الدعم الإقليمي والدولي لمسرحية الانتخابات
يطيل معاناة شعبنا ويساهم في قتله
يا أبناء شعبنا العراقي العظيم
في واحدة من أكثر إجراءاتها استخفافاً بشعب العراق الصابر المجاهد، أعلنت العصابة المتحكمة بالعراق عزمها إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في العاشر من تشرين الأول المقبل.
وتأتي هذه الانتخابات في ظل تغوّل السلاح الميليشياوي الذي يتحرك بحماية السلطة ويقتل بتوجيهاتها وبسلاحها، وفي ظل المال الفاسد الذي استولت عليه عصابات الاحتلال خلال ثمان عشرة سنة الماضية، ومع احتلال إيراني شبه كامل لجميع مفردات الحياة في العراق.
إن هذه المسرحية البائسة المسماة (انتخابات) تؤكد أن الزمر المجرمة التي تسيّدت على العراق منذ احتلاله بعيدة كل البعد عن فهم واقع الشعب والإحساس بمطالبه، وهي مصرة على تجاهل تلك المطالب المشروعة وعدم الاستماع إليها.
لقد بات الجميع في العراق يعرف اليوم أن هدف هذه المهزلة يتلخص في شرعنة سطوة الميليشيات التي تشكل أحد أذرع الاحتلال الإيراني وتكريس وجودها الإرهابي ومواصلة نهب العراق وإذلال شعبه وتخريب نسيجه الاجتماعي.
إن أي انتخابات، لكي تكون مقبولة في حدّها الأدنى، لا بد أن تُجرى في بلد محرر من الاحتلال الأجنبي ووفق أسس سليمة وفي أجواء تتميز بقدر من العدالة والشفافية والنزاهة، وكلها مقومات تفتقر لها السلطة الغاشمة التي أوجدها الغزو الأميركي الإيراني في العراق.
فأي انتخابات تلك التي تعمل العصابات الإرهابية الطائفية الفاسدة إقامتها في ظل ما يعانيه شعب العراق الآن وهو يعيش أقسى ممارسات الظلم والاضطهاد والإفقار والتجهيل والحرمان والتهميش والقتل والاجتثاث والتهجير؟! وأي انتخابات تجري في ظل صراعات قوى دولية وإقليمية تتقاسم النفوذ والمصالح وتتكالب على العراق وشعبه الصابر وكل ذلك ينعكس سلباً على أمن الوطن والمواطن واستقرارهما في ظل غياب حكومة وطنية قوية تضمن للوطن الاستقلال والحرية؟!
وأي انتخابات يمكن القيام بها في ظل مشاريع إجرامية تنفذها وجوه محلية خاضعة لإملاءات خارجية؟ وكيف يمكن الثقة بعملية انتخابية تقام تحت حراب قوانين جائرة تقصي شرائح واسعة من العراقيين وتمنعهم من ممارسة حقوق المواطنة، وتجتث كفاءات وطنية معروفة بقدراتها ومتميزة بخبراتها؟! ومن ذا الذي يثق بانتخابات محسومة نتائجها سلفاً وفق نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية المعمول بها منذ احتلال العراق؟! وما هي النزاهة التي تتمتع بها انتخابات تجري في ظل فتاوى سلطة عمائم السوء ودعاة الفتن والإرهاب وفي ظل الانتماءات الضيقة والهويات الفرعية التي لا تعبر عن موقف ديمقراطي حقيقي وإرادة حرة واعية؟!
وكيف يمكن إقامة انتخابات مقبولة وفق المعايير العالمية، ولو في حدّها الأدنى، في ظل سلاح إرهابي ومال فاسد، وكلاهما بحوزة الأشخاص المتنفذين الذين سيترشحون في هذه الانتخابات والجهات الكبرى التي تضمّهم وبهدف الحصول على مزيد من السحت لهم ولأحزابهم؟!
وأين هي الديمقراطية التي تعيد تسويق برامج لم يجنِ العراقيون منها غير القتل والفساد والإرهاب طيلة 18 سنة، وبواسطة ذات الوجوه القميئة التي اختارت طريق الخيانة والإجرام والإفساد منذ احتلال العراق وقبل ذلك أيضا؟!
