اغتِيَال القَائِد الشَّهيد صَدَّام حُسَين مُحاولة يَائِسَةٌ لإيقَافِ مَسِيرَة البَّعث

اغتِيَال القَائِد الشَّهيد صَدَّام حُسَين

مُحاولة يَائِسَةٌ لإيقَافِ مَسِيرَة البَّعث

تَمرُّ علينا ذكرى اغتيال القائد الشهيد صدَّام حسين، حيث أحزَن وأبكى استشهاده كلّ العراقيين الشرفاء والعرب الأصلاء، الذين أحبُّوا العراق والأمة ووضعوهما بين حدَقتَي العينين، بل وأحزن اغتياله أحرار العالم أجمع. ولا غرابة في ذلك فقد شكَّل الفقيد الراحل جزءاً مهماً من وجداننا، وساهم كقائد ومناضل بارع في حزب البعث العربي الاشتراكي في  ترجمة الوعي الوطني والقومي الى واقع عملي حيّ، وترك بصمات واضحة محفورة في ذاكرة العراقيين والعرب، وشواخصها بارزة في كلّ شبرٍ من أرض العراق، بل تَمتدُّ الى أبعد نقطة في الأرض العربية، تَتحدَّى الحدود الجغرافية المصطنعة.

كان الشهيد من رجال البعث الأبطال الذين قاموا بتنفيذ ثورة السابع عشر من تموز المجيدة في العام1968م، تلك الثورة التي تركت سجِّلاً حافلاً بالمجد والفخار والبطولة، ومآثر ستبقى شاهداً على  انجازاتٍ هائلةٍ في العراق وعلى امتداد الوطن العربي.

من هنا كان استهداف العراق بقيادته الوطنية والقومية، وبشعبه الأبيّ العظيم، وبتاريخه التليد وتراثه الثرّ المجيد، حيث تعاونت شياطين الإنس والجنّ من أمريكان وصهاينة وفرس صفويين، ومَن تحالف معهم من أرباب الشرّ من المُتَربصين والحاقدين الذين جاؤوا من شتات الأرض، فخطَّطوا وبيَّتوا النيَّة للعدوان على العراق، واغتيال قيادته وتدمير بنيته التحتية وتشريد شعبه في بقاع الأرض.

وقد يتصوَّر البعض واهماً أنَّ غزو العراق واحتلاله كان بهدف الانقضاض على قيادته بشخوصهم وفي مقدمتهم الرفيق القائد الشهيد صدَّام حسين، والحقيقة أنَّهم أرادوا بذلك اغتيال البعث وايقاف مسيرته النضالية، بهدف الابقاء على واقع الأمة المتدهور المجزأ، والذي نذر مناضلو البعث أنفسهم في سبيل وحدتها ونهضتها، من خلال بعث الأمة حضارياً لتتقدّم الى أمام وتتبوأ المكان الذي يليق بها في مصاف الدول المتقدمة، والشعوب الحيَّة.

من هنا لم يكن هدف محاكمة الرئيس الشهيد صدَّام ورفاقه الأبطال وعلى مدى ثلاث سنوات متواصلة، محاكمة قيادة العراق بشخوصهم وحسب، بل هي محاولة خائبة لمحاكمة البعث وثورتَيه الجبارتين في العراق، ثورة الثامن من شباط 1963م، وثورة السابع عشر من تموز1968م. محاكمة لإنجازاتهما التاريخية العظيمة على المستوَيَّين العراقي والعربي، واللتان قدَّمتا المثَل الأعلى في قيادة الوطن والأمة، سياسياً وحضارياً واقتصادياً واجتماعياً.

هي محاكمة للنهج البعثي في الحفاظ على الهُويَّة العربية القومية، ومنهجه في النهضة التنموية الشاملة. وهي محاكمة لأهداف البعث الكبرى في الوحدة والحرية والاشتراكية، وفكره القومي الوحدوي، ومشروعه الحضاري والانساني النبيل. فالبعث يريد الأمة كما كانت، أمة العلم والنور والفكر والحضارة والبطولات والإنجازات التاريخية الكبرى. كانت محاكمة لتخطي البعث وقيادته  الخطوط الحُمر حين قام بإرساء الوحدة الوطنية بين العراقيين، وحقق تواصلٍ متينٍ مع أبناء الأمة من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي. والبعث أقدمَ على تأميم نفط العراق، استخراجاً واستثماراً وتصديراً، وبذلك قطع الطريق على الشركات الاحتكارية الأجنبية المرتبطة بسياسات وحكومات الغرب وأمريكا، في أن تستغل خيرات العراقيين والعرب.

والبعث قاد الهجوم المقابل على الجهل والتخلف فقضى على الأمية، وشيَّد آلاف المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز البحوث العلمية، والبعث أسَّس لثورة صناعية كبرى، بما فيها الصناعات العسكرية المهمة. وقاد الثورة الزراعية الكبرى محققاً الاكتفاء الغذائي الذاتي، بانياً بذلك اقتصاداً قويّاً  مكيناً كضمانة للقرار السياسي المستقلّ، حتى أصبح العراق الذراع القوية الضاربة للأمة العربية، والحامي لأمنها وسلامة اراضيها من خلال تَصدِّيه البطولي للعدوان الإيراني العنصري في ثمانينيات القرن الماضي، فخرج منتصراً نصراً مؤزّراً حيث انكسرَت شوكة الفرس وفشل مشروعهم للاندفاع نحو الوطن العربي.

