي جماهيري منذ بداية الأربعينيات من القرن العشرين.

4-بتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في العام 1947، واجه البعثيون وحدهم أطرافاً ثلاثة تعلن العداء للمسألة القومية، وهي:

-المشروع الاستعماري – الصهيوني، الذي أظهر عداءه ليس بالتبشير الفكري المضاد للقومية العربية فحسب، بل أيضاً بتأسيس دولة صهونية على أرض فلسطين في العام 1948 من جهة، وبناء علاقات مع بعض الأنظمة القطرية العربية مؤسسة على التبعية من جهة أخرى.

– الحركة الشيوعية العربية بتبعيتها للمشروع الأممي، واعتبرت مركزيته الاتحاد السوفياتي.

– الحركة الإسلاموية السياسية وهدفها استعادة «دولة الخلافة الإسلامية». وقد بدأت مع حركة الإخوان المسلمين منذ الثلاثينيات من القرن العشرين أولاً، ثم تأسيس حزب الدعوة في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، وانطلاقة حركة ما يسمى ب “ولاية الفقيه” منذ الثمانينيات من القرن العشرين ثانياً. ولأنهما يحملان أيديولوجية تفتيت المجتمع العربي، فقد وجدا تأييداً واحتضاناً لافتين من المشروع الأمبريالي – الصهيوني.

– وبين هذا الطرف وذاك، انتشرت النزعة القطرية في شتى أرجاء الوطن العربي. بعضها المتمثل بأنظمة رسمية رجعية، أو ملتحقة بقوى الاستعمار؛ وبعضها الآخر متمثل بأحزاب وحركات قطرية شعبية.

لقد واجهت التيارات القومية تاريخياً، وفي المقدمة منها حزب البعث، كل تلك الحركات لعشرات السنين؛ وصمد في تلك المواجهة على الرغم من أنها شملت تحالفات بين قوى خارجية أجنبية، وقوى إقليمية، وقوى داخلية عربية، بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. ولقد عملت تلك القوى، مجتمعة أو منفردة، وما تزال تعمل بشتى الطرق لاجتثاث فكره، واستئصال هياكله التنظيمية، وكل همها اجتثاث الفكر القومي، والفكر الوحدوي العربي.

في تلك المواجهة صمد الحزب في شتى أقطار الوطن العربي، من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، على الرغم من كل أشكال الملاحقات. وكان يحرز توسعاً وانتشاراً جديدين.

وأهم مظاهر صموده بدا واضحاً فيما يحصل اليوم في العراق، فقد واجه سياسياً مؤامرة انتزاع العروبة من فكر البعث ومن اتجاهات مشروعه النهضوي. ولما فشل الضغط السياسي الأميركي على النظام الوطني في العراق من أجل احتوائه وفرض التبعية عليه، قامت أميركا باحتلال العراق عسكرياً من خلال أكبر هجمة حشدت فيها إمكانياتها العسكرية الهائلة، وجمعت حولها إمكانيات عشرات الدول الأجنبية، ناهيك عن إمكانيات دول الجوار الجغرافي، من أنظمة عربية وغير عربية.

كانت أولى القرارات التي أصدرتها قوات الاحتلال هو القرار الذي عُرف بقرار «اجتثاث البعث من  المجتمع العراقي ». وأهداف هذا القرار كانت واضحة وحاسمة بشأن الاجتثاث، الذي تناول الحزب على صعيد تفكيك بنيته التنظيمية والأخطر منها كان المقصود اجتثاث بنيته الفكرية أيضاً. نتأكد من هذا الأمر إذا عرفنا، أن القرار مستند إلى استراتيجية أميركية تعود جذورها إلى مؤتمر بازل، ومؤتمر بانرمان، واتفاقية سايكس بيكو، ووعد بلفور، تعتبر أن خطورة أي حركة سياسية في الوطن العربي تأتي من اعتناقها لأي توجه قومي. فالقومية العربية كانت في الواقع، وكما أكدت التطورات السياسية منذ أوائل القرن العشرين، أنها تشكل الهدف المركزي لكل القوى المعادية للامة العربية وحركتها الوطنية التحررية، ووُضعت في مواجهتها كل الايديولوجيات المعادية لها، بما فيها الايديولوجيا الدينية والطائفية.

