قراءة في كتاب تهافت الأصوليات الإمبراطورية وشروق العصر القومي الجزء الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم

 

برنامج

كتاب الشهر

 

للكتاب والقراءة أهمية عظمى في حياة الأمم والشعوب، وفي عالمنا المعاصر حيث تحتدم التحديات والمتغيرات في مختلف الاصعدة والمجالات ، اصبحت المعرفة احد اهم الاسلحة التي تتسلح بها الشعوب في كفاحها حتى اضحت حاجة جوهرية لا غنى عنها من اجل البقاء وتحقيق التطور والازدهار. وفي ظل عمليات التجهيل المنَظَم والمتَعَمَّد للأجيال الصاعدة من الشباب في وطننا العربي يحتل هذا الامر اهمية استثنائية. وتساهم العديد من الاصدارات العربية الحديثة في القاء الضوء على القضايا الملحة في وطننا العربي، وتنوير الرأي العام ونخبه الفكرية والثقافية، وتعميق الوعي لديها، فتشكل منارات هادية تضئ الطريق امام ابناء الامة ولا سيما اجيالها الصاعدة ، لتتزود منها بالمعرفة اللازمة لمواصلة الطريق في دفاعها عن خيارات الامة وحقها في الحياة  ومواصلة رسالتها الخالدة بين الامم.

يسلط برنامج  ” كتاب الشهر ” الضوء على هذه الكتب ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في تعميق الوعي فيقدم خلاصات للنصوص الجديدة  في مجالات الثقافة القومية والفكر العربي المعاصر والتحديات الراهنة في مختلف المجالات ، تشترط الرصانة الموضوعية ،وتضمن  الفائدة العامة  لجميع القراء والمتصفحين . ولإثراء  النص وتعميق مضامينه ، يشرع  كتاب الشهر نوافذ للحوار العلمي ، وتبادل وجهات النظر .

 كتاب هذا الشهر يحمل عنوان : تهافت الأصوليات الإمبراطورية وشروق العصر القومي

 

قراءة في كتاب

تهافت الأصوليات الإمبراطورية

وشروق العصر القومي

الجزء الثالث

الفصل السابع: آليات العمل الجبهوي من أجل النضال الوحدوي

في هذا الفصل يركِّز الباحث على ضرورة ابتكار آليات ضرورية من أجل التجديد في حركة الفكر لقوى وأحزاب حركة التحرر العربية، وإدامة الزخم النضالي من أجل مواجهة القوى المعادية للمشروع القومي العربي. وعن هذا يركِّز على عاملين أساسيين:

-العامل الأول: وسائل المقاومة الشعبية على شتى مستوياتها.

-العامل الثاني: ابتكار صيغ ورؤى للعمل الجبهوي بين أطراف حركة التحرر العربي.

وعن العامل الأول، فقد أفرد الباحث له مقطعين، يتناول الأول فيهما (المقاومـة الشعبية العربيـة تردم المسافـة بين مفهوميْ النصر والهزيمـة)، وفيه ينقد مرحلة النقد التي سادت في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين التي غرقت فيها حركة التحرر العربية في نقد الأنظمة الرسمية وعجزها عن الانتصار على الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين. وفيها تناسى الناقدون أن تحقيق عوامل التوازن العسكري بينه وبين الدول العربية شبه مستحيل. وهذا ما أبعدهم عن التفتيش عن عوامل القوة الكامنة في المقاومة الشعبية المسلَّحة.وهذا ما استكمله الباحث في المقطع الثاني (نحو تأسيس مفاهيم جديدة للصراع مع المشاريع المعادية). وفيها دعا الباحث إلى تعميق البنى المعرفية الجديدة، بحيث تكون مهمة المثقف دراسة متغيرات المراحل، لا أن يتقوقع في مفاهيم ما قبلها. لأن (تجميد تلك البُنى يتعارض مع أهداف توليد حركة معرفية عربية تصب في خدمة قضايا الأمة). على أن تكون تلك الأهداف واقعية (تستخلص من تجارب الأمة دروساً تدفعها إلى التفتيش عن وسائل تكون أقرب إلى التحقيق منها إلى الفشل).

