المنصة الشبابية :
الشباب / الطلبة عمادهم :
بين نظرة الأنظمة الاستبدادية وحكومات الاحتلال ،
و موقعهم في تغيير مجتمعاتهم و النهوض بها
بقلم : يوغرطة السميري
إن خواص العمل في ظل الأنظمة الاستبدادية ، و حكومات الاحتلال بما تقيمه من جدران الكبت و أجهزة الوشاية، و بما تمارسه من أساليب الحرمان في جانب، وفي جانب ثاني ما تقدمه من وسائل ترغيب ملغومة ، تؤسس إلى قسمة المجتمع بمكوناته قاطبة و بخاصة داخل الشباب ــ الطلبة وهم المكون الأساس في كل المجتمعات . مكون اجتماعي تعمل هذه الأنظمة جاهدة على تثقيفه بمنطق اما تسطيح وعيه والهائه بكل ما هو هابط من جهة ، او إحلال المقاييس الأكاديمية سواء على التراث أو على الواقع من جهة اخرى، محولة التراث إلى رصيد حضاري لا يتجاوز التعامل معه حدود التغني الفاقد لروح التفاعل الهادف البناء هذا اذا لم تمارس تشويهه و اجتثاث كل ما يؤشر على ما هو مضيء
وايجابي منه، و بما يجعل الواقع في معطياته حالة يصعب تجاوز المهمات التي يطرحها إلا من خلال التعايش بصيغة الاستسلام لها ..
لتخلق بذلك حالة من اختلال التوازن داخل المجتمع وتنهي دور الشباب ــ الطلبة أساسا ــ و تحولهم إلى شريحة اجتماعية تابعة للنظام أو
السلطة ، بدلا من طبيعتهم الحقيقية التي هي العامل الفاعل سواء على مستوي قدرة التحمل و النضال ، أو النقد و الإبداع المتجدد للأمم و الشعوب و قادة التغيير و مؤسسي الفعل المستقبلي إلى الأمام .
اختلال التوازن الذي تتقصده الأنظمة أو السلطات يحول النقاش داخلهم من نقاش يستهدف الهام المؤسس للتطور إلى ما هو فرعي تفصيلي يعمق التباعد بينهم في جانب و يغرقهم في الجزئيات حد المناكفة لتحل الغرائز بديلا عن العقل .. و الذات بصيغة الأنا كرؤية بديلا عن الموضوعية كنظرة جامعة .
إن الثورة ـــ وهي ميزة الشباب والطلبة ـــ لا تنظر للإنسان على أساس الفروقات الفسلجية المختلفة كتلك الموجودة بين الرجل والمرأة، لذلك فان نظرة الثورة في تقييم الإنسان الجديد تنطلق من عطائه للمجتمع والثورة، و للمبادئ و القيم الجديدة، و حين يفترق عنها لا يعود هو الإنسان الذي نريد، لذلك تقع على الشباب ــ الطلبة ـــ مسؤولية جعله لا يفترق عن المسيرة و مفاهيمها، باعتبار أن أي خسارة لأي إنسان هي خسارة لعامل من عوامل التطور على طريق التقدم الى أمام .
إن معركة بناء الأمم و الشعوب و البناء الحضاري تتطلب و تحتاج الي كل ابناء المجتمع و في طليعتهم الشباب/الطلبة. لذلك تقع على عاتقهم مسؤولية بناء الحضارة العربية الجديدة بشكل لا يغادر الثوابت ولكن
يتفاعل مع روح العصر ويلبي متطلبات المواكبة والتطور.. الحضارة التي تحقق الشروط الوطنية و القومية و الإنسانية ، بما يليق بدور
العرب حاضرا ، و بما يضمن التواصل الصحيح بين ماضيهم المجيد و بين دورهم حاليا ، و المستقبل الذي ينتظرهم و يسعون إليه .
هذه المسؤولية تفرض جملة شروط أهمها :
أولا : دراسة الماضي دراسة تحليلية واعية ، و على الشباب ــ الطلبة ــ بخاصة أن يستحضروا أمامهم تجارب الأمم الأخرى وكيف حققت إقلاعها الحضاري باستخدامها واستحضارها ارثها واحترامه و كيف طوعته لحاضرها .
من هنا عليكم كرفاق أن تختصروا الزمن في الإلمام بإرثنا الحضاري الزاخر و تاريخنا المجيد وعدم اغفال ما فيه من اخفاقات لنتجنّبها و التركيز في نفس الوقت على كل ما فيه من محطات مجد وابداع لتوظيفها لأغراض التطور بصيغة الارتكاز للتقدم إلى أمام ، إلمام ليس بصيغة الاتكاء و الاعتماد عليه فقط … لأن الاتكاء على الماضي يحوله إلي عبء ، بدلا من أن يجعله تراثا مشرقا و محفزا مركزيا للوثوب و التقدم … كذلك من غير الجائز الاتكاء على المقاييس و المفاهيم الأكاديمية المجردة، دون تصور و فعل ثوريين، لأن ذلك يؤدي إلى الانحراف و إعادة إنتاج التخلف .
إن الانتماء إلى أفق الثورة في تطلعها الى اعادة التأسيس الحضاري يعطي للمواصفات الأكاديمية مشروعية شعبية، و أفقا شموليا للحياة .. إلا أن الأكاديمي الذي لا ينتمي إلى أفق الثورة تكون خواصه العلمية حجر عثرة تعطل حركة الفعل الثوري بدلا من أن تكون خاصيته صحية
ترصن للفعل إلى أمام وتوجهه الوجهة السليمة، و هذا ليس كلاما نظريا و إنما حقائق تعيشونها كشباب / طلبة سواء في الجامعة أو في حياة البعض منكم العملية أو حتى في علاقاتكم بصيغة نقاشات تبادل رؤى سواء عرضية أو مبرمجة .
ثانياً: و حتى يكون للشباب /الطلبة مواصفات رصيد الأمة الفاعل في اعادة البناء فان عليهم أن يمارسوا و يختبروا ذواتهم بصيغة الامتحان في نشاطات معلنة وخاضعة للهيكلة والتغيير والتطور من خلال تشكيلات مثل ” منظمات المجتمع المدني” او غيرها و ممارسة النشاطات الميدانية .. و بدون هذه الأخيرة تكون التجربة ناقصة و فاقدة للحياة و عبئا عليها لذلك فالمطلوب من قطاع الشباب / الطلبة ، أن يكونوا أكثر من غيرهم من القطاعات الأخرى قدرة على التعبير عن الحياة بصيغة تجعل الآخرين يقتدون بها … و هــــــــذا يتطلب أن يمتلك الشباب خواص و مواصفات إضافية ، و في المقدمة منها إغناء تجربة الثورة و دفعها إلى أمام بنبض الدماء الحارة .
وهذا ما أنتم الشباب مطالبين بالإجابة عليه نظريا بصيغة الرؤية ، و عمليا بصيغة الفعل الميداني النشط بمختلف أوجهه .
تونس ــ أولادبوسمير