ولأن الاستراتيجية الاستعمارية الأوروبية ومن ثم الأميركية، استناداً إلى أصولها في المؤتمرات والاتفاقيات أعلاه، تقوم على إبقاء العرب في حالة جهل وتخلف وتفتيت، كانت أهداف البعث بالضد من تلك الاستراتيجية، فكان يرى أنه في التكامل العربي للموارد البشرية والطبيعية يكمن الحل الاساسي ومنه تنطلق نهضة الامة. فدعا في دستوره إلى مبدأ مكافحة الاستعمار والصهيونية ، ورفع في مواجهة التفتيت شعار الوحدة اولاً. وفي مواجهة الهيمنة والتسلط رفع شعار الحرية ثانياً. وفي مواجهة حالة التخلف وانعدام المساواة الاجتماعية رفع شعار التنمية على قاعدة اشتراكية ثالثاً.

كما أن نضالات البعث، في شتى مراحلها، وبمختلف أشكالها، لم تهدأ يوماً، بل استمرت على الرغم من كل المصاعب الداخلية والعقبات الخارجية، بحيث كانت تجسيداً ميدانياً لأهداف الحزب النظرية. وكانت المواجهة الكبرى لمشروع صهينة فلسطين وأمركة وفرسنة العراق اليوم ، من أهم تلك النضالات.

 فعن صهينة فلسطين كان لمشاركة الحزب في نضالات الشعب الفسطيني وحمل مناضليه السلاح والقتال ضد الغزو الصهيوني، وإضافة العمق القومي إليها، أثراً واسعاً في إحباط مؤامرة عزل فلسطين عن عمقها العربي، واليوم يواجه البعث اشرس مشاريع التغيير الديموغرافي في العراق وسوريا اضافة الى مشاريع التفتيت والتدمير التي تتكامل كلها لتحقيق مشروع (إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات) . فيواجه البعث كل هذه المشاريع الشريرة بفكره القومي الموحد كرد على التفتيت وإفشاله. وأما بالنسبة لمشروع أمركة وفرسنة العراق، فما يزال البعث صامداً يقاتل على أرضه، ويتحمَّل مسؤولياته التاريخية بمشاركة شعبية ووطنية، وينجز الانتصارات ويلحق الهزيمة بالاحتلال أيضاً.

بالإضافة إلى كل ذلك، ما يزال الحزب مستمراً في نضاله على أكثر من ساحة قطرية في الوطن العربي وخارجه. وقد عجزت عن النيل منه أعتى قوى العدوان، كما لم تنل من انتشار فكره. وإنه على الرغم من كل مشاريع اجتثاثه، من أكثر من قوة داخلية كانت أم خارجية، إلى الدرجة التي أعلنت فيه أكثر من قوة معادية أن أهداف البعث تحوَّلت إلى أهداف خشبية وليس لها حظ بإعادة الحياة إليها، إلاَّ أن البعث ما يزال مقاوماً وواقفاً في مواجهة كل تلك القوى مجتمعة .

وتؤكد المؤشرات العملية وتجارب العقود السبعة الماضية بأن عقيدة البعث القومية الاشتراكية أثبتت مصداقيتها في التعبير عن أهداف الأمة العربية، بعد أن بدأت العقائد الأخرى تتهافت تباعاً. فسقوط الشيوعية  الستالينية، وانكشاف الرأسمالية بصفتها النظام الأكثر وحشية في تاريخ الإنسان، وسقوط الحركات الإسلاموية، جعل من فكر البعث القومي فكراً يرتقي إلى مصاف النماذج العالمية في بناء الدولة القومية الحديثة.  وتجربته الاشتراكية بأبعادها القومية في العراق، وآفاقها الإنسانية هي اشتراكية تعبر تعبيراً صادقاً عن نماذج تحقيق العدالة الاجتماعية وازالة مظاهر استغلال الإنسان للإنسان.  إن أفكار البعث النظرية وتطبيقاته العملية، تؤكد بأن البعث لم يعد فقط حزباً رائداً للامة العربية، بل يمكن لكل شعب آخر الاستفادة من تجربته القومية الاشتراكية. إن أي تحليل لظاهرة الشيوعية الاوروبية ( يوروكوميونسم ) التي توصَّلت إليها الاحزاب الشيوعية في كل من فرنسا وإيطاليا في الثمانينيات من القرن الماضي، وانتقالهما من مرحلة التعصب الماركسي اللينيني الى مرحلة تبني أنموذج للاشتراكية قريب من أنموذج البعث  يشير الى الحقيقة اعلاه. كما أن تخلي أعداد كبيرة من الشيوعيين الأوروبيين والعرب عن الموقف الالحادي، بفصل المادية الديالكتيكية عن المادية التاريخية، يشكل  تطوراً يشبه إلى حد كبير ما دعت اليه عقيدة البعث منذ البداية.

