مع اقتراب مهزلة انتخابات مجلس النواب الهُزء
الشَّعبِ العِرَاقِيّ.. هل ثمة اخْتِيَار مُمْكِن
بَيْنَ دَوْلَةٍ فاشِلَةٍ والدَّوْلَةِ النَمُوذَج
د.محمد رحيم آل ياسين
تشهد مدن العراق هذه الأيام نشاطاً وتنافساً مسعوراً بين أحزاب السلطة العميلة غايتها(انتزاع) أصوات بعض المواطنين المغرر بهم والمخدوعين بهذه السلطة المجرمة، بطرق رخيصة مبتذلة، تارة بالوعود الكاذبة، وتارة بالترغيب والترهيب، يوعدونهم بدولة نموذج! فيتسابقون فيما بينهم كما تتسابق الضباع في نهش لحم فريستها!.
ابتداءً فإنَّنا عندما نعدُّ دولة ما على أنَّها(نموذج) بين الدول في المنطقة والعالم، فذاك يعني أنَّ مراجعة وتحليل سلوك هذه الدولة(النموذج) داخلياً وخارجياً وبيان مواصفاتها، يفرضان علينا أن نعتمد أُسُساً محددة وضوابط موضوعية ومعاييرعلمية في الحكم على هذه الدولة أو تلك باعتبارها دولة(نموذج)، أم هي من عِداد الدول الهشَّة أو الفاشلة. وعندما يكون حكمنا وقرارنا باعتبار دولة ما هي(نموذج)، فهذا يعني أنَّ هذه الدولة تتمتع وتتميز بمواصفات تؤهلها لهذا الشرف العظيم.
ومِن تلك المؤشرات وفي مقدمتها، هو الرأي العام الشعبي صاحب الحق في تقييم دولته وحكومته، إنْ كان راضٍ عن حياته ومعيشته وحقوقه الوطنية والانسانية؟. وعندما نتجول بين العراقيين اليوم وتتحدث مع أي مواطن ، ونَسْتَبيِّن منه حاله وحال المجتمع والوطن ، فستجد أنْ لا شئ هو راضٍ عنه على الاطلاق، فكل شيء سوداوي في العراق كما يراه، حتى أنَّ المواطن يعاني من الضَّيم والحَسرة والقَهر وعذابات ليس لها آخر في ظل حكومة الاحتلال المارقة. فهذا المواطن يرى أنَّ كل هؤلاء الحاكمين وفي كل المستويات، لا يصلح أن يُدير(كُشْك) صغير للسجائر! لا أن يكون حاكماً وسلطاناً على العراقيين!.
وسيقابلنا هذا المواطن العراقي وهو يضرب كَفَّاً بكَّف، لأنَّه لا يجد توصيفاً دقيقاً ومقنعاً لما يقوم به بعض العراقيين من مشايخ الصدفة (المُتَشَيِّخين)، في محاولاتهم التأثير على أبناء عشائرهم لاستمالتهم والميل بهم لتأييد هذا وذاك من أزلام العملية السياسية المسخ في ترشحهم للانتخابات القادمة، وهم بذلك يفتحون المجال واسعاً لتمرير الظلم والبغي والفساد الذي وقع من هؤلاء العملاء على العراقيين، واسباغ الشرعية على حكومة الطغاة الفاسدين.
والحقيقة المؤلمة أنَّه يصعب علينا ومعنا كل العراقيين الشرفاء، تفسير كل هذا الصخب الكاذب والتهليل والتطبيل الزائف في اغداق الكرم (الحاتمي) من قِبَل البعض من اللاهثين خلف موائد سلطة الهابطين، ووعودهم الجوفاء من قبل بعض المتشَيِّخين في محافظات العراق العظيم. وكأنَّ الأمور قد اختلطت عليهم، فَبَات القتل والتخريب والفساد والتبعية للفرس، ونهب أموال الشعب حَقَّاً قانونيَّاً وانسانيَّاً لهذه الحكومة المجرمة، يستوجب الدفاع عنها وتأييدها! بينما التصدي لهذه الأعمال الاجرامية سلوكٌ منبوذٌ ومكروه!. بل ويستدعي ازهاق الأرواح البريئة كما يجري اليوم مع ثوَّار تشرين الأبطال وكل صاحب رأي حر.
