بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول أحداث غزة والمنطقة

 

القيادة القومية:

  لاستحضار الثوابت القومية في صراع الأمة العربية مع اعدائها القوميين.

 تلازم نضال التغيير والتحرير سبيل لإنهاء الاستلاب القومي والاجتماعي.

ثورة فلسطين طليعة الثورة العربية الشاملة.

 “اسرائيل “دولة وظيفة في خدمة النظام الاستعماري الجديد.

 لتبق الجماهير العربية في جهوزية تعبوية انتصاراً ودعماً لفلسطين وثورتها.

 اسقاط اتفاقيات التسوية مع العدو وكل مسار التطبيع مطلب جماهيري عربي ملح.

احتلال العراق شكل ذروة الانكشاف القومي واستعادة التوازن للامة مدخله تحرير العراق.  

 

 

أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن الصراع الذي تخوضه الأمة العربية مع العدو الصهيوني وكل من يناصبها العداء ويهدد أمنها القومي، لا يستقيم إلا إذا استحضرت الثوابت الأساسية في تصويب الاتجاهات الاساسية العامة لهذا الصراع بتحديد أطرافه وأبعاده وسبل الانتصار به على أعداء الأمة المتعددي المشارب والمواقع. جاء ذلك في بيان للقيادة القومية فيما يلي:

 

لم تكن المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني وما زال، بحق جماهير شعبنا في فلسطين المحتلة وخاصة في غزة وقطاعها من جراء القصف التدميري منذ أسابيع للبشر والحجر ولكل مرافق الحياة الحيوية، سوى حلقة من حلقات التنفيذ العملاني لمشروع الحركة الصهيونية الرامي إلى اقتلاع شعب فلسطين من ارضه ودفعه الى عالم اللجوء والشتات وفرض التهويد والصهينة على كل معالم الحياة في فلسطين كل فلسطين، ما احتل منها قبل خمسة وسبعين سنة، وما احتل في حرب حزيران سنة ١٩٦٧.

ان المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني واخرها استهداف المستشفى المعمداني، ومستشفيات اخرى ومدارس ودور عبادة واماكن سكنية ماهي الا استحضار لمجازر كفر قاسم ودير ياسين ومدرسة بحر البقر في مصر وصبرا وشاتيلا في بيروت وقانا وغيرها مع فارق وحيد هو نوعية السلاح التدميري الذي يدخل ضمن تصنيف الاسلحة المحرمة دولياً.

ان ما يرتكبه العدو ضد اهلنا في فلسطين المحتلة يقال فيه كل شيء عن ارتكابه جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الفصل العنصري (الابارتهايد)، وهي جرائم تقع تحت المساءلة الجناية بحسب ما تنص عليه احكام القانون الدولي الانساني. لكن من يعي حقيقة هذا العدو وطبيعته العنصرية، لا يستغرب اقدامه على هكذا اعمال، لان من احتل ارضاً ومارس سياسية الاقتلاع الشامل لسكان الارض الاصليين، هو كيان غاصب يتجاوز حدود الاحتلال العادي لقوى الاستعمار التقليدي التي مارست سياسة النهب والاستيلاء على خيرات ومقدرات البلاد المحتلة، الى كونه احتلال استيطاني يقوم على طرد شعب من ارضه ليستولي عليها وما تحتها وفوقها، زاعماً انه صاحب حق تاريخي، فيما كل السياق التاريخي للتشكل البشري في هذه الارض يسقط ويدحض كل المزاعم التاريخية التي يروج لها.

