تحية إلى ثورة تموز في يوبيلها الذهبي .. تحية إلى انتفاضة شعب العراق الشاملة .. تحية إلى مقاومته الوطنية بكل أطيافها .. لا حل وطنياً للعراق إلا بتحريره وإسقاط العملية السياسية.

تحية إلى ثورة تموز في يوبيلها الذهبي .. تحية إلى انتفاضة شعب العراق الشاملة .. تحية إلى مقاومته الوطنية بكل أطيافها .. لا حل وطنياً للعراق إلا بتحريره وإسقاط العملية السياسية.

 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في اليوبيل الذهبي لثورة 17-30 تموز المجيدة أصدرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي البيان الآتي:

 

يا جماهير أمتنا العربية

يا جماهير العراق العظيم

أيها المناضلون العرب في ساحة الوطن العربي الكبير

تحل الذكرى الخمسين لثورة السابع عشر -الثلاثين من تموز المجيدة، والعراق ومعه أمته العربية يعيشان تحت وطأة وتأثير الهزات الارتدادية للزلزال الذي ضرب البنيان القومي من جراء العدوان المتعدد الجنسية والأطراف الذي تعرض له العراق وما يزال بهدف ضرب وإسقاط كل النتائج السياسية بأبعادها الاجتماعية والوطنية والقومية التي أفرزتها هذه الثورة التي تطوي هذه الأيام خمسة عقود من تاريخها يوم فجرها مناضلون لإعادة الاعتبار للعراق و دوره عبر صياغة تجربة ثورية استطاعت في وقت قياسي أن تحقق إنجازات عظيمة تجلى أبرزها في صياغة علاقات دولية على قاعدة استقلالية القرار الوطني في تحديد خياراته السياسية وبما مكنها من أن تكون إحدى قواعد الارتكاز لحركة عدم الانحياز عبر حفظ الموقع العربي في بنيان هذه الحركة بعد الردة السياسية التي تعرضت لها مصر بعد الانقضاض على الإرث السياسي للناصرية.

إن هذه الثورة التي رفعت شعارات طموحة على مستوى التحول والنهوض الوطني الشاملين كما على المستوى القومي، لم يتأخر الوقت طويلاً حتى وضعت هذه الشعارات موضع التنفيذ من بيان 11 آذار للحكم الذاتي 1970 الذي ترجمت من خلاله نظرية الحزب حيال الأقليات القومية في إطار المكون القومي العربي الشامل على قاعدة التنوع في إطار الوحدة الوطنية إلى قرار التأميم التاريخي في الأول من حزيران 1972، ليعيد للعراق وشعبه ثروته النفطية المنهوبة، وليوظف هذه الثروة في خدمة التنمية الاجتماعية والبناء الاقتصادي ومنعة القرار السياسي، وهذا ما كان إلا ترجمة عملية لشعار الحزب الذي أطلقه منذ بداية التأسيس “نفط العرب للعرب”.

إن ثورة السابع عشر- الثلاثين من تموز التي استطاعت خلال عقد من الزمن أن تنقل العراق من واقع متخلف تنموياً ومهمش سياسياً، إلى دولة مهيوبة الجانب حققت تحولات كبرى في ميادين التصنيع والتعليم والطبابة والبنى التحية والتطوير الزراعي، والحضور الفاعل على المستوى القومي وخاصة المشاركة الفعالة في حرب تشرين ودعم الثورة الفلسطينية وقوى النضال الوطني العربي وحركات التحرر في العالم، كل هذا كان سبباً لأن تأتلف ضده قوى التحالف الصهيو-استعماري، والرجعية العربية، والشعوبية الجديدة التي قدمت نفسها من خلال مشروع شديد الخطورة على الأمن القومي العربي والأمن الإقليمي بعد حصول التغيير في إيران و استلام نظام الملالي لمقاليد الحكم في طهران، والذي لم يتأخر كثيراً ببدء أعماله التخريبية في داخل العراق وتتالي استفزازاته واعتداءاته على طول الحدود والتي طورها إلى عدوان شامل في الرابع من أيلول 1980. هذه الحرب التي فرضها النظام الإيراني على العراق ويدعم مكشوف من الصهيونية العالمية والتي كشفتها فضيحة “إيران غيت”، خرج العراق منها على قدر كبير من الاقتدار العسكري والسياسي وهذا لم يرح كل القوى الدولية والإقليمية والنظام الرجعي العربي التي وجدت في انتصار العراق، تطوراً نوعياً في ثورته التي شكلت قاعدة ورافعة لمشروع سياسي أعاد للأمة اعتبارها بعد الانهيارات التي تولدت عن حرب 1967، والإجهاض السياسي لنتائج حرب تشرين 1973.

