بلد اللاءات الثلاث سيبقى وفياً لعروبته ووطنيته وإرثه النضالي
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي أن السودان العزيز وهو بلد اللاءات الثلاث سيبقى وفياً لعروبته ووطنيته وارثه النضالي دفاعاً عن القضايا القومية وطليعتها القضية الفلسطينية كما كل قضايا الحرية والديموقراطية.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية تعقيباً على ما أعلن من بدء خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني، وفيما يلي نص البيان:
لم يكد يجف حبر التوقيع على اتفاقيات التطبيع بين نظامي الامارات والبحرين مع الكيان الصهيوني ،حتى جاء الاعلان عن بدء اجراءت التطبيع بين السودان “واسرائيل”،وبدون الرجوع الى الشعب ومؤسساته الدستورية والتمثيلية.
ان هذا الاعلان الذي مُهد له باتصالات جرت” تحت الطاولة” وادارها من الجانب السوداني رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح برهان ونائبه وانضم اليهما في مابعد رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك ، اتى من خارج السياق العام للعملية السياسية التي انطلقت الياتها التنفيذية بعد اسقاط نظام البشير واستناداً الى ضوابط الوثيقةالدستورية التي توافق الجميع عليها.
وبدل ان ينصب الجهد الوطني العام على استكمال عقد المؤسسات الدستورية وخاصة المجلس التشريعي ،والتي يناط بها ادارة شؤون الدولة وتسيير مرفقها العام طلية المرحلةالانتقالية واتخاذ الخيارات الوطنية، ذهبت الامور باتجاه اخر ،بتجاوز رئيسي المجلس السيادي والحكومة للاطارات المؤسسية ،والاعلان انه تم التوافق على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
هذا الاعلان عن البدء باجراءات التطبيع، سبقه اعلان عن دفع السودان مبلغ ٣٣٥مليون دولار للادارة الاميركية كتعويض للقتلى الذين سقطوا في تفجير سفارتي اميركا في كينيا وتنزانيا وفي الهجوم على المدمرة “كول”في ميناء عدن مقابل رفع السودان عن لائحة الدول الراعية للارهاب بحسب التوصيف الاميركي.
ان صفقة “الفدية” التي وافقت عليها القوى الوطنية السودانية على مضض وعلى شرط ان لايكون الامر مرتبط بموضوع التطبيع ،تبين انها لم تكن صاعقة في سماء صافية بل جاءت تمهيداً للاعلان المشؤوم ،الذي لم ينتهك قواعد التوافق السياسي بين الاطراف التي ائتلفت تحت مظلة الوثيقة الدستورية وحسب ،بل جاء ليشكل ارتداداً عن كل المنظومة القيمية التي ضبطت ايقاع العمل الوطني في السودان منذ استقلاله ،وخيانة للتراث الوطني الذي تراكمت معطياته الذي تم التأسيس له في ثورة اكتوبر المجيدة عام ١٩٦٤ ،واعيد بعثه مجدداً في ثورة ديسمبر وهي التي مازالت تمهد الارضية الوطنية والسياسية لاستكمال اطارات عملها ،للانتقال بالسودان الى مرحلة جديدةمن تاريخه السياسي عبر اقامة نظام المواطنة وانجاز خطوات التحول الوطني الديموقراطي وتحقيق السلم الاهلي واطلاق ورشة التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ، لبناء اقتصاد وطني منتج يلبي الحاجة الداخلية ويحد من ضغوطات الخارج الدولي والاقليمي ،والذي يربط تقديم المساعدات الاقتصادية بخيارات الارتهان السياسي
ان القيادة القوميةلحزب البعث العربي الاشتراكي ،والتي قدرت وتقدر عالياً مااستطاعت الحركة الشعبية في السودان تحقيقه عبر ثورتها الاخيرة ،ترى ان التطبيع الذي يعمل ويروج له بعض رموز السلطةالتي تدير المرحلة الانتقالية ،هو خيانة عظمى لعروبة السودان بقدر ماهو ارتداد عن كل قيم الوطنية السودانية.فالسودان الذي احتضنت عاصمته القمة العربية التي اطلقت اللاءات الثلاث ،لاتفاوض ،لاصلح ولا اعتراف “باسرائيل”،لايمكنه ان يتنكرلتاريخه ويسمح للعلم الصهيوني ان يرفرف في سماء الخرطوم.