 وأشار الباحث إلى ثلاث تجارب، من أهمها: المقاومة الفلسطينية، والعراقية. ولذلك أنتهى الباحث إلى (الترويج لثقافة المقاومة العربية الشعبية الطويلة الأمد، وتضع الجماهير العربية أمام مسؤولياتها في رفد حالة النضال المقاوم بالإمكانيات والقدرات، وهي حتماً قليلة التكاليف، وبمقدور الجماهير الشعبية أن تقدمها).

وعن العامل الثاني، فقد حلَّل الباحث شروط نجاحه، واهم نقد لها المتمثل في غياب الشارع العربي  ثم قدَّم رؤيته وأفكاره التي يحسب أنها تصب في مصلحة بناء إطار جبهوي ناجح.

في ظل غياب النظام العربي الرسمي المتخاذل أساساً، والذي يجد في التغيير انقلاباً على مصالحه، فقد حمَّل الباحث مسؤولية غياب الشارع العربي عن مساندة القضايا العربية لأطراف حركة التحرر العربية. لأنها (ممزقَّة ومفتَّتة، فالقوى العلمانية تتشرذم إلى ثلاث: قطرية وقومية وأممية. أما القوى الدينية، فتتشرذم إلى ما يوازي الأديان، والأديان تتشرذم إلى ما يوازي عدد المذاهب في كل دين).

وهنا يتساءل الباحث: (هل هذا الوضع الراهن يدعو إلى القنوط واليأس؟). ليجيب أن في تجارب المقاومة في العراق وفلسطين دروساً تعيد الأمل إلى الشعب العربي، ويدعو حركة التحرر العربية إلى التقاط الفرصة والاستفادة من انتصارات تلك المقاومات.

ولكن كيف تستفيد أحزاب وقوى حركة التحرر العربية من الصفحات المشرقة التي سطرتها المقاومة الشعبية العربية، فيحددها الباحث بما يلي:

*  قيام حركة نقدية داخلية لكل طرف فيها، وإلى تذليل عوامل الإعاقة التي تحول دون انخراطها في عمل جبهوي موحَّد.

وفي نهاية الفصل يحسب الباحث أنه (ليست المهمة بالسهولة الميسورة، ولكنها ليست بالمستحيلة أيضاً. فصعوبتها تكمن في كثرة الإيديولوجيات التي ترسم خطى تياراتها، ورفض استحالتها يكمن في أن الشعب العربي سيكون الداعم الأكبر لها، فهو مع أية استراتيجية وحدوية في مواجهة العدوان الخارجي بغض النظر عن شكلها ولونها).

-وفي خاتمة الكتاب:

يدعو الباحث إلى ردم هوة الاختلاف حول الهوية القومية بين أطراف حركة التحرر العربي. وبناء أسس لفكر قومي عربي متماسك وواضح.

اعتبر الكاتب أن الاختلاف حول الهوية الثقافية والهوية القومية، تشكل أزمة أساسية تعيق طريق حركة التحرر العربي.

وخطورتها تكمن في أن (الهوية الثقافية العربية أصبحت كالعربة التي تجرها عدة أحصنة، كل حصان منها يجرها إلى اتجاه يعاكس تيار الأحصنة الأخرى، وفي مثل تلك الحالة سوف تنشطر العربة وتتشظى. والثقافة عندنا، حتى ولو كانت لغتها العربية، ومنتجوها من الذين يسكنون الأرض العربية، الثقافة التي لا تدعم أحصنتها قطر الدائرة وتشدها إلى التماسك فإنها ليست ثقافة عربية).

تقوية جدران صمود الفكر القومي مسؤولية التيارات القومية:

من أجل بناء فكر قومي متماسك وواضح، يدعو الباحث إلى اعتبار ثوابت الفكر النظري هي التي عليها أن تصوب متغيرات الخطاب السياسي. ودعوته تلك تعود إلى ما يعتبره اختلاف (معالجات المفكرين العرب والحركات السياسية القومية لطبيعة العلاقة بين أصالة الفكر القومي وحداثته، وبين حداثته وعصرنته.

 

 

–     انتهى –

 

Author: nasser