في الذكرى 75 لتأسيس البعث مَنْع استِسْلام الجَمَاهير يُنهِي عُهود الحُكّام الذيُول

في الذكرى 75 لتأسيس البعث

مَنْع استِسْلام الجَمَاهير

يُنهِي عُهود الحُكّام الذيُول

 

يوغرطة السميري – تونس

 

إذا كان العلاّمة العرَبي “محمد عابد الجابري” قد حدد في دراسة له فكر الأستاذ القائد المؤسس للبعث من أنه فكر شموليّ ذا نظرة فلسفيّة للأمور مما يجعلَه صاحِب مذهَب لا بل رسالة عنوانها “بعثُ النموذَج المُحَمّدي الحامِل رسالة العرب”.* فان تأسيس البعث في السابعِ من أفريل سنة 1947، هو الإنتقال المنَظَّم و الواعي لهذه الرؤية الشمُولية للأمة العربية و موقِعها الإنساني من حيِّزِها النظري بصيغةِ الإيمان الغير مُنفَصِل على محيطِه إلى حالةٍ ماديةٍ فاعلةٍ إقتضتها طبيعة واقع العرب، و ما يفترِضَه من ردٍّ موضوعيّ يستوجِبُ الحلّ بما يجعل منهم حالة منسجِمة مع إرثهم التاريخي في جانب و في جانبِه الثاني بما يؤشِّر لهم الخَلَل الذي يجدون فيه أنفسهم حاضراً و بما يؤشر لهم ثالثاً سُبل استعادةِ أنفسهم معنوياً و مادياً في مستقبلهم.

تأسيسٌ أشَّرَ عِلّة الواقِع العربي الذي تلَخِّصه النُظُم العَربية القائِمة و علاقتها بالجماهيرِ من ناحية و طبيعة فعلِها آنذاك، ليقترن بالدعوة إلى بناءِ نظام سياسيّ شعبيّ رؤية و فعلا، ملتصق بالجماهير العربية، ومستَجيب لحاجاتِها في الوحدة والعدل و المساواة. وفي أعلى هَرَم الحاجات تحرير الأرض ليس من بقايا الإستعمار فحسب، وإنما من ذيولِه وتابعيه من الفاسدين، لما يمثلونَه من نوافذٍ لا تسهِّل التدخُل الأجنبي فقط، و إنما لما يمثلونه من إدامةٍ لحالات الضَياع بصيغةِ الفِكر و السلوك معنوياً و من أجهزة و نظم موازية تعمل بصيغٍ متعددةٍ لأجل بقاء الدولة و السلطة فاسدة.

 تأسيس أفضى بعد عقدين من الزمن إلي الإنتقال من صيغةِ الخِطاب و التأطير الشعبيّ إلى التجربةِ الميدانيةِ في القطرِ العراقي، و خلق تجربة امتدّدت بفعلِها المُشرِق طيلة ثلاث عقود من الزمن و مَثّلَت ألَق الأمة في النهوض.  تجربة ضُرِبَت من الخارجِ نتيجة نجاحاتِها في جلّ الميادين، رغم ما أشَّرَه  البعث فيها من نقائص لم تغب عنه كما  لم يدعي أنها التجربة المكتملة، و لكنها التجربة التي حصَّنَت العرب في أمنهم و لم تحصِّن نفسَها منهم باعتبار أنهم جزء من فعلِها.

  تجربة مشروع بصيغة المِثال الذي يَبكِيه كل وطني شَريف و سيَبقى العرب يبكونَها طالما أنهم يتعاملون مع واقعهِم من خلالِ رؤية لا تتجسَّد قيم أمتهم فيها كما أشرتها رسالتها الخالدة معنوياً و فكرياً وكما حدَّدَتها إستراتيجية البعث كخلاصة فيما تمثله الأهداف التي رفعها. و لن يحصدوا إلا الوقوف علي قارعة طريق الفِعل الحضاري للإنسانية إذا ما بقوا في نقاشِ الظواهر المفعّلة على حساب الظواهر التي تهدِّد هويتهم الجامعة ليضيفوا بفعلهم هذا أرضية جديدة تتوه الأمة العربية من خلالها في أوحال أزقة سوداء من الطائفية والمذهبية و العشائرية.. و يقضوا بذلك على ما امتلكوه من مقومات الدولة الحديثة حتى في صيغها الشكلية قطريا.

