كلمة الرفيق المناضل علي الريح الشيخ السنهوري الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي وأمين سر قيادة قطر السودان حول استشهاد الرفيق القائد صدام حسين شهيد الحج الأكبر
بسم الله الرحمن الرحيم
حزْبُ البَعْثِ العَرَبي الاشْتِرَاكي أُمةٌ عرَبِيةٌ وَاحِدَة ذاتُ رِسالَةٍ خَالِدَة
وحدة حرية اشتراكية
كلمة الرفيق المناضل علي الريح الشيخ السنهوري الامين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي وأمين سر قيادة قطر السودان حول استشهاد الرفيق القائد صدام حسين شهيد الحج الأكبر
إننا عندما نحتفي بتخليد ذكرى استشهاد الرفيق القائد صدام حسين الذي اغتالته قوى الامبريالية الامريكية بالتواطؤ مع ملالي طهران في العراق في الثلاثين من ديسمبر / كانون الأول عام 2006م، انما نحتفي بقائد عبقري فذ، قائد عبر عن إيمانه بأمته وبمبادئ حزبها حزب الثورة العربية حزب البعث العربي الاشتراكي، وأهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية، وتمكن من بناء قاعدة صلبة للثورة العربية، ومن تحويل العراق إلى منطلق لحركة النهضة العربية، وتجاوز عقلية ونفسية التجزئة والتبعية والتخلف كما تجاوز كل الخطوط الحمراء للإمبريالية والصهيونية العالمية، وتمكن شعب العراق من السيادة على مقدراته وثرواته وأهمها الثروة النفطية تنقيباً واستخراجاً وتكريراً ونقلاً، وان من مآثره انه تمكن من بناء سلطة وطنية وقومية في العراق ، صمدت في وجه العواصف الاقليمية والدولية من مؤامرات وحروب بالوكالة، وعدوان وحصار جائر لم ولن يشهد له التاريخ مثيلاً، تخلله قصف العراق بالصواريخ في الفترة ما بين عامي 1991م الى 2003م، ومع ذلك لقد تمكن العراق من مواجهة هذه التحديات في هذه الفترة القاسية مستندا على قاعدة واسعة من العلماء والفنيين واسنادا شعبي فريد ومن إشاعة العدل وإعادة الاعمار والتقدم في مختلف المجالات مما اضطر أعداء العراق والأمة والإنسانية إلى استخدام القوة الغاشمة وعدوانهم الهمجي لاحتلاله ولضرب قاعدة حركة الثورة العربية التي تستنهض الأمة على طريق الوحدة والحرية والتقدم.
اذ بعد تفجير برجي التجارة في مدينة نيويورك بالحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001م (والتي تشير العديد من الدراسات والمؤلفات الغربية إلى أصابع الأجهزة الأمنية الأمريكية في ارتكاب هذه الجريمة) شنت الإدارة الامريكية وحلفائها حملة إعلامية شرسة لشيطنة العراق وقيادته الوطنية التقدمية من خلال أجهزتها واذرعها الإعلامية متهمة العراق بإخفاء أسلحة دمار شامل كيماوية وبيولوجية ونووية وصاروخية، وبعلاقته بتنظيم القاعدة المتهم جزافاً بتفجير البرجين، وبالرغم من نفي العراق لهذه الاتهامات وعدم عثور مفتشي الأمم المتحدة بعد أكثر من عشر سنوات من التفتيش على ما يؤكد هذه المزاعم والاتهامات بالرغم من كل ذلك شنت الإدارة الأمريكية في مارس / آذار 2003م وحلفائها عدوانها الهمجي على العراق الذي استخدمت فيه كل الأسلحة والاعتدة التي اعدت لمواجهة الاتحاد السوفيتي وقوى المعسكر الاشتراكي سابقاً، كما استخدمت في عدوانها أسلحة للدمار الشامل المحرمة دولياً، وبما ان الهدف المعلن للعدوان الهمجي كان تدمير أسلحة الدمار الشامل في العراق فإن قوى الاحتلال لم تجد اثراً لهذه الأسلحة، تأكيداً لمصداقية العراق