كان البعث خيمةً تُظلل كلّ العرب، وجداراً صلداً تتكسَّر عليه سهام أعداء الأمة من صهاينة وفرس وغرب استعماري. وكان سبَّاقاً في تبنّي كل قضايا الأمة المرحلية والمستقبلية وفي مقدمة هذه القضايا، قضية العرب المركزية فلسطين والأراضي العربية المحتلة من الكيان الصهيوني. فحمى جيشه الباسل دمشق من السقوط عام1973م، ولسوف يسجل التاريخ ان صواريخه هي الأولى التي دَكَّت الكيان الصهيوني عام 1991.

وبقي العراق سَدَّاً منيعاً ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية، يقف صلباً أمام محاولات التَّطبيع المُشين والمُذلّ مع العدو الصهيوني. فما أنْ تم احتلاله ، حتى انكشف الأمن القومي العربي وبدأت تَستشري ظاهرة التطبيع من قبَل بعض الأنظمة العربية.

هذا غيضٌ من فيضٍ لما أنجزه العراق في ظل نظام البعث. لقد أرادوا ان يحاكموا البعث من خلال الرفيق القائد صدَّام ورفاقه، لأنَّ حزبنا العظيم كان قد اكتشف منجم الكنوز الإنسانية للعرب، فأزاح الغبار الذي كان يغطيها، حتى تَفجَّرت الطاقات الكامنة في أعماق أبناء الأمة وخاصة في العراق، فأبدعوا وابتكروا وبرعوا في التصدي والبناء والتنمية والرُّقي، فأمسك العراقيون بمفاتيح العلم والحضارة، ليشعّ كل هذا في أرض العرب.

ومن هذا التاريخ بدأ ينمو الحقد الأسود والغِلّ والكُره في نفوس الأمريكان والصهاينة والفرس، وبعض المحسوبين على الأمة، فكان العدوان الهمَجي

على قلعة العرب المنيعة، ومنارة العلم والنور والحضارة، من خلال غزوه واحتلاله واغتيال قيادته المناضلة. 

وبعد مرور هذه السنوات على احتلال العراق، واغتيال قيادته يتبيَّن للدنيا كلَّها أهداف الأشرار من هذا العدوان، وما تدوير الاحتلال الأمريكي للفرس، والتَغوّل في الأراضي العربية، في اليمن وسورية ولبنان إلَّا دليل غاياتهم الحقيقية.

ولأن شمس الحقيقة لابد وأن تَسطَع، شهد العالم في جلسات المحاكمة اللاشرعية لنظام البعث الوطني والقومي، القائد الشهيد صدَّام حسين ورفاقه في القيادة، كالأسود الكواسر، يصولون ويجولون في قفص الأسر مدافعين وبالأدلة والحجج القاهرة، والبراهين الساطعة عن تجربةِ البعث في العراق. لقد كان البعثُ فكراً ومنهجاً يتجسَّد في صلابتهم اليعربية، ووقفتهم الشامخة بالعِزِّ والمجد والبطولة والإباء.

ولأن منظور البعث للقيادة، هي انها لا تعني أكثر من كونها واجبٌ وطنيٌّ وقوميٌّ قبل كلّ شيء، لذا فقد نذر الرفيق الشهيد ورفاقه في القيادة أنفسهم لهذا الواجب المقدَس النبيل، وكان قد سبقهم فيه رفاقٌ من الرعيل الأول للحزب، فقدَّموا أرواحهم فداءً للبعث والعراق والأمة.

كان الشهيد بكلّ ذلك شامخاً شموخ العراق والأمة، مكيناً كما هو تاريخها ومجدها التليد، فوقف وقفة القادة التاريخيين من رموزها.

سيبقى الشهيد صدَّام حسين عنواناً للعِزِّ والفخار بلا منازع، وستبقى تلك الوقفة التاريخية الشجاعة ساطعة في سماء الأمة، تلهم الاجيال جيلاً بعد جيل

للتضحية والفداء في سبيل تحرير العراق وتخليصه من براثن الاحتلال الفارسي والوصاية الأمريكية.

وها هم اليوم شبابنا الأشاوس وفي ظل ثورة تشرين المباركة ينتفضون من اجل تحرير الوطن واستعادة وحدته وسيادته، والثورة على حكومة الاحتلال وأحزابها الولائية المجرمة، مقدمين قوافل الشهداء في سبيل ذلك.

وها هم رفاق البعث باقين على عهد الولاء المطلق للمبادئ العظيمة التي آمنوا بها والتي قدّمت قيادتهم نفسها فداءً في سبيلها، رافعين راية الجهاد والنضال حتى تحرير العراق من كل مخلفات الاحتلال الغاشم بإذن الله تعالى.

نم قرير العين يا عِزّ العرب وعنوان فخرهم، ورفاقك الذين نالوا الشهادة، وفي عليِّين في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.

 

 

مكتب الثقافة والإعلام القومي

29/12/2022

 

Author: nasser