المِنَصّة الَشبابيّة
انطلاقا من حقيقة ان الشباب هم صناع الحاضر العربي وجوهر قوته وحيويته وهم قادة مستقبله ، فقد تم تأسيس هذه المنصة الشبابية لتكون باباً جديداً من ابواب النشر لمكتب الثقافة والاعلام القومي لتطل على الشباب العربي من خلال مناقشة شؤونه و طرح قضاياه الراهنة و التعبير عن تطلعاته المستقبلية. وهي مخصصة حصرياً لنشر كتابات الشباب وابداعاتهم في المجالات الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية وذلك لتعميق مساهمتهم في الدفاع عن قضايا امتنا العربية وصناعة مستقبلها. كذلك فان المنصة تعنى بمتابعه مايصدر من موضوعات ثقافية واعلاميه وفنية في وسائل الاعلام العربية ودول المهجر والتي لها علاقة بقضايا الشباب في الوطن العربي، وترجمة ونشر ما يخدم منها في مواجهة تحديات الامة وتحقيق نهضتها الحضارية الشاملة .
الشَّبَاب العَرَبِيّ عِمَاد الوحْدَة الوَطَنِيَّة
لِنُصْرَةِ فلَسْطين وَإِنْقَاذ الأمَة
سعد الرشيد
كان أول ما تعلمناه في مدارسنا في الصغر، كلمة (دار)، والدار هو الوطن الأصغر لكل فرد، والوطن هو الدار الأكبر الذي يضم الجميع، لذلك كانت حمايته والحفاظ على أمنه وسيادته والدفاع عنه مسؤولية الجميع.
واليوم ونحن نعيش في كل لحظة مآسي وتطورات العدوان الصهيوني الوحشي في فلسطين ولبنان ، والتضحيات الهائلة التي يدفع ثمنها الابرياء من أبناء أمتنا العربية جرائه، ومن اجل مواصلة النضال لاستعادة الحقوق المُغتصبة مهما طال الزمن، لابد لنا من استذكار واستلهام تجارب الشعوب الحيّة لنيل حريتها، كنضال شعبنا العربي في الجزائر ضد المحتل الفرنسي، ونضال الشعب الڤيتنامي ضد الاحتلال الأميركي، وغيرها من صفحات نضالية مُشرفة لشعوب قاومت الاستعمار بكل السبل وانتصرت عليه رغم قوته وجبروته.
ويعلمنا ذلك التاريخ ان الحقوق المُغتصبة لا يمكن أن تسترجع إلا بالعمل النضالي الدؤوب المحصَّن بوعي فكري وسياسي يستقرئ الأحداث والوقائع ويكون متوثباً لمعرفة بواطن الامور وحقيقة ما وراء الشعارات المرفوعة من خلال التحقق من مآلات الاحداث، ولمصلحة مَن تصب النتائج على أرض الواقع .
لقد ابتدأ النضال العربي المعاصر مُبكرًا منذ أواسط القرن الماضي وما يزال، عندما اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم وطننا العربي الواحد إلى أقطار ضمن اتفاقية سايكس- بيكو سيئة الصيت، ثم عززت ذلك التقسيم باقتطاع قلب ذلك الوطن الواحد وتسليمه للصهاينة ليقيموا عليه دولتهم بموجب وعد بلفور المشؤوم. ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف المقاومة الوطنية الفلسطينية البطلة عن المواجهة بكل الوسائل ، القتالية منها والنضالية والسياسية. كما لم تتوقف معارك العرب مع هذا الكيان الغاصب، فكانت حرب عام ١٩٤٨، ثم ١٩٦٧، ثم تشرين ١٩٧٣، وفي كل مرة كانت تتدخل القوى الدولية الفاعلة لحماية هذا الكيان من غضبة العرب في فلسطين وخارجها.
وادراكاً من القوى الاستعمارية بخطورة وحدة النضال العربي على مستقبل الكيان الصهيوني مهما طال الزمن، فقد عمدت إلى هَدّ وحدة المجتمع العربي، وتقسيم المقسم منه، وهو الهدف الاستراتيجي القادم . ولان ذلك يتحقق بتفعيل التفرقة الدينية والطائفية والعرقية تحت شعارات زائفة، لذا كانت الخطوة الاولى هي استبدال شاه إيران بالخميني الذي اعلن منذ البداية عن أطماع توسعية بدأها بفتح جبهة تشغل العراق عن قضيته المركزية فلسطين وذلك تنفيذا لاستراتيجية معروفة هي ( شدّ الاطراف). اي اشغال اطراف الوطن العربي عن المركز وهو فلسطين.
من هنا تحديدًا، بدأ الصراع العربي-الصهيوني يأخذ شكلًا آخر ويدخل مرحلة جديدة، إذ دخل نظام الولي الفقيه في ايرن على الخط، ظاهره شعارات “إسلامية” تنادي بالقدس وفلسطين، وباطنه ومآلاته خدمة الكيان الصهيوني عن طريق اضعاف الامة العربية عبر (تطييف العمل السياسي) اي اضفاء الصفة الطائفية له، ثم التدخل بالشؤون الداخلية للاقطار العربية، وخلق الفتن والحروب والاضطرابات، لإنهاك العرب وزعزعة وحدتهم واستقرارهم.
وبسبب رفع هذا النظام لشعارات “المقاومة” وارتداؤه ثوبًا دينياً غرّر به بعض قطاعات الشعب العربي، تمكنت إيران من التغلل إلى مجتمعنا ونفث سمومها التقسيمية فيه. ولاضفاء الشرعية على ذلك بدأت متاجرتها بالقضية الفلسطينية لكسب ود الشارع العربي وتعاطفه، مع أن تخندقها كان وما يزال تقسيمي مذهبي واضح. مما شكل خطراً جسيماً على الوحدة الوطنية داخل الاقطار العربية.
