اما لبنان الذي يرزح تحت عبئين ثقيلين ، احدهما امني سياسي من جراء اتخاذ ساحته ،منصة لإدارة المشروع الإيراني في الإقليم بواسطة احد اذرعه الميليشيوية الذي يمثله “حزب الله”وما ترتب على ذلك من نتائج مدمرة على البنية الوطنية اللبنانية ، وثانيهما ،اقتصادي اجتماعي من جراء النهب المنظم لماليته العامة، وتسلط منظومة فاسدة على إدارة نظامه المحكوم أساساً بالمحاصصة الطائفية، وبما جعله على حافة الإفلاس المالي ، لم تعد معطياته الاقتصادية الداخلية قادرة على تأمين الادامة للانفاق الحكومي على القطاع العام وتوفير الحماية لسلة من الحقوق الاجتماعية والمعيشية الأساسية ،خاصة بعد الكارثة الوطنية التي حلت بالبلد بعد جريمة تفجير مرفا بيروت وما تولد عنها من ارتدادات حادة على الأمن الحياتي للمواطنين. وهذا ماجعل السلطة ترنو بأنظارها مجدداً، الى الخارج والصناديق المالية الدولية طلباً للمساعدة والتي يشترط مقدمو خدماتها تحقيق مايسمونه رزمة إصلاحات تبدأ بتحرير سعر صرف العملة الوطنية ،والتي تحرر سعرها في السوق الموازي وافقدها ستة اضعاف قوتها الشرائية ،منعكساً تضخماً هائلاً في حجم الكتلة النقدية المتداولة وارتفاعاً جنونياً في الأسعار.
ان لبنان الذي كان ينظر اليه بأنه بلد الوساطة المالية والقطاع الخدماتي ، إنتفضت جماهيره رغم الانشطارات الطائفية العامودية ، ضد منظومة الفساد والمحاصصة والإرتهان ،في واحدة من أهم الانتفاضات الشعبية العربية التي جمعت طيفاً سياسيا ً وشعبياً واسعاً عابراً للطوائف والمناطق ،واستطاعت انتفاضته أن تسقط حكومتين وتعري السلطة الحاكمة بكل أطرافها وتسقطها اخلاقياً وتضعها في دائرة الإتهام تمهيداً لمساءلتها ومحاسبتها.