بسم الله الرحمن الرحيم
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)
صدق الله العظيم
بمزيد من الحزن والأسى ينعى مكتب الثقافة والإعلام القومي رحيل المفكر العروبي خير الدين حسيب بعد أن صدق ما عاهد الله عليه بأن يبقى مدافعاً عن امته العربية ومتمسكاً بحتمية وحدتها، ساعياً في طريق تحقيقها بنضال حثيث. وبغيابه خسرت الأمة العربية، أحد أعمدة الفكر القومي الوحدوي، دون أن ترحل آثاره وسجاياه ومواقفه التي ستبقى منارة تضيء درب الوحدة العربية للأجيال الصاعدة كما هم أعلام الأمة الأخرين الذين سلكوا هذا الدرب وبذلوا حياتهم في سبيله.
رحل فقيد الامة بعد أن نهل من أرض الرافدين المعطاءة ومن الموصل الحدباء كل القيم والمبادئ التي رسّخت المنهج القومي في عقول وضمائر شبابها فعشقوا الأمة من منظور تقدمي تحرري بعيداً عن النظرة القطرية او العنصرية الضيقة.
لقد تميّز الفقيد رحمه الله بالإنتماء الصَميمي لقضايا أمته، والعطاء الثرّ لتحقيق أملها المنشود والحتمي في تحقيق وحدتِها بكل ما أوتي من معرفة
ومقدرة جسدها ثراءه المعرفي في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية.
لقد تميز الفقيد بالربط بين التأطير الفكري للعمل الوحدوي وبين النضال الفعلي لشق وترسيخ الخطوات الوحدوية، فساهم في قيام عدد من المؤسسات العربية في هذا المجال. ورغم وعيه وإدراكه لحجم التحديات الجسيمة التي تمر بها امتنا العربية، ومدى الإستهداف الذي تتعرض له فكرة وحدتها، الا ان كل ذلك لم يثبط عزيمته او يعيقه عن مواصلة النضال، فبقى يبحث بصبر عن الحلول، فاتحاً آفاقاً جديدة للعمل الوحدوي، ساعياً بكل حماس وثقة بان المستقبل هو لصالح النهوض القومي للامة العربية.
ومن اجل التعمق في دراسة كل ما تواجهه الأمة من تحديات فقد كان من بين المؤسسات الوحدوية التي ساهم في تأسيسها هو مركز دراسات الوحدة العربية، وإصدار مجلته الشهرية (المستقبل العربي) لتستَقطِب الدراسات والبحوث الاستراتيجية للمفكرين والباحثين العرب، مشكِّلة خطوات عملية على طريق تحقيق الوحدة العربية وتنوير الاجيال بها وبما تتطلبه من آليات ووسائل وآفاق مستقبلية.
وبالرغم من إصداره العديد من المؤلفات الثقافية والفكرية والعلمية من خلال هذا المركز الحيوي، الا انه لم يكتف بالجانب الاكاديمي والنظري، بل ساهم في بناء الأسس للمشروع النهضوي العربي والتوعية به من خلال نشاط واسع تضمن العديد من المؤتمرات واللقاءات والندوات والزيارات في عموم الوطن العربي.
وقد ازدادت وتائر نضاله المبدئي مع ازدياد شراسة العدوان على الأمة العربية في اكثر من قطرعربي، في مصر ولبنان وغيرها. واندفع بكل قوة ليقف وينتصر للعراق ضد الحصار الجائر الذي فرض عليه سنة 1990من خلال
قيامه بتنشيط دور المنظمات الشعبية العربية والعالمية. ثم وقفته المشهودة ضد الاحتلال الأمريكي ودعمه للمقاومة العراقية الباسلة، وفضح الأكاذيب والأساليب التي انتهجها العدوان الأمريكي بمختلف السبل المتاحة.
لقد شكل النشاط الدؤوب للدكتور خير الدين حسيب رسالة وحدوية راسخة مفعمة بالحياة، وسيبقى عطاؤه طريقاً رحباً تسير عليه اجيال الامة الصاعدة في نضالها نحو تحقيق اهدافها في الوحدة والنهضة والتحرر.
مكتب الثقافة والاعلام القومي
14/3/ 2021م