 المشروع القومي الذي حمله البعث و بشّر به منذ 75 سنة ، خلاصة فكرة عربية تُجَسّد الروح العربية المستيقظة الآن، أي النزعة للخيرِ و الحقِ و ارادةِ التقدم الكامنة في اﻷمة و المستيقظة كلما تراجع تيار نهضتها وهبطت حركة فعلها على طريق الفعل الحضاري اﻹنساني، و ساءت اوضاعها حد تحوّلها الى صيغة من صيغ بساتين أشجار مثمرة على الطرقِ السالكة، في غفلة أو غياب حرّاسها يقتطف منها المارة ما يرونه صالحاً لهم… لتنتهي أغصانها بيد رعاة اﻷبقار أو الخنازير يقتَطِعون منها ما يرونَه مفيداً لقطعانِهم لتنتهي أشجارها حَطَباً بيد المجاورين لها بالسكنى.

 يقظة اﻷمـــة اﻵن هي يقظة روحيّة نلمَسُها في استعادةِ أبناء العراق الكلام في البعث و التغني بمآثره، فيما قدموه كشعب من درر رَوَتْ تراب هذا القطر… درر نلمَسُ تواجدها  في فلسطين و تحرّكات أبناء هذا القطر وتضحياتِهم المتعاقبة منذ سبعة عقود… ونُشاهِدها في اﻷحواز و استقبال شهدائها الموت في سبيل تحرُّرِ قطرهم من الإحتلال الفارسي بثغور مبتسمة. يقظة روحية تفسِّر الظهور المتعاقب للنهوض المسجَّل عبر تاريخ العرب .

 لقد مرّ على الفكرِ العربي الثوري كما صاغَه البعث مدة تتجاوز الثلاث أرباع قرن من حيث التبشير و75 سنة من حيث التأسيس، و هي ليست بالفترة المحدودة  و ﻻ القصيرة. فكرٌ وجدَ طريقَه للتطبيق و صاغ في ذلك نظرية تطبيقية بائنة قادت تجربتَه التي تكالبت عليها قوى دولية و ادوات اقليمية. فكرة امتلكت رؤية واقعية فاعلة في المجتمع… أي فكرة تطوَّرت تحت طائلة الإختبار و التجربة الذي و إن سطَّر النجاح البائِن والمؤشَّر فهو قد أوضح النقص في بعضِ الجوانب، مما يعني أن البعثيين اليوم أمام امتحان تطوير فعلهم بما يرتقي الى استيعاب التطورات الجديدة و الرد عليها… تطورات بعضها خطابي غير هام، و بعضها يتقصد وعي الشعب العربي و يستهدف رؤيته ان كان لما هو ذاتي أو لما هو جماعي مشترك بين أبناء اﻷمة.

  تطوير يستهدف مفهوم  الهوية  مع تطوير الرؤية لمفاعيل العوامل الموضوعية في التغيير الإجتماعي مع ايلاء أهمية للفعل الميداني  بإحياء لجان دعم المقاومة في العراق و فلسطين و الأحواز قطريّاً  … ان كان عبر الندوات أم عبر الإعلام السَمعي البصري أو عبر وسائط التواصل الاجتماعي. 

 

تحية إعتزاز و تقدير للرفاق المؤسِّسين يتقدمهم الأستاذ أحمد ميشال عفلق

وكل الإجلال للشهداء على قمةِ هرمهم الشهيد القائد صدام حسين  و الأمين العام عزة ابراهيم.

 

تونس ــ اولادبوسمير في 07/04/2022

 

 

Author: nasser