مستقبل غزة – فلسطين هو مستقبل أمّة بكاملِها

مستقبل غزة – فلسطين

هو مستقبل أمّة بكاملِها

د. محمد مراد

يتردد  مؤخراً في وسائل الإعلام الغربي والصهيوني، وكذلك في غير تصريح منسوب لمسؤولين في غير دولة أجنبية بعيدة وقريبة عن مشهد الحرب – الإبادة لشعبنا في فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية وحتى في مخيمات اللجوء والانتشار الفلسطيني في الشتات خارج الوطن المحتل، تكثر التصريحات المشبوهة حول مستقبل غزة وفلسطين على ضوء التوقعات الوهمية لنتائج العدوان الصهيوني في حرب على تجاوزت شهرها الثالث، هي حرب القرن الحادي والعشرين في امتدادها الزمني بين عامي ٢٠٢٣-٢٠٢٤ ، وفي فظاعة المجازر التي تجاوزت حروب الإبادة الجماعية في التاريخ البشري.

تسوّق الأبواق الاحتلالية لمشاريع ترسم مستقبل غزة ومعها كل القضية الفلسطينية وأيضاً قضية الأمة العربية برمتها. هناك من يشيع تفريغ غزة ولاحقاً الضفة الغربية إلى سيناء المصرية في ظل تفاهمات غير معلنة بين أميركا والكيان الصهيوني من جهة، ومصر وبتغطية عربية من جهة أخرى، وكذلك تهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، وأما لاجئو الشتات فيرسم لهم مشروع التوطين داخل الدول المضيفة من عربية وغير عربية.

إن الهدف الواضح من مشروع تفريغ فلسطين من سكانها يأتي منسجماً مع المشروع الصهيوني في تهويد فلسطين أرضاً وشعباً، أي تبسط الدولة اليهودية المزعومة جغرافيتها السياسية على كامل فلسطين التاريخية، ومن ثم تتبوأ هذه الدولة مركز الصدارة في الاقتصاد والأمن والسياسة والنفوذ على كامل المنطقة التي تجمع بين العراق ومصر، أي بين الفرات والنيل.

وهناك تسويق إعلامي لمشروع آخر يقضي بإعادة احتلال غزة من قبل الكيان الصهيوني، وذلك بعد تفريغها من المقاومة الفلسطينية، أي غزة وضفة غربية تحت رحمة الاحتلال الصهيوني الذي سيسعى إلى انشاء العديد من المستوطنات الجديدة في القطاع والضفة، الأمر الذي سيخنق الوجود الفلسطيني ويدفع إلى سلوك طريق الهجرة واللجوء في الخارج. 

هنا يستطيع الكيان الصهيوني قلب المعادلة الديموغرافية لصالحه من حيث تفوق الصهاينة العددي على فلسطينيي الداخل، وفي وقت يتم التخلص من القرار الأممي الرقم ١٩٤ الذي يقضي بعودة اللاجئين إلى ديارهم.

إن التسويق الإعلامي للمشاريع المشار إليها ليس له أي منظورات تطبيقية في الواقع الفلسطيني- العربي، ذلك أن المقاومة في غزة والقطاع ومعها كل القوى القومية المناضلة والشريفة في الأمة العربية تعتبر أن القضية الفلسطينية ليست قضية منفصلة عن أمرين أساسيين واستراتيجيين:

 الأول، وحدة النضال الوطني لكل فصائل المقاومة الفلسطينية وشعبها في الداخل المحتل وفي الخارج في الشتات. فهناك قضية وطنية فلسطينية واحدة لكل الشعب الفلسطيني، وهي قضية مستقبله في دولة وطنية فلسطينية على كامل أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، وأما الوجود الصهيوني فهو وجود طارئ واحتلالي واستيطاني ليس له أي مبررات تاريخية أو شرعية أو حقوقية، وإذا كان لا بد من تحقيق سلام على أرض فلسطين فقيام دولة ديمقراطية على أرضها تبقى بهوية فلسطين العربية التاريخية بوصفها جزء من هوية قومية عربية اكتسبت تشكلها التاريخي وخصوصيتها الثقافية والاجتماعية والحضارية. 

الثاني، إن أمن فلسطين متداخل ومتكامل مع الأمن القومي العربي بكليته، كما وأن مستقبل فلسطين في التحرر والتقدم والنهضة هو مستقبل تكاملي مع نضال الأمة العربية من أجل وحدتها وتحررها وتقدمها، وهذه معادلة أطلقها حزب البعث العربي الاشتراكي في مؤتمره القومي عام ١٩٦٨، عندما أطلق جبهة التحرير العربية كفصيل مسلح ربط بين تحرير فلسطين والوحدة العربية، إذ بمقدار ما يكون تحرير فلسطين خطوة متقدمة على طريق الوحدة العربية، يكون كذلك أي خطوة متقدمة باتجاه الوحدة القومية خطوة متقدمة نحو تحرير فلسطين.

إن العدوان على غزة الدائر حالياً والذي تقوده كل قوى التحالف الاستعماري الأطلسي – الصهيوني من جهة، والذي يقابله صمود وبطولة شعبنا فيها ومعه كل القوى المناضلة الحيّة في الأمة، هي حرب لن تكون نتائجها لصالح العدو الصهيوني وحلفائه الداعمين من الاستعماريين، ستكون نتائجها حتمية بانتصار فلسطين قضية وطنية وقومية، وإن شعلة النضال الوطني الفلسطيني لن تنطفئ أمام حقد الغزاة والمستعمرين والمتربصين بفلسطين والأمة من دول الخارج الدولي والإقليمي.

 ستبقى فلسطين وستنتصر لأنها هي حق وحقيقة وجود تاريخي، وأن العدو والمستعمرين هم الباطل، والباطل ليس له انتصار في التاريخ، فهو دائماً كان زهوقا.

Author: nasser