نَعم للوَقفِ الفَوري للحَرب ولا للتدَخُّل الأجنَبي فِي السُودان

نَعم للوَقفِ الفَوري للحَرب

ولا للتدَخُّل الأجنَبي فِي السُودان

 

في الوقتِ الذي كانَ فيه شعبنا العزيز في السودان يناضِل و يتطلع إلى الوقت الذي تتشكّل بموجبِه سُلطة مدنيّة انتقاليّة تُحقِق أهداف انتفاضَته الثورية و تؤكد على وحدةِ وسيادةِ البلاد، وتحفظ مصالحها العليا التي هي مصالح الأمة العربية كافة في دولة مدنية ديمقراطية، وسلام مُستَدام ، تكون السيادة فيها للشعب الذي هو مصدر السلطات،  وعلى قاعدة كون المواطنة أساس الحقوق والواجبات ، اندلع في 15 أبريل / نيسان الصراع الدموي العنيف والمؤسف بين المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع، الأمر الذي تسبَّب بسقوط آلاف القتلى والجرحى وشلَّ الحياة اليومية لملايين المواطنين وهجّر أعداداً كبيرة منهم، ودمر البنى التحتية،  وعرض الأمن القومي العربي والإقليمي الى مخاطر كبيرة، لما لهذا القطر العربي من موقع جغرافي و ثقل كبير ودور أساسي على كافة الاصعدة.

 

إننا إذ نستَنكر الصِراع العَبَثيّ الذي يُعَرِّض الشعب السوداني ومكتسباته والبلاد كلها إلى مخاطر جمّة، فإننا في ذات الوقت ندعو المجتمع الإقليمي والدولي إلى عدمِ التدخُّل في الشؤون الداخلية للسودان، ونؤكِّد على ضرورة دعم الجهود والمبادرات الوطنية والأهلية لوقوف فورى وغير مشروط للحرب المُهلِكة، وتجنِيب شعبنا في السودان ويلاتها ومخاطرها، والتمهيد لذلك بالاستجابة لوقف العمليات الحربية للدواعي الانسانية. إلى جانب تعزيز الموقف الوطني المعلن من القوى السياسية والاجتماعية الحيّة بعدم التَسليم بما ينجُم عنها من نتائج سياسية، اتساقاً مع تقاليد النِضال السِلمي الديمقراطي في السودان، وترسيخ مبدأ الحلول السلمية والتداول السلمي للسلطة، ووضع حد لمحاولات ازدراء إرادة شعبه من قبل النُخَب الانقلابية مدنية كانت ام عسكرية، وعلى طريق تحقيق الانتقال السلمي والنظام الديمقراطي المستدام.

ومن منطلقِ مسؤوليّاتنا القوميّة فإننا ندعو الأمانة العامة للجامعةِ العربية الى الاجتماع العاجل على مستوى الوزراء لوضعِ خُطة سياسيّة وإنسانية تضمن الوقوف الى جانب شعبنا في السودان من جهة، والحفاظ على سيادَتِه ووحدَتِه واستقراره من جهة ثانية، وإيقاف مسلسل الصِراع الدموي الذي يُهدِّد حياةَ المواطنين هناك، كما يُهدِّد أمن الأمة العربية القومي والأمن الإقليمي في الصميم.

ونرى في هذا الصدد ضرورة أن يتفق وزراء الخارجية العرب على ألاّ يكون الموقف الرسمي العربي انعكاساً لأهداف الدول المتصارِعة على الوضع في السودان وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين.

ومن الضرورة القصوى الالتفات إلى الدور الخبيث الذي يقوم به العدو الصهيوني الذي يسعى لإدامة الصراع وإذكاء الفتن وعدم الاستقرار في السودان، من خلال دعم أطرافٍ بعينها هناك بما يضمن لها الحصول على مكاسب في إطار خطة تقسيم السودان من جهة، ومساعي التَطبيع التي تنتهجها الأطراف المتصارعة من جهة أخرى.

ولأن المُستَهدَف هو ابناء الأمة العربية واقطارها جميعاً الواحد تلو الآخر، تقسيماً واستنزافاً ونهباً، لذا فإن القوى الحيّة والأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الجماهيرية العربية وكافة الفعاليات على المستوى الشعبي مدعوة اليوم إلى الوقوف إلى جانب أشقائِهم في هذا القطر العربي العزيز، وتأكيد الحفاظ على وحدة وسلامة السودان، والعمل الحثيث والجاد ضد السياسات المعتمدة من بعض الدول التي تستهدف وحدة الشعب والوطن، وتعمل على إعاقة انتقالِه الديمقراطي، وسرقة ونهب خيراته ومقدراته، وسلب ارادة مواطنيه.

أما على مستوى الداخل السوداني فإن الموقف الوطني الحاسم يدعو كافة الأحزاب والقوى الاجتماعية ومكونات الحِراك الثوري والشخصيات والرموز الوطنية هناك، إلى أن يكون الهدف المركزي لنشاطِها وتحركاتها في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية هو الحفاظ على وحدة السودان والوقوف ضد التدخل الأجنبي ورفض محاولات العبث في شؤون البلاد الداخلية وتدمير مكتسبات الشعب السوداني البطل الذي أسقط نظام التمكين الفاسد وواجه ببسالة قوى الردة وبقايا الفلول وباشر بخطوات تعزيز حريّتَه ومسيرة الديمقراطية فيه.

إننا على ثقة إن القوى الحية لشعبنا في السودان العزيز لا تفوتها محاولات قوى الردة والفساد والعنف البَغِيض لإدامة الفوضى الأمنية، واستمرار الأزمات المعيشية والصحية والانسانية، وما يمكن أن تؤدي إليه من نتائج بالغة الخطورة تُهدِّد وحدة الشعب ونسيجَه الاجتماعي الوطني وتعايشه السلمي، وإن مواجهة هذه المؤامرات الغادرة والجرائم الشَنيعة إنما يكون بالعمل على وقف الحرب، ودون شروط، وتعزيز الوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على قوى الغدر المتربِّصة بشعبنا في السودان أيّاً كانت.

وفي هذا الصَدَد فإن الدعوة موجّهة من اجل بذل كافة الجهود لتوحيد القوى الوطنية في جبهة شعبية عريضة تعمل على إعداد برنامج وطني انتقالي واضح يتضمن إيقاف الفوضى الأمنية،  ويرفض الحرب وما ينجم عنها من ترتيبات سياسية،  ويعمل على معالجة ما ينجم عنها من مشاكل خطيرة تهدد الشعب والوطن والأمة العربية برمَّتِها،  لما للسودان من أهميةٍ استراتيجية وثقل عربي كبير وعلى كافة الاصعدة، ورفض عَسكَرة العمل السياسي واللجوء إلى السلاح بأي صيغة من الصيغ ومن أي جهة كانت،  والعمل على تعبئة الفعاليات الشعبية والمنظمات الجماهيرية عبر الوسائل السلمية وكل ما تتيحه القوانين الإنسانية والحقوق المدنية من وسائل وطرق ثورية سلمية لتحقيق هذا الهدف المُلِحّ في هذه المرحلة.

الوحدة والاستقرار للسودان، والحرية لشعبِنا السوداني الصابر وقواه الوطنية والديمقراطية، والرحمة لشهدائِه الأبرار، وعاجل الشفاء للجرحى والمصابين.

 

مكتب الثقافة والإعلام القومي

30 نيسان 2023

Author: nasser