المنصة الشبابية
انطلاقاً من حقيقة أن الشباب هم صناع الحاضر العربي وجوهر قوته وحيويته وهم قادة مستقبله، فقد تم تأسيس هذه المنصة الشبابية لتكون باباً جديداً من أبواب النشر لمكتب الثقافة والإعلام القومي لتطل على الشباب العربي من خلال مناقشة شؤونه وطرح قضاياه الراهنة والتعبير عن تطلعاته المستقبلية. وهي مخصصة حصرياً لنشر كتابات الشباب وإبداعاتهم في المجالات الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية وذلك لتعميق مساهمتهم في الدفاع عن قضايا أمتنا العربية وصناعة مستقبلها. كذلك فإن المنصة تعنى بمتابعة ما يصدر من موضوعات ثقافية وإعلامية وفنية في وسائل الإعلام العربية ودول المهجر والتي لها علاقة بقضايا الشباب في الوطن العربي، وترجمة ونشر ما يخدم منها في مواجهة تحديات الأمة وتحقيق نهضتها الحضارية الشاملة.
مَسؤولِيّة الانتماء
يحي محمد سيف -اليمن
عندما تتجاوز مستوى الانتماء الشكلي، لتصل إلى مستوى الانتماء الصميمي لوطنك وشعبك وأمتك العربية التي تنتمي اليها، ونهلت منها معاني الولاء والانتماء والعزة الكرامة والكبرياء..
وعندما تمتلك الإرادة الحرة المستقلة، والوعي التاريخي بقضايا وهموم وآمال وتطلعات شعبك ووطنك وأمتك، وحقها في الحياة. وتعي حقيقة أعدائها والكوابح الحقيقية لمشروعها الحضاري النهضوي الجديد، ودورها الذي ينبغي أن تلعبه في حياة الإنسانية في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة، والموقع المتميز الذي يجب أن تشغله في وسط الأمم الناهضة والمتقدمة، فإن هذا الانتماء وهذا الوعي التاريخي يفرض عليك العديد من المسؤوليات والالتزامات منها: –
أن تكون مسؤولاً عن الانقلاب على ذاتك أولاً، وتحدي الواقع المتخلف المحيط بك والشاذ عن حقيقة وروح وطنك وشعبك وأمتك، والانقلاب عليه ثانياً. ومناهضة الظلم والاستبداد، والاستغلال، والتطرف، والغلو وكل النعرات المفرِّقة المشتِّتة كالطائفية، والسلالية، والعرقية، والمناطقية، والقطرية، وكل عوامل وأسباب التخلف والتجزئة.
أن تكون مسؤولاً عن مكافحة كل الآفات والأمراض والأوبئة الاجتماعية والسياسية والمذهبية التي غرسها الاستعمار والأنظمة الرجعية في الجسد العربي، والقضاء عليها، وتجاوز آثارها وانعكاساتها السلبية.
أن تكون ملتزماً بقضية الدفاع عن حقوق وتطلعات ونهوض وطنك وأمتك، وحق الجماهير العربية بمختلف أقطار الأمة في الوحدة والحرية والتحرر، وتحقيق العدل والمساوة والمواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية في الثروة والسلطة، والحياة الحرة الكريمة.
أن تكون مسؤولاً عن الربط بين القضايا الوطنية والقومية، وتعزيز الوحدة الوطنية داخل الوطن الصغير والوطن العربي الكبير.
أن تكون مسؤولاً عن الحفاظ على هويتك الثقافية العربية من كل محاولات السحق والتفتيت والتنميط ، والدفاع عنها ضد كل مشاريع الغزو الثقافي المعادية بصفة عامة، ومخططات العولمة الهادفة إلى اقتلاع أثمن ما يمتلكه وطنك وأمتك من قيم ومقدسات وتاريخ وحضارة، من جذورها، وتنميط شعبك وتحويله إلى عجينة طيعة هشة بأيدي قوى الاستلاب والهيمنة وبالأخص منها الأمريكان والصهاينة ومن لف لفهم أو سبح بفلكهم واقتدى بهم من قوى محلية أو إقليمية، بحيث يسهل على تلك القوى المعادية تشكيله بالكيفية التي تروق لها وتخدم مصالحها وأهدافها الشريرة، و بذلك تجردنا كشعب وأمة من أهم أسلحتنا، وتجعلنا عاجزين عن المواجهة في معارك المستقبل والمصير والبقاء.