إن الكيان الصهيوني الذي اقام دولته على أرض فلسطين منذ خمسة وسبعين سنة، لم تكن ولادته حاصلة في سياقها الطبيعي لتشكل اجتماع سياسي دولاتي، بل حصلت في سياق تلاقي أهداف الحركة الصهيونية باستحداث “وطن قومي لليهود”، مع اهداف القوى الاستعمارية وخاصة القوى المقررة فيها التي كانت تعد الخطط لوراثة السلطنة العثمانية في ايامها الاخيرة. وضمن هذا التلاقي، جاءت مقررات مؤتمر كامبل بانرمان ١٩٠٥- ١٩٠٧، ومن بعدها وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، مروراً بإعلان الحركة الصهيونية لدولتها على ارض فلسطين سنة ١٩٤٨ التي انشئت على قسم من ارض فلسطين، وتمددت بعد حرب حزيران لتشمل كل ارض فلسطين التاريخية، ووصولاً الذي يجري حالياً تنفيذاً للمخطط المرسوم والذي يجعل من دولة “اسرائيل”، دولة وظيفة في سياق المشروع الاستعماري الاشمل الذي يستهدف الأمة العربية برمتها. وهكذا كانت هذه الدولة ذات الوظيفة الاستعمارية تحظى بالاحتضان من الموقع الاقوى والمقرر في النظام الاستعماري. هذا الدور الذي مارسته بريطانيا في السابق تمارسه اليوم اميركا دون خجل او وجل وبكل الوضوح الذي يقطع الشك باليقين حول طبيعة الكيان الصهيوني والدور المناط به. وما أعلنه الرئيس الاميركي عند زيارته لفلسطين المحتلة، بأن “اسرائيل”، لو لم تكن موجودة لكان يجب ايجادها، ففي هذا استحضار لقول رئيس وزراء بريطانيا كامبل بانرمان قبل مئة وعشرين سنة.

إن أميركا تنظر إلى “اسرائيل”، باعتبارها قاعدة متقدمة لها في المنطقة العربية، وأمنها مرتبط بالأمن القومي الأميركي، ولذلك يبدو أمراً طبيعياً أن تسارع أميركا لمد هذا الصنيعة الاستعمارية بكل الدعم والاسناد العسكري والاستخباراتي والمالي والسياسي لتأمين تفوقها العسكري على آلة الحرب العربية النظامية من ناحية وترهيب الجماهير بالتدمير والتنكيل والتهجير والاعتقال.

من هنا، فان الصراع مع العدو الصهيوني يبقى احادي الجانب ان لم ير من خلال دور الحاضنة الاستعمارية له والتي تتجسد اليوم بالمرجعية الاميركية التي توظف كل امكاناتها القوة المادية والسياسية والاعلامية   لتوفير احزمة امنٍ عسكرية وسياسية للكيان الصهيوني في دول الطوق العربي اولاً، وفي العمق القومي ثانياً، وفي المحيط الاقليمي ثالثاً.  فدول الطوق العربي باتت مقيدة بمواقفها تجاه فلسطين وقضيتها بما هي قضية تحرير لأرض عربية محتلة بحدود الاتفاقيات التي وقعت مع الانظمة سواء كانت شاملة جوانب سياسية واقتصادية وامنية كاتفاقيات كامب دافيد ووادي عربة واوسلو او محصورة بجانبها العسكري والامني كاتفاقيات فك الارتباط. ودول العمق العربي باتت مواقف غالبية نظمها الرسمية   محكومة بسقف اتفاقيات التطبيع التي لعبت اميركا دور القابلة السياسية لولادتها والتي مكنت العدو الصهيوني من اختراق هذا العمق واقامة مواطئ قدم سياسية له فيها. اما في المحيط الاقليمي، فان الاستراتيجية الاميركية التي تعمل لتشكيل نظام اقليمي جديد، ترى في احتواء إيران وتركيا في صلب هذا النظام اهميةً، توازي تلك الناتجة عن اتفاقيات التسوية مع العدو وما سمي باتفاقيات “السلام الابراهيمي” بالنسبة لضرورات امن الكيان الصهيوني. واذا كانت تركيا الطامعة للعب  دور  فاعل في الاقليم  وهي لا تستطيعه الا بالتماهي مع الاستراتيجية الاميركية نظراً لكونها واحدة من دول حلف “الناتو” أولاً، وثانياً، لأن عبورها إلى  العمق الاوروبي دونه معوقات تحول اكتسابها لعضوية الاتحاد الاوروبي مما جعلها تجد في الفضاء العربي مجالاً حيوياً  لتلبية حدود الطموح الاقليمي لديها، فإن ايران هي الجائزة الكبرى التي ربحتها اميركا من حركة التغيير فيها بعدما تمكنت  المؤسسة الدينية  من استلام مقاليد الامور  ووجهت  سياسة الدولة باتجاه العداء للعروبة والذي ترتب عليه نسج علاقات تحالفية   في الظاهر ومن الباطن مع كل من يناصب الأمة  العربية العداء وفي طليعتهم  العدو الصهيوني. وكما استطاع العدو الصهيوني النفاذ إلى  العمق العربي على الحاملة الاميركية ، فان النظام الايراني استطاع النفاذ إلى  العمق القومي على الرافعة الاميركية بعد احتلال العراق واسقاط نظامه الوطني وتمكين النظام الايراني من الامساك بمفاصل الواقع السياسي والأمني فيه، بحيث  اثبتت سياقات الاحداث بان الدور الايراني حقق ما لم يستطع العدو الصهيوني  تحقيقه بعدما تمكن  نظام الملالي من خلال دوره المباشر ودور أدواته الأمنية والميليشياوية  من تنفيذ مخطط تدمير المقومات الوطنية في أكثر من قطر عربي ، وممارسة سياسة التغيير الديموغرافي للتركيب السكاني في العديد من الأقطار العربية وخاصة في سوريا والعراق واليمن. وما نفذه العدو الصهيوني من تدمير وتهجير وآخره الذي يجري حالياً في غزة بدفع سكانها إلى خارجها، سبق ونفذ النظام الايراني مثيلاً له، خاصة في سوريا والعراق فضلاً عن سياسية الفصل العنصري التي ينتهجها بحق ابناء امتنا العربية في الاحواز اسوة بما تقوم به “اسرائيل” في فلسطين المحتلة بما هي سلطة احتلال على كل فلسطين.

