القيادة القومية:
وقف الحرب الصهيو – استعمارية على غزة يتطلب مواقف حاسمة ومبادرات عملية.
المبادرات الشعبية هي السبيل لفك الحصار في ظل عجز وخواء النظام الرسمي العربي.
دعوة لتشكيل لجان دعم شعبية عربية دائمة والتحول في الرأي العام الدولي يؤسس عليه.
اعتبرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ان وقف الحرب الصهيو – استعمارية على غزة يتطلب مواقف حاسمة على المستوين العربي والدولي، وهو غير متوفر بحكم العجز والخواء الرسمي العربي، ودعت الى إطلاق المبادرات الشعبية لفك الحصار المفروض على القطاع، وثمنت التحول الايجابي الحاصل في الرأي العام الدولي لمصلحة القضية الفلسطينية.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية فيما يلي نصه:
بعد أربعين يوماً على انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، وما احدثته من تصدّع في البنية السياسية والاقتصادية والامنية في الكيان الصهيوني، مازال العدو يواصل ارتكاب مجازره بحق كتلة شعبية بكاملها، مستهدفاً المستشفيات والمدارس ودور العبادة ومراكز الايواء الانساني، في ردة فعل هستيرية لترميم صورته التي اهتزت على وقع الضربات التي الحقتها به المقاومة والخسائر التي مني فيها في قواته العسكرية ومستوطنيه.
لقد انتهك العدو قوانين الحرب في حربه التي يشنها على قطاع غزه بمدنه ومخيماته واريافه وعلى الضفة الغربية، فهو لم يقم اعتباراً للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي توجب على المتحاربين احترامها، بل تمادى في انتهاكها بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وبما يضعه تحت المساءلة الجنائية الدولية. وهذا الذي يرتكبه العدو في حربه التدميرية لكل مرافق الحياة ومقوماتها في غزة، ليس جديداً عليه، بل يأتي ضمن السياق الطبيعي لسلوكه العدواني منذ اغتصاب فلسطين واقامة كيانه الغاصب على ارضها. ولهذا فإن المجازر التي ينفذها بدعم وتأييد من قوى دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية ، هي حلقة من مسلسل تاريخه الاجرامي تنفيذاً لمشروعه الاستيطاني التوسعي الذي يستبطنه العقل الاقتلاعي لشعب فلسطين من ارضه ودفعه الى عالم الشتات كي يتسنى له السيطرة على كامل ارض فلسطين التاريخية وفرض التهويد والصهينة على كل معالم الحياة فيها ، وكخطوة على طريق تحقيق حلم الحركة الصهيونية بإقامة ما يسمى بالدولة التوراتية التي تسمى في الادبيات الصهيونية “بإسرائيل الكبرى” ، التي ترتسم حدودها ما بين الفرات والنيل.
من هنا، فان الكيان الصهيوني الذي كان يقدم نفسه بأنه “الضحية” في الصراع المفتوح مع الامة العربية على ارض فلسطين، اثبت من خلال ما يرتكبه من مجازر وجرائم، بأنه نظام عنصري بامتياز ومجبول بالعدوانية الالغائية لشعب بكامله ولا يقيم اعتباراً للقيم الانسانية والاخلاقية.
وهو اذا تمادى في عدوانيته ، فإن هذا التمادي ما كان ليصل الى هذا المستوى الخطير من الرفض المطلق لحق شعب في الحياة وحقه في تقرير مصيره ، لو لم يكن مستنداً الى دعم امبريالي غير محدود على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية ، والى تقاطع مصالح مع قوى اقليمية تجد في الفضاء العربي مجالاً حيوياً لأهدافها التوسعية كما الى عجز وخواء في بنية النظام الرسمي العربي الذي اندفعت بعض مواقعه لتوقيع اتفاقيات سياسية وامنية معه ، واقدام بعض اخر على تطبيع العلاقات وتوسيع مروحة العلاقات الاقتصادية والسياسية معه في نفس الوقت الذي كانت تمارس حصاراً سياسياً ومالياً على قوى الثورة الفلسطينية.
ان العجز الرسمي العربي، ما كان بحاجة لقمة كتلك التي عقدت مؤخراً ليقدم دليلاً على عقمه وخوائه، وعدم اقدامه على اتخاذ مبادرات جدية وعملية توظف ما لديها من عناصر تأثير وقوة لكسر الحصار على غزه وايصال الامدادات اليها وبما يمكنها من الصمود والاستمرار في مقاومة العدو وجعله يدفع اثماناً باهظه لعدوانه المتفلت من كل الضوابط التي تفرضها قوانين الحرب.
ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي اكدت مراراً عدم مراهنتها على هكذا نظام رسمي عربي في الانتصار لقضية فلسطين ودعم قواها المقاومة لان من يشارك تحت الراية الاميركية في حرب عدوانية امبريالية على العراق، لن يبادر الى اسناد ثورة فلسطين وتوفير مقومات الصمود لجماهير شعبنا في الارض المحتلة وهي تقاوم باللحم الحي الة الحرب الصهيونية التي تدمر الحجر وتقتل البشر وتحول حياة المدنيين الى جحيم لا يطاق.
وامام هذا العجز والخواء الذي يحكم سلوك النظام الرسمي العربي والتآمر الدولي والخبث الاقليمي الذي يستثمر بدماء اهلنا فلسطين خدمة لأجندة مشاريعه الخاصة ، لا يبقى امام الامة لإثبات حضورها في معركة الوجود التي تخاض هذه الايام على ارض فلسطين ، الا الخيار الشعبي ، خيار الكفاح المسلح الذي يمارس بأرقى تجلياته في الميدان ، كما خيار المبادرات الشعبية العربية ، من خلال تثوير الشارع العربي لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية قومية بامتياز وتقديم الشارع العربي لنفسه كحضن دافئ لفلسطين وثورتها ، كما اطلاق المبادرات العملية التي تمليها سياقات الحرب الدائرة في فلسطين بدءاً بتشكيل لجان دعم شعبية تتسم بالديمومة ، وكخطوات عاجلة وضع آلية لمبادرة شعبية عربية تتحرك قواها لفك الحصار عن غزة.
ان القيادة القومية للحزب، وانطلاقاً من ثوابت مواقف الحزب المبدئية بالنسبة لقضية فلسطين، وهي قضية مركزية، تدعو كل القوى العربية التي تناضل من اجل تقدم الامة وتحررها ووحدتها، الى الانخراط مع معركة صراع الوجود مع المشروع الصهيوني وذلك عبر كافة الوسائط المتاحة. وهي في هذا السياق توجه كافة منظمات الحزب ان تكون مبادرة الى تشكيل لجان دعم واسناد لجماهير فلسطين ومقاومتها في ساحات عملها في داخل الوطن العربي وعالم الاغتراب، وان لا تتردد في الانضمام الى المبادرات التي يطلقها الصادقون من امتنا انتصاراً ودعماً للمقاومة الفلسطينية ومنها مبادرات التحرك لفك الحصار.
ان القيادة القومية للحزب، التي توجه التحية لجماهير شعبنا في فلسطين المحتلة والى قواها المقاومة، ترى ان لهذه الجماهير وهذه المقاومة حق على امتها، وهي تخوض معركة الدفاع عن الامن القومي العربي في الخطوط الامامية على مساحة ارض فلسطين. فهذه المقاومة التي استطاعت ان تمرغ انف العدو في عملية “طوفان الاقصى “، لم تؤسس لواقع جديد في سياق المواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني وحسب، بل استطاعت بصمودها وتصديها البطولي، ان تعيد قضية فلسطين الى مدارها الانساني. وان تتحول قضية الحرية لفلسطين الى قضية رأي عام دولي بالتلازم مع اتساع مساحة الادانة “لإسرائيل” على سياسة الفصل العنصري التي تمارسها وارتكابها مجازر بحق شعب فلسطين، فهذا تطور هام يجب التأسيس عليه والانطلاق به الى مستوى اعلى من الضغط السياسي على مراكز القرار في الدول الداعمة للكيان الصهيوني، لفرض تغيير في سياساتها تجاه القضية الفلسطينية بما هي قضية وطنية وانسانية.
بعد اربعين يوماً على هذه الحرب المفتوحة، ليس المطلوب هدنة انسانية، ونحن العرب قد اكتوينا بنار الهدن التي حصلت قبل النكبة الاولى، بل المطلوب وقف الحرب العدوانية، وفك الحصار وتمكين شعب فلسطين من استرداد حقوقه الوطنية ومقاضاة الكيان الصهيوني سياسياً وقضائياً امام القضاء الجنائي الدولي والقضاء الوطني الذي يعطي لنفسه حق الولاية الشاملة لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة وكلها ترتكبها “اسرائيل” بما هي دولة قائمة بالاحتلال على كل ارض فلسطين.
التحية للشهداء، والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والمعتقلين،
عاشت فلسطين حرة عربية، عاشت مقاومتها في تصديها ومقاومتها وما النصر إلا صبر ساعة.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في ٢٠٢٣/١١/١6