إن النتائج السياسية التي تمخضت عن المواجهة مع النظام الإيراني لمدة ثماني سنوات لم تستطع القوى المعادية للأمة هضمها، والتي أضافتها إلى ما هو مبيت ومضمر من أسباب لضرب العراق وتجربته والثأر لما تعرضت له الاحتكارات الدولية من خسائر بعد تأميم النفط ولذلك كان العدوان الذي شن على العراق على أرضية الأزمة مع الكويت، ولو لم تكن هذه الأزمة قد تولدت في سياقاتها المعروفة لكانت الحرب شنت عليه على أرض موقف آخر، وهذا ما ثبت بعدما فبركت أميركا التقارير الكاذبة بامتلاكه أسلحة دمار الشامل وعلاقة مع مزعومة مع القاعدة والتي كانت المبرر الأميركي الذي تم بالاستناد إليه شن العدوان في عام 2003/ ، بعد حصار ظالم استمر لأكثر من اثنتي عشرة سنة، استطاع العراق خلالها الصمود ومقاومة كل تداعيات هذا الحصار الذي لم يشهد التاريخ مثيلاً له، والذي رغم كل ذلك، بقي يوفر كل شروط ومستلزمات الأمن الحياتي والغذائي ويتقاسم مع شعب فلسطين المحاصر لقمة الغذاء وحبة الدواء، ويرفض مقايضة فك الحصار مقابل الاعتراف بالكيان الصهيوني.

إن هذه الثورة المجيدة التي تعملقت من خلال إنجازاتها قبل بدء إعلان الحروب الأولى على العراق 1980، والثانية /1990/1991 والثالثة 2003، وما بينهما من إجراءات حصار وتحريض وأشكال عدوانية متعددة، بقيت على عزيمتها وحضور قيادتها النضالي في كل المجالات والميادين، وإذا كانت قيادة هذه الثورة قد اختبرت في ميادين النضال الإيجابي في بناء الدولة الحديثة، فإنها اختبرت أيضاً في قيادة فعل مقاوم للعدوان والاحتلال الأميركي والإيراني ما تجسد منهما مباشر وما أفرزته من نتائج سياسية.

إن هذه المقاومة الوطنية التي قادها حزب البعث العربي الاشتراكي، وضمت طيفاً واسعاً في القوى المقاومة للاحتلال، استطاعت أن تدمر الاحتلال الأميركي، وأن تتصدى للمحتل الإيراني وكل تغوله في مفاصل الحياة العراقية. وإذا كانت القوات الأميركية قد انسحبت تحت جنح الظلام فإن الوجود الإيراني الاحتلالي لن يكون مصيره بأفضل من الوجود الأميركي لأن ما أفرزه هذين الاحتلالين من نتائج سياسية تحت مسمى العملية السياسية دخلت اليوم في مأزق كبير وهي تتآكل تحت تأثير تنامي الوعي الشعبي والوطني لإبعاد الدور الإيراني وخطورته على سيادة العراق ووحده شعبه وطنياً ومجتمعياً وهذا الذي تشهده اليوم محافظات العراق من انتفاضة شعبية ليس إلا بداية الغيث التي تبشر بهبوب الإعصار الوطني الشامل الذي سيطيح بكل الدمى التي حاولت قوى التحالف الصهيو-أميركي الفارسي تثبيت ركائزها في العراق.