ونتيجة لذلك تمكنت الدول الاستعمارية المهيمنة على القرار العالمي، من جعل دول المشرق العربي بين فكي كماشة، إيران شرقًا والكيان الصهيوني غربًا، نظامان يتخادمان مع بعضهما لتدمير العرب ووحدة اوطانهم واستقرار مجتمعاتهم والسيطرة على أرضهم ومواردهم ومستقبل اجيالهم.
إن تطييف النضال او المقاومة، اي اضفاء الصفة الطائفية والمذهبية عليه ، ايا كان مذهبه، يخلق التخندق الذي يعمد وفق نية مُبيتة، حتمًا ليست سليمة، وهي سحب البساط من تحت أقدام النضال العربي الوطني والقومي لتحرير فلسطين والذي لم ينقطع يوماً منذ استلابها، وإلباسه لباسًا مذهبياً، وكأنّ القضية لم تعد قضية العرب كما هي في حقيقتها.
لذا فان اضفاء الطابع المذهبي او الطائفي او العرقي او الجهوي على الصراع العربي الصهيوني تحت لافتة تحرير فلسطين، هو خديعة وتقسيم وإضعاف للامة العربية. ذلك انه في ظل الاستفراد الكبير لنظام القطب الواحد ، وجبروت العدو وقوته ، فان فلسطين تحتاج الى كل طاقات الامة العربية وليس جزء منها ، وهي لن تتحرر الا بمواجهة عربية شاملة يتم تجنيد كل تلك الطاقات والثروات فيها .
إن التفكك والانقسام الذي تحاول ايران احداثه داخل المجتمع العربي من جهة، وترك الدول العربية المجال لها تسرح وتمرح متخلين عن دورهم القومي الحتمي من جهة اخرى، قد استثمره الكيان الصهيوني لخدمة مصالحه، لذا تشهد المنطقة اليوم حالة غير مسبوقة من العدوان العسكري الصهيوني في فلسطين ولبنان، يعتمد فيها حرب ابادة اجرامية شاملة، بينما تحاول ايران ان تجيِّر وتتصدر المشهد لصالحها على أسس طائفية رافعة شعاراتها الزائفة، لتعطي مبررًا أكبر للكيان الصهيوني لاستمرار مجازره واستباحة أرض العروبة ودماء ابنائها الابرياء في فلسطين ولبنان واقطار اخرى قريباً.
ونتيجة لذلك فقد بدأت الصورة تتضح شيئًا فشيئاً، فمشروع “الشرق الأوسط الجديد”، الذي هو نفسه حلم (اسرائيل الكبرى) من النيل إلى الفرات، لا يتحقق إلا بجهود إيرانية فعّالة على الأرض تسعى من خلالها الى تحقيق ما يلي :
تجزئة المُجَزَء والاتجاه لتشكيل جغرافيات جديدة في الوطن العربي
- تنهي معها الدولة المركزية، وظيفةً وإدارةً ومؤسسات.
- تبنى على انقاضها كيانات سياسية على اسس طائفية، ومذهبية، وعرقية، وجهوية.
- احداث التغيير الديمغرافي للمدن بعد تهجير أهلها منها وعدم السماح لهم بالعودة، حيث تستوطن هذه المدن بدلا عنهم اليوم من الأفغان والباكستانيين والإيرانيين الذين تم تجنيسهم عراقيًا وسورياً وربما في الغد لبنانيا ويمنيا
- اشاعة فكرة الاقاليم او الفدراليات للتمهيد للتقسيم لذا فإن كانت خرائط الماضي قد وضعتها أيادي بريطانية وفرنسية عبر سايكس وبيكو، فخريطة “الشرق الأوسط الجديد” تخطها أيادي صهيونية وفارسية تتقاسمان فيها النفوذ والسيطرة على الدول العربية عبر تجزئتها.
ولاننا دخلنا في هذه المرحلة الجديدة من الهجوم على كل الامة العربية من بوابة العدوان على فلسطين ولبنان ، فعلينا اليوم كشباب عربي في كل مكان من ارجاء وطننا الكبير افشال هذا المشروع الجهنمي بتصعيد وتائر النضال لتاكيد الوحدة الوطنية داخل كل قطر عربي بكل الوسائل رافعين شعار:
نعم للوحدة الوطنية، ولا لكل من يسعى لتفتيتها طائفيا وعرقيا وجهويا تحت اي مسوّغ كان.
مع التاكيد على النضال العربي المشترك، كضرورة حتمية لإنقاذ فلسطين وانقاذ أمتنا من خطر الفناء، عن طريق توحيد صف الحركات والقوى الوطنية والقومية في كل أقطار الأمة، وفي المقدمة منها القوى الفلسطينية، التي عليها أن تتحمل المسؤولية وتكون أول من يبادر لإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية كنموذج للحمة الوطنية في كل قطر عربي.
نعم لتحرير فلسطين وللمقاومة الوطنية والقومية للعدو الصهيوني بكل الوسائل، ولكل من يساندها بضمير وشرف ، و لا للإستثمار بقضيتها لصالح مشاريع استعمارية اقليمية.
ولا لكل من يتاجر بها لأغراض تقسيمية، مذهبية كانت او عرقية، تهدف لتمزيق الأمة ونسيجها الاجتماعي ووضع أقطارها تحت الاحتلال والوصاية الإقليمية أيّا كانت.