وفي حالة الهَوس والخَبَل هذه فإنَّ كل عراقي أصيل لا يجد أمامه إلَّا أنْ يسأل بكل ألم وحرقة، عن ما قدَّمه هؤلاء المجرمون الفاسدون للشعب العراقي خلال ثمانية عشر عاماً مضت، سوى الدمار والخراب والتهجير والقتل ونهب أموال العراقيين والارتماء في أحضان الفرس الصفويين وفتح الابواب المشرعة لهم؟! حتى يمكن لأي عراقي نجيب سويّ أن يتقبل ما يهذي به هؤلاء العملاء من وعود فارغة كاذبة عن تأسيسهم لدولة نموذج عندما يترشحون لحكم العراقيين مجدداً!. ويتساءل عن موقف وفعل هذه الدولة الفاشلة بامتياز، من التَّطرُّف الديني والمذهبي (الطائفي)؟ وكثير من المسميات التي يقتضي توافرها في هذه الدولة (المَرِّيخية) الهابطة من السماء!.
وبعد ذلك فهل هذه الدولة إنْ كانت دينية حقاً كما يزعمون، تعتمد سلوكية يبرز فيها النموذج في السلوك الإسلامي الصحيح والأخلاقي والانساني ؟، وهل تحافظ هذه الدولة (المقدسة)!على روح القيَم والمبادئ الانسانية الراقية التي تقوم عليها ومن خلالها الدول المتحضرة؟ يضاف لها عدد من الشروط المادية والمعنوية الأخرى، منها النزاهة وجدية التنمية والمشاريع النهضوية التي تتبناها هذه الدولة (الفضائية) على الورق وفي التصريحات والخطب الرنانة وحسب. ثم أينَ أولوية حقوق الانسان المدنية والوطنية والانسانية في ديمقراطيتهم المزعومة ، ومنها نزاهة القضاء وحرية الفكر والرأي والثقافة وحق الحياة والعمل والتنمية المجتمعية والاقتصادية.
بعض مباديء المفهوم البعثي لحقوق الانسان :
وقبل أنْ أواصل وقفتي عند بقية المفاهيم، أجد ضرورة في أنْ أقتطع بعض من المبادئ التي يقوم عليها المفهوم البعثي لحقوق الانسان، وهي المباديء والتطبيقات التي جعلت من البعث قائداً مثالياً للعراق والأمة في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، حيث عمل البعث على تجسيد ايمانه بأنَّ المقياس الحقيقي لاحترام حقوق الانسان العراقي يكمن في توفير كافة مقومات الحياة الكريمة للمواطن وفي مقدمتها العمل الكريم والرعاية الصحية والتعليم، وتحقيق نزاهة القضاء وكل مفاصل الدولة لضمان العدالة والحقوق، اضافة الى التوزيع العادل والنزيه للثروة وللفرص . فبدون الحق في حياة كريمة لا يمكن الحديث عن أيّ حقوق أخرى، معنوية كانت أم مادية، سياسية أم اجتماعية.
انَّ البعث ونظامه الوطني والقومي في العراق قبل 2003، قد اعتبر حقّ الانسان في حياة كريمة هو (سيد الحقوق) الانسانية، وهو يعني استحقاقات كثيرة تليق بهذا الانسان وريث التاريخ التليد والحضارات الراقية والتراث الزاهر، ومن هذه الاستحقاقات التي عمل عليها البعثيون هي ؛ تحقيق الأمن والاستقرار، فبدون الأمن لن تكون هناك فرصة للانسان كي يحيى حياةً طبيعية سويَّة، فالفوضى وانعدام الأمن تجعل الحياة مهددة في أية لحظة. وعندما تكون حياة المواطن رخيصة، ومصيرها مجهولاً، تغيب حقوقه الانسانية التي لا يعود لها اي معنى اصلاً، حيث يفقد الأمل في البقاء حيَّاً!، حيث يطارده شبح الموت في كل لحظة كما هو اليوم. حتى وصل الحال أنَّ هذا المواطن لا يملك سوى الحقّ في أنْ تُدفَن جثَّته بشكل يليق به كإنسان!.
وهكذا يرى البعث أنَّه بدون الاستقرار والسِّلْم الاجتماعي، لن يُتاح لأيِّ شعب فرصته وحقه في أنْ يقوم بانجاز أيِّ شكل من أشكال التنمية الشاملة، فمَن ذاك الذي يغامر بأمواله وحياته للاستثمار والبناء في مجتمع (مُدَمَّر) يفتقد أدنى درجات الاستقرار والأمان، ودولة فاشلة لا ترقى لمستوى أضعف وأوهن الدول في العالم؟.