وأخيراً،  ومن كل مظاهر الصمود هذه، نخلص إلى النتيجة الأولى من نتائج دراستنا، والتي تقول: «إن البعث شكَّل طوال عشرات السنين، وهو لا يزال يشكل ضرورة تاريخية للأمة العربية». ومن أجل إثبات هذه الحقيقة نسوق البراهين والإدلة التالية:

 

 أولاً: حزب البعث ضرورة تاريخية للأمة العربية:

ليس صمود الحزب، مترافقاً مع صمود الفكر القومي واستمراره، إلاَّ تعبيراً عن علاقة العلة بالمعلول، ذلك لأن الفكر القومي العربي الموحِّد والجامع، كما القومية العربية، كان من المحتمل أن يُصابا بالانهيار أمام قوة الهجمة وشراستها، لولا أن قُيِّضت لهما رافعة حملتهما، وحالت دون سقوطهما، تمتلك مواصفات وعوامل دفاعية لها القدرة على حمايتهما نظرياً بالتمسك بنشر الفكر، وعملياً بالتضحية والتصدي والصمود. فكانت تلك الرافعة ممثَّلَة بحزب البعث العربي الاشتراكي.

إذن، ليست هناك علة تشكل عاملاً لصمود المعلول لها فعل السحر، بل هي تستمد قدرتها من خلال امتلاكها مواصفات موضوعية ملموسة تكسبها تلك القدرة. ولقد أثبتت التجربة التاريخية أن صمود حزب البعث وصمود الفكر القومي العروبي الجامع،  أصبح يشكل ثنائية واقعية، فهي ثنائية علمية وليست ثنائية سحرية؛ فهي ثنائية قائمة على أن المحسوس العملي هو الذي يفسر استمرار المعقول النظري؛ ولأن حزب البعث العربي الاشتراكي هو المحسوس العملي، والفكر القومي هو المعقول النظري، فان ذلك يعني أن استمرار البعث في الحركة يفسر لنا أنه سبب لاستمرار الفكر القومي العربي في الوجود.

ولأنه لا محسوس في عصر العلم يمتلك قوة سحرية ، بل يمتلك مزايا وشروطاً موضوعية؛ لذا فان حزب البعث، بما قام بتحقيقه، يمتلك تلك الشروط. فما هي تلك الشروط التي يتصف بها هذا الحزب؟

لقد أثبت البعث عبر مسار نضاله السابق أنه كان السد الذي حال دون تغريب الثقافة العربية، ولأن التغريب الثقافي، أي تبني الثقافة الغربية والانصياع لها من دون نقد وغربلة ، هو الجزء المتمم لاتفاقية سايكس – بيكو، والمشاريع الأممية.  إذ لا يمكن لتلك المشاريع السياسية المعادية أن تتحقق في المجتمع العربي من دون تغيير في بنيته الثقافية، أي نقلها من الثقافة الوحدوية إلى ثقافة التفتيت والتمزق، وذلك انطلاقاً من حقيقة أساسية تستند إلى أنه لا يمكن ولوج بوابة تغيير واقع إلى واقع آخر من دون تغيير في بنيته الثقافية. ولأن اتفاقية سايكس بيكو، كما المشاريع السياسية الأممية، هي تعبير عن ثقافة تقسيمية أولاً، وثقافة تتجاوز حدود القوميات ثانياً، وهاتان الثقافتان لا يمكن انتشارهما إلاَّ بالقضاء على الثقافة القومية الوحدوية. ولأن حزب البعث تمسك بنشر الثقافة العروبية  الموحِدة ، ومنع نفاذ ثقافة التغريب، لذا فقد شكَّل حاجزاً منيعاً صدَّ تغلغل تلك الثقافة. ولقاء هذه الحقيقة يمكن تفسير العداء الشديد الذي يكنه الثلاثي المذكور لحزب البعث؛ هذا الثلاثي الذي يعلم أنه لا يمكنه أن يمرر مشاريعه من دون اجتثاث البعث فكراً وتنظيماً.

