توحيد الموقف الوطني الفلسطيني وإعادة تأهيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية

توحيد الموقف الوطني الفلسطيني

وإعادة تأهيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية

 

د. غالب الفريجات

تتعرض القضية الفلسطينية لهجمة شرسة من الكيان الصهيوني مدعوماً من قوى الشر العالمي، ممثلة بالإمبريالية الأمريكية والأوروبية، وتحديداً من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا التي هرعت لدعم هذا الكيان كما في كل مناسبة، وقد وضح هذا الاندفاع في حجم الحشود العسكرية والزيارات من كافة الأطراف إلى جانب الدعم السياسي في المحافل الدولية وتزويده بكل أدوات القتل والإجرام.

منذ خمسة وسبعين سنة من الاحتلال الصهيوني وشعبنا في فلسطين يتعرض بطريقة ممنهجة للقتل والتشريد واغتصاب أرضه، وبعد الخامس من حزيران بعد احتلال كامل الوطن الفلسطيني، والكيان يمارس كل أنوع الذل والقهر العبودية، وسلب المزيد من أراضي الضفة الفلسطينية حتى يلغي إمكانية تحقيق مشروع الدولتين الذي تنادي به بعض الأطراف العربية والدولية.

لقد عانى أهلنا في قطاع غزة المزيد من الحصار الظالم الذي حرمه من أبجديات الحياة، حد تحديد السعرات الغذائية لكل مواطن، بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة بعد خروجه مهزوماً من القطاع في ٢٠٠٥، وقد أقام الكيان العديد من المستعمرات في غلاف غزة، وبنى سياجاً إلكترونياً، ليتمكن من مراقبة مجريات الحياة على الأرض، واحصاء أنفاس المواطنين الغزاويين الذين ما تركوا وسيلة لاستخدامها في مقاومته في كل مواجهاته العدوانية الهمجية، التي تستهدف الشجر والحجر والإنسان على أرض القطاع.

أمام ممارسات هذا العدوان الظالم جاءت طوفان الأقصى، التي كانت رداً على ممارسات العدو، وانتهاكاته المتكررة للمسجد الأقصى، مسرى رسولنا وثالث الحرمين الشريفين، والتي استطاعت المقاومة بفعل نوعي غير مسبوق، وبعملية سرية تمثلت بالإرادة والتخطيط في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أن تحقق إنجازاً عسكرياً وأمنياً ومخابراتياً في صفوف العدو، أكدت فيه على فشله، وحجم ضعفه في الجوانب المشار إليها، والتي كان يتفاخر بها، خاصة بعد أن حقق إنجازاً عسكرياً على الأرض أمام الجيوش العربية في الخامس من حزيران، فبات يسوق أسطورة الجيش الذي لا يقهر،، والجيش الرابع، وأقوى جيش في المنطقة.

لقد أفرزت طوفان الأقصى حجم الحاجة لتوحيد الموقف الوطني الفلسطيني، فقد تمكن فصيل سياسي واحد يعتبر المقاومة عقيدته في الصراع مع العدو أن يحقق بطولات على الأرض أذهلت الجميع، وبصموده وتكبيده العدو الخسائر في المعدات والجنود، وحرمانه من تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض.

إن النضال الوطني الفلسطيني المقاوم هو الطريق الوحيد لاستعادة الحقوق المشروعة، وهو ما يؤكد على ضرورة العمل الشعبي المقاوم الذي يتيح للشعب بالمشاركة في معركة التحرير تأكيدا لمقولة ” إن فلسطين لن تحررها الحكومات بل الكفاح الشعبي المسلح”.

إن الوضع الذي تعيشه القضية الفلسطينية يحتم على كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بالإضافة لفصائل المقاومة الأخرى أن تلتقي تحت برنامج وطني مقاوم، يغطي كل الأراضي الفلسطينية، وأن ترفع شعار فلسطين من النهر إلى البحر، بعيداً عن شعارات استعادة الأراضي المحتلة التي تم اغتصابها بعد الخامس من حزيران، وأن أرض فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر هي مشروع تحرير، وبعيداً عن شعار حل الدولتين، والذي تطالب به بعض الأطراف العربية والدولية متجاهلة ما تم اغتصابه في سنة ١٩٤٨، قيام الكيان الغاصب.

إن الحاجة ماسة إلى التركيز على إعادة وحدة منظمة التحرير الفلسطينية، والعودة لما جاء في ميثاق المنظمة، والذي تم التراجع عنه في اجتماع غزة، وخاصة المواد التي تدعو لإزالة الكيان الصهيوني، والعمل على التحرير الكامل لأراضي الوطن الفلسطيني، إلى جانب رفض مشروع أوسلو الذي أدى إلى تراجع النضال الوطني الفلسطيني، وإطلاق يد الاحتلال في قضم المزيد من أراضي الضفة الفلسطينية، والتضييق على المواطنين الصامدين في أرضهم، لإجبارهم على الهجرة، كما يروج اليوم للهجرة “الطوعية” لأبناء القطاع، لتخلو له كامل فلسطين لتهويدها.

إن البرنامج الوطني الفلسطيني القائم على المقاومة، والذي يسمح لكافة فصائل منظمة التحرير المؤمنة بالمقاومة أن تكون طرفاً في هذا البرنامج الوطني لتعيد منظمة التحرير دورها الوطني لوطن تم اغتصابه وتشريد شعبه، وأن تمارس في داخل مؤسساتها الأسلوب الديمقراطي في العملية التمثيلية، والعمل على توسيع قاعدة المشاركة لتكون بيتاً يستظل به كل أبناء فلسطين، ليتاح للجميع أن يكون طرفاً في عملية التحرير، مستندة إلى جبهة عربية مساندة على طريق المشاركة الفعلية على اعتبار أن الصراع على الأرض الفلسطينية عربي صهيوني، لأن وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين يشكل خطراً على الأمة العربية، ويستهدف الوطن العربي، باعتباره كيان عدواني عنصري توسعي يسعى للهيمنة على الأمة وتقسيمها ونهب ثرواتها ومنع نهضتها.

إن منظمة التحرير الفلسطينية يجب أن تكون الإطار الذي يجمع كل القوى المؤمنة بالتحرير الكامل لعموم أرض فلسطين، وهو هدف وطني وقومي في نفس الوقت لأن الصهيونية ليست خطراً على فلسطين فحسب فهي خطر على الأمة، وعلى الإنسانية جمعاء، واجتثاثه وبشكل خاص في فلسطين واجب كل أحرار العالم وقواه التحررية.

 

Author: nasser