وهل يمكن إطلاق وصف الديمقراطية على عملية اقتراع تجري في ظل هيمنة عوائل بعينها وسيطرة مؤسسات ورموز طائفية تسوق الناس إلى صناديق الاقتراع بدعاوى باطلة؟!
إن الذي لا يختلف عليه الجميع هو أن هذه الانتخابات الصورية ستجري في ظل عمليات تزوير واسعة ستلجأ إليها الأطراف المشاركة فيها، وخاصة تلك الكيانات والميليشيات والعصابات المرتبطة بالمحتل الإيراني، وفي ظل سطوة المال الفاسد الذي ينثره المرشحون لكسب الأصوات وشراء الذمم دون وازعٍ من ضميرٍ وفي غياب تام للقانون.
أيها الشعب العراقي الأبيّ
إن الهدف الوحيد من هذه الانتخابات يتلخص في منح العصابة التي قتلتكم وسرقتكم قدراً من الشرعية الزائفة وعمراً إضافياً في ظل تآمر دولي لئيم يكشف عنه ذلك التسابق المحموم لأطراف عربية وإقليمية ودولية على إطالة أمد تحكّم هذه العصابات المجرمة بمقدّرات شعب العراق، الأمر الذي يعني استمرار مسلسل الإرهاب والفساد والقتل والتخريب المتعمّد، وقد لمستم هذه النشاطات المحمومة من خلال الجهود التي بذلتها وتبذلها تلك الاطراف لتثبيت حكم عصابة المنطقة الخضراء البغيض بالضدِّ من إرادة العراقيين واستخفافاً بتضحياتهم الجليلة ونزف دمائهم العزيزة، وذلك عبر إقامة مؤتمرات هزلية جوفاء لا يمكن أن تحرر العراق من الاحتلالين الإيراني والأمريكي ولا تحقق للعراقيين أمناً ولا استقراراً ولا رفاهية، ولن تعيد أموالهم المسروقة، إذ كيف يمكن لعصابة من اللصوص أن تقيم مؤتمراً لاسترداد ما سرقه أعضاؤها؟! وكيف لمن عمل على طمس مكانة العراق العربية والدولية وسعى لإذلال شعبه وأذكى الفتن العنصرية والطائفية أن يعقد مؤتمراً للحوار والتفاهم وحل مشكلات الشعوب وهو الذي فشل في حل مشاكل شعبه بل عمل على خلقها وفاقم منها؟!
لقد بات واضحاً أن كثيراً من المشاكل التي يشهدها العراق ليست في حقيقتها إلا صدى لتلك المشاريع الإقليمية والدولية والإرادات الخارجية التي تسعى إلى التهديم المنظَّم للعراق والتي تنفذها قوى وشخوص العملية السياسية الاحتلالية.
وفي الوقت الذي تمضي العصابة في مشروعها نجد أن هناك من يمنح هذه الانتخابات الزائفة شرعية من خلال الزعم بوجود مراقبة دولية لها، فيما الجميع يعلم أن المراقبين الذين تعلن منظمات دولية ساهمت بقتل العراقيين، وأخرى مشبوهة، عن مشاركتهم في مراقبة الانتخابات ليسوا سوى زينة كاذبة للتغطية على عملية تمرير مرحلة جديدة من الإجرام ضد شعب العراق وشهادة زور مدفوعة الثمن من دمائكم أيها العراقيون.
وعلى شهود الزور، منظمات وأفراداً، أن يعوا حجم الجريمة التي يساهمون فيها، ويعرفوا حقيقة العصابة التي يعملون على شرعنتها وتسويقها أمام الرأي العام العالمي.
وإنكم تعلمون بالتأكيد أن هذه الجهود الإقليمية والدولية لن تمنح هذه العصابة شرعية حقيقية ولن تحقق ما تزعمه من مستقبل مشرق لشعب العراق، بل ستزيد من معاناة أبنائكم وستطيل أمد الظلم الذي يعيش فيه العراقيون منذ نحو عقدين.
إن الحل الوحيد الذي ينقذ العراق من الكارثة ويجنّب شعبه كل هذه التداعيات الخطيرة هو عدم المشاركة في مهزلة الانتخابات والعمل بقوة على إسقاط الشرعية المزعومة عن هذا المشروع الاستخباري التجسسي الفاسد.
