عرض كتاب “دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي” أحمد سعيد نوفل عرض: مصطفى كامل الحلقة (3)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

برنامج

كتاب الشهر

 

للكتاب والقراءة أهمية عظمى في حياة الأمم والشعوب، وفي عالمنا المعاصر حيث تحتدم التحديات والمتغيرات في مختلف الاصعدة والمجالات، أصبحت المعرفة أحد أهم الاسلحة التي تتسلح بها الشعوب في كفاحها حتى اضحت حاجة جوهرية لا غنى عنها من أجل البقاء وتحقيق التطور والازدهار. وفي ظل عمليات التجهيل المنَظَم والمتَعَمَّد للأجيال الصاعدة من الشباب في وطننا العربي يحتل هذا الامر اهمية استثنائية. وتساهم العديد من الاصدارات العربية الحديثة في القاء الضوء على القضايا الملحة في وطننا العربي، وتنوير الرأي العام ونخبه الفكرية والثقافية، وتعميق الوعي لديها، فتشكل منارات هادية تضئ الطريق امام ابناء الامة ولا سيما اجيالها الصاعدة ، لتتزود منها بالمعرفة اللازمة لمواصلة الطريق في دفاعها عن خيارات الامة وحقها في الحياة  ومواصلة رسالتها الخالدة بين الامم.

يسلط برنامج  ” كتاب الشهر ” الضوء على هذه الكتب ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في تعميق الوعي فيقدم خلاصات للنصوص الجديدة  في مجالات الثقافة القومية والفكر العربي المعاصر والتحديات الراهنة في مختلف المجالات ، تشترط الرصانة الموضوعية ،وتضمن  الفائدة العامة  لجميع القراء والمتصفحين . ولإثراء  النص وتعميق مضامينه ، يشرع  كتاب الشهر نوافذ للحوار العلمي ، وتبادل وجهات النظر .

 كتاب هذا الشهر يحمل عنوان : دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي، تأليف: أحمد سعيد نوفل ، وعرض: مصطفى كامل.

 

عرض كتاب

“دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي”

أحمد سعيد نوفل

عرض: مصطفى كامل

الحلقة (3)

الرد الأوروبي على المشاريع الأمريكية

يتحدث المؤلف عن المشروع المتوسطي الذي يمثل رداً أوروبياً على المشاريع الأميركية وهو مشروع الشراكة الأوروبية المتوسطية الذي تبنته الدول الأوروبية في مؤتمر برشلونة الذي انعقد في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1995، والذي هدف، هو الآخر، إلى إعادة رسم المنطقة ضمن أنظمة إقليمية جديدة، تكفل لأوروبا مصالحها. وضم المشروع الدول الأوروبية: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال واليونان والنمسا وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وأيرلندا وهولندا والسويد ومالطا وقبرص ولوكسمبورغ وبعض الدول العربية المطلة على البحر المتوسط أو القريبة منه، كالأردن ومصر وسوريا ولبنان وفلسطين والجزائر والمغرب وتونس، إلى جانب تركيا والكيان الصهيوني.

والهدف المعلن من هذا المشروع هو تشكيل تجمّعٍ فعّالٍ من دول البحر المتوسط يرتكز على أسس محددة ذات طابع سياسي واقتصادي وثقافي وأمني يُبنى استناداً إلى اتفاقيات مشتركة، والتزامات تعاقدية، ونقاش مشترك حول كافة القضايا التي تهم دول البحر المتوسط.

وترى أوروبا أن الضفة الجنوبية للبحر المتوسط تمثّل مجالها الحيوي، في الوقت الذي تراجع فيه هذا النفوذ لمصلحة الولايات المتحدة، ولهذا فهي تريد استعادة دورها في “الشرق الأوسط” عن طريق فتح أسواق جديدة لها مع دول المنطقة، لتقوية اقتصادها أمام المنافسة مع الاقتصاد الأميركي، وبالتالي لكي تتحول إلى قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية كبيرة لتصبح أحد أقطاب النظام الدولي.

وتريد أوروبا دمج دول جنوب البحر المتوسط في الاتحاد الأوروبي لزيادة قدرته التنافسية، من دون مراعاة المصالح العربية وإذا ما كانت الشراكة الأوروبية المتوسطية ستكون على حساب التعاون العربي الإقليمي، كما أن الشراكة تخدم أوروبا ومصالحها على حساب المصالح العربية.  ولهذا، من أجل تقديم حوافز للدول العربية لتي انضمت إلى الشراكة، وعد الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدات مالية لتلك لدول التي أطلقت عليها تسمية دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وليس الدول العربية، كما أن المشروع الأوروبي يدخل الكيان الصهيوني إلى نظام إقليمي تشارك فيه دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية معها.

