بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في ذكرى النكبة
القيادة القومية: الحق العربي في فلسطين لا يسقط بالتقادم.
أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن الحق العربي في فلسطين لا يسقط بالتقادم، وأن التناقض الوجودي مع المشروع الصهيوني، لا تستقيم معه أية تسويات، وأن الثورة الوطنية الفلسطينية المحتضنة قومياً هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين كل فلسطين.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية للحزب في الذكرى الـ ٧٥ للنكبة، وفيما يلي نص البيان:
تحل الذكرى الخامسة والسبعون لاغتصاب فلسطين، والصراع ما يزال مفتوحاً بكل أبعاده بين العدو الصهيوني الذي يصّعد من عدوانه المتعدد الأشكال ويعمل على قضم مزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر اغراقها بالمستوطنات التي تحولت إلى ما يشبه الثكنات في استحضار لتشكيلات عصابات “الهاغانا” التي مارست أعمال القتل والترهيب وفرض التهجير على أبناء شعبنا في فلسطين قبل النكبة، واستمرت بعدها، بهدف فرض الصهينة على كل معالم الحياة في المناطق التي احتلت قبل سنة ١٩٤٨ وحيث يتعرض ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية لقضم متدرج تمهيداً لإلحاقها بما يسمى بدولة “اسرائيل”.
وإن تتزامن ذكرى النكبة هذا العام مع العدوان على غزة واقتحام المدن والمخيمات في الضفة الغربية وخاصة القدس وأقصاها، وتمارس ضد الأسرى والمعتقلين سلوكية سادية، فهذا ليس جديداً على كيان قام على الاغتصاب وبات يتصف نظامه بالفصل العنصري، وهو النظام الوحيد المتبقي في العالم اليوم بعد سقوط نظام “الآبارتهايد”في جنوب افريقيا.
إن العدو الصهيوني الذي يصعّد من إجراءاته القمعية ضد جماهير شعبنا في فلسطين ، ما كان ليتمادى في عدوانه وانتهاكاته للحرمات الدينية والاجتماعية والإنسانية ، ويمعن في تنفيذ مخطط التدمير لغزة والتهجير للقدس والضفة، لولا الدعم الذي يتلقاه من أمريكا ومن يدور في فلكها من قوى الاستعمار العالمي، وهي التي وفرت تغطية دولية لاغتصاب فلسطين وتشريد أهلها قبل ٧٥ سنة، وهي اليوم تقف حائلاً أمام أية إدانة “لإسرائيل” على عدوانها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان ولكل المواثيق الدولية ذات الصلة ، وتقاوم الاتجاه العام لمقاضاتها أمام المحكمة الجنائية الدولية لارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين، وترفض في الوقت عينه الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة لشعب فلسطين الذي يقاوم باللحم الحي والامكانات المتاحة آلة الحرب الصهيونية واغارات المستوطنين على المسجد الأقصى وعلى القرى التي تدمر بيوتها على رؤوس أصحابها.
إن “اسرائيل” بما هي سلطة قائمة بالاحتلال تصعد عدوانها لكسر إرادة الصمود لدى جماهير فلسطين، مستفيدةً من شبكة علاقات التطبيع الواسعة التي أقامتها مع العديد من الأنظمة العربية ومكنتها من اختراق العمق القومي، ومن تلاقيها مع مشاريع إقليمية تستبطن عداءً للعروبة وتعمل للاستثمار السياسي في القضية الفلسطينية في ذات الوقت الذي تعمل فيه على تفكيك البنى المجتمعية العربية وتغذية الانقسامات السياسية والتنظيمية بين فصائل المقاومة الفلسطينية. وهذا ما جعل مواجهة الأخطبوط الصهيوني بكل شبكة علاقاته الدولية والإقليمية واختراقاته للعمق القومي، تكاد تنحصر بالفعل الوطني الفلسطيني المقاوم للاحتلال بتعبيراته العسكرية والجماهيرية بعد احتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني، وإغراق العديد من الساحات العربية بأزمات بنيوية وأزمات سياسية حادة وآخر مشهدياتها ما يعيشه السودان حالياً بعد انفجار الوضع العسكري بين طرفي الانقلاب والردة التي نفذت في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١.