 

يا جماهير أمتنا العربية،

يا شعب العراق العظيم

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي اليوبيل الذهبي لثورة تموز المجيدة، توجه التحية لجماهير العراق المنتفضة في كل المدن والحواضر وخاصة في الجنوب والفرات الأوسط، وهي ترى فيها استمراراً للانتفاضة الشعبية التي انطلقت عشية دحر القوات الأميركية، حيث جرى الانقضاض عليها بعد حصار ميادينها، ومن ثم خلق المناخات لبروز قوى التكفير الديني والمذهبي والتخريب المجتمعي، والاستثمار بهذه القوى عبر خلق قوى مذهبية أخرى لتبرر بعضها البعض في احترابها، ومحاصرة الاتجاه الوطني التحرري والحؤول دون إسقاط العملية السياسية كنتيجة طبيعة لدحر قوى الاحتلال وانتصار المقاومة الوطنية.

إن الاستثمار الدولي والإقليمي سياسياً وأمنياً بهذه القوى الطائفية تحت مسمى “داعش” أو تحت مسمى الحشد الشعبي الطائفي بكل أطرافه. أفسح المجال أمام استعادة أميركا لحضورها عبر تحالف دولي، وأمن أرضية لتدخل إيراني مكشوف، وتحالف ميداني بين أميركا والنظام الإيراني التي كانت تجلياته بارزة في التنسيق العملاني في اجتياح المدن وتدميرها وتهجير سكانها وخاصة تلك التي كانت تشكل حاضنات شعبية – للمقاومة الوطنية في الأنبار وبغداد ونينوى وصلاح الدين، وإن ما تعرضت له هذه المدن من تدمير ممنهج تحت حجة مواجهة قوى الإرهاب لم يكن سوى غطاء لتحقيق الهدف الاستراتيجي ألا وهو إحداث التغيير البنيوي في التركيب الديموغرافي لشعب العراق.

إن القيادة القومية للحزب التي تعي جيداً حقيقة شعب العراق وتجذر تعلقه بأرضه وعمق انتمائه القومي العربي، ومناعة جيناته الوطنية، هي على ثقة أن الشعب الذي توفرت له قيادة مناضله ملتحمة مع جماهيرها والتي استطاعت أن تفجر ثورة عظيمة لخمسة عقود خلت وتصمد في مواجهة التحديات وتتخذ قرارات مصيرية، وتواجه وتقاوم في ظروف شديدة التعقيد وفي وضع لا مثيل كل ظروف الحصار، أن هذا الشعب لن يسكت على ضيم الاحتلال ولذا كانت مقاومته، ولن يسكت على التغول الإيراني، ولذا كانت انتفاضته، ولن يسكت على تسلط حكم اللصوص والمافيات على مقدراته ونهب ثرواته، فكانت الهبة الشعبية الشاملة، التي وإن انطلقت تحت شعارات مطلبية تحت انعدام الأمن والخدمات والبطالة وعدم توفر أبسط مقومات الحياة الضرورية، إلا أنها في بعدها الحقيقي هي انتفاضة وطنية، لأن شعباً تمرس على النضال وارتفع منسوب الشعور الوطني لديه تجاه أي شعار آخر، لا يرضى أن يكون دائراً في فلك نظام محكوم بعصبية العداء للعروبة. كما أن شعباً يعتز بتاريخه وإرثه الوطني ودوره القومي بدءاً من ثورة العشرين وحركة رشيد علي الكيلاني، وموقفه من حلف بغداد وكل معارك النضال القومي، لن يرضى أن يكون دمية تديرها أجهزة المخابرات الأميركية والإيرانية.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وهي ترى في ما يجري اليوم من حراك شعبي، إنما هو البداية الفعلية لسقوط ما يسمى بالعملية السياسية.