 

 ثانياً: حزب البعث ضرورة قومية فكرية وتنظيمية:

كل هذا يجعلنا نستنتج أن سر ديمومة البعث واستمراره يتعلق بعامليْن أساسيين هما:  أنه يشكل ضرورة فكرية؛  وضرورة تنظيمية ونضالية.

وبالعودة إلى مقدمات دراستنا التي أشرنا فيها إلى أن عملية التغيير تحتاج إلى مرحلتين، الاولى تتمثل في تشخيص المشكلة ، والثانية في تحديد وسائل ومقاييس علاجها.  فهي إذن وعي نظري وعلاج عملي. ولما كان الحزب هو أعلى درجات وسائل التغيير الجماعي، لذا فقد تكاملت عناصر عملية التغيير في حزب البعث العربي الاشتراكي، على مستوى وعي مشاكل الأمة العربية نظرياً، وعلى مستوى الانخراط في ورشة عمل تطبيقية عظمى لمعالجتها .

لكل هذا نعتبر أن البعث يشكل ضرورة فكرية وتنظيمية. وإننا قبل البدء في إلقاء نظرات أولية على هذين العنوانين، لا بدَّ من الإشارة رداً على من قد يوجِّه تهمة تضخيم البعث لذاته فنقول: إذا كنا نتكلم بلسان بعثي فليس إلاَّ لأننا نقوم بعرض موضوعي لشروط التغيير على المستوى القومي العربي. تلك الشروط التي إن امتلكها أي حزب آخر أو أية حركة أخرى، وإن كانت بأسماء أخرى، فهذا لن يضير البعث شيئاً أو ينتقص من دوره التاريخي. وإذا ما أرادت قوى أخرى أن تدخل للعمل إلى الساحة القومية  على أرضية الثوابت التي برهنت تجربة البعث التاريخية أنها صحيحة فهو مُرحَّبٌ به أكبر ترحيب لأنه يضيف إلى إمكانيات البعث إمكانيات أخرى تعمل على تسريع حركة التغيير فتقصِّر المسافات وتختصر الزمن.

ولأهمية العمل الجبهوي على المستوى القومي، فقد دعا الحزب في كل مراحله النضالية، وفي الأقطار العربية كافة، جميع القوى والشخصيات والأحزاب التي تؤمن بالقومية العربية وبأهدافها بالتحرر من الاستعمار والصهيونية، كما بأهدافها بالوحدة السياسية، والتنمية الاقتصادية، وغيرها من الأهداف الوحدوية، إلى الانخراط في جبهات واحدة. ويزخر التاريخ بالامثلة والشواهد الكثيرة التي نورد منها مثالين هما على صعيد القضية الفلسطينية والمقاومة الوطنية لتحرير العراق .

فقد استطاع الحزب على مستوى القضية الفلسطينية مثلاً أن يؤسس وأن ينخرط في الكثير من الجبهات . وقد رعى جبهة الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، بالتحالف مع جميع الفصائل الفلسطينية، في السبعينيات من القرن الماضي، من أجل الدفاع عن الثورة الفلسطينية في لبنان. وبعد الاحتلال الصهيوني للبنان في العام 1982، وبعد الإعلان عن انطلاقة (جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية) للقيام بالقتال ضد الاحتلال الصهيوني، فقد أعلن الحزب في لبنان مشروع ميثاق للعمل الجبهوي لتوحيد فصائل جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. ولكن لم يلق المشروع اهتماماً من قبل الفصائل الأخرى بسبب طغيان العمل الفئوي أولاً، وبسبب حراجة وضع الحزب الأمني لأسباب محلية لبنانية، ولأسباب إقليمية وعربية، حيث كان الحزب يتعرَّض للملاحقة من قبل أكثر من طرف لبناني وعربي وإقليمي. وكذلك على مستوى العمل المقاوم لتحرير العراق من الاحتلال الأميركي، ومن بعده تحريره من الاحتلال الإيراني، حيث تعاون البعث مع كل أطراف المقاومة الوطنية الأخرى من أجل تحرير العراق من الاحتلالين.

