ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية
تتبارى في كراهية العروبة
الحلقة الرابعة
من دون أن ننسى قيم العلاقات الإنسانية بين الشعوب
من حق الأمة أن تردع العدوان بشتى الوسائل
حسن خليل غريب
العلاقة مرحلية وليست استراتيجية بين ثلاثي التحالف العدائي ضد العروبة:
إذا كانت العدائية ضد العروبة، نزعة عنصرية تجمع بين الثلاثي الصهيوني والاستعماري والفارسي، تطمح أن تكون منهجاً استراتيجياً، ليُبقي الوطن العربي بشكل خاص على صفيح ساخن لتحقيق أهداف ومصالح شتى، فإن النزعة العدائية، كونها مبنيَّة على زعم التفوق العنصري، لن توفِّر أمن المتحالفين الثلاثة أو تحقق مقومات إدامة هذا التحالف. لأنها حتى إذا حققت
بعض من أهدافها في الوطن العربي، سوف تنقل الصراعات إلى ملعبها إن عاجلاً أم آجلاً. وأما السبب فلأنه من طبائع الوهم العنصري أن يضمر العداء لأيّ كان، وهكذا فان الواحدة منها تستبطن العداء للأخرى لأسباب عنصرية أو تفوق عرقي أو نرجسية دينية أو مذهبية. ورغم ان ما يجمعها في تحالفات مضمرة أو معلنة في المرحلة الراهنة هو عامل العداء للعروبة، فان ذلك يحمل في طياته مقومات التناقض فيما بين عناصره ليتحول إلى صراعات ثنائية مظهرة للتناقض بين وهم نزعة التفوق الفارسية من جهة ،والنزعة العنصرية الأميركية ، والنزعة العنصرية الدينية اليهودية.
ويعود سبب ذلك الى استحالة ان تتحمل العنصرية النرجسية الكامنة عند كل طرف منها عنصرية الآخر. فكيف يمكن الجمع بين هدف (شعب الله المختار)، مع هدف (تفوق العنصر الأبيض الأميركي)؟ وكيف يمكن جمع هدف (دولة المهدي المنتظر) الذي تستفيد منه النزعة الفارسية للترويج لنفسها ولمشروعها الاستعماري التوسعي، مع هدف دولة (المسيح المخلص)، الذي تروج له النزعة اليهودية ؟
ومن جهة اخرى فإن أي مشروع من المشاريع الثلاثة، يشكل خطورة بالغة على المجتمع الإنساني، فإذا كان يعرض الآن بخطورته الكيان العربي برمته، فإنه يحمل الخطورة ذاتها إلى كل شعب من شعوب العالم. ولهذا، نرى أنه بالإضافة لواجب العرب في مواجهته، فإن تلك المواجهة هي واجب على كل الشعوب أيضاً. ومن هنا فان على العرب البناء على ذلك وتأسيس تحالفات استراتيجية مع الشعوب المستهدَفة الاخرى.
وأما عن مواجهة ابناء الأمة للنزعة العدائية، الأميركية والصهيونية والفارسية، فان ذلك من حقهم، كما انه واجب وطني وقومي وانساني وان عليهم أن يستخدموا شتى الوسائل من أجل مواجهة وافشال وردع هذا العدوان الثلاثي عليهم . ومهما ادلهمت الخطوب عليهم واشتدت حلكة الظلام من حولهم وعظمت التحديات ، فهم بالغوا اهدافهم ولو بعد حين.
وإذا استكانت اليوم بعض النفوس العربية الضعيفة واستسلمت إلى فائض القوة العسكرية للعدوانية الثلاثية، فلن يكون استسلامها استراتيجياً، بل سيكون مرحلياً، لأن من طبائع النفس البشرية و مهما بلغت من الضعف، ان تتطلع الى التحرر و التخلص من العدوان. وهكذا سيقتلع الشعب العربي، بما تؤكد عليه الوقائع، كل مظهر عدواني مما تمارسه ضده ثلاثية عدائية الاستعمار الغربي والصهيونية والفارسية. والأمثلة كثيرة، ومنتشرة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي . وإن كان اليوم تنهض به طلائع الثوار من الشباب خاصة، الا انه ومهما طال الزمن، فإن العدائية والكراهية والعدوان ضد الامة العربية ستندحر كلها أمام إرادة كل ابناء الامة العربية وحقها في تقرير مصيرها.
إن التصدي للعدائية والعدوان والانتصار عليها وردعها هو فعل مشروع بكل الوسائل والإمكانيات، ولكن، وإذا كانت الوسائل مشروعة مرحلياً فإن مداواة الخطأ بالخطأ على الصعيد الاستراتيجي خطأٌ فادح بدون شك. ومن هنا فانه على ابناء الامة العربية، أن لا يواجهوا العنصرية العدائية الثلاثية ضدهم بعنصريةعربية .
من أجل ذلك، يمكن للعرب أن يستردّوا حقوقهم بالوسائل التي يختارونها ولن يكون الحل سوى باقتلاع مخاطر العدائية والعدوانية من جذورها. وأن تكون أيديهم على زناد البندقية بشتى أوصافها ورموزها، والتصدي بكل الوسائل الاخرى المتاحة ومواكبة التطورات العالمية لامتلاك مكامن القوة الحديثة لدى الشعوب ، وان لا ينسوا بأن معركتهم ستصب في مصلحة القيم والمبادئ الانسانية السامية ، واختيارها طريقاً من أجل سعادة البشرية كلها.
فيا أيها العرب اقتلعوا جذور العدائية والعدوان ضدكم من جذوره. ولكم في التاريخ أكثر من نموذج وشكل. ولكم في الوقت الحاضر أمثلة الانتفاضات والثورات الشعبية التي انطلقت في أكثر من قطر عربي، واعطت تضحيات كبيرة من دماء شبابها على طريق تحرر الأمة من الاحتلال الايراني ومشروعه التوسعي في الوطن العربي ، ومن الاحتلال الصهيوني وإن هذا الوعي الجديد وهذه الثورات لن ترخي رحالها، لأنها ككرة الثلج سوف تكبر بالتدريج حتى تبلغ أهدافها في التحرير في نهاية الأمر.
انتهى .