وإذا كان النظام الرسمي العربي، لم يؤد واجبه تجاه فلسطين يوم تعرضت للاغتصاب قبل خمسة وسبعين سنة، فحاله اليوم ليس أفضل حالاً مما كان عشية النكبة، إذ إن غالبيته يرتكب فعل الخيانة الموصوفة بحق فلسطين وقضيتها من خلال اتفاقيات التطبيع مع العدو في ذات الوقت الذي يمعن في تضييق الخناق على جماهير فلسطين ويحجب عنها الدعم، فيما الواجب القومي يفرض توفير كل وسائط الدعم السياسي والمادي للمقاومة التي تخوض معركة الأمة وبالنيابة عنها على أرض فلسطين.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي تدين بشدة مواقف النظام الرسمي العربي حيال القضية الفلسطينية، تكبر في جماهير فلسطين وقواها المقاومة صمودها البطولي وتضحياتها التي تقدمها، وهي تتصدى يومياً للعدوانية الصهيونية المتصاعدة وآخرها ما تعرضت له غزة ومدن الضفة الغربية ومخيماتها.
وأن الأمة التي تعرضت مواقع الصمود القومي فيها للعدوان لكشف ظهر ثورة فلسطين ، ومثالها الصارخ ما تعرض له العراق ، هي اليوم أمام تحدي اثبات وجودها ، وهذا الإثبات للوجود لا يتحقق إلا بإطلاق المقاومة الشاملة ضد أعداء الأمة واستحضار مقولة القائد المؤسس الأستاذ ميشيل عفلق بأن أمتنا موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح ، سلاح الموقف والبندقية ، والذي كما تجلى في فعاليات المقاومة الوطنية العراقية ضد الاحتلال الأمريكي – الإيراني المركب ،إنما يتجلى اليوم في مقاومة جماهير فلسطين ، والتي ندعو إلى توحيد قواها السياسية على أرضية مشروع مقاوم متوجه نحو التحرير ، وعلى وجوب انضواء كافة القوى في إطار منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لشعب فلسطين وتطوير مؤسساتها كي تكون قادرة على استيعاب كل المتغيرات الإيجابية التي أفرزها النضال الوطني الفلسطيني على تعاقب مراحله وتراكم خبراته.
في ذكرى نكبة فلسطين، فإن البعث الذي أكد على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة لقضايا النضال العربي، يعيد التأكيد بأن الحق العربي في فلسطين هو حق قومي ثابت ولا يسقط بالتقادم، وإن الواجب النضالي المفروض على قوى الثورة العربية أن ترتقي في مواقفها وأدائها النضالي إلى مستوى الخطورة التي يمثلها المشروع الصهيوني وردائفه من مشاريع قوى الإقليم التي تمعن تدميراً وتخريباً وتفتيتاً وتطييفاً للحياة السياسية والمجتمعية العربية. وإن المهمة الملحة هي تسريع وتائر العمل لتطوير صيغ العمل الشعبي العربي عبر أطر مؤسساتية وإطلاق مبادرات تحريك الشارع العربي لإعادة نبض الحياة إليه من أجل التصدي لمنظومات الفساد الحاكمة والتأبيد السلطوي، ولنهج التطبيع، ولتوفير حزام أمان لثورة الأمة في فلسطين.
في الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، تحية لفلسطين وثورتها، وتحية لجماهيرها الصامدة الصابرة، وإن الوفاء للشهداء وللتضحيات التي تقدم على مسرح الواجب النضالي إنما تمليه ضرورات تقديم التناقض الوجودي مع العدو الاستيطاني على أية تناقضات سياسية بين أطراف الفعل الوطني الفلسطيني.
في ذكرى النكبة ليرتفع النداء القومي عالياً بوجوب اقفال ساحة فلسطين أمام مشاريع الاستثمار السياسي على حساب الدم الفلسطيني الذي يراد توظيف تضحياته في صفقات ترسيم الحدود السياسية بين القوى الدولية والإقليمية، ولترتفع نبرة الموقف الذي يدعو إلى مغادرة وهم التسويات المنفردة والمتعددة الطرف، وليعد الاعتبار لشعار فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر، ولا دولة وطنية فلسطينية إلا على أرض كل فلسطين.
المجد والخلود للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى والمعتقلين.
والخزي والعار للخونة والعملاء والمطبعين وكل المتاجرين بالدم الفلسطيني.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
الخامس عشر من أيار من العام ٢٠٢٣