عندما نفى وجودها، كما لم تجد أي خيط يصل بين القيادة العراقية وتنظيم القاعدة، وجراء ذلك ألقت الإدارة الأمريكية اللوم على خطأ المعلومات التي زودتها بها أجهزتها الاستخبارية دون اعتذار او دفع تعويضات لما الحقته من تخريب ودمار شامل ومن قتل طال ما يزيد عن مليون عراقي رجالاً ونساء من كل الأعمار عدا عن مئات الآلاف ممنَ تعرضوا للاعتقال والتعذيب والاغتصاب، وليس ما تسرب عن سجن أبو غريب سوى لقطة من مشاهد الجرائم التي ارتكبتها الامبريالية الأمريكية ومن خلفها قوى الصهيونية وملالي طهران وعملائهم، وعوضاً عن الاعتذار والتعويض فقد امعنت قوى العدوان على العراق في التخريب والعسف والتدمير لمدن ومحافظات أبرزها الفلوجة والرمادي وصلاح الدين وتدمير نصف مباني ومنشئات مدينة الموصل على رؤوس قاطنيها، واطلقت يد ملالي طهران في القتل والنهب واستباحة أرض العراق وثرواته تنفيذاً لتهديد جيمس بيكر وزير خارجية أمريكا بإعادة العراق إلى العصر الحجري بهدف تأمين الكيان الصهيوني في فلسطين والسيطرة على النفط، واجتثاث حزب البعث وتصفية قيادته الوطنية والقومية التقدمية وجيشه الوطني وإنجازاته وقاعدته العلمية ، وقد توجوا جرائمهم بجريمة العصر بالتواطؤ مع ملالي طهران في الثلاثين من ديسمبر / كانون أول الموافق 2006م فجر عيد الأضحى المبارك باغتيالهم شهيد الحج الأكبر صدام حسين، في مشهد هز الضمير الإنساني وقد وقف شهيد الحج أمام المشنقة شامخاً يهتف بحياة العراق وفلسطين والأمة ويردد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهو ثابت الجنان طليق الوجه باسم الثغر، مؤمناً بأن المقاومة التي خطط لها واطلقها منذ اللحظة الأولى لدخول قوات العدوان إلى بغداد سوف تتصاعد حتى تجبر العدو على الانسحاب من أراضي العراق، وان الرفاق واحرار العراق والأمة سوف يواصلون الجهاد والنضال على درب الرسالة الخالدة حتى النصر، وان الهزيمة هي مآل قوى الامبريالية والصهيونية وملالي طهران، وانه قتيل قوى البغي والعدوان، أما العملاء فسوف تقتلهم شعوبهم.
لقد أوفى شهيد الحج الأكبر الرفيق القائد صدام حسين بعهده أمام شعب العراق والأمة بانه والولد والأهل فداء للعراق والأمة، وقد سبقه ولديه عدي وقصي وحفيده المعتصم، ولحقه اخوانه ورفاقه الأوفياء وعلى رأسهم الشهداء طه ياسين رمضان وطارق عزيز وعلي حسن المجيد.
لقد أضحى الشهيد صدام حسين رمزاً خالداً للأحرار والمناضلين على امتداد الوطن والعالم، كما ان فكره النير وصلابته النضالية تضيء الطريق وتلهم الثوار بأن التضحيات العظيمة هي ثمن تحقيق الأهداف العظيمة وأن الحرية قضية حياة أو موت، وأن إرادة الشعوب هي الغالبة، وإلى يومنا هذا لم تتوقف الدعاية السوداء لتشويه الحقيقة ومحاولة طمسها ولا يزال القائد الشهيد يؤرق مضاجع أعداء الأمة ومنام الأذلاء من قوى التبعية والتجزئة والتخلف.
وإذ يحتفل البعثيون اليوم وأحرار الأمة بتخليد ذكرى شهيد الحج الأكبر الرفيق القائد صدام حسين رفيق شهيد القرن العشرين عمر المختار، فإن الاحتفاء بهذه المناسبة وتخليدها سوف يستمر لمئات السنين ان شاء الله، وذلك لما تحمله من معاني عظيمة ومن تحفيز للأمة للسير قدماً على طريق الوحدة والحرية والاشتراكية، وللأحرار وشعوب العالم في بناء عالم جديد تسوده قيم الحرية والعدل والمساواة والسلم والتقدم.