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وهي توجه التحية للمقاومة الفلسطينية في تصديها  البطولي للعدو الصهيوني مع اثبات قدرتها على اختراق دفاعاته واسقاط نظرية امنه واسر المئات من جنوده ومستوطنيه وتكبيده خسائر بشرية ومادية كبيرة ،ترى ان هذه المعركة ورغم انها تخاض في ظل موازين قوى مادية وعسكرية غير متكافئة ،انما هي جولة من جولات الصراع المفتوح مع العدو واهميتها المضافة عما استطاعت تحقيقه في الميدان ، انها  اعادت استحضار  الحقائق الثابتة المتعلقة بطبيعة الصراع العربي الصهيوني بكل أبعاده ومضامينه .

أولى الحقائق المستحضرة، أن احتلال فلسطين واغتصابها، لم يكن استهدافاً لذاتها وحسب، وإنما كان أيضاً استهدافاً للأمة العربية بكل ما ينطوي عليه تاريخها من مخزون حضاري وما تحمله في طياتها من امكانيات اكيدة للانبعاث المتجدد فيما لو حققت وحدتها. ولهذا تم زرع هذا الكيان في قلب الوطن العربي ليكون ذو وظيفة في سياق المشروع الامبريالي الذي يرى في وحدة الأمة العربية واقامة دولتها القومية الواحدة تهديداً لمصالح النظام الاستعماري وتمركزه الرأسمالي. ولهذا تتهافت دول هذا النظام وتتسابق على اسناد الكيان الغاصب كلما وجدته عرضة للاهتزاز وتداركاً لانهياره.

أما ثاني الحقائق، فهي تنطوي على كون العدو بنى استراتيجيته على اساس تفوقه العسكري في الحروب النظامية والتي ربحها باستثناء الاختراق الذي احدثته حرب تشرين عام ١٩٧٣، ورمي العراق للكيان الصهيوني بالصواريخ ابان العدوان الثلاثيني، وإن الذي أبقي جذوة الصراع متقدة هي المقاومة الفلسطينية التي أطلقت رصاصتها الأولى قبل ثمانية وخمسين عاماً وكانت بداية التأسيس للكفاح الشعبي المسلح. ان هذه الاستمرارية للمقاومة مع قدرتها على المبادرة رغم ما انتاب مسيرتها من صعوبات ومعوقات وما تعرضت له من تآمر وكل اشكال العدوان تقدّم الدليل الحسي بان فلسطين لن تحررها الحكومات وانما الكفاح الشعبي المسلح، وهذا مبدأ ثوري أطلقه القائد المؤسس الأستاذ أحمد ميشيل عفلق عبر استقرائه لطبيعة الصراع العربي الصهيوني، وبات بمثابة القانون العام الذي تستهدي بوحي احكامه كل الثورات التحررية في العالم وثورة فلسطين واحدة منها، بل هي الاعظم لأنها تواجه أعتى النظم العنصرية في العصر الحديث.

