فِي ذِكْرَى مِيلَاد البَعْث
يَا بَعَث . . . انا بِكَ بَعْدَ اللَّهِ نَعْتَصِمُ
الرفيق أ.د. سلمان حمادي الجبوري
اليوم وفي السابع من نيسان تحل علينا الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي وفيها نستذكر الماضي في ضوء ما وصلنا اليه كشعب وامة، فتتجلى امامنا عظمة البعث. اليوم وفي خضم التفرق والتشرذم الذي وصل اليه العرب وهم يكرسون حدود سايكس بيكو ويتناحر بعض ابناء اقطار الامة فيما بينهم فيتوزعوا شيعاً وقبائل وطوائف ويمعنوا في تشظي اقطارهم تتجسد امامنا رسالة البعث (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) فلا يسعنا الا ان نشهد كم انك عظيم أيها البعث برسالتك وفكرك النيّر واهدافك السامية فما احوجنا اليك والى تطبيق مبادئك في عصرنا هذا.
لقد برهن البعث على انه الاصدق والمؤتمن الوحيد على مستقبل الامة ومصير شعبها. فلو بحثنا في أسباب معادات الأعداء للبعث لوجدنا انهم فشلوا في إيجاد ولو سلبية واحدة في فكره وفي أهدافه، وهذا الذي دعاهم الى العداء غير المبرر او غير المستند الى حقائق مبرهنة على صدق ادعائهم ومشروعية عدائهم له. وهذا دليل على انه ليس هناك غير الخوف من البعث كونه الوحيد الذي يلبي طموحات الشعب العربي . لم يقف العداء للبعث عند الحركات السياسية او الأعداء بل وصل الى بعض حكام العرب، لان تحقق اهداف البعث سيهدد مراكزهم التي وصلوا اليها بفضل تعزيز الفرقة والتشظي السياسي والمجتمعي و الجغرافي وبالتالي نشوء الحواجز التي تفصل العرب في كل قطر عن اشقائهم في بقاع الوطن العربي الأخرى. ان اتهام البعث بعدم واقعية او جدوى رسالته، وعدم مقدرته على تحقيق أهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية، انما هي تهم زائفة لاتستند الى نظرة متأنية وتحليل منطقي للواقع الذي تعيشه الامة، والى حجم العراقيل التي واجهت حكم الحزب حينها، والتي مازالت تواجهه في الاقطار التي يناضل فيها.
ان المنطق يقودنا الى الوصول الى نتيجة يبرهن من خلالها البعث على زيف ما يُتَّهم به والإفتراءات التي تنسج ضده . فتحقيق الأهداف يتطلب وصول الفكر القومي المؤمن بالوحدة العربية، او بالتعاون والتكامل العربي الجاد المشترك ، الى قيادة الأقطار العربية. وبالتالي ستتحقق الأهداف تباعاً وفق الشعار الذي حمله البعث منذ التأسيس. ولهذا دأب الأعداء المحليون والقوى الخارجية على ادامة حالة الفرقة بين ابناء الأقطار العربية، وتعميق القمع لتطلعاتها التحررية لكي لاتحدث انتفاضات او ثورات جماهيرية مما يقود الى زعزعة مراكز اصنام الفرقة والتجزئة .
لو اخذنا سوريا والعراق نموذجا كقطرين استطاع البعث ان يقود فيهما تجربة ثورية لرأينا صدق ما ذهبنا اليه انفا في تحليلنا أعلاه ، ففي سوريا قُمِع البعث وتم عرقلة مسيرته من خلال التآمر الذي تعرض له بواسطة وكلاء العدو في 23 شباط 1966 من قبل من تسللوا اليه متخفين في رداء البعث وما تلاها على يد اسرة الأسد الذين اساؤوا الى سمعة البعث بانتحالهم لإسمه ظلماً وبهتاناً والبعث منهم براء. اما في العراق فبعد ان استطاعت قيادة ثورة 17-30 تموز 1968 من تعبيد طريق تحقق الأهداف، واجه البعث تآمراً منقطع النظير ما انفك يحيك العراقيل في طريق المسيرة الجبارة للبعث والذي كان يتعاظم في كل مرة كان يحقق فيها البعث انتصاراً وتقدماً . فقد بدأت خيوط التأمر تنسج منذ اليوم الأول للتفكير بالثورة بوسيلة تسلل شخوص من خارج البعث الى صفوف الثوار وما اعقبه من مؤامرات بدفع من خارج الحدود والذي قد تأجج اواره بعد كل نصر يقوم البعث بأحرازه بدءاً من تأميم الثروة البترولية مروراً بنجاح اعلان بيان 11 آذار الخالد وتحقيق الحكم الذاتي في ربوع شمال العراق، وتوعية وتثوير الشعب من خلال القضاء على ثالوث التخلف (الامية والمرض والفقر) وخروج العراق من تصنيف دول العالم الثالث في مجالي التعليم والرعاية الصحية، حتى اختلاق الحرب مع ايران ومن ثم الحصار والذي انتهى بعدوان اجرامي سافر والاجهاز بشكل كامل على النظام الوطني وسحق كل ما تحقق من تطور وتقدم على كافة الأصعدة في 2003 بأحتلال العراق وتسليمه الى شلة من الخونة والسراق من أعداء الوطن والشعب.
ما احوجنا اليوم بل اكثر من أي وقت مضى بعد تراكم الخطوب التي حاقت بامتنا العربية بدءاً من هوانها على الأعداء وتسلط النظام الفارسي على اقطار عدة في الوطن العربي وممارسات الكيان الصهيوني في فلسطيننا الحبيبة والذي تمثل في قتل وتهجير شعب غزة امام انظار المجتمع الدولي، الى قيادات عربية قومية ووطنية تؤمن بالعمل العربي المشترك من اجل النهوض والتطور والتنمية وامتلاك عناصر القوة في مواجهة المخططات والمشاريع المعادية وصيانة الامن القومي العربي.
وفي هذه الذكرى لايسعنا الا ان نتذكر مناضلي البعث بالدعاء بالرحمة لمن غادرنا الى جنات الخلد يتقدمهم الرفيق القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق والمغفور له الرفيق احمد حسن البكر وشهيد الحج الأكبر الرفيق صدام حسين والرفيق المجاهد عزة ابراهيم وبقية الرفاق رحمهم الله جميعا. وان احيي كل من لازال قابضا على جمر المبادئ والقيم البعثية الاصيلة بدءاً من قادة المسيرة الملحمية الظافرة مروراً بكوادر البعث واعضائه على مساحة الوطن العربي . والى نصر مؤزر بأذنه تعالى .