وها هم رفاقه في العراق وفلسطين وعلى امتداد الوطن ومعهم كل القوى الوطنية المخلصة يسيرون على طريق التضحية والنضال في سبيل الحرية والعدل والتقدم ورفع راية الرسالة الخالدة منهم من استشهد ومنهم من بقي وما بدلو تبديلا.
وقد نجحو في إجبار قوى الاحتلال الامبريالي على سحب جل قواتها ويواصلون نضالهم في قلب حركة الجماهير العراقية في فضح وتعرية جرائم ملالي طهران وعملائهم في العراق، وكذلك رفاقهم في مختلف اقطار الأمة العربية في مواجهة العدو الصهيوني وأنظمة الاستبداد والفساد، وقد استنفرهم مشهد استشهاد الرفيق القائد صدام حسين على تصعيد النضال حتى النصر.
لقد كان القائد الشهيد صدام حسين أول من فضح المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين التي تعتمدها الولايات المتحدة في سياستها الخارجية، وقد جاءت المسألة الاوكرانية لتفضح حقيقة هذه المعايير، فإن الولايات المتحدة التي قادت جموع العدوان على دولة مستقلة واحتلال أرضها وتدميرها وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في انتهاك صريح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ترفع اليوم شعارات على أسنة سلاح الناتو ( القانون والميثاق الدولي ) في مواجهة ما تسميه بالعدوان الروسي على اوكرانيا، وما يجري في اوكرانيا حسب زعمها من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتصادر ممتلكات روسيا لتعويض ما لحق بأوكرانيا إبان الحرب من دمار، وتتجاهل ما ارتكبته من جرائم في العراق وما يرتكبه العدو الصهيوني من جرائم في فلسطين بتأييد دائم من الإدارات الامبريالية في أمريكا والغرب الاستعماري، مستخدمة هيمنتها على الاعلام العالمي لتسويق سياساتها ولو يعمق الحقائق في حين ان أوكرانيا كانت من الدول التي شاركت في العدوان على العراق وفي احتلاله وفي ارتكاب ما ارتكب من جرائم، كما ان القيادة الاوكرانية تعلن دون خجلاً انها والكيان الصهيوني يقفان في خندق واحد ويواجهان ذات المخاطر إذن فإن القيادة الاوكرانية ليست بريئة من الجرائم التي ترتكب في فلسطين والتي ارتكبت في العراق، بل ان زيلسكي يدعو علناً يهود العالم للاصطفاف إلى جانب أوكرانيا إنه الكيل بمكيالين والتمييز الديني والعنصري في أجّلى صورها.
ونحن بذلك لسنا مع العدوان على أي دولة أو شعب ولكننا نفضح المعايير المزدوجة ومع التمييز بين عدوان روسيا الاتحادية ، وليس تبريره ، دفاعاً عن أمنها بعد أن خرق حلف الناتو التعهد بعدم التمدد في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة وبين ما ترتكبه قوى الامبريالية والصهيونية العالمية من جرائم على شعبنا وعلى شعوب العالم بما فيها الشعوب في الدول الغربية والتي ناهضت بمسيرات مليونية في 2003م وبشكل خاص في الولايات المتحدة وبريطانيا العدوان على العراق ولا يزال الأحرار والشباب المستنير في الدول الغربية يعلنون تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ويناصرون القضية الفلسطينية ويناهضون الكيان الصهيوني العنصري العدواني وسياسات حكوماتهم الداعمة لجرائمه.
لقد عانى الشعب العربي وشعوب العالم من القطبية الأحادية للولايات المتحدة التي تريد أن تفرض مصالحها وهيمنتها وإرادتها على شعوب العالم بما فيها الشعوب الأوربية التي تساق إلى حرب هي إحدى ضحاياها وإلى حرب تطلق شرر دمار شامل تدفع ثمن نتائجها الإنسانية جمعاء ولكن إرادة الشعوب في الحرية والانعتاق هي الغالبة.
