ثورة تشرين الشبابية تجذرت
د. فالح حسن شمخي
ليس من السهولة بمكان التعامل مع الوعي الجمعي لشعب من الشعوب ودفعه لتبني حدث ما ، فالشعوب وبإرادتها وبحريتها تتبنى موقف من المواقف ازاء حدث من الاحداث التي تمر بها ، الامر الذي يجعل هذا الحدث يتجذر في الوعي واللاوعي لديها ليتحول الى رمز خالد في تاريخها ، وهنا الحديث عن الوعي الجمعي وليس وعي الافراد وهذا الوعي الجمعي يستمرجيلا بعد جيل.
ان لكل حدث وعبر العصور ( شعار ) معين يبقى عالقا في الوعي الجمعي للشعب ، شعار ترفعه القوى الحية في هذا الشعب والتي تقرر رفع راية الثورة وتثور من اجل تحقيق اهداف نبيلة وسامية .
مرت احداث على الشعب العراقي ، وتجذرت هذه الاحداث وشعاراتها في الوعي الجمعي لأبناء العراق ، ومن هذه الاحداث ، ثورة واستشهاد الامام الحسين عليه السلام ومن معه والذين حملوا شعار (هيهات منا الذلة ) فتجذر. ثورة العشرين وابطالها شعلان ابو الجون وضاري المحمود وشعارهم (الطوب احسن لو مكواري ) فتجذر ، واليوم تتجذر ثورة تشرين الشبابية بشهدائها وبشعارها الذي رفعته (نريد وطن).
واهم من يعتقد ان حدث بمستوى ثورة الحسين وثورة العشرين وثورة تشرين الشبابية سيمحى من ذاكرة الشعب العراقي ، وواهم من يعتقد بان السيف سينتصر على الدم ، وواهم ايضا من يعتقد ان شعلة الثورة ستنطفئ .
مثلما تتجذر الثورات والاحداث الجسام في الوعي الجمعي ، فان الخزي والعار سيلاحق من فكر او عمل على التصدي للثورة ، فابناء العراق يذكرون من تصدى لثورة الحسين كما يتذكرون الاستعمار البريطاني وغدا سيذكرون الطرف الثالث الذي يستهدف ثوار تشرين اليوم وسيحملونهم دم الشهداء .
الصدر والصدريون يتخذون قراراً بخوض الانتخابات واستلام السلطة بتوجيهات ايرانية وهم يعلمون بان الشعب العراقي وبخاصة في مدينة الثورة يمقتونهم ، لذا تراهم ينزلون الى الشارع ويهاجمون ثوار ساحة الحبوبي في الناصرية ، معتقدين بانهم سيستعيدون سطوتهم ورصيدهم المفقود. نزولهم الى الشارع هو كاستعراض عسكري بلباس مدني وذلك خوفاً من سطوة امريكا.
ورغم كل ما يدعوه من اكاذيب فانه واهم من يعتقد بان هناك مشكلة بين اتباع الصدر وحكومة الكاظمي ، فالمشكلة الحقيقية هي بين اتباع الصدر والقوى الوطنية والقومية الحية من المسالمين العزل الذين يطالبون بوطن ، كما ان بينهم منافسة مع الاحزاب الطائفية الاخرى لاسيما ذيول ايران الذين يريدون اثبات انهم الاقوى امام سيدهم الاذربيجاني خامنئي .
لقد تجذرت ثورة تشرين في الوعي الجمعي العراقي والثوار ورثة الحسين هم احق برفع شعار (هيهات منا الذلة). لذا فانه ليس من السهل اقتلاع او اجهاض ثورة تشرين الشبابية، على يد حفنة من المتخلفين العملاء الاذلاء التابعين.
ان الحراك الغير منضبط للقوى الفاسدة باحزابها وميليشياتها وسلاحها ومالها الذي سرقته من الشعب سيكون عاملا من عوامل سقوطها وسيكون عاملا من عوامل انتصار وديمومة ثورة تشرين لاسقاط العملية السياسية برمتها.
ستنتهي الاحزاب وقياداتها التي تتغلف باسم الدين والدين منها براء، بنفس الطريقة التي انتهى بها المجرم سليماني او على طريقة النهاية الماحقة لكل العملاء.
وان غدا لناظره قريب.