أنت مسؤول ليس في الحفاظ على هويتك الثقافية فحسب بل في الحفاظ على وجودك وكينونتك العربية ذاتها. ولستُ مُبالغاً إذا قلت بأن أعداءنا لا يهدفون إلى سحق هويتنا وتنميطنا فحسب، بل يستهدفون كينونتنا ذاتها والاستيلاء بعد ذلك وبلا منازع على ثرواتنا وأرضنا والموقع الاستراتيجي لوطننا العربي.
وما القضاء على جيوشنا العربية النظامية ومصادر قوتنا بالكيفية المعروفة لكل ذي عقل وبصيرة، وما الحروب العبثية البينية التي شهدتها العديد من أقطار أمتنا، والتي خططت لها تلك القوى المعادية وأشعلت شرارتها عن طريق أزلامها وعملائها، إلا أحد الأدلة على ذلك. وما قواعدهم العسكرية الضخمة في المنطقة العربية وأساطيلهم التي تطوقها من كل الاتجاهات إلا دليل آخر على المخطط الإفنائي الذي يهدفون إلى تحقيقه من خلال الحروب التي يهيؤون الأجواء الشيطانية لإشعال فتيلها بين هذا القطر وذاك في المستقبل القريب بهدف تحقيق ما يتمخض عنها من قتل ودمار وخراب.
أنت مسؤول عن صيرورة الثقافة العربية الأصيلة ونقائها من أية تأثيرات سلبية، وشوائب ضارة دخيلة، وتحصين الشباب العربي من محاولات التخريب وتزييف الوعي. والتعامل بشكل يقظ مع أنماط السلوك والأفكار والمفاهيم العائمة والمعومة والمصطلحات المشوشة والملتبسة المعنى، التي ابتكرتها مراكز الدراسات والأبحاث الأمريكية والغربية الصهيونية وعملت على فرضها والترويج لها عبر ماكينة إعلامهم الضخمة، لتمرير مفاهيم مبطنة تهدف إلى ارباكنا وتخريب وعينا. وعليك عدم الاستهانة بها أو التعامل معها كتقليعة زائلة، أو هيصة سياسية لأنك بذلك ستقع وبحسن نية، في شراك الأعداء وما يخططون له من أهداف خبيثة.
أنت مسؤول عن الالتزام بالقيم والمبادئ والمثل الأخلاقية العربية الأصيلة، وعدم لي عنق الحق والحقيقة في هذا المجال، واعمد إلى التحصُّن بها وخاصة عندما تواجه المغريات الزائلة. واعمد إلى الابتعاد عن الميكافيلية والبرجماتية، والنفعية والانتهازية، بل الحرص على اعتماد النضال المبدئي الصادق لخدمة الأهداف والمبادئ العظيمة لحزبك وشعبك وأمتك. وليكن أسلوبك التعبير عن ذلك بمواقف عملية، وليس بترويج مفاهيم سياسية نظرية مجردة وحسب.
ومجمل القول هنا، إنك مسؤول عن شرف التاريخ في أرضك، وفي كينونتك، وفي قيم ومقدسات وتراث وحضارة آبائك وأجدادك.
فوحدة وحرية واستقلال شعبك ووطنك، هي عنوانك والرمز الحقيقي لوجودك، لتبقى شامخاً على أرضك.
يحيى محمد سيف – مَسؤولِيّة الانتماء
https://www.thiqar.net/Art.php?id=61218