معركة الكرامة صفحة مشرقة نستلهم منها الثقة والتحدي
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
نستذكر هذه الأيام صفحة من الصفحات المشرقة في تاريخنا العربي المعاصر وهي معركة الكرامة الخالدة التي وقعت في 21 آذار 1968 حين حاولت قوات الجيش الصهيوني احتلال نهر الأردن لتحقيق اهداف استراتيجية . فتصدى لها الجيش العربي الأردني على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت بقوة وبسالة . كما اشتبك الجيش في قرية الكرامة وبمشاركة الفدائيين الفلسطينيين في قتال شرس ضد الجيش الصهيوني في عملية استمرت أكثر من 16 ساعة، مما اضطر جنود الاحتلال إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم الفادحة دون أن يتمكنوا حتى من اخلاء قتلاهم . فيما أنجز ابطال الجيش الأردني والفدائيون الفلسطينيون انتصارا مجيدا ، بعد أن الحقوا الهزيمة بالقوات الصهيونية واجبروهم على الفرار من أرض المعركة دون أن يحقق الكيان الصهيوني أي هدف من اهدافه العدوانية .
لقد كان من أهداف العدو في هذه المعركة، القضاء بشكلٍ نهائيّ على كافّة الفصائل والتشكيلات الفدائيّة الفلسطينيّة، والقضاء على حلم عودة اهلنا الفلسطينيين الى ارضهم ، ومحاولة السيطرة على الأرض الواقعة شرق نهر الأردن، لضمان امنه على طول خطّ وقف اطلاق النار من خلال محاولة احتلال مُرتفعات السلط وتحويلها إلى حزامٍ أمنيّ، والحصول على موطئ قدمٍ له شرقيّ نهر الأردنّ، ومن ثم المساومة عليه لتحقيق أهدافه التاريخيّة في توسيع حدوده لاحقاً .
الا انه مني بهزيمة فادحة، وخسائر كبيرة تمثلت بمقتل 250 جنديّاً إسرائيليّاً، وإصابة 450 شخصاً بجراح، وتدمير 88 دبابة وناقلة جنود، و43 سيّارة مسلّحة وشاحنة.
لقد أثبتت تلك المعركة الخالدة قدرة القوات العربية على تجاوز كافّة الأزمات السياسية ، والتصدي والاستبسال وإبقاء الروح القتاليّة العالية، كما اثبتت قوة الإرادة وصلابة التصميم من أجل تحقيق النصر.
قد تميزت معركة الكرامة الخالدة بدورها في رفع المعنويات بين جميع المناضلين في عموم الوطن العربي لمسح الآثار النفسية لهزيمة حزيران عام 1967م. فقد أثبتت قدرات المقاتلين العرب الذكية في الحرب والتي تجسدت بالاضافة الى استبسالهم ، في الاستخدام الحربيّ الصحيح للأرض ، و التحصين، والتستر الجيّد، وغيرها من فنون القتال الحديثة .
ان الانتصار في معركة الكرامة، يُجسد انتصاراً للأمة العربية على هزيمة حزيران ، وتمهيداً للانتصار اللاحق في حرب أكتوبر ١٩٧٣م، بقيادة جيش جمهورية مصر العربية وبمشاركة فعالة لجيوش العراق والأردن وسوريا وعلى مختلف الجبهات، حيث تم تدمير خط بارليف الأسطوري وهزيمة جنرالات الكيان الصهيوني واستراتيجيات العدو في التمدد والعدوان واحتلال الأرض بالقوة وانتهاك القانون الدولي الإنساني بشتى الوسائل .
لقد كان لوحدة العمل والتنسيق العسكري بين الجيش العربي الاردني و الفدائيين الفلسطينيين الابطال في هذه المعركة الخالدة ، وبين الجيوش العربية لاحقاً ، الدور البارز في تحقيق النصر في معركة الكرامة المجيدة ، وفي حرب أكتوبر لتحرير سيناء.
وان دل ذلك على شئ فانه يدل على ان لا مناص اليوم من العودة للعمل العربي المشترك والتكاتف العربي في كافة المجالات لمواجهة التحديات الجسيمة التي تجتاح الامة العربية من حروب دموية خطيرة ، وابادة وتشريد ملايين العرب ، والاحتلالات الدولية والإقليمية ، التي تهدد الامن القومي ومستقبل الأجيال القادمة.
ان الاجيال العربية الصاعدة اذ تستذكر هذه الايام النصر المبين في معركة الكرامة ، فانها تستلهم منه روح التحدي والثقة ومواصلة النضال لتحقيق اهداف الامة العربية .
تحية اكبار واجلال الى ابطال الجيش العربي الاردني والمقاومة الفلسطينية الباسلة الذين صنعوا النصر المجيد في معركة الكرامة والمجد والخلود لشهدائها الابرار.
عاشت فلسطين حرة عربية
عاشت وحدة الجماهير العربية
مكتب الثقافة والإعلام القومي
آذار / ٢٠١٨