اما ثالث الحقائق، فهي اثبات أن الأمة العربية موجودة حيث يحمل ابناؤها السلاح، من سلاح الموقف إلى   سلاح البندقية، وعندما تنزل الجماهير العربية إلى الساحات والميادين في مشرق الوطن العربي ومغربه انتصاراً للمقاومة الفلسطينية على ارض فلسطين، فإنما تنتصر لذاتها انطلاقاً من وعي قومي عميق بان القضية الفلسطينية هي قضية قومية عربية بامتياز، وهي بالتالي ليست قضية للاستثمار السياسي خدمة لأجندة اهداف اقليمية خاصة بأصحابها. ولهذا فان المسؤولية القومية توجب ان تكون الحاضنة العربية بقواها الشعبية والمخلصة هي المعنية بتقديم الدعم والاسناد السياسي والمادي والمالي لجماهير فلسطين وثورتها من اجل تعزيز صمودها وتصديها للاحتلال، وحتى لا يتسلل الاخرون إلى هذه القضية للاستثمار السياسي الرابح فيها.

ورابع الحقائق، أن الكيان الصهيوني لا يستمد قوته الغاشمة مما يحوز عليه من امكانات مادية وقدرات عسكرية ومن الدعم الامبريالي وخاصة الأميركي منه اللامحدود وحسب، وإنما من واقع عربي تحكمه أنظمة لا ترى وجودها في السلطة إلا من خلال التجزئة الكيانية القائمة، وتكييف سياساتها العامة والخاصة مع الخطوط العريضة لسياسات الدول الرأسمالية وهي الداعم الاساسي للكيان الصهيوني. وعندما تقدم هذه الأنظمة على عقد اتفاقيات مع العدو برعاية أميركية، فهي تقفل أبواب الدعم لثورة فلسطين في نفس الوقت التي تفتح فيه أبوابها ممراتها وأجواءها للعدو الصهيوني تحت عناوين التطبيع. هذا النظام الرسمي العربي الذي تآمر على العراق وشارك في العدوان عليه تحت المظلة الأميركية هو نفسه الذي يضيّق الخناق على فلسطين وثورتها لإطفاء شعلتها ودفع الفلسطينيين إلى عالم الشتات مجدداً. وعليه فان المعركة التي تشن على غزة اليوم هي في استهدافاتها العامة استكمال للحرب التي شنت على العراق بهدف اسقاط عناصر المناعة الوطنية في البنيان القومي، وتمهيد الارضية لتشكيل ما يسمى الشرق الاوسط الجديد بأضلاعه الاسرائيلية والايرانية والتركية وبالرعاية الاميركية. وعليه فان الضغط الذي يمارس على غزة لتفريغها من سكانها هو مقدمة لإزالة عقدة استعصاء من طريق الممر الاقتصادي الذي ينطلق من الهند إلى اوروبا مروراً بالجزيرة العربية وشواطئ فلسطين عبر محطتي ميناء حيفا والقناة التي رسمت خرائط شقها من العقبة إلى شاطئ غزة.

خامس الحقائق، ان الأمة التي تعاني منذ قرن من استلابها القومي تحت عناوين مختلفة بحكم الاستعمار المباشر كما غير المباشر عبر الارتهان لمراكز التقرير في النظام الاستعماري الجديد، تعاني جماهيرها من استلاب اجتماعي، بحكم طبيعة الانظمة الحاكمة التي شرّعت لوجودها في السلطة بسن دساتير وقوانين تمترس وراءها الحكام لتأبيد وجودهم في السلطة واعتماد نظام التوريث، لا هَمّ إن كان الحكم جمهورياً أو ملكياً أو أميرياً. كما تمت مصادرة الحريات العامة وحيل دون التداول السلمي للسلطة وتم الانقضاض العنيف على كل المحاولات التي سعت اليها الجماهير لإقامة النظم الديموقراطية وما حصل في السودان الذي يدفع ابناؤه ثمن تعطيل الحياة الديموقراطية وتمكين الشعب من ادارة شؤونه وفق اليات التحول الديموقراطي خير شاهد على ذلك مع ما سبق ذلك من اختراق للحراك الشعبي العربي وفرض العسكرة عليه والذي ادى بالنهاية إلى اجهاض النتائج الايجابية التي افرزها الحراك في بداية انطلاقته في أكثر من ساحة عربية.

