القيادة القومية:
إلغاء قانون مقاطعة “إسرائيل”، ارتداد عن لاءات الخرطوم وطعنة في وطنية شعب السودان.
اعتبرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، إن اقدام الحكومة السودانية على إجازة إلغاء قانون مقاطعة “إسرائيل” يشكل ارتداداً على لاءات الخرطوم عام ١٩٦٧ وطعنة في وطنية شعب السودان، ودعت جماهير السودان للتصدي لهذه الإجراءات التي تصب في مسار تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني. جاء ذلك في تصريح للناطق الرسمي باسم القيادة القومية للحزب في مايلي نصه.
في الوقت الذي تعيش فيه جماهير السودان معطى المرحلة الانتقالية للتأسيس لواقع سياسي جديد انفاذاً لما انطوى عليه الإعلان الدستوري ، للانتقال بالسودان الى عهد وطني ،عهد البناء السياسي الذي يقطع مع المرحلة الماضية بكل تداعياتها السلبية ، وفي الوقت الذي كانت فيه الامة تسجل تقديرها لنضال جماهير السودان وثورتها التي اسقطت نظام التميكن والفساد وتعمل على توفير كل المناخات الإيجابية لاطلاق عملية بناء الثقة مع اطراف السلام لأجل أن يتظلل الجميع بالخيمة الوطنية التي تحول دون استمرار انكشاف الساحة الوطنية امام التدخلات الخارجية والمتربصين في الداخل ، في هذا الوقت تأتي المفاجأة تلو الأخرى من بعض مراكز السلطة باتخاذ قرارات خارج دائرة الإجماع الوطني ومع تغييب الإرادة الشعبية .
هذه المفاجآت تجسدت في الاتصالات التي بدأت في القواعد الخلفية في اوغندا وتواصلت عبر القنوات الأميركية لتستقر في الأيام الأخيرة بإعلان الحكومة السودانية بإلغاء قانون مقاطعة “إسرائيل” الصادر ١٩٥٨.
إن هذه الخطوة كما الذي سبقها من خطوات في هذا المضمار لايبدو انها صاعقة في سماء صافية، بل يبدو انها خطوة ضمن سياق متدرج لتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني ، وهو مايشكل طعنة في وطنية الشعب السوداني الذي استضاف القمة العربية في الخرطوم التي اطلقت لاءاتها الشهيرة عام ١٩٦٧. فالسودان الذي كان سباقاً في تطبيق قانون مقاطعة “إسرائيل”، والذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية سودانية بقدر ماهي قضية قومية ومركزية للامة العربية ، هو اليوم امام عملية تشويه لكل ارثه الوطني فيما لو قيض لعملية التطبيع مع العدو ان تأخذ مجراها كما تخطط له وتنفذه بعض مراكز السلطة في وقت لم تستكمل فيه بعد عملية تشكيل المؤسسات الدستورية وخاصة المجلس التشريعي وفق مانص عليه الإعلان الدستوري.
إن القيادة القومية للحزب وهي تدين اقدام بعض مراكز السلطة على الدفع بإتجاه التطبيع مع العدو الصهيوني ،تدعو شعب السودان الذي انتفض على نظام الفساد والاستبداد وأسس لمرحلة انتقالية من البناء الوطني لان يكون وفياً لتاريخه الوطني مجسداً ذلك بمقاومة كل اشكال التطبيع مع العدو والذي يشكل تهديدا خطيراً لأمن السودان الوطني كما للامن القومي العربي والافريقي وبعد تهافت العديد من الأنظمة العربية على إقامة علاقات سياسية واقتصادية مع “إسرائيل” وتمكينها من إقامة قواعد لها في العمق القومي.
لقد استبشرت الأمة خيراً بالتغيير السياسي الذي حصل في السودان وبالتحولات الديموقراطية عبر نظام المشاركة السياسية في الحكم . لكن ان تقوم بعض مراكز السلطة بتقديم التطبيع على أولويات أساسية تتعلق بالأمن الوطني والحياتي ومواجهة تداعيات جائحة الكورونا ،فهذا انما يشكل ارتداداً على اهداف ثورة ديسمبر، واستجابة للاملاءات الأميركية وبعض الدول الخليجية التي تمارس ضغوطاً تلاقي تلك التي تمارسها صناديق الاستثمار والبنوك الدولية التي تربط تقديم قروضها بشروط اقتصادية وسياسية قاسية .
من هنا فإن الرد على الضغوط السياسية والاقتصادية التي يتعرض لها السودان لايكون بالتطبيع مع عدو قومي للامة ويعمل على إقامة مرتكزات له في القرن الافريقي وعلى مقربة من مجرى النيل الذي يطمع بمياهه وهو الذي يعتبره حدوداً لدولته التوراتية .
إن التطبيع الذي لم يجلب الا المآسي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للأنظمة التي طبعت سابقاً ، لن يكون السودان افضل حالاً، وهو يواجه جملة تحديات تبدأ بالاشتباك السياسي مع اثيوبيا حول سد النهضة ولاتنتهي بمشكلة ترسيم الحدود معها .
فالسودان الذي يواجه هذه التحديات ، لن يستطيع الخروج منها بإقامة علاقات مع العدو الصهيوني وانما يكون بتحصين الموقف الوطني من الاختراقات المعادية ومنها التطبيع ، واطلاق أوسع حملة شعبية ضد هذا النهج السلطوي المندفع نحو التطبيع في استفزاز مكشوف للإرادة الشعبية وتجاوز للمؤسسات الدستورية التي يعود لها القرار بكل مايتعلق بالقضايا ذات الصلة بالسيادة الوطنية .
إن اسقاط نهج التطبيع بكل مفاعيله مرهون بإعادة الاعتبار للثورة الشعبية التي انطلقت لتحقيق التغيير الوطني والديموقراطي وحماية الحقوق الوطنية السيادية واسقاط كل المحاولات التي ترمي الى الالتفاف على اهداف الثورة عبر افراغها من مضامينها الوطنية وابعادها القومية.
لهذا ،إن ثقتنا قوية بجماهير السودان وبقدرتها على الحفاظ على نقاوة ثورتها والوصول بها الى مآلاتها النهائية، وفي الانتقال بالسودان الى تبوء موقعه الطبيعي كقاعدة أساسية من قواعد النضال القومي ضد أعداء الامة وعلى رأسها العدو الصهيوني.
وعليه فإننا نعزز جهود القوى الوطنية السودانية التي اتخذت موقفاً حازماً ضد التطبيع والمطبعين ، وحتى تعود الخرطوم لتعرّف بعنوانها القومي التي تفتح عليه الوعي السياسي لشباب التغيير كعاصمة لللاءات الثلاث.
إن الموقف من التطبيع ليس وجهة نظر ، بل هو موقف مبدأي أخلاقي ومصيري بكل ابعاده الوطنية والقومية ،وهذا كان وسيبقى ثابتاً من ثوابت مواقف الحزب والأمة من الصراع المفتوح مع العدو الصهيوني العنصري البغيض ،وهو صراع وجود وليس صراع حدود مع هذا الكيان العدواني المصطنع الذي زرع قلب الوطن العربي للحيلولة وحدة الامة العربية وتحررها وتقدمها. وعلى ثابتة هذا الموقف ، ليبقَ شعار لا للتطبيع ،شعاراً يظلل الحراك الشعبي العربي جنباً الى جنب شعار نعم للتغيير ،وعلى قاعدة الربط الجدلي بين اهداف النضال الوطني بكل مضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنضال القوىي بكل ابعاده التحررية.
الدكتور أحمد شوتري
الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في 2021/4/11م