أيام مشرقة في التاريخ العربي المعاصر: يوم الأرض
على الرغم من أن هناك أحداثا وملاحم جرت في بقعة معينة من الوطن العربي ولكن امتد اشعاؤها ليضيء لنا على امتداد الوطن الكبير ، إما لأنها كانت دفاعا عن وجود ومصالح ومستقبل الأمة وبجهد مشترك ، أو أدت في نتائجها وانعكاساتها إلى حماية المصلحة القومية وتعميق التلاحم العربي فصارت معالم وأياما مشرقة في تاريخنا العربي نستلهم منها القيم والدروس ونتزود من تفصيلات مجرياتها بشحنات من العزم وتجدد فينا روح الوفاء والإقدام والتضحيات في معاركنا الراهنة في مواجهتنا لأعداء الأمة من قوى الشر والعدوان حماية لمصالح الأمة وخياراتها ودورها الرسالي الإنساني. برنامج أيام خالدة في التاريخ العربي المعاصر يسلط الضوء على هذه الأحداث ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في التلاحم النضالي بين أبناء العروبة .
من هذه الأيام يوم الأرض.
يعتبر يوم الأرض حدثا محوريا في الصراع على الأرض من حيث انه كان ردا وطنيا وجماعيا على سياسات الاحتلال الصهيوني بخصوص الأرض . ويوم الأرض الفلسطيني هو يوم يُحييه الفلسطينيون في 30آذار من كل سنة. وتعود بداية أحداثه الى سنة 1976م بعد أن قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي من الأملاك الخاصة والمشاع في المناطق ذات الأغلبية الفلسطينية . فنظم الفلسطينيون إضرابا عاما ومسيرات من الجليل الى النقب واندلعت المواجهات التي أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وأصيب واعتقل المئات.
قبل زرع دويلة الكيان الصهيوني كانت أغلبية 85% من الشعب الفلسطيني تعيش على ما تنتجه من الزراعة . بعد العام 1948م نزح عدد كبير أصبحت الأرض تشكل أهمية خاصة في حياة الفلسطينيين داخل خط 1948م لأنها صارت عنصرا في الصراع بينهم والصهاينة أضافت فيه بعدا جديدا بحيث باتت تشكل عنصرا هاما لانتماء الفلسطينيين الى الأرض .
تبنت حكومة الاحتلال في عام 1950 قانون العودة لتسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين واستيعاب اللاجئين اليهود وفي المقابل سنت قانون أملاك الغائبين والذي قام على نحو فعال بمصادرة الأراضي التابعة لللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا أو طردوا من المنطقة التي أصبحت ما يعرف بـ( إسرائيل) منذ عام 1948.وكان يستخدم أيضا لمصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين داخل دويلة الكيان الصهيوني بعد تصنيفها في القانون على أنها أملاك غائبين رغم وجودهم الفعلي على أرضهم وكان يبلغ عدد “الغائبين الحاضرين أو الفلسطينيين المشردين في الداخل نحو 20٪ من مجموع السكان العرب الفلسطينيين وتقدر بعض المصادر ان ما تمت مصادرته من أراضي الفلسطينيين العام 1948م وحتى عام 2003م بـ(1000) كيلو متر مربع في العديد من القرى والبلدات الفلسطينية …..
.
في29/3/1976م أصدرت السلطات الصهيونية قرارا بمصادرة أراض جديدة في قرى فلسطينية بالإضافة إلى أراضي اللاجئين في( عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد ودير حنا وطرعان وكابول وغيرها من الأراضي) الأمر الذي أدى الدعوة الى الاحتجاج على قرارات سلطات الاحتلال بينما قابلت السلطات الاحتجاجات بفرض حظر التجول على القرى وخرجت مظاهرة فرقها الاحتلال بالغاز وأعلنت كل المظاهرات غير قانونية وهددت باستخدام القوة وإطلاق النار في مواجهتها فاحتجّ الأهالي على ذلك بالمظاهرات وخرجت مظاهرة شارك فيها الطلاب فأعلن عن الإضراب الشامل في تاريخ 30 آذار ، وازدادت حدّة المواجهات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال لدرجة استخدام الدبابات في اقتحام القرى الفلسطينية، وقتل وجرح العديد في منطقة عرابة وسخنين
وانتشر الخبر وعمت المسيرات التضامنية في وقت واحد الشمال والجنوب والضفة الغربية وقطاع غزة وكل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ومنذ ذلك الوقت أصبح الفلسطينيون يحيون ذكرى هذا اليوم كأحد أيام المواجهة مع الاحتلال ورمزا من رموز النضال والتضحية والتمسك بالأرض ولا يزال الشعب الفلسطيني يتعهد هذا اليوم في كل عام بمزيد من شهداء وبالقيام بزراعة أشجار الزيتون في الأراضي التي جرفتها على يد إسرائيل، بالإضافة إلى إحياء نشاطات مختلفة مثل افتتاح معارض تتضمن منتجات تراثية فلسطينية وأشغال يدوية وتنظيم حملات دعم واستذكار على مواقع التواصل الاجتماعي وإقامة المهرجانات المختلفة في كل أماكن تواجدهم .
محمد صالح اليوسف