و الحقّ في الحياة الكريمة في منظور البعث، يعني الحقّ في الحصول على فرصة العمل المناسب، ومن هنا كان حقّ الوظيفة والعمل والتعيين في عراق البعث يقوم على مبدأ
(التعيين المركزي) وهو واجب(مُلزِم) على الدولة وحقٌ للعراقيين جميعاً على مختلف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم ومعتقداتهم.
فهل هذا ما تعمل عليه الدولة الفاشلة اليوم أو دولة (النموذج) القادمة غداً؟!
واقع الحال في عراق اليوم
ان الذي يجري اليوم في ظل حكومة الاحتلال الايراني المجرمة، هو اختزال مضمون حقوق الانسان العراقي، بأكذوبة (الانتخابات) المهزلة التي لا تعدو كونها اعادة تدوير الوجوه الكالحة التي تتسلط على العباد والبلاد دون غيرها.
ففي ظل كل ذلك نتساءل، كيف ستجري انتخابات نزيهة في ظل وجود قوانين الأقصاء والتهميش التي تحول دون توفير الفرص المتكافئة أمام العراقيين؛ وفي ظل سطوة وهيمنة الميليشيات الولائية بسلاحها الكاتم وقوة المال السياسي الفاسد، وكيف يمكن، وفي ظل تفشي الامية بين الملايين من ابناء الشعب العراقي نتيجة لاهمال التعليم وانعدام التنمية وشيوع الفقر، أن نطلب من مواطن لا يعرف القراءة والكتابة، أن يختار بين البرامج السياسية التي تُعرَض عليه في أيِّ انتخابات؟!، ثم نقول أنَّ الفرد قد أصبح يتمتع بحقِّه في ابداء الرأي بحرية؟! أو أن نطلب من شخصٍ لا يجد قُوت يومه هو وأسرته، بالمشاركة في حوار مفتوح عن مشاكل العرب والمنطقة؟! لنقول أنَّنا أعطيناه حقّ ابداء الرأي والتعبيرعنه بحرية؟! واخر يعاني من الامراض ولا يجد ما يدفعه ليُصرَف له العلاج اللازم، ونحثَّه على الاشتراك في تأسيس جمعية للرفق بالحيوان؟! ألَا يشكل كل ذلك تناقضا صارخا ومثيرا للسخرية المفجعة بين القول والفعل، وبين الشعارات الزائفة والتطبيق الواقعي لها ؟!. هذا هو ما يجري اليوم في هذه الدولة الهشّة التي تبلغ أعلى مديات الفشل.
ومع التدهور المريع الذي يشهده العراق في ظل حكومة الفاسدين يتساءل العراقيون، إنْ كان لدى أصحاب الوجوه الكالحة في حكومة العملاء أية احصائية عن الشباب الذين يلقون حتفهم بالـ(انتحار) بسبب البطالة وفقدان فرص العمل؟! أو من خلال الاختفاء القسري والاختطاف والاغتيلات المستمرة والمفتوحة الصلاحية حتى اشعار آخر!.
وبالعودة مرة أخرى الى مسألة الحقُّ في الحياة الكريمة، فهذا الحقّ لا يعني الجوانب السياسية فقط، بل يتعداه الى؛الحصول على خدمات صحية وتعليمية مناسبة، ومن ذلك
التأمين الصحيّ للمواطنين، والتعليم الالزامي ومجانية التعليم. وليس كما هو الحال في عراق دولة الفاسدين حيث لا تصرف المستشفيات الأدوية والعلاجات المطلوبة للمراجعين من المرضى، فالمذاخر والصيدليات في هذه المستشفيات والمراكز الطبية خاوية، تعشعش فيها القوارض والحشرات! ممَّا يضطَّر الأطباء للطلب من المراجعين شراء الأدوية اللازمة من الصيدليات الأهلية! التي تحولت بدورها الى (مولات) وأسواق تجارية!، تبيع بأثمان باهضة جداً. فهل لهؤلاء الحاكمين أن يطلعوننا على مبادرة واحدة في مجال حقوق الانسان وحفظ كرامته وحريته، حتى نقول عن عهدهم (المتردي) أنه يستحق أصوات العراقيين الأماجد في صناديق الاقتراع؟.