 ومما تجدر الإشارة إليه الحقائق التالية:

1-في مواجهة الاحتلال الأميركي ، اوصى الشهيد صدام حسين بعدم تحويل المقاومة الى مقاومة بعثية فقال (لا تبعّثوا المقاومة) . وكذلك أعلن الرفيق عزة ابراهيم، الأمين العام للحزب مراراً وفي أكثر من مناسبة، عبر بياناته أو عبرالرسائل الصوتية عن إيمانه بضرورة تقديم المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية وذلك لتوفير الظروف الملائمة لتشكيل الجبهة الوطنية الشاملة المناهضة للاحتلال. وعن ذلك أُعلن عن تشكيل (الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية)  التي ضمَّت إلى صفوفها كل الفصائل التي تقاتل الاحتلال الأميركي.

2-كما دعا الحزب إلى قيام الجبهة الوطنية لإسقاط (العملية السياسية) التي أسسها الاحتلال الأميركي، ورعاها من بعده الاحتلال الإيراني، على أن تكون الجبهة نواة لحكم وطني بعد التحرير. وعن ذلك، فقد حرص الحزب على التعاون مع كل القوى الإسلامية التي تؤمن بتحرير العراق من الاحتلال، والتي تؤمن بأن الدولة المدنية هي الحل الأمثل لبناء الدولة الوطنية.

وعلى خطى الإيمان بأهمية العمل الجبهوي، فقد انضمَّ الحزب في السودان، عبر مختلف المراحل، إلى كل التشكيلات السياسية الجبهوية التي تؤمن بأهمية النضال الموحَّد. وكذا الحال بالنسبة الى ساحات و مواقف نضالية عربية اخرى .

 

مدخل لتكوين الاستراتيجية الفكرية:

بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية تفككت الأجزاء الجغرافية-السياسية  التي كانت تابعة لها، وشكل كل كيان دولته الخاصة، وحصل كل منها على اعتراف دولي بحدوده الجغرافية. بينما الجزء العربي الذي كان تابعاً للإمبراطورية العثمانية لم يتم الاعتراف به كدولة واحدة لها الحق بالوحدة كمثيلاتها من الشعوب الأخرى. فكان هذا الحق ماثلاً عند قدامى المفكرين القوميين العرب، فأعلنوا شعار الوحدة العربية.

لقد اكتشف البعض من قدامى الرواد القوميين العرب أن هناك إصراراً من قبل أكثر من قوة على إبقاء الجزء العربي مفككاً وممنوعاً من توحيد أجزائه. فطُرح السؤال التالي: إذا لم يكن من المتاح أن يحصل العرب على حقهم بالوحدة، فمن الضرورة أن ينظم العرب صفوفهم للضغط في سبيل تحقيق هذه الوحدة. ومن أجل هذا الهدف تفرَّد القادة المؤسسون للحزب وهم الرواد القوميين الأوائل، بالتفتيش عن الحل عبر تأسيس حزب قومي، خاصة أن التنظيم الحزبي هو من أهم مظاهر  العصر الحديث وادواته ، فهو الأقدر على قيادة عملية التغيير وتنظيمها ووضع الخطط الاستراتيجية لها.

وهكذا تم تأسيس حزب البعث في العام 1947، وكان التأسيس مولوداً لفكرة عاشت في فكر القادة المؤسسين وعلى رأسهم احمد ميشيل عفلق قبل خمسة عشر عاماً سبقت التأسيس؛ وفي تلك السنوات تجمَّع حوله عدد من المؤمنين بها؛ ولما نضجت عندهم الفكرة تماماً، اتبعوها بصياغة نظرية شملت الأسس الفكرية التي اطلق عليها «دستور الحزب»، كما تمت صياغة الأسس التنظيمية التي جمعت في «النظام الداخلي».

 

 أولاً: البعث ضرورة فكرية/ الهوية العربية تمنع العرب من الضياع:

لن يكتب لقضية ما سُبل الحياة إلاَّ إذا كانت مبرَّرة فكرياً، فالوضوح الفكري يشكل البوصلة التي تصحح اتجاهات ربان سفينة قضية ما، إذا واجهت تلك السفينة رياحاً عاتية تغيِّب عن أعين قبطانها الرؤية الصحيحة.