ان هذه الجماهير التي انتفضت ضد انظمة الاستبداد والتوريث والتأبيد السلطوي، هي ذاتها التي نزلت إلى الميادين انتصاراً ودعماً لفلسطين ومقاومتها مع دعوتها لهذه الانظمة للخروج من اتفاقيات التسوية مع العدو ووقف التطبيع معه. وهذا ما يجعل من النضال الجماهيري من اجل التغيير غير منفصمة العرى عن النضال الجماهيري من اجل التحرير. فالجماهير التي توحدت حول شعارات التغيير توحدت حول شعارات التحرير، وهذا ما أعاد الاعتبار لشعار أن الوحدة الشعبية العربية هي طريق التغيير كما هي طريق التحرير وهو الذي أكد عليه القائد المؤسس في مقولته، بأن العرب بقدر ما يقتربون من تحقيق وحدتهم بقدر ما يقتربون من تحرير فلسطين.

سادس الحقائق، أن الأمة بلغت ذروة انكشافها القومي بعد غزو العراق واحتلاله واسقاط نظامه الوطني. فالعراق ورغم الحصار الذي كان مفروضاً عليه، شكل حاضنة قومية دافئة لانتفاضة فلسطين عام ٢٠٠٠ وادخل جماهير فلسطين في سلة الغذاء المقدمة لشعب العراق، فضلاً عن رعاية اسر الشهداء ومعالجة الجرحى والتقديمات لإعادة البناء. ولذلك فان الذي تعرض اليه العراق وما الت اليه الاوضاع السياسية، هو الذي جعل فلسطين وثورتها تفتقر للحاضن القومي الصادق. وان تحرير العراق من الاحتلالين الاميركي والايراني واعادة توحيده على الاسس الوطنية الديموقراطية وبناء دولته الوطنية بناء وطنياً واستعادة دوره القومي هو المدخل لإعادة تفعيل الحضور العربي في مسار الصراع العربي الصهيوني.  وان الامل معقود على شعب العراق العظيم الذي ينتفض بوجه محتليه وناهبي خيراته وعلى ثورة جماهيره لإسقاط الاحتلال واستعادة دوره القومي تجاه القضايا القومية وخاصة القضية الفلسطينية. 

 

ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهي تضع هذا الحقائق امام الرأي العام العربي، فلإدراك منها بان الصراع مع العدو الصهيوني، هو صراع على الوجود وليس صراعاً على الحدود، وهذا الصراع سيبقى مفتوحاً طالماً بقي الاحتلال الصهيوني قائماً بكل الدعم الامبريالي له. وان الرهان في ابقاء جذوة هذا الصراع متقدة، هو ثورة فلسطين كطليعة متقدمة للثورة العربية الشاملة، وباستمرارها يبقى عنصر الاستعصاء العربي قائماً امام محاولات تمرير المشاريع التي تستهدف الأمن القومي العربي من مداخل الوطن العربي وداخله. وأن لا رهان على هذا النظام الرسمي العربي بطبيعته الحالية لتأدية دور إيجابي في اسناد الثورة ودعمها، لأنه يفتقر إلى المواصفات الوطنية بتركيبته وشبكة علاقاته الدولية والاقليمية، وفاقد الشيء لا يعطيه. ولهذا يبقى الرهان يبقى على جماهير الأمة التي لم تخطء يوماً في تحديد بوصلة اتجاهاتها الأساسية لتحقيق اهدافها في التحرر والتقدم والوحدة.