فهذه العملية السياسية التي حاولت قوى الاحتلال تثبيت ركائزها من خلال تنفيذ إملاءات المحتل الأميركي والإيراني، من قرار الحظر والاجتثاث وتطبيق مادة 4 إرهاب، الى قرار مصادرة وحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة دون أي مسوغ قانوني او شرعي، ومن ثم تنفيذ الاعدامات العشوائية تنفيذاً لقرارات قضائية انعدمت فيها كل شروط المحاكمات العادلة، جاءت المقاطعة شبه الشاملة للانتخابات بمثابة الاستفتاء الشعبي على مشروعية العملية السياسية التي أفرزها الاحتلال، لتبين أن هذه الانتفاضة الشعبية لم تأت من فراغ بل جاءت من تراكم عناصرها واختمارها بعدما تمادى الفساد والافساد وانعدمت كل مقومات الحياة الضرورية لعيش حر كريم.

إن القيادة القومية للحزب التي تدين كل أشكال القمع التي يتعرض لها المناضلون المقاومون للاحتلال من اعدامات واعتقالات وتهجير وتنكيل تكبر في شعب العراق صموده وتضحياته والذي قدم مئات الألوف من أبنائه شهداء لقضيته الوطنية وعلى رأسهم شهيد الحج الأكبر الأمين العام للحزب الرفيق القائد صدام حسين، ومعه كوكبة من المناضلين القياديين من أعضاء القياديتين القومية والقطرية والكادر المتقدم في الحزب والدولة والقادة العسكريين الافذاذ وعشرات الألوف من مناضلي الحزب، تدرك جيداً أن العراق يقف اليوم على أبواب مرحلة جديدة، عنوانها بداية سقوط العملية السياسية كأحد أبرز إفرازات الاحتلاليين الأميركي والإيراني، وأن هذا ما كان ليحصل لولا مقاومة شعب العراق العسكرية والسياسية والاجتماعية التي يتبوأ رأس مسيرتها الرفيق عزة إبراهيم الأمين العام للحزب والقائد الأعلى للجهاد والتحرير.

إن هذه المقاومة الوطنية بما تمثل من مشروعية وطنية هي المعبر الأصيل عن طموح شعب العراق وهي القادرة على تحقيق أهدافه الوطنية. وعلى قاعدة البرنامج السياسي الوطني الذي ينطوي على كل المرتكزات الأساسية لإعادة بناء العراق بناء وطنياً شاملاً متحرراً من كل أشكال الارتهان والوصاية، والمستنهض لإمكاناته وتوظيفها في خدمة الشعب في الحرية والاستقلال والتنمية الشاملة. وليكن واضحاً أن لا حل وطنياً للعراق إلا بتصفية كل مرتكزات الاحتلال وشخوصه ونفوذه وسقوط العملية السياسية ومدخله الانتفاضه الشعبية التي هي بداية الغيث وعلى النظام العربي والمجتمع الدولي أن يعيان أن الطغمة الحاكمة لا تحوز اية شرعية سياسية واي شرعية شعبية وهذا ما اثبتته مقاطعة الانتخابات والانتفاضة الشعبية وبالتالي يجب رفع التغطية السياسية عنها باعتبارها مجرد دمية تديرها اجهزة المخابرات الايرانية التي تمعن تخريباً في بنى المجتمع العراقي على كافة الصعد والميادين .

تحية لثورة 17-30 تموز المجيدة في يوبيلها الذهبي.

تحية للعراق العظيم ومقاومته الوطنية بكل فعالياتها السياسية والشعبية والمرجعية الوطنية المقاومة للاحتلال وانتفاضة شعبه الشاملة.

تحية الى قيادة حزبنا المناضل في عراق العروبة والشموخ وعلى رأسها الرفيق الأمين العام للحزب القائد الأعلى للجهاد والتحرير عزة إبراهيم.

تحية لشهداء الحزب والمقاومة والشعب وعلى رأسهم الرفيق الشهيد القائد صدام حسين.

الحرية للاسرى والمعتقلين

عاش العراق، عاشت فلسطين، عاشت ثورة الأحواز

عاشت الأمة العربية.

 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في  ١٥ / تمــوز / ٢٠١٨

Author: nasser