والمسألة القومية العربية هي قضية حياة للعرب إذا ظلت حية، أو قضية موت لهم إذا ماتت. ولهذا ركَّز البعث على تحديد قضيته الأولى وحافظ عليها عبر نظرية قومية، واعتبرها البوصلة الأساسية للعرب. فالمسألة القومية للعرب، كما آمن بها البعث،  هي هوية لهم؛ وتأسيساً عليها تم إعلان هدف الوحدة العربية كحق يتساوون فيه مع الأمم الأخرى.

لذا كان إعلان البعث عن الهوية القومية العربية، وحدد أركانها، لأن العرب كانوا يتعرضون، وما يزالوا، إلى أكثر وسائل تغريب هويتهم  وذلك بالجنوح بها نحو القطرية تارة، ونحو الأممية تارة اخرى . فالقطرية والأممية كانتا احياناً ملهاة لبعض التيارات من أجل تجهيل هوية العرب العربية، في الوقت الذي  كانتا فيه مؤامرة إلغاء هذه الهوية عند التحالف الاستعماري – الصهيوني.

ولقد كسب البعث جولته ضد تغريب الهوية أو تجهيلها، عندما أعلن شعاره أن العرب هم «أمة عربية واحدة». واستناداً إليه فإن المحافظة على هوية شعب هي كسب لنصف المعركة وخسارتها خسارة للمعركة كلها. فالمحافظة على الهوية ضرورة فكرية أساسية؛ لا تحتمل أنصاف حلول.

وهكذا صدَّت نظرية البعث الفكرية رياح الاستعمار التآمرية، ورياح الأمميين الإيديولوجية. وفي وضعه للأسس الفكرية الوحدوية، وضع حداً لحركات التغريب القومي ومنعها من تغيير مسارات القومية العربية. فبهذا المعنى يُعتبر البعث ضرورة فكرية. ولأن الفكر يشكل حصانة للحركات الثورية، يُعتبر فكر البعث، بمضامينه الوحدوية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتحررية، ضامناً لمستقبل الوطن العربي في مواجهة كل القوى الحالمة بالاستيلاء على ثرواته، ومصادرة حقه في بناء دولة عربية واحدة على أسس مبادئ حق الشعوب بتقرير مصيرها.

وتبدو الحاجة إلى هذا الفكر ضرورية، خاصة في هذه المرحلة التي تكالبت فيه أطماع الصهيونية والرأسمالية الدولية، وكذلك أطماع دول الإقليم الجغرافي. تلك القوى التي اخترقت جدران الأمن القومي العربي، وهيمنت فيه على قرار النظام الرسمي العربي، وارتهنت لإرادتها مواقف معظم القوى والحركات اليسارية. والتي بنتيجة ارتهانها أصبحت معظم الساحات العربية عرضة للتكالب الاستعماري والإقليمي غير المسبوق. إذ راحت تلك القوى تعيث بالوطن العربي تفتيتاً جغرافياً وتطهيراً عرقياً ودينياً ومذهبياً، واستخدمت من أجل تحقيق أهدافها وسائل التجويع والتهجير والاقتلاع من الأرض. ونتيجة هذا التفكك تجرَّأت الحركة الصهيونية واتَّسعت أحلامها بعد الوصول إلى النيل باتفاقية كامب ديفيد، من أجل التمدد إلى الفرات، بعد احتلال العراق. وكما اتَّسعت أحلام النظام الإيراني في السيطرة على الوطن العربي، وبسط نفوذه على أكثر من عاصمة عربية، مستخدمة في ذلك عوامل التحريض المذهبي. وما كانت حركات الإسلام السياسي تطل برأسها بزخم وقوة لافتتين لو كان العرب حريصين على مصالحهم القومية على مقاييس المبادئ التي أعلنها البعث منذ تأسيسه، وعلى رأس تلك الأهداف، يقف هدف الوحدة العربية، التي بالعمل من أجلها كان للعرب فرصة ثمينة في توحيد جهودهم لمواجهة الأخطار التي أحاطت بالوطن العربي، وازدادت خطورتها في مرحلة تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد.

المضمون السياسي الاجتماعي مفهوم حقوقي على طريق إلغاء الفروقات:

لم يقف البعث في معركة ضد اجتثاث الهوية القومية فحسب، وإنما عمل أيضاً على صياغة معادلة حقوقية في داخل المجتمع العربي، عندما جمع النضال من أجل حماية الهوية القومية، مع النضال من أجل بناء مجتمع عربي تسوده العدالة الاجتماعية والسياسية، فكانت الدعوة إلى الحرية والاشتراكية من أجلى مظاهرها.