وعندما يحدِّثنا هذا وذاك من الموهومين والمخدوعين بحكام اليوم في العراق ، عن الاعمار المزعوم فكأنَّه لا يعلم بمئات المليارات من الدولارات التي نهبها وأستولى عليها الفاسدون في حكومة الاحتلال تحت بند (الاعمار) الموهوم؟!
لقد أصبح واضحاً للقاصي والداني أنَّ هؤلاء الذين جمعوا الفساد الى الظلم هم مَن يمارسون الاجرام المفرط في التعامل مع العراقيين، فيستهينون بأرواح الناس التي حرَّم الله قتلها دونما حقّ، ويسومون أهلنا في العراق سوء العذاب وينفذون فيهم القتل والاغتيال والذبح والحرق، كما هم فاعلون في أبنائنا الثائرين من الشباب في ميادين العِزّ والفخر، ميادين التظاهر والاحتجاج. ولم يتوقف اجرامهم عند حدود معينة، بل تراهم يحرمون الناس من مزارعهم ومحاصيلهم التي هي مصدر قوتهم وعيشهم بحرقها وتحويلها هباءً منثوراً، ثم الزعم بان الفاعل مجهول!. هؤلاء صنَّاع دولة (النموذج) الموعودة! يهلكون الزرع والنسل وينشرون الخراب والدمار في البلاد لينطبق عليهم قوله تعالى: {واذا تولَّى سعى في الأرض ليُفسد فيها ويُهلك الحرثَ والنَّسلَ والله لا يحب الفساد }.
اللاهثون وراء وهم الدولة ( النموذج)
من هنا نقول لمَن يلهث خلف هؤلاء المجرمين؛ هل أتاكم حديث تدمير العراق وتهجير شعبه وتقتيله بفعل المليشيات الارهابية والسلطة العميلة وادواتها من قضاء فاسد وغيره؟ هل أتاكم حديث نهب أموال العراقيين وفساد هؤلاء الحاكمين، وأنتم أهل الدار والديار؟ أم تراكم تعتلون على شعبكم في بروج مشيَّدة؟ . أيُّها الزائغون عن الحق، يا مَن نراكم مأجورين لهؤلاء العملاء، انَّ اجتراء الحكومة الصفوية في العراق على فعل ما تفعله من جرائم كبرى، انَّما يعود الى تشجيعكم، الى ولائمكم وعناقكم واحتضانكم لهم. فهل أنتم
واعون ابعاد ما تقومون به ؟، انَّهم ليسوا أكثر من عصابات اجراميَّة مُسَّلَحة تحكم البلاد اليوم بغطاء ديمقراطية كاذبة، فهل هذا هو النموذج الذي تريدونه يا شيوخ الصدفة والمراءات ؟، حتى ترتفع أصواتكم النشاز وتنفخون في أبواق الكذب والتضليل هنا وهناك مدافعين ومتضامنين مع هذه العصابة المجرمة؟ رغم كل ما يجري في العراق من تدمير وتخريب وارهاب وقتل ممنهج من قبل هذه السلطة، التي تمارس كل أنواع الاجرام والفساد واهدار المال العام، وتخريب اقتصاد العراق وهضم قوت الفقراء لصالح ايران .
اتَّقوا الله في شعبكم وأبنائكم، واعلموا هداكم الله للحقِّ أنَّ مَن أحبَّ الله فإنَّه يُقَدِّس الحياة التي خلقها سبحانه وتعالى، ولا يعتدي عليها أو يصادرها أو يزهقها، وأنْ يسعى في الأرض بناءاً واعماراً ولا يعيث فيها فساداً، طاغياً باغياً.
وبعد ذلك أقول للاهثين وراء هؤلاء (المثَل السَّيّء) انَّ غياب المحبة لله والناس يعني غياب محبة الوطن الحقيقية مهما كانت الشعارات المرفوعة، وبدافع الكراهية التي تعشعش في نفوس هؤلاء الضَّالين استرخصوا حياة الناس كما استرخصوا الوطن وتعمدوا خيانته وتدمير مؤسساته ونهب خيراته واستباحة ثرواته، فهل يُرجى منهم بعد كل ذلك خيراً كي تلهثوا وراءهم؟.