 ويلاحظ وجود تداخلٍ بين المشروع الشرق أوسطي والمشروع المتوسطي من حيث الأهداف والدول الداخلة فيهما، لأن كليهما يحاولان إعادة صياغة الوطن العربي ضمن أنظمة إقليمية جديدة تحمي مصالح الولايات المتحدة والدول الأوروبية والكيان الصهيوني.

ويبقى هذا الكيان في المشروع الشرق أوسطي يمثل دور (الدولة) القائدة، بينما في المشروع المتوسطي هو عبارة عن عضو مشارك فيه بينما القيادة للاتحاد الأوروبي.

ومع أن المشروع الأوسطي يشكل خطراً أكبر على الوطن العربي من المشروع المتوسطي، إلا أن جميع تلك المشاريع تشكّل تهديداً للوحدة العربية والتضامن العربي لأنها ستؤدي إلى تجميد المعاهدات والاتفاقيات العربية المشتركة كاتفاقية معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي.

مقاومة العرب لمشاريع التفتيت ” الإسرائيلية “

أخيراً، يشرح المؤلف في المبحث الأول من الفصل الرابع، وهو الأخير في الكتاب، الإمكانات والقدرات العربية التي تؤهل الأمة العربية لمواجهة المشروع الصهيوني، ويستعرض بشكل مفصّل القدرات الاقتصادية العربية والإمكانات البشرية والعسكرية لدولها.

ويخصّص المبحث الثاني من هذا الفصل لبيان أهمية فلسطين في الصراع مع المشروع الصهيوني ومع الكيان الصهيوني، كما يُفرد مبحثاً آخر حول الرفض العربي للتطبيع مع (إسرائيل)، ويشير إلى اتساع حملات المقاطعة الموجهة ضد البضائع (الإسرائيلية) والأميركية، وإلى فشل (إسرائيل) في اختراق المجتمعات والشعوب العربية رغم إبرام عدد من الأنظمة اتفاقيات تسوية سياسية معها.

وفي هذا الفصل يؤكد الباحث الدكتور أحمد سعيد نوفل أن الجهات الشعبية العربية لا تزال تعدّ الكيان الصهيوني عدوها الأكبر والأخطر، متوقعاً استمرار حالة العداء هذه ضده باعتباره كياناً قائماً على الظلم واغتصاب حقوق الآخرين.

ويؤكد الكاتب أن التناقض والصراع بين العرب والحركة الصهيونية قديم منذ ولادة الصهيونية قبل أكثر من 100 سنة. فقد بدأ العرب والمسلمون يحذّرون منذ مطلع القرن العشرين من خطورة المشروع الصهيوني على الأمة العربية والدول الإسلامية، وحفلت الصحافة العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بالمقالات التي تحذر من الهجرة اليهودية وإقامة دولة يهودية في فلسطين.

 

استطلاع إحصائي

وفي ختام كتابه القيّم يعرض الكاتب نتائج دراسة إحصائية استطلاعية قام بها شملت مئات من الطلاب العرب، من جنسيات مختلفة، في جامعة اليرموك الأردنية موضحاً أن غالبية الشباب العربي، خلافاً لما قد يظن بعض الناس ويروّج له الاعلام المعادي، ما يزال يؤمن بالوحدة العربية ويرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يرون فيه العدو الذي يقف وراء ما تتعرض له الأمة من صعوبات وتحديات، وأنها السبب في عدم قيام وحدة عربية، وأنها الداعم الأساسي للأقليات في الوطن العربي، وأن الصراع معها صراع حضاري لن يتوقف إلا بعودة كل الحقوق العربية المغتصبة.

 وأكدت غالبية العينة التي شملها الاستطلاع أن التجزئة وغياب الوحدة هي السبب الأساس في ضعف المواجهة مع الكيان الصهيوني، وأن الولايات المتحدة تؤدي دوراً أساسياً في استمرار التجزئة العربية حماية لمصالحها ومصالح الكيان الصهيوني . كما وافقت غالبية العينة على أن المشاريع الأوسطية والمتوسطية لا يمكن أن تكون بديلاً عن الوحدة العربية.

ويؤكد الكاتب أخيراً على أن إيمان المواطن العربي بالوحدة العربية وبضرورة محاربة مشاريع تفتيت الوطن العربي ما يزال موجوداً على الرغم من محاولات بعض الأنظمة العربية – المستفيدة من حالة التجزئة التي تعيش فيها – مهاجمة الوحدة العربية، بل وحتى التعاون العربي المشترك، حيث لم تقدم حالة التجزئة أي محاولة ناجحة لحل المشاكل التي يعاني منها العرب.

 

–     انتهى  –

Author: nasser