 

 ثانياً: البعث ضرورة تنظيمية ونضالية:

لأن عملية التغيير ثنائية متكاملة، حدَّاها التشخيص والتنفيذ، أي عملية التكامل بين الرؤية الفكرية والوسيلة العملية، تميَّز البعث في أنه عمل على الوحدة المتكاملة بين النظر الفكري والتنفيذ العملي، فجمع بين وحدة الفكر والعمل. وبعد أن أنضج رؤيته الفكرية مكملاً تجربة الذين سبقوه، أسس الحزب السياسي الذي يعتبر الوسيلة الأساسية في ترجمة الفكر إلى واقع ملموس.

وإذا كان الفكر حاجة نظرية، فإن الحزب هو المعول الذي يهدم القديم والرافعة التي تبني الجديد. لهذا شارك الحزب الرواد الأوائل في إنتاجهم الفكري، وتجاوزهم بأنه شكل الرافعة التي راحت تعمل على تنفيذ ما أنتجته عقولهم.

وإن انطلق الحزب من ساحة قطرية عربية، وهي سورية، فإن أهدافه كانت قومية عربية. إذ انطلق تنظيمياً من سورية ليتمدد وينتشر إلى الأقطار الأخرى. وكان هذا الانتشار نتيجة تخطيط مسبق. فكان نظامه الداخلي مؤسساً على قاعدة قومية شاملة.

من أهم ما يمتاز به النظام الداخلي للحزب هو أنه ابتدأ من تنظيم أصغر خلية في ضيعة صغيرة، أو شارع في مدينة، ليتدرج متسلسلاً إلى أعلى هرم في القطر الواحد. واعتبر أن كل الحلقات في الهرم القطري تنضوي تحت قيادة القطر الواحد. وتصاعدياً للوصول إلى السقف القومي العربي، اعتبر النظام الداخلي أن قيادات الأقطار هي حلقات استناد للهرم القومي تقودهم قيادة قومية غالباً ما تتمثل بها معظم الأقطار العربية.

يُعتَبر التنظيم البعثي خلية عضوية واحدة من أدنى حلقاته حتى أعلاها. وللتنظيم القومي فاعلية كبيرة من حيث اهتمامه بشؤون كل أقطار الوطن العربي على قدم المساواة، وهو إن أفسح لكل قيادة قطرية المجال بالاهتمام بخصوصيات أقطارها، لكن على أن لا تتناقض مواقفها مع السياسة القومية الموحدة. وبمثل هذا التراتب التنظيمي والعلاقة العضوية تجد أية قضية قطرية صداها في داخل التنظيم الحزبي البعثي على الصعيد القومي.

نظرياً لم يواجه التنظيم القومي صعوبات وعقبات. وعملياً برهنت التجربة على أن البعثيين تواصلوا فعلاً على صعيد النضال القومي، وعرفوا سرعة استجابة كل المنظمات في الأقطار مع كل القضايا العربية الساخنة، إن كان من حيث الخطاب السياسي، أو التظاهرات المؤيدة، أو المشاركة العسكرية في معارك التحرر من الاحتلال.

فالبعث في مثل هذه الحالة يشكل ضرورة تنظيمية ونضالية إذ جمع بين مسألتين: وحدة التنظيم القومي، ووحدة المضامين الفكرية الوحدوية.

ولهذا ومن أجل ترجمة أهدافه القومية، وأهمها الدعوة إلى الوحدة العربية، كان من الحري بحزب البعث الذي يدعو إلى قيام تلك الوحدة، أن يترجمها في عمليته التنظيمية. ولهذا لحظ النظام الداخلي للحزب بأن تكون القيادة القومية، التي ينتخبها مؤتمر قومي تتمثل فيه كل تنظيمات الأقطار، الرأس التنظيمي الذي يقود الحزب على أن تكون قراراتها ملزمة لكل تلك التنظيمات. وبالإضافة إلى مهماتها التنظيمية فهي تشكل الحارس على وحدة الحزب الفكرية، وعلى وحدة قراراتها السياسية، وهي بنفس الوقت صورة مصغرة للوحدة العربية وممارسة تدريبية لها.

Author: Medhat