وفي هذا الإطار فإن المهمة التي تقع على عاتق كل عراقي حرٍّ اليوم هي التعبير بمسؤولية وفاعلية وبشتى الوسائل السلمية عن رفضه لهذه العصابة وما تقوم به من إجراءات بائسة، وتجسيد ذلك بعدم المشاركة بالتصويت وتنظيم اعتصامات شعبية وإعلان العصيان المدني واطلاق المبادرات لإعلان رفض مسرحية الانتخابات البائسة وبيان ما تقوم عليه من أسس فاسدة، ولإيصال رسالة إلى العالم مفادها أن شعب العراق، الذي خرج في اعتصامات ومظاهرات وثورات شعبية واسعة منذ بداية الاحتلال الغاشم وتوّج جهوده الرافضة لهذه الطغمة المجرمة من خلال ثورة تشرين التي عبّرت عن حقيقة أصالة شعبنا العظيم، يرفض بشكل تام هذه المسرحية الهزلية وأنه يقاطعها بشكل علني واسع، لتتبين للعالم أجمع حقيقة هذه الهياكل الكارتونية الجوفاء التي لا تنتمي لشعب العراق ولا تعبر عنه، وتنفضح الأحزاب والميليشيات المجرمة من خلال كشف نسبة تمثيلهم الحقيقية بين العراقيين.
وإن رفض العراقيين الواسع لهذه الانتخابات وامتناعهم عن المشاركة بالتصويت فيها، وإعلانهم العصيان المدني لمقاطعتها وفضح ما يعتريها من مفاسد كبيرة وانحرافات خطيرة هو الرد الحضاري والديمقراطي الحقيقي المعبر عن موقف الشعب بأمانة ووضوح وقوة، وهو السبيل، الذي يعضّد ثورة تشرين ويسقط عن النظام المتهرئ آخر ما يستر به عوراته وما يسوّق به نفسه.
إن العملية السياسية المخابراتية التي أسسها المحتلون في العراق وترعاها مخططات إقليمية ودولية على حساب العراقيين لن تتغير نتائجها الفاسدة، وهي صارخة جداً، إلا بثورة شعبية واسعة وشاملة تحقق مطالب العراقيين بإسقاط هذا النظام المجرم بكل شخوصه وأحزابه، وبكل ما أصدره من قوانين وما أفرزه من إجراءات، ويقع من بين تلك القوانين والممارسات الجائرة قوانين الاقصاء والاجتثاث والمحاصصة، والكشف عن قتلة المتظاهرين من شباب العراق وتقديم المجرمين إلى المحاكم وتنفيذ مطالب شعب العراق التي رفعها أبناؤه بكل وضوح في ثورة تشرين والاعتصامات والمظاهرات التي سبقتها.
لقد جسّدت ثورة تشرين العظيمة وعي العراقيين وعزمهم على إنقاذ وطنهم وأبناء شعبهم، وأسقطت كل ما بناه الاحتلال الإيراني وعملاؤه عبر إعلامهم ومنابرهم وبممارساتهم وقوانينهم وبسطوة ميليشياتهم الإجرامية، وكانت الصوت العراقي الأوضح والأشمل في رفض هذه العصابات الإرهابية المسماة (أحزاباً)، وكانت استفتاءً شعبياً حقيقياً على الموقف منها.
وإن شعب العراق الذي عبّر عن موقفه المناهض للاحتلال والعملاء عازم على استخلاص حقوقه ومواصلة النضال لتحرير العراق من الاحتلال الأمريكي الإيراني وإقامة دولة وطنية لكل العراقيين من خلال تنظيم انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي حقيقي تعيد السيادة للشعب وتحاسب قتلته وسرّاق ثرواته، وتحقق كل ما يصبو إليه شعب العراق الأبي من أمن واستقرار ورفاهية وتطور، وهو السبيل الوحيد الذي يحقق للمحيط الإقليمي وللمجتمع الدولي الأمن والاستقرار وليس دعم ميليشيات إرهابية ومتسلّطين فاسدين.
الحرية لأسرانا والرحمة لشهدائنا والغد المشرق لشعبنا
قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي
بغداد 22 / 9 / 2021