بيان البعث لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس جيش العراق الباسل جيش البطولات والملاحم التاريخية
بسم الله الرحمن الرحيم
(ومَا جَعلَهُ اللهُ إلَّا بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بهِ قُلوبُكم ومَا النَّصرُ إلَّا مِن عِنْدِ اللهِ إنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
صدق الله العظيم
في يوم خالد من أيام العراقيين التاريخية المشرقة، يستذكر أبناء العراق الأماجد واخوتهم العرب الغيارى، يوم تأسيس جيشهم المقدام، جيش العروبة العظيم، في ذكراه المئوية. هذه الذكرى الغالية على قلوب العراقيين والعرب جميعاً، إنَّه الجيش العراقي الباسل، سيف الأمة العربية المجيدة ودرعها الواقي. جيش البطولات والملاحم التاريخية التي سطرها في صفحات التاريخ لتبقى شاهدة على بسالة واقدام وعزيمة هذا الجيش الاغر.
لقد تميّز جيشنا العراقي الباسل بتاريخه المكلل بالمفاخر والأمجاد منذ يوم تأسيسه، متفرداً بقوته وقدرته وهيبته واحترافه أمام جيوش المنطقة والعالم، فشكّل يوم السادس من كانون الثاني الأغرّ، فاصلاً تاريخياً عظيماً على المستوى الوطني والقومي.
وقد تميز الجيش العراقي العظيم بانه لم يكن يوماً جيش نظامٍ سياسيٍ بعينه ، بل كان جيش دولة العراق الوطنية ، وكان يقف دائماً مع تطلعات الشعب ويصطفُّ مع قواه التحررية في كل منعطف ، وتشهد له صولاته في ثورات الشعب ضد أنظمة الاستبداد والخيانة والشعوبية والردة، حيث أدواره المتميزة لتعزيز الوحدة الوطنية والدفاع عن العراق ضد الهيمنة والنفوذ الأجنبي.
وقد كان دوماً المعبّر الحقيقي عن وحدة العراقيين، والمدافع عن وطنهم والأمين على تاريخهم ومستقبلهم. فقد تميَّز بأنَّه جيشٌ عابرٌ للطائفية أو الفئوية، فهو جيش كل العراقيين، عرباً وأكراداً وتركمان وآثوريين، مسلمين ومسيحيين وصابئة، فالوطنية العراقية الحقَّة والانتماء الصادق للعراق وشعبه والولاء للأمة العربية المجيدة، كانت عنوانه وسمته.
انَّنا في هذه الذكرى العطرة، نستعيد في ذاكرتنا بطولات وأمجاد جيشنا العراقي الأشمّ، الوطنية والقومية. فقد كان جيشنا الباسل حارساً أميناً لحدود العراق وترابه الطهور، يقظاً على أمن شعبه وحياة أبنائه. وفي ذات الوقت فهو ذراع الأمة الضارب، وحامي حمى العروبة، وصولاته وجولاته في مواجهة العدوان الصهيوني على العرب، خير دليل على قومية هذا الجيش المقدام. فقد دافع جيشنا البطل عن الأراضي العربية في الجبهة السورية والأردنية وفي الجبهة المصرية، فقدم أسود البر الجسرون وصقور الجو الشجعان أروع الأمثلة في البسالة والتضحية والفداء، وأهدى جيشنا البطل الألوف من الشهداء قرابين من أجل الأمة والعروبة. كما وضع العراق جيشه في خدمة أمته في السودان واليمن وموريتانيا وأقطار الخليج العربي، وغيرها، وكان يعبّر عن انتمائه الحقيقي لهذه الأمة حينما لم يقصّر عن واجب الانتخاء لأي قطر عربي يحتاج إلى خبراته وقوته الضاربة، مؤدياً واجبه في بناء جيوش عربية عديدة وتدريبها وإعدادها على أكمل وجه لتكون في خدمة أمتها.
لقد كان جيش العراق الباسل الجدار الصلب الذي لا يُخترق للبوابة الشرقية لأمتنا العربية المجيدة، وليس أدل من ذلك ما حققه من نصر ناجز ومؤزر في التصدي للعدوان الفارسي الصفوي على أرض العراق الأبيَّة، في معركة الشرف والعِزةّ والكرامة، معركة القادسية الثانية التي كسرت شوكة الفرس وأطفأت نيران حقدهم الأسود وسحقت أطماعهم التوسعية الخبيثة في العراق والأرض العربية.