وضمن هذا السياق فإننا نرحب ببعض الخطوات التي بدرت من بعض الأنظمة العربية في اتجاه الانعتاق من التبعية المذلة للإدارات الامبريالية وندعو إلى التمسك بالحقوق العربية في فلسطين وبإلغاء اتفاقيات العار مع العدو الصهيوني والدعم الكامل للشعب الفلسطيني لتعزيز صموده وتصعيد مسيرته النضالية لتحرير أرضه ومقدساته وهو يجاهد في خطوط النار ولا يبخل بدمائه أرواحه ومعاناته دفاعاً عن الأمة العربية في معركة المصير العربي الواحد ودفاعاً عن القيم الإنسانية، وعلى البعثيين والقوى القومية التقدمية والقوى الوطنية المخلصة واجب الدور الطليعي في هذه المعركة لبث الوعي وشحذ الهمم .
إن رفاقنا في قطر العراق يخوضون معركة ضارية ومعقدة في مواجهة قوى الاحتلال متعددة الجنسيات بقيادة الإدارة الامريكية وحلفائها ملالي طهران، وأن الصراع بين الطرفين الأمريكي ونظام ملالي طهران. إنما يعبر عن خلاف في إطار البيت الخبيث الواحد ، إنه صراع في إطار التحالف العدواني على العراق والأمة العربية يتجاوز حدود العراق إلى لبنان وسورية واليمن ، والمخطط يستهدف الأمة في أقطارها كافة وفي قلب هذا المخطط بل في أولويته مخطط اجتثاث البعث الذي تم تشريعه في دستور بريمر الحاكم الامريكي للعراق وقوانينه التي تبنتها وزادت عليها السلطة العميلة في العراق وهو بالضرورة يستهدف تنظيمات الحزب في الأقطار العربية كافة وإذا كان أحد أسباب اغتيال الرفيق القائد شهيد الحج الأكبر هو إضعاف الروح المعنوية للبعثيين وبث الإحباط واليأس في صفوفهم ، فقد باءت بالفشل كل محاولات اجتثاثه أو إضعافه بل ازداد البعث قوة وصلابة وتتعمق كل يوم جذوره في تربة الواقع العربي كما تتعمق مبادئه وقيمه وصلابته النضالية لتشكل وجدان شعبنا من المحيط إلى الخليج .
ورغم ذلك فإن محاولات القوى المعادية في استهداف البعث لم ولن تتوقف.. إذ بعد ما يقارب العقدين على استشهاد الرفيق القائد الرمز صدام حسين فلا زالت الحملات الخبيثة لشيطنته والإساءة إليه تتواصل بل تتصاعد وتوظف فيها كافة القدرات الإعلامية للغرب الاستعماري، وأن أخطر هذه الحملات هي المحاولة الخبيثة لاستهداف الحزب من داخله باستخدام العناصر التي تقف في محيطه أو على أطرافه لبث الدعاية المغرضة أو إثارة التناقضات باستخدام كل الوسائل. وأن كان حزبنا عصي على الاجتثاث ويزداد قوة في مواجهة التحديات فإن ذلك لا يعني أن هذه المحاولات لا تؤثر سلباً على مسيرته وعلى فعاليته، ولذا فإن الواجب المقدم يقتضي تحصين الحزب برفع وتائر الإعداد والتثقيف العقائدي والتنظيمي وتوسيع قاعدته وتصعيد دوره النضالي وترصين خطابه السياسي المتكامل بأبعاده الفكرية والروحية إذ لا يزال خطابنا رغم تنبيهات القائد المؤسس والقائد الشهيد ينقصه البعد الروحي.
في عام 1970م ذكر الرفيق القائد المؤسس أن (الجماهير هي المرجع الأخير، وأن الجماهير اليوم هي صانعة الثورة وصانعة التاريخ)، وفي تشخيصه لواقع الحركة السياسية العربية، ومن بينها حزبنا ذكر ((أن القيادات متخلفة عن القواعد، والقواعد متخلفة عن الجماهير)).
وواجب علينا أن نرتقي بحزبنا ونضالنا إلى مستوى العقيدة والرسالة الخالدة.
والله أكبر.
30 ديسمبر 2022م