واقع احزاب السلطة اليوم
وبخلاف ما تفعله أحزاب سلطة السوء في عراق الرافدين اليوم، نرى أنَّ الأحزاب الوطنية في كافة الدول والشعوب والأمم، هي الفاعل الأساسي الاجتماعي والسياسي في ادارة الدولة ومؤسساتها سواء كانت هذه الأحزاب تدير السلطة هناك او في المعارضة من خلال دورها الرقابي النزيه، أمَّا ما يحصل في العراق اليوم ومع (الفائض) الحزبي في البلاد! ، نجد انها ليست سوى أحزاب كارتونية في حقيقتها، حيث لا تتبع أي اساس للتكوين الحزبي المتعارف عليه في المنطقة والعالم، فهي لا تعدو أكثر من هياكل وهمية وشكلية أقل ما نصفها بالـ(الهلامية)، حتى أنَّ أسماءها تفقد دلالتها ومعناها الوطني، وتُعبّرعن طائفية مقيتة، أنتجتها أحقاد دفينة في نفوس الفاعلين فيها ومَن تزَّعم نشاطها الخياني، وهي نتاج بواعث وأحقاد فارسية قديمة وصفوية خبيثة واحزاب اسلاموية اخرى، وكل حزب من هذه الأحزاب ملكية خاصة لمَن أسَّسها وتزَّعَمها، وعند دراسة السيرة الشخصية لهؤلاء المؤسِّسين والمتزعمين لها، فإنَّنا لن نجد لأحدٍ منهم موقفاً وطنياً واحداً! بل تاريخ أسود تميز بالخيانة والغدر بحق الوطن والشعب والدِّين، وليس من بينهم من لم تتلطخ يداه
بدماء العراقيين الأبرياء، تلك هي الصورة المرعبة لهؤلاء الخونة، الذين يتهافتون على اقامة الندوات واللقاءات مع جمهرة من الناس المغرر بهم.
هؤلاء باعوا العراق وأهله بمزاد مفتوح لمَن يدفع أكثر! ثم قدَّموا أبناء العراق قرابينَ لأحفاد كسرى، ومع ذلك وبكل وقاحة وفجاجة وصَلَف يعلنون مراراً وتكراراً أنَّهم مبعوثوا العناية الإلهية لانقاذ العراقيين!. فيرفعون شعارات (نصرة) المظلومين وحماة حقوق العراقيين، في الوقت الذي ينتهكون كرامتهم وحرماتهم ويأكلون أموالهم بالباطل، ويغتصبون حقوقهم، وهم (يصلبون) الوطن في كل يوم عشرات المرَّات! حتى أصبح العراقيون أسرى في أقفاصهم الطائفية الخبيثة، فأسَّسوا فرقاً وجماعات ليس لها عَدٌّ ولا حصر لاعتقال المعارضين واغتيال الوطنيين منهم، انَّهم والله (النموذج) الأول والأمثَل للارهاب في العالم، فهم مصانع الارهاب الكبرى في العالم، ومخزن هائل للاجرام والوحشية والدمار .
هي أحزابٌ فقدت مشروعيتها السياسية والأخلاقية منذ لحظة تشكيلها وما اثبتته ممارساتها خلال السنين العجاف الماضية، كما هي فاقدة لوجودها الاجتماعي والديِّني. وكل ما تفعله هو التجهيل المنظم للناس والتسول واستجداء مشاعرهم وعواطفهم من خلال شعارات طائفية بإمتياز والتي يبرأ منها الدين والمذهب .
لذلك فالواجب الوطني يحتِّم على كل عراقي غيور أن يسعى بمشاركة كل الخيِّرين الى تسفيه هذه (المنظومة المُتَقزِّمَة) من الأحزاب وتعرية انتخاباتها الزائفة ، من خلال كل الوسائل المتاحة سواء في العشيرة اوفي القرية والمدينة من اجل مقاطعتها، ودعم ثورة الشباب ضدهم فهذا هو الرَّد الحقيقي وليس (التطبيع) مع المجرمين قتَلة الثوّار السلميين. وهكذا يكون الموقف من هؤلاء العملاء، ففيه الضمانة للخلاص منهم وركلهم خارج أرض العراق الطاهرة.
