القيادة القومية: الأمن المائي العربي من ركائز الأمن القومي
أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن الأمن المائي العربي، هو من ركائز الامن القومي للامة العربية التي تتعرض لعدوان شامل متعدد الوجوه والابعاد وان معركة حماية حق الامة في مياهها توازي في اهميتها معركة نفط العرب للعرب. جاء ذلك في تصريح للناطق الرسمي باسم القيادة القومية للحزب فيما يلي نصه:
إن العدوان المتعدد الوجوه الذي تعرضت الامة العربية منذ تفتح وعيها القومي على حقيقة وجودها كأمة واحدة ،ذات رسالة خالدة ، يأخذ بعداً جديداً هذه الايام من بوابة الامن المائي.فبعد اقدام تركية على تخفيض كمية نهر الفرات المتدفقة الى سوريا والعراق والذي ادى الى تصحر مساحات زراعية واسعة في الحسكة السورية ، وانخفاض مستواه في حوضه العراقي ، اقدمت ايران على قطع وتحويل نهري الزاب وسيراوان ، وهما من روافد نهر دجلة، مما خفض من منسوب سد “دوكان “في السليمانية ،وبات يعرض اراضٍ زراعية في حوض دجلة الى البوار ،ويؤثر سلباً على استقرار البيئات الزراعية والاجتماعية لسكان المناطق التي تعيش على ضفاف النهر وهي تعيش تحت وطأة نزوح يضيف مأساة جديدة على حياة الناس الذين يتهددهم مشروع احداث تغيير في التركيب الديموغرافي للمكونات المجتمعية.
إن التحكم التركي والايراني بمياه الانهر التي تعبر مجاريها الطبيعية في سوريا والعراق ، يحصل شبيها له في موقف اثيوبيا باقدامها على ملءحوض سد النهضة ،وهو الذي اثر سلباً على كمية مياه النيل المتدفقة الى السودان ومصر وهي حقوق ثابتة كفلتها المواثيق والمعاهدات الدولية.
إن التصرف التركي والايراني والاثيوبي ، بمياه الفرات ودجلة والنيل بارادة منفردة ،ودون الاخذ بعين الاعتبار مصالح الدول العربية التي تعتبر دول “مجرى “ومصب” لهذه الانهر ، لايشكل فقط انتهاكاً للمواثيق والاعراف الدولية التي تحدد حقوق وواجبات الدول التي تعبرها الانهر التي تندرج تحت توصيف الانهر الدولية ووفق ماذهبت اليه معاهدة باريس عام ١٨١٤ ومقررات مؤتمر فيينا عام ١٨١٥ ، وتوصية لجنة القانون الدولي التابعة للامم المتحدة عام ١٩٩٤، واتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية التي اقرتها الامم المتحدةعام ١٩٩٧، بل يشكل ايضاً اعتداءً صارخاً على مصالح الدول التي حفظت القوانين الدولية حقوقها في الانتفاع من مياه الانهر المعتبرة دولية.
إن أنهر النيل ودجلة والفرات ليست انهاراً وطنية بحسب تعريف القانون الدولي لها ،كي تتحكم بها دول المنبع ، بل هي انهار دولية، لدول المنبع فيها حقوق كما لدول المجرى والمصب ، وكل تطاول او انتقاص من هذه الحقوق من اي من الاطراف المتشاطئة هو اعتداء على سيادة الدول التي تجري فيها الانهر من منبعها الى مصبها،وبالتالي لايحق لاي طرف ان يتصرف بارادة منفردة.
وعلى الاساس ، فان التصرف التركي كما الايراني والاثيوبي في التصرف بارادة منفردة بمياه الانهر الدولية الثلاثه ، لايمكن وصفه الا بالاعتداء الموصوف على الحقوق الوطنية لدول سوريا والعراق ومصر ، واستطراداً على الحقوق القومية للامة العربية باعتبار ان الامن المائي العربي ،هو من ركائز الامن القومي.ولايمكن النظر لانتقاص حقوق الدول العربية من حصصها المائية الا من خلال العدوان الشامل الذي تتعرض له الامة العربية من مداخل الوطن ومداخله.
واذا كانت تركيا تعتبر دجلة والفرات نهران وطنيان ، فعليها ان تتذكر ان امداءات سيادة السلطنة العثمانية انتهت قبل مئة عام ،وان معاهدة لوزان عام ١٩٢٣ رسمت حدود الدولة التركية الحديثة.
وإذا كان ايران تعتبر روافد دجلة انهراً وطنية ،فعليها ان تتذكر جيداً ان امداءات سيادة الامبراطورية الفارسية ، انتهت مع ماافرزته القادسية الاولى من نتائج ، وما اعادت القادسية الثانية تثبيته.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وهي تدين مااقدمت عليه تركيا وايران من تصرفات اثرت على منسوب مياه نهري دجلة والفرات ، بمالذلك من اضرار بالغةالخطورة على حقوق سوريا والعراق ، في الري والاستثمار الزراعي والطاقة والشفة والطاقة والثروة السمكية ،فانهاتدعو الى موقف عربي موحد حيال هذا الاعتداء الصارخ على حقوق الامه الثابتة، و المحمية اساساً بقوة الحق الطبيعي ، كما بالمركز القانوني للانهار الدولية.وهذا يتطلب كاجراء اولي وسريع دعوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية لاجتماع طارئ تبحث فيه التداعيات الناجمة عن التصرفات التركية والايرانية في قطع وتحويل مجاري الانهار والرافد التي تعبر مجاريها الطبيعية في سوريا والعراق.
والقيادة القومية للحزب وهي تدعو لدعم موقف مصر والسودان في نزاعمها مع اثيوبيا حول سد النهضة ترى ان قضية الامن المائي العربي باتت اليوم قضية مركزية لتعلق الامر بالامن الاقتصادي وخاصة الزراعي منه، ولهذا فإن جماهير الامةو قواها الحية مدعوة اليوم لتصعيد نضالها في مواجهة كل الذين يناصبون الامة العداء على مختلف مشاربهم ومواقعهم ، ويسعون لنهب ثرواتها والتحكم بمواردها الطبيعية ومنها الثروة المائية.
إن نضال الامة لتحررها القومي بمضامينها السياسية والاقتصادية والاجتماعية لايستقيم الا اذا تحررت ثرواتها الطبيعية من السيطرة الاجنبية ،وكما خاضت الامة العربية وما زالت تخوض معركة “نفط العرب للعرب “عليها ان تخوض وبنفس المستوى حاضراً ومستقبلاً معركة الدفاع عن حقوقها في المياه التي تنبع من ارضها والتي تجري فيها وتصب في احواضها الإقليمية وان تكون في اعلى درجات الجهوزية لمواجهة من ينتهك وينتقص من حقوقها ، لان الامر يتعلق بحق الحياة ” وجعلنا من الماء كل شيء حي”، ولان القضية تتعلق بالحقوق الوطنية والقومية الغير قابلة للتصرف.
الدكتور أحمد شوتري
الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي