القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي: صفقة القرن ستسقط بالمقاومة والوحدة الوطنية
أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي،أن صفقة القرن لن تمر وستسقطها المقاومة، والوحدة الوطنية الفلسطينية وتوفير الحضن القومي الدافئ للثورة الفلسطينية، ودعت إلى اوسع تحرك شعبي عربي رافض لمشروع تصفية القضية الفلسطينية.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية فيما يلي نصه:
قبل أن يطلق الرئيس الاميركي وبجانبه نتنياهو خطة ما يعرف بصفقة القرن كرؤية اميركية لمشروع التسوية لما يسمى أزمة الشرق الأوسط وهي التعريف الاميركي للصراع العربي – الصهيوني ،كانت المقدمات تفصح عن مضمون هذه الصفقة ،والتي تنطوي على الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ، وبإسقاط حق العودة ، وضم الكتل الاستيطانية إلى كيان الاغتصاب ، و إعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً ، يفتقر لأبسط مقومات الحياة ، مع تمكين العدو بفرض سيادته الأمنية على الطوق الجغرافي لهذا الحكم الذاتي ،وعلى طول الحدود مع الأردن ، ومنع السلطة الفلسطينية من إنشاء جيش واقتصار القوى الأمنية على الشرطة وابقاء اجواء منطقة الحكم الذاتي كما الشاطئ تحت الهمينة الصهيونية.ان صفقة القرن الذي يعتبرها الرئيس الاميركي فرصة ثمينة ويدعو الفلسطينين لالتقاطها هي رؤية صهيونية تقدم عبر الإدارة الاميركية ، وهي لاتختلف بتفاصيلها عن المشاريع الصهيونية التي طرحت منذ افصح ايغال الون عن مشروعه قبل خمسة عقود والذي دعا فيه إلى الوطن البديل واقصى مايمكن ان يعطى للفلسطينين حكم ذاتي لإدارة شؤون المناطق التي يسكنها الفلسطينيون ، وهذا الكيان الاداري لن يمارس الحق السيادي على الأرض ولا على الشعب وسيكون منزوع الأنياب وتحت الوصاية الاقتصادية والأمنية الصهيونية ،وكل ما طرح بعد مشروع ايغال الون من قبل العدو كان يستحضر ذاك المشروع وان بمفردات مختلفة.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تعتبر الصراع مع العدو الصهيوني بكل الدعم الدولي الذي يتوفر له وخاصة الاميركي منه ،هو صراع تحكمه قواعد الصراع الوجودي بحيث لاتسقيم الحياة لأحدهما الا بنفي الآخر ، واستناداً إلى طبيعة هذا الصراع واستهدافاته ، فإن المشروع الصهيوني لايستهدف فلسطين لذاتها وإنما الأمة العربية بكل مخزونها الحضاري ومشروعها النهضوي الذي تحقق ذاتها من خلاله.وهذا مايجعل من الكيان الصهيوني كيان وظيفةِفي سياق تنفيذ المشروع الإمبريالي الذي تولت الولايات المتحدة الاميركية قيادته الاستراتيجية بعد الحرب العالميةالثانية ، ولهذا لم يكن مستغرباً ان تبقى امريكا هي التي ترعى الكيان الصهيوني وتمده بكل المساعدات والإمكانات والتغطية السياسية والحماية من أية مساءلة دولية عن جرائم الاحتلال ،وعليه اقدمت على طرح مشروعها للحل تحت عنوان صفقة القرن ،والتي هي العنوان السياسي لتصفية القضية الفلسطينية حيث استبق الرئيس الاميركي طرحها بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وإعلان ضم الجولان إلى ارض فلسطين المحتلة والدعم باتجاه التطبيع من العرب بدءاً من العلاقات الاقتصادية والتجارية مع بعض الأنظمة العربية وصولًا إلى مؤتمر وترسو ولقاء المنامة. إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي سبق وحددت موقفها الرافض لكل مشاريع الحلول التي تنطوي على تصفية القضية الفلسطينية ومنها صفقة القرن منذ بدأ الترويج لها مع وصول الإدارة الاميركية الحالية إلى سدة الحكم، تعيد التأكيد على هذا الموقف داعية للتصدي لها ليس بإطلاق المواقف وحسب بل بآليات عملية تقوم على الأسس التالية:
أولًا: المبادرة فوراً إلى إطلاق حركة سياسية هادفةِ باتجاه تحقيق وحدة وطنية فلسطينية على قاعدة برنامج مقاوم، تتوحد ضمن معطياته كل قوى الثورة الفلسطينية التي تتموضع فيها كل قوى الفعل المقاوم للاحتلال وتكون المرجعية التي تقدم نفسها لجماهير فلسطين والأمة العربية والعالم قيادة وطنية تكون حاضنة للطموح الوطني الفلسطيني في توقه نحو التحرير الكامل لكل ارض فلسطين.
ثانياً: تفعيل الفعل المقاوم للاحتلال بكل الأشكال المتاحة، العسكري منها والجماهيري وتحويل الأرض الفلسطينية إلى ارض محروقة بوجه قوات الاحتلال واعتبار ارض فلسطين التاريخية ارضاً واحدة لقوى النضال الفلسطيني.
ثالثاً: اعلان موقف فلسطيني رافض لكل مشاريع التسوية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ومنها صفقة القرن والتأكيد على ثوابت الموقف الوطني الفلسطيني الذي أكدت عليه قرارات المجلس الوطني واعتبار اتفاق أوسلو اتفاقاً ساقطاً ومعدوم الفعالية.
رابعاً: دعوة الجامعة العربية لتفعيل قرارات مكتب مقاطعة (اسرائيل) ووقف كل أشكال التطبيع معها.
خامساً: التحرك باتجاه المجتمع الدولي وخاصة مواقعه التي تقاوم سياسية الهيمنة الاميركية للتأكيد على تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالحقوق الوطنية الفلسطينية ومنها حق العودة، وقرار محكمة العدل الدولية حول الجدار العازل والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الأرض المحتلة واعتبار ما تقوم به المحكمة الجنائية الدولية خطوة على طريق مقاضاة دولة العدو بجرائم ضد الإنسانية وبما يمهد لإعادة الاعتبار لقرار الأمم المتحدة بإن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتعامل مع (اسرائيل) كدولة أبارتهايد.
سادساً : إن القيادة القومية للحزب وهي تشدد على أهمية الإسراع بإنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتفعيل الكفاح بكل اشكاله ،تدين مواقف الأنظمة العربية التي رحبت بالإعلان الاميركي ترى ان التصدي لصفقة القرن ليست مهمة وطنية فلسطينية وحسب ، بل هي وبنفس المستوى مهمة قومية باعتبار ان المشروع الصهيوني المحتضن اميركياً لا يستهدف فلسطين فقط وإنما الامة العربية ، وهذا يتطلب اعادة الاعتبار لموقع القضية الفلسطينية والتأكيد على مركزيتها في صلب قضايا النضال العربي ، وإطلاق حراك شعبي عربي انتصاراً لقضية فلسطين في نفس الوقت الذي تنتفض فيه الجماهير العربية في اكثر من ساحة ضد منظومات الفساد والتبعية والمحاصصة واهمها انتفاضة شعب العراق الذي قاوم المحتل الاميركي وهو يقاوم اليوم الاحتلال الإيراني ويضعه في موقع الإدانة التاريخية بعدما ادى تغوله في العراق والعمق القومي العربي إلى ايجاد وقائع تكمل بنتائجها ما يرمي العدو الصهيوني اليه ،من تفكيك بنى المجتمع العربي إلى إضعاف عوامل المناعة العربية التي تمهد الأرضية لطرح المشاريع المدمرة للأمن القومي العربي بكل مضامينه ومنها صفقة القرن. إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، والتي تؤمن بقدرات هذه الامة العربية على النهوض والانبعاث المتجدد ، تعتبر ان الإملاءات الاميركية ليست قدراً لا يرد ، وان صفقة القرن لن تمر إذا ما ووجهت بموقف رافض فلسطيني اولاً وعربيِ ثانياً، وكما استطاعت هذه الامة إسقاط كثير من المؤامرات الدولية عليها ، قادرة اليوم على إسقاط هذه المؤامرة الجديدة، بالوحدة الوطنية وتصعيد الكفاح المسلح وتأمين الحضن القومي الدافئ لثورة فلسطين التي كانت وستبقى طليعة متقدمة للثورة العربية في مواجهة الاحتلال الاستيطاني لفلسطين.
في هذا الظرف الذي تمر به الامة العربية والتي تتهددها المخاطر من الداخل والمداخل ليبق الموقف القومي شديد الوضوح في رفضه كل ما يستهدف فلسطين وحق شعبها في استعادة حقوقه التاريخية والتي هي حقوق قومية بامتياز، ولتخرج القوى التي تدعي حرصًا على الامة وحقها في الحياة الحرة والكريمة وانهاء استلابها الاجتماعي والقومي ان تغادر منطقة رمادية المواقف إلى منطقة الوضوح والتمييز بين من يعتبر قضية فلسطين قضيته ولأجلها يناضل ويضحي، وبين من يعمل للاستثمار السياسي بالقضية الفلسطينية خدمة لأجندة مشاريعه الخاصة.
لا لصفقة القرن، ولا لكل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية. لا للتطبيع مع العدو ولا للرضوخ للإملاءات الأميركية. نعم لوحدة فلسطينية، نعم لتصعيد الكفاح المسلح ، ونعم لحركة شعبية عربية تستعيد زمام المبادرة وليكن في علم الجميع ان فلسطين هي قضية قومية بقدر ماهي قضية وطنية ومشروع تحرير فلسطين هو مشروع قومي عربي بامتياز والقدس ليست مستعمرة بل هي عاصمة فلسطين. وهذا ما يجب أن يؤسس عليه، هكذا كانت البدايات وهكذا تستمر السياقات.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في ٢٩ / ٠١ / ٢٠٢٠