بعض التحديات التي يواجهها العراق اليوم
واستناداً الى ما سبق، أقول لهؤلاء اللاهثين وراء حكومة المجرمين والفاسدين، أنَّ العراقَ في ظِّل هؤلاء يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة أوجزها بما يلي :
أولاً- التهديد الخطير الذي يمثله الفرس الصفويين على العراق وبلاد العرب، حيث تحوَّل العراق الى حديقة خلفية لعرش (الامبراطورية) الفارسية المزعومة، وقد عمدت حكومة
الاحتلال الى فتح أبواب الحدود الشرقية للأمة على مصاريعها أمام دولة فارس، لتعميق نفوذهم في ادارة شؤون العراق السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، على حساب حرية العراقيين في ادارة بلدهم، وعلى حساب الدور العربي في العراق.
ثانياً- تحالف الفساد مع المليشيات الاجرامية :
انَّ الدولة الوطنية (المسلوبة) تمر بأزمة خانقة، هي أزمة وجود في ظل تزايد الفاعلين في شؤون البلاد من أمريكان وفرس، ومِن أحزاب اجرامية وتحالف المال الفاسد مع ميليشيات وجماعات مسلحة أخرى لا حصر لها، وباتت الأحزاب الصفوية تمثل تحدياً للعراقيين الذين لم يكن لهم سابق عهد بهذا الاحتلال وادواته الفوضوية والعبثية والانفلات التي تمثلها هذه الأحزاب وميليشياتها، فهي الحاكم الفعلي للعراق الذي يزعمون انه (النموذج) !
ثالثاً- وعليه فهذا التحوّل الغريب من قبل البعض في العلاقة مع تلك الأحزاب ، يمثل انحيازاً سافراً وتاماً لصالح الفرس وأذنابهم الذين يتسلطون على رقاب العراقيين، وهذه تحمل تداعيات خطيرة ليس لأنَّها بيئة خصبة لنمو وتزايد الوجود الفارسي على أرض العراق، وانَّما تعطي الذريعة والشرعية الاجتماعية للحكومة العميلة وأجهزتها القمعية المتوحشة للايغال في اضطهاد العراقيين وتقتيلهم، وتشجعها على نهب ثروات العراق وأموال الشعب.
وهنا أرى لزاماً عليَّ أن أُذَكِّر بعض (شيوخ) العشائر العربية الأصيلة الذين يتهافتون لتمتين العلاقة مع أذناب الاحتلالين الأمريكي والفارسي، ارضاءً لمصالح شخصية ونفعية محدودة، فأقول لهم: وأنتم تحثُّون الخطى متسارعين لـ(صحبة) ومصاحبة عملاء الاحتلال، اذكركم أن لا تُديروا ظهوركم لشعبكم العراقي المكلوم بهذه الطغمة الفاسدة، فلا تعقدوا أيِّ صفقة رخيصة مع الأوغاد في حكومة الاحتلال وأنتم تتسابقون لنيل (شرف) مصافحة هؤلاء الفاسدين!، وأن تحسبوا لهذا الشعب العريق الماجد حسابه.
فهؤلاء ، يا (مشايخ) العشائر العربية الأصيلة، لا ينتمون بأي شكل من الأشكال للعراق ولا يمثلون الشعب العراقي، وشرايينهم لا يجري فيها الدم العراقي والعربي، بل استبدلوه بـ(وَحل) الخيانة!، لذلك فليس بغريب عليهم أن يهدموا كل بنيان في العراق، انتقاماً من العراقيين الذين لفظوهم ولعنوهم الى يوم يُبعثون، وهؤلاء لا يملكون توكيلاً من الشعب أو تمثيلاً له، ورغم ذلك يدَّعون أنَّهم يتحدثون بإسم العراقيين زوراً وبهتاناً، كيما يكتسب
وجودهم الطارئ صفة الشرعية، في حين ان ذُكِرَ اسم أحدهم كفيل باصابة أي مواطن عراقي أصيل بالغثيان والدوار! .
أنصحكم في العلَن يا مشايخ عشائرنا العربية، أنْ تتوقفوا عن استقبال هؤلاء المجرمين في دواوينكم التي ألفنا فيها الرِّجال الوطنيين المخلصين وليس أشباههم ، ولا تجعلوا أبناء عشائركم في مفترق طرق، وفي تباين واختلاف، البعض يصدِّق والبعض يُشَكِّك، والبعض يتأمَّل فيما يقولون ويوعدون.