إن القيادة القومية للحزب، التي تعي جيداً ان الأمة العربية تواجه تحديات كثيرة، وتعاني من ازمات وطنية ذات طابع بنيوي، ترى أن التحدي الأخطر في اللحظة الراهنة هو الذي يتجسد بالحرب التدميرية والالغائية التي يشنها العدو الصهيوني على غزة، وبما يجعل من هذه المواجهة الدائرة حالياً قضية تكتسب اولوية على سائر القضايا الاخرى، لأنه على ضوء النتائج السياسية التي ستترتب عليها سترتسم معالم مرحلة جديدة من تلك التي تعيشها الأمة العربية. ولهذا فإن القيادة القومية للحزب، وعلى اهمية القضايا الأخرى التي يختلج بها الواقع العربي تدعو جماهير الأمة وقواها التحررية والحزب في طليعتها لان تبقى على جهوزيتها التعبوية انتصاراً ودعماً لمقاومة فلسطين وهي تخوض هذه الجولة من الصراع المفتوح مع العدو الصهيوني.

 إن القيادة القومية للحزب  ، اذ  تدعو جماهير الأمة  العربية إلى  موقف حازم من مسار التطبيع والمطبعين  عبر استعمال ادوات الضغط الجماهيري بكل تعبيراته الديموقراطية ، لإسقاط هذا النهج واقفال المنافذ والمعابر التي نفذ من خلالها الكيان الصهيوني إلى  العمق القومي ،  تدعو إلى  محاكاة الرأي العام في المجتمع الدولي وخاصة في الدول التي لم تخف انحيازها ودعمها للعدو الصهيوني ، بتقديم صورة الكيان الصهيوني على حقيقته ككيان عنصري استباح كل الحرمات وانتهك قوانين الحرب وبما يجعله تحت طائلة المساءلة الجنائية الدولية لانتهاكه احكام القانون الدولي الانساني ، كما محاسبة الداعمين له باعتبارهم شركاء له في ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

إن القيادة القومية للحزب، وهي تؤكد على ابقاء الحالة الجماهيرية العربية في حالة استنفار دائم لتوجيه رسالة دعم سياسي ومادي ومعنوي لفلسطين ومقاومتها، فإنها مطلوبة للضغط على انظمة الحكم العربية لمراجعة مواقفها من الاتفاقيات مع العدو واجراءات التطبيع ولتقديم الدعم المادي والسياسي لجماهير شعبنا في فلسطين المحتلة. وقبل كل ذلك، تتوجه القيادة القومية للحزب إلى فصائل المقاومة الفلسطينية لتوحيد صفوفها على ارضية برنامج مقاوم، وتغليب اساسيات الصراع مع العدو على كل تناقض آخر، وهذا ما يعطي لجماهير الارض المحتلة شحنة دعم سياسي ومعنوي وهي تواجه اجراءات الاقتلاع وتنفيذ مخاطر “ترانسفير” جديد، وتحول دون توظيف التضحيات التي بذلت على ارض المواجهة لمصلحة من يعمل للاستثمار السياسي بالقضية الفلسطينية وعلى حساب دم الشهداء الذين سقطوا بفعل الة الحرب الصهيونية.

تحية لشهداء فلسطين في غزة والضفة وعلى مساحة الارض الفلسطينية كلها، وتحية للمقاومين الابطال الذين يتصدون للعدو وينزلون الخسائر به رغم عدم التكافؤ في موازين القوى، وتحية للجماهير الصامدة التي آثرت الاستشهاد على المغادرة وتشبثت بالأرض، وهي بصمودها اثبتت ان الأمة العربية التي ينتسب اليها المقاومون الابطال مع كل الجماهير التي تقاوم باللحم الحي، هي امة تختزن في ذاتها كل عوامل الانبعاث المتجدد، وأنها لن تتنازل عن حقوقها الوطنية والقومية الثابتة وغير القابلة للسقوط بالتقادم.

الشفاء للجرحى والحرية للأسرى والمعتقلين. 

عاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر وعاشت مقاومتها التي اعادت الاعتبار للامة من ساحات المواجهة في غزة وغلافها والضفة وقدسها وما النصر الا صبر ساعة.

 

 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي.

 

في ٢٠٢٣/١٠/٢١

 

   

 

 

 

 

 

Author: nasser