والقيادة القومية وهي تدرك حجم الصعوبات الاقتصادية التي ترخي ظلالها الثقيلة على مجمل الوضع الشعبي والسياسي ،وتدرك جيداً حجم التحديات التي يواجههاالسودان في الفترة الانتقالية،ترى انه ليس بهذا الخيار تعالج تداعيات الازمة الاقتصادية بكل انعكاساتها الاجتماعية والمعيشية ،لان التطبيع لن يحل ازمة الديون الخارجية بل سيزيدها عبئاً باعادة تدويرها وتقديمها بصيغ جديدة تلبي شروط صندوق الدولي الذي مادخل على اقتصاد بلد الا وخربه ،كما ان التطبيع لن يقوي وشائج الوحدة الوطنية الداخلية ،لان العدو الصهيوني الذي يعتبر امنه الاستراتيجي يتحقق بقدر مايحصل التفكك في بنى المجتمع العربي ،سوف يبقى ينشط ضمن هذا المسار وهو ذو البصمات الواضحة في كل ماهدد ويهدد وحدة السودان ،من دوره في انفصال الجنوب الى دوره في دعم الحركات المسلحة.
ان ربط تحرير السودان من ديونه الخارجية وتأمين الرخاء والازدهار الاقتصادي له بقبوله بالتطبيع ،هو تضليل موصوف وكذبة كبرى ،لان ذلك سيدخله تحت مظلة احتلال اخر ،عبر جعل السودان ينتقل من فلك فضاء عربي الى فلك فضاء اقليمي منشدٍالى مركز الجذب الصهيوني.
من هنا ،فان القيادةالقومية للحزب ،ترى ان الضغوطات التي تمارس على السودان لدفعه الى هذا الخيار القاتل لن يحل ازماته بل سيزيدها تثقيلاً.ان كل هذا يؤكد بان تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني ليس الهدف منه حل مشاكل السودان الاقتصادية ،بل الهدف الاساس هو تشكيل نظام اقليمي جديد يلبي المصالح الاستراتجية للعدو الصهيوني كما مصالح الامبريالية ودول الاقليم التي ترى في الجغرافيا العربية مدىً حيوياً لمشاريعها العدوانية وايران وتركيانموذجاً.
ان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ،وهي التي تعتبر كل فعل تطبيعي هو فعل خياني وكل نظام او كيان يطبع مع العدو انما يغرز خنجراً مسموماً في جسد الامة العربية ،تكبر في جماهير السودان وقواها الوطنية موقفها الرافض للتطبيع ورفضها القوي لما اقدم على اتخاذه البرهان وحمدوق من مواقف وقرارات ذات تأثيرات خطيرة على الامن الوطني وعلى مسار العملية السياسية ،ترى في هذا الرفض والدعوة لاسقاط الاجراءات التي تدفع باتجاه التطبيع تعبير عن الاصالة الوطنية المتجذرة في شعب السودان وقوة انشداده الى قضايا الامة وخاصة القضية الفلسطينية.
ان القيادة القومية للحزب وهي توجه التحية لكل القوى الوطنية السودانية التي اعلنت رفضها وادانتها لما اعلن من مواقف تدعو للتطبيع مع العدو ،توجه تحية خاصة للرفاق في الحزب قيادة وكوادر ومناضلين وهم يقبضون على جمر الموقف المبدأي ،وينخرطون بكل امكاناتهم في الفعاليات النضالية الشعبية والسياسية لمحاصرة اجراءات التطبيع وتجميدها واسقاطها ،كما نضالهم لحماية انجازات ثورة ديسمبر والتأكيد على ان الشعب هو صاحب القول الفصل في تحديد خياراته الوطنية ،والعودة اليه واجب الوجوب خاصة بالنسبة لقضية خطيرة كموضوع التطبيع
تحية لجماهير السودان التي نزلت الى الشوارع والميادين تنادي باسقاط التطبيع والمطبعين وهي توجه رسالة لدعاة التطبيع وداعميهم في الخارج الدولي والاقليمي بان العلم الصهيوني الذي أحرق في شوارع الخرطوم لن يرفع في سمائها.
إن الثقة كبيرة بجماهير السودان وقواها الوطنية على مختلف طيفها السياسي ،بقدرتها على التصدي لقوى التطبيع ورموزها ،والسودان الذي انطلقت من ارضه اللاءات الثلاث لن يكون للصهيونية مقراً ولا مقراً.
كل الدعم والتأييد لجماهير السودان التي تنتفض ضد التطبيع كما انتفضت ضد نظام الفساد والتمكين والقمع ومصادرة الحريات العامة ،وما النصر الاحليف الشعوب المكافحة من اجل حريتها واستقلالها
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في ٢٥ / ١٠ / ٢٠٢٠