بيان للقيادة القومية حول العدوان الصهيوني على سوريا
في بيان للقيادة القومية حول العدوان الصهيوني على سوريا:
العدوان الصهيوني الواسع على سوريا هو خامس من حزيران جديد
لتحرك عربي لردع العدوان ومساعدة سوريا على استنهاض وضعها السياسي والاقتصادي.
اعتبرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إن العدوان الصهيوني الواسع على سوريا في لحظة الانتقال السياسي، هو استحضار لخامس من حزيران جديد، والواجب القومي يملي التحرك السريع لردع العدوان وتوفير كل الدعم لسوريا من أجل استنهاض وضعها السياسي والاقتصادي وإعادة بناء دولتها الوطنية الديموقراطية.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية للحزب فيما يلي نصه:
لم تكد تمضي ساعات قليلة على تهاوي النظام في سوريا، واطلاق صفارة الانطلاق لبدء مرحلة جديدة من الحياة السياسية ، حتى كان العدو الصهيوني يحشد قواته على طول الحدود البرية والتي منها انطلق لاحتلال حزام جغرافي والسيطرة على قمة جبل الشيخ بذريعة ملء الفراغ العسكري والأمني الذي نتج عن انسحاب وحدات الجيش السوري من مواقعه والتي يتحمل النظام السابق مسؤولية احداث الفراغ العسكري على طول الجبهة مع العدو الذي لم يكتف بدفع قواته إلى ما بعد المنطقة العازلة التي تشغلها القوات الدولية، بل بادر إلى شن غارات جوية شملت كل مساحة سوريا الجغرافية من شرقها إلى غربها مستهدفاً المطارات العسكرية ومعسكرات الجيش والمؤسسات ذات الصلة ومراكز البحث العلمي وميناء اللاذقية ، في استحضار لمشهدية الخامس من حزيران سنة ١٩٦٧ .
إن هذا العدوان الصهيوني الواسع الواضح باستهدافاته وأبعاده التي تهدف إلى تدمير القدرات العسكرية لسوريا أولاً ، وزيادة مصاعبها في إعادة البناء السياسي والاقتصادي والتأهيل الوطني والاجتماعي ثانياً ، يؤكد وبما لا يقبل الشك ، بأن العدو كان يريد أن لا تنتهي الأمور في سوريا ، بالطريقة التي انتهت إليها بإسقاط النظام الحاكم بأقل الخسائر الممكنة ، بل كان يتمنى بأن تندفع الأمور إلى اقتتال وتمزق داخليين يؤدي بنتيجته إلى التدمير الذاتي للقدرات السورية واسقاط دور الدولة المركزي الذي يحول دون دفع الأوضاع نحو التقسيم المناطقي.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ترى بما قام به العدو من توسيع لرقعة احتلاله وتدمير المراكز والمؤسسات ذات الصلة بالجهد العسكري والعلمي، ليس أمراً غريباً على طبيعته العدوانية والتوسعية، وهو بما قام به إنما هو استمرار لعدوانه على لبنان، وارتكابه لإبادة جماعية في غزة ، وهو بطبيعة الحال لم يخفِ ذلك ، بل يجاهر به ويعد الخطط لتنفيذه بدعم كامل ومطلق من الولايات المتحدة الأميركية التي أوكلت إليه تمهيد الأرضية لتشكيل النظام الإقليمي الجديد الذي تسعى إليه الدولة العميقة في أميركا، والتي ساعدها على ذلك ما أفرزه التغول الإيراني في العمق القومي الذي أدى إلى اضعاف مناعة ومقومات الدولة الوطنية بعدما ضرب النظام الإيراني مخالبه في البنية الوطنية والمجتمعية العربية وبشكل خاص سوريا والعراق كدولتين محوريتين في الوطن العربي.
إن القيادة القومية للحزب، تعي جيداً، إن التحديات التي ستواجه سوريا في المرحلة الانتقالية ستكون كبيرة وكثيرة وعلى رأسها تحدي الاحتلال الصهيوني للأرض العربية السورية القديم منه والحديث، كما تحدي تموضع سوريا السياسي في موقعها القومي الطبيعي بعيداً عن الارتهان لقوى إقليمية ودولية، وتحدي إعادة البناء الوطني للدولة المدنية الذي يديرها نظام سياسي تحكمه قواعد الديموقراطية والتداول السلمي للسلطة وفق الخيارات التي تفرزها الإرادة الشعبية.
إننا ندرك جيداً، إن العبء ثقيل على قوى التغيير السياسي للانتقال بسوريا إلى وضع جديد في إدارة الحياة السياسية الداخلية وإلى تحديد الخيارات في العلاقة مع الخارج. إذ بعد ما ينوف عن خمسين سنة من حكم استبدادي ألغى كل مظاهر الحياة السياسية بتعبيراتها الديموقراطية وصادر الحريات العامة، وارتبط بعلاقات مشبوهة مع قوى إقليمية تناصب العروبة العداء ، ومارس السلطة تحت شعار البعث الذي انتحل اسمه بعدما ارتد عليه في تشويه مقصود وعن سابق تصور وتصميم مرتكباً أفظع الموبقات القومية باسم البعث بكل ما تعلق بالأمن القومي العربي وقضايا الأمة وفي طليعتها القضية الفلسطينية، بات الأمر يتطلب الاسراع في عملية الانتقال السياسي وإعادة بناء الدولة على قاعدة اشراك كافة القوى السياسية وخاصة القوى القومية والوطنية والديموقراطية التي أُقصيت عن المشهد السياسي طيلة الحقبة المظلمة من تاريخ سوريا الحديث. وإذا كان من أولوية يجب التشديد عليها في ضوء المخاطر التي تهدد الأمن الوطني وخاصة تلك يجسدها الخطر الصهيوني، فهي الحفاظ على وحدة المؤسسات وخاصة مؤسسة الجيش التي يفترض إعادة هيكلته بما يستجيب والمهمات الوطنية الملقاة على عاتقه. وإذا ما خامر البعض فكرة حل الجيش، فتكون سوريا قد دخلت في المحظور الوطني واندفعت إلى حيث يريد الأعداء لها أن تصل، وعملية حل الجيش العراقي وما ترتب عليها من نتائج كارثية ما تزال تداعياتها تترك بصماتها على واقع العراق والأمة العربية.
إن ما يواجه سوريا من تحديات، يوجب على الأمة العربية توفير الدعم والإسناد لها في مواجهة العدوان الصهيوني المتصاعد، وفي عملية إعادة البناء الوطني واستنهاض وضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي كي تكون قادرة على تجاوز الصعوبات والعراقيل التي تعترض مسيرة التأهيل الوطني وإعادة تموضع سوريا في موقعها القومي الطبيعي.
إن القيادة القومية للحزب، التي تكبر بجماهير سوريا وعيها الوطني، تدعو كافة طيفها السياسي إلى توحيد قواها من مواجهة القوى التي لا تريد لسوريا أن تستعيد دورها كرافعة للنضال العربي التحرري في التصدي لأعداء الأمة المتعددي المشارب والمواقع بدءاً بالعدو الصهيوني. كما تدعو إلى توحيد الجهود الوطنية في سوريا والجهد القومي العربي لردع العدوان الصهيوني ولتوفير كل مقومات التصدي لاحتلال أرض سوريا وكل أرضٍ عربية محتلة.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في ٢٠٢٤/١٢/١٠