بسم الله الرحمن الرحيم
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم}ٍ (174) سورة (ال عمران)
صدق الله العظيم
بيان في الذكرى العشرين لغزو العراق واحتلاله
يا أبناء شعب العراق الأبي، يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
في الذكرى العشرين لغزو واحتلال العراق الذي انطلق في التاسع عشر من سنة 2003 نستذكر تلك الجريمة الكبرى التي شكلت خرقاً فاضحاً للقانون والشرعية الدولية، وغيرت الكثير من مفاهيم العدالة والتوازن في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وعلى الرغم من كل المزاعم والأكاذيب التي سوقها الاحتلال في استهداف بلد مستقر وكشفتها اعترافات أهم قادة دول الغزو والاحتلال خلال السنوات التي أعقبت الغزو فقد بانت للعالم أجمع بأن غزو واحتلال العراق يشكل جريمة كبرى تتحملها الولايات المتحدة الأمريكية ومن تحالف معها ومن شاركها وساندها في مشروعها آنذاك ..
إن محاولات قوى الاحتلال في استهداف شعب العراق من خلال التأسيس لمفاهيم سياسية واجتماعية لم يألفها شعب العراق خلال عصره الحديث وباتت تهدد ثوابته الأساسية، مثل الطائفية والمحاصصة والميليشيات المنفلتة والقتل على الهوية، والكثير غيرها فضحت مشروع الاحتلال الاستعماري البغيض، وبالوقت نفسه كان لها التأثير المهم في تحفيز أبناء شعبنا للتصدي لها بمختلف الوسائل المسلحة والسلمية طيلة السنوات الماضية، وقدم شعبنا على هذا الطريق تضحيات جِسام ومحاولات التقليل من آثارها.
إن شعبنا العراقي العظيم صاحب التاريخ الطويل والحضارة المجيدة والإرث الإنساني الموغل في القدم كان واعياً وبوقت مبكر ومدركاً لمشروع الاحتلال الأمريكي وللكثير من الحقائق التي رافقت غزو واحتلال العراق في سنة 2003 وقد أيقن تماماً بأن حجج وذرائع أمريكا في غزو العراق كاذبة ومزيفة بشكل مؤكد، ومنذ الأيام الأولى عرف شعبنا أن أمريكا وإيران و”إسرائيل” تعاونوا في تدمير وتمزيق شعب العراق وتجربته الوطنية كلٌّ لأسبابه الخاصة، وإن أمريكا لازالت تحتاج إيران لإكمال مهمتها في تدمير العراق أرضاً وشعباً، كما أيقن شعبنا بأن الميليشيات المنفلتة ونشاطها الواسع والمتعاظم على كل المستويات كانت من ضمن المخططات والاتفاقات بين طرفي الاحتلال الأمريكي والإيراني وحسب مصالح كل طرف، ولذلك فإن استمرار هذه الميليشيات في تنفيذ المشروع الإيراني المتمم للمشروع الأمريكي في سحق الشعب وتدمير حياته وقتل أبنائه وتشريد من تبقى منهم والإسراع في التغيير السكاني، كما نرى اليوم، وبالتالي ابتلاع العراق أرضاً وشعباً، وهذا هو جوهر المشروع الاستعماري الجديد الذي استهدف العراق أولاً تمهيداً للسيطرة على البلدان العربية والإسلامية تباعاً، خاب فألهم ونواياهم.
يا أبناء شعب العراق الأبي، يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
لقد آمن شعبنا العراقي الأبي بأن هذه الجريمة الكبرى والتي تحمل غايات وأهداف استعمارية منحرفة وخادعة، حملت مسميات مثل التحرير والديمقراطية، لن تستمر طويلاً وآمنوا بأن سنوات الصراع مع العدو الغازي وأتباعه ستحتاج إلى تضحيات جِسام وصبر طويل وإرادة حرة ومستقلة، وإن النصر سيكون هو النتيجة لهذا الصبر والمطاولة، ولذلك فقد عملوا ولازالوا يحثون الخطى على طرد وإزاحة قوى الاحتلال وما أعقبها وما نتج عنها.
وعلى ضوء ذلك انطلقت المقاومة الوطنية والشعبية العراقية بسرعة وقوة وتمكنت وبجدارة من افشال الجزء الأهم من مشروع الغزو والاحتلال وايقافه عند حدوده، وأجبرت قوات الغزو والاحتلال الأمريكي على الهروب من أرض العراق وهي مثخنة بالفشل والخيبة والخذلان، ولكن مشروعها استمر من خلال عملائها وأتباعها العملاء والخونة وأتباع إيران في العراق، والذين ساهموا في تدمير العراق وتمزيق وحدته ونشر الفساد في كل المفاصل ونهب أمواله وخيراته .
يا أبناء شعبنا المجيد
إننا في قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي قيادة وقواعد وفي هذه الذكرى الأليمة وإذ نؤكد لجماهير شعبنا بأننا نؤمن بأن هدف التحرير الكامل هو الهدف النهائي لنضالنا وجهادنا وإنه قد لا يتحقق بوقت قصير، وهو يحتاج إلى توحيد الصفوف والتعاون والتآخي مع كل القوى الخيرة في بلادنا والسعي لاستمرار نضال شعبنا على هذا المسار، وإننا نؤمن بأنه ليس أمام شعبنا الأبي وهو يستذكر تلك الحقائق المرة ويمتلك الإرادة والعزم ليس أمامه إلا العمل على إطلاق ثورة شعبية وطنية عامة تزيح كل مخلفات الاحتلال وتعيد للعراق وجهه الوطني والطليعي كواحد من أهم البلدان العربية المساهمة في بناء حاضر ومستقبل أمتنا العربية المجيدة..
ولابد لنا في هذه الذكرى الأليمة أن نستحضر دماء شهداء العراق الأبرار، يتقدمهم شهيد الحج الأكبر الرفيق الأمين العام للحزب صدام حسين، وشهيد الصبر والمطاولة الرفيق عزة إبراهيم، وكذلك رفاقنا أعضاء القيادتين القومية والقطرية، وشهداء البعث من الكادر الحزبي بكل مستوياته رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته، وندعو الجميع إلى الصبر والثبات حتى يتحقق النصر بالتحرير الكامل من أي هيمنة أجنبية، والقضاء على الخونة والعملاء، وإنتاج عملية ديمقراطية تعددية وطنية حقيقية ويعود أحرار العراق لإدارة وطنهم وتحقيق نهضته ورفعته.
المجد والخلود لشهداء البعث، وشهداء العراق والأمة العربية المجيدة، والعز والنصر المؤكد للعراق وشعبه….
تحية فخر واعتزاز لشباب ثورة تشرين الأبطال الذين قطعوا على أنفسهم عهد الوفاء والولاء للعراق. …. والعار كل العار للاجتثاث والحل الباطل لمؤسسات دولتنا الوطنية، وفي مقدمتها جيش العراق الباسل الأبي….. وعهداً لدماء شهدائنا أن تستمر المقاومة روحاً وفعلاً ومنهجاً حتى الاستقلال الناجز.
قيادة قطر العراق
لحزب البعث العربي الاشتراكي
بغداد 19 / ٣ /2023