الا ان خروجه منتصراً معافى دفع بقوى الخيانة والغدر ، إلى مناصبته العداء والتآمر عليه وعلى العراق. ومع تفاوت القدرات وطبيعة المعارك وميادين الصراع فقد كانت وقفة جيش العراق في التصدي للعدوان الثلاثيني الغادر مشهودة، ومن بينها معركة الدبدبات الشهيرة في صحراء العراق الجنوبية الغربية التي عدت أكبر معركة دروع بعد الحرب العالمية الثانية. ولأنه جيش الشعب الذي يؤدي واجباته في الحرب والسلم حيثما تطلّب الأمر فقد كانت مشاركاته متميزة في إعادة البناء بعد العدوان الثلاثيني و تطوير الصناعات العسكرية والمدنية فيه.
ولم يَحُلْ اختلال مستوى التسليح والتجهيز وانعدام التكافؤ وطبيعة ومستوى الصراع مع العدو ابان العدوان الأمريكي الغاشم على العراق عام ٢٠٠٣، دون تحقيق ملاحم بطولية في أكثر من مكان، وتشهد على ذلك معارك أم قصر ومطار بغداد الأولى، وغيرها، رغم كل ما استخدمه الغزاة من أسلحة فتاكة محرّمٌ استخدامها وفق القانون الدولي. لذا وإدراكاً من العدو الأميركي، لمعنى بقاء الجيش العراقي كمؤسسة وطنية عظيمة جامعة لكل العراقيين، فقد باشر بحلِّ القوات المسلحة في أول أيام احتلاله للعراق.
الا ان الجيش الباسل باشر فور احتلال بغداد بالصفحة الثانية من صفحات مواجهة الغزاة والمحتلين، وهي صفحة المقاومة الوطنية، فكان قادته وضباطه وجنوده عماد تلك المقاومة الوطنية فأثخنوا جراح العدو وكبّدوه مقاتلَ ستظلُّ كتب تاريخ الجيوش ومقاومة الشعوب تذكرها بما تستحقه من فخر واعتزاز، حتى أجبروه على الفرار هارباً من العراق و الاعتراف بالهزيمة التاريخية المنكرة التي سيعاني من آثارها وأبعادها آماداً طويلة.
انَّ قواتنا المسلحة الباسلة ستبقى مبعث فخر واعتزاز للعراقيين والعرب الشرفاء الذين يحتفلون بيومهم الخالد، يوم أنْ ولد المارد العظيم الذي تهابه وتخشاه وتحسب له حساباً خاصاً أقوى الجيوش في العالم. فجيش كهذا الجيش الأغرّ لا يُهزَم أبداً، لأنَّه عرف طريق النصر وحلَّ شفرته، ومَن يعرف النصر لن ينكسر أبداً.
وبهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعاً، فان الشعب العراقي الصابر الابي يتوّق الى اليوم الذي يعود فيه جيشنا الباسل الى سابق عهده ويتعافى من جديد، فينهض كالعملاق العظيم ليقتلع جذور شجرة الخيانة والعمالة الخبيثة ويحرر العراق من براثن الاحتلال الفارسي الشرير. فشعبنا العراقي تصبو عيونه، وتتجه أنظاره الى جيشه البطل كيما يقف مع ثورتهم المباركة، ثورة تشرين الظافرة ليسحقوا أذناب الفرس المجرمين، ويدوسوهم بالأقدام. وهو يرى الخلاص قريب ان شاء الله تعالى بهمة العراقيين النشامى، والثوَّار الشباب ومن ورائهم أبناء شعبنا العظيم.
تحية لجيش العراق العظيم في ذكرى تأسيسه المئوية
تحية لقادته وضباطه وجنوده الأمناء على عهد المسؤولية وشرف الجندية، والرحمة والخلود لشهدائه
وتحية لشعب العراق العظيم الذي أنجب هذه المؤسسة العملاقة.
قيادة قطر العراق
٤ / ١ / ٢٠٢١م