ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية
تتبارى في كراهية العروبة
الحلقة الثالثة
كراهية الفرس للعروبة
حسن خليل غريب
- مظاهر العداء الفارسي:
قبل الدخول في الجانب العملي ذي الدلالة على العدائية الفارسية تجاه العرب، سننقل بعض نماذج التحريض العدائي الفارسي، نقلاً عن أكثر أدبائهم ومفكريهم شهرة. وسنختار مثالين اثنين من أقوالهما:
– المثال الأول: يمثله الشاعر الإيراني مصطفى بادكوبيه، ومن جملة أقواله:
- ” إترك هذا الجهل والكسل، ولا تدعم الشيخ السعودي، إن الله ليس في كعبة العرب”.
- ” خذني إلى أسفل السافلين أيُّها الإله العربي، شريطةَ أن لا أجدَ عربيَّاً هناك”.
- ” أنا لست بحاجةٍ لجنَّةِ الفردوس لأنِّي وليدُ الحب، فجنَّةُ حورِ العين والغلمان هديَّةُ العرب، ألم تقُل أنت إنَّ الأعراب أشدُّ كفراً ونفاقاً، فلماذا يُثني السفهاء على العرب” .
المثال الثاني: ويمثله باحث إيراني آخر اسمه أخوان، فيقول :
- “أفسد العرب كل جانب من جوانب الحياة الإيرانية، من الدين والأسطورة والمأثرة الشعبية إلى اللغة والأدب والتاريخ. إن التقاليد العربية المشؤومة وعدوى التعريب الملوثة والفظيعة، أفسدت شعرنا التقليدي ليس فقط على صعيد الشكل والبحر والوزن والمنظومة البيانية، لكن على صعيد معظم الأعمال الشعرية، ورزحت لغتنا الوطنية (أي الفارسية) تحت هيمنة الخرافات العربية السامية والإسلامية”.
النزعة الشعوبية
من الحقائق التاريخية ذات العلاقة بالعلاقات العربية الفارسية هو انتشار النزعة الشعوبية، منذ مئات السنين. وتعريف الشعوبية هو أنها حركة فارسية موجَّهة ضد العرب. وإن كانت قد خفتت حدتها في العصر الحديث، خاصة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، لكنها ظهرت عبر نظام الشاه
بمظاهر غير فاقعة، إلى أن سقط النظام المذكور، وحلَّ بديلاً عنه نظام ولاية الفقيه منذ أوائل الثمانينيات من القرن العشرين.
حينئذِ أخذت حدَّة النزعة الشعوبية ترتفع، وأخذت مظاهر خطيرة بلباس مذهبي فاقع، وصلت إلى حدود إقرارها بمبادئ وتشرعات دستورية، ومن أهمها، ما ورد بنصوص في الدستور، وخاصة منه النص الذي يعتبر أن (الدولة الإسلامية تعمل من أجل المظلومين في العالم). ولا نستطيع أن نفسِّر دلالالتها بأكثر من اعتبارها موجهة الى طائفة معينة واعتبارهم هم أولئك المظلومين، لأنهم يزعمون أن الاضطهاد قد لحق بهم في ظل الدولة العربية، وإن كان اغلب تلك المزاعم لا دليل عليه. ولم تشر تلك المزاعم إلى حقائق أخرى تدان بها، فعلى الصعيد الاخر و عبر التاريخ لم تقصِّر الدول ذات السمة الطائفية، وخاصة الفاطمية منها، وبعض الدويلات الاخرى المشابهة، ناهيك عن الدولة الصفوية في إيران، في الممارسات المثبتة تاريخياً حيث كانت جميعها مصدر اضطهاد للمسلمين المخالفين لها في المذهب.
وإن كان لهذا الاستطراد دور في التاريخ، وله مكان آخر أوسع من مقال، فإننا نعتبر أن النزعة الشعوبية أعيد إنتاجها من جديد بواسطة نظام ولاية الفقيه الذي تأسس في العام 1979 بعد وصول آيات الله إلى الحكم في إيران، وبوسائل أكثر إيلاماً في المرحلة المعاصرة. ولهذا سوف نسوق بعض تلك الوسائل، ومن أهمها:
1-البدء بتطبيق مبدأ (تصدير الثورة) منذ مطلع شهر أيلول من العام 1980، حينما أخذت المدفعية الإيرانية بالاعتداء على المدن والقرى الحدودية العراقية، بل واحتلال بعضها الآخر. وكان العراق هو الممر الأساسي إلى الوطن العربي، لأسباب جغرافية بين إيران والعراق، وبسبب استغلال وجود مراقد الأئمة فيه. وهذا ما لم يفعله الشاه على الرغم من نرجسيته الفارسية، وغطرسته الإمبراطورية.
2- مشاركة نظام ولاية الفقيه للغزو الأميركي باحتلال العراق. وقيام ادوات و الموالين للنظام الإيراني بتدمير الكثير من المعالم الصناعية والعمرانية التراثية وسرقة معدات الجيش العراقي الوطني، وبيع معظمها كخردة، ومشاركته في تنفيذ قرار بريمر القاضي باجتثات الفلسفة البعثية.
3-عقد اتفاقية مع الرئيس الامريكي أوباما بأن يقوم النظام الإيراني، كاحتلال بديل، بعد هزيمة القوات الأميركية في العام 2011 تحت ضربات المقاومة العراقية البطلة، وانسحاب القوات الأميركية من العراق هاربة، باستثناء بعض القواعد العسكرية التي تعهد النظام الإيراني بحمايتها. ومنذ تلك اللحظة بدأ مشروع ولاية الفقيه بالتمدد إلى سورية ولبنان، عبر تنفيذه ببناء ما يسميه (الهلال الشيعي).
4- رغم مظاهر التخريب في ظل الاحتلال الامريكي قبل الانسحاب ، الا ان العراق دخل بعد الاحتلال الإيراني له نفق حرب التدمير المنظم له على كافة
الاصعدة ومن اخطرها، تدميره للنسيج الاجتماعي، بشكل لامثيل له سوى المنهج الاستيطاني الذي يجسده المنهج الصهيوني.
ومنذ تلك المرحلة دخل العراق نفق التهجير والتجويع والتجهيل والقتل، تلك الوسائل شملت فيما شملت الشرائح الأوسع من ابناء محافظات جنوب العراق. ولمن يتساءل عن الدليل، فهو إما جاهل متعصب، أو متجاهل كذاب.
وإن كنا نريد أن نبرهن على مدى الحقد الفارسي، ليس هناك دليل أكثر بلاغة من صورة الجندي العراقي الذي أشرنا إليه في مقدمة المقال، والذي أرغم على تقبيل أحذية الزائرين الإيرانيين. وهناك ما يشابهه من مشاهدة مئات العراقيين المكلفين بغسل أرجل الزوار الإيرانيين الذي يتوافدون إلى زيارة أضرحة الأئمة. ولن نطلب إزاء ذلك، سوى الانتفاض من اجل التحرر من حالة العبودية لنظام مذهبي، يقوم باستخدام ابناء طائفة من العرب ويستعبدهم لإعادة إحياء النزعة القومية الفارسية.
يتبع طفا…