الاعتداءات التركية والإيرانية على العراق انتهاك صارخ للسيادة الوطنية
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
اعتبرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إن الاعتداءات التركية والإيرانية على العراق هو انتهاك صارخ لسيادته الوطنية، وهذا ما كان ليحصل لولا انكشاف الساحة الوطنية بعد احتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني.
جاء ذلك في بيان للقيادة القومية فيما يلي نصه:
بعد تسعة اشهر على انطلاق الانتفاضة الشعبية في العراق، والتي استحضرت في حراكها كل عناوين القضية الوطنية، بما هي قضية تحرير وتوحيد ومواجهة منظومة الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي أفرزها الاحتلال بطرفيه الأميركي والإيراني، وبعدما استطاعت الانتفاضة الشعبية أن تفرض إيقاعها على حركة الشارع وتحافظ على سلميتها وديموقراطية تعبيراتها رغم القمع الذي تعرضت له بتوجيه من مركز التحكم الإيراني الذي تتسع مساحة الاعتراض السياسي والشعبي على تغوله في الشأن الداخلي العراقي، وتحول هذا الاعتراض إلى مواجهة مباشرة مع أدواته وأجهزته الأمنية وقواه الميلشياوية، في هذا الوقت يتعرض شمال العراق لاعتداءات تركية وإيرانية اتسعت امداءاتها في الأيام الأخيرة لتشمل المناطق المتاخمة للحدود التركية والإيرانية بزعم مواجهة ما يسمى القوى الإرهابية التي تتخذ من ارض العراق مركزاً لإدارة نشاطها ضد النظامين التركي والإيراني.
إن هذه الفرية التي تتخذها تركيا وايران ذريعة للقيام بأعمال عدوانية في شمال العراق، إنما يذكر بالفرية التي اتخذت ذريعة لتشكيل التحالف الدولي لمواجهة ما سمي بالقوى الإرهابية والذي نسق كل عملياته مع النظام الإيراني الذي تدخل مباشرة وتحت مظلة الحشد المذهبي الذي امعن تدميراً وتخريباً في البنى المجتمعية وفي محاولة مكشوفة لإجهاض النتائج السياسية التي أفرزها العمل المقاوم ضد الاحتلال والحؤول دون القوى التي شكلت رافعة سياسية وحاضنة شعبية للمقاومة الوطنية من ترجمة انتصارها على المحتل في إنتاج نظام وطني يحاكي طموح الشعب في خياراته الوطنية والاجتماعية.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إذ تدين بشدة العدوان التركي والإيراني على شمال العراق، ترى أن هذا العدوان إنما يشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق الوطنية، وان هذا العدوان وتماديه ما كان ليحصل لولا الانكشاف الوطني لساحة العراق والتي كانت في اعلى درجات تحصنها في ظل نظامه الوطني الذي وفر شبكة أمان وطنية في مواجهة كل أشكال العدوان والتدخل في شؤون العراق، بقدر ما وفر شبكة أمان اجتماعي عبر توفير كل شروط ومقومات الأمن الاجتماعي والمعيشي وكل ماله علاقة بالأمن الحياتي.وإذ يفتقر العراق اليوم لشبكة الأمان بعنوانيها الوطني والاجتماعي، فلأن القوى التي تدير شأنه الداخلي، هي قوى منخورة بالفساد وتدير السلطة على قواعد المحاصصة وهي أسيرة الارتهان لتجاذب التأثيرات الأميركية والإيرانية.ولذلك فان الموقف الاحتجاجي الذي أطلقته حكومة ما يسمى بالمنطقة الخضراء ضد الاعتداءات التركية والإيرانية إنما يفتقر إلى المصداقية الوطنية لان فاقد الشيء لا يعطيه.من هنا، فإن مواجهة ما يتعرض له شمال العراق من عدوان تركي وإيراني موصوف، لا تستقيم إلا بالاستناد إلى معطيات المشروع الوطني الذي حملت لواءه قوى المقاومة الوطنية وتستمر في حمله قوى الانتفاضة الشعبية التي لا ترى إنقاذاً من للعراق إلا بتحريره من الاحتلال الإيراني وبقايا الاحتلال الأميركي، وإسقاط العملية السياسية التي افرزها الاحتلال والتي ما تزال بكل رموزها وأطرافها تتماهى مع مصالح القوى الدولية والإقليمية على حساب مصالح الشعب وحقه في ثروته الوطنية التي نهبت ووظفت في خدمة القوى المعادية للعراق والأمة العربية وخاصة المشروع الإيراني الذي يلعب دور الرديف الموضوعي للمشروع الصهيوني الذي يواصل عمليه قضمه للأراضي المحتلة وآخرها غور الأردن ومساحات واسعة من الضفة الغربية.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تعتبر أن الأرض العربية هي على مستوى واحد من القدسية، وأن الأمن القومي العربي هو وحدة عضوية، وأي تهديد أو عدوان على مكون وطني عربي أو أي أرض عربية هو تهديد وعدوان على الأمن القومي العربي برمته.ولذلك فان العدوان التركي والإيراني على شمال العراق، لا يشكل تهديداً لأمن العراق الوطني وحسب، بل هو عدوان على الأمة، كما الاحتلال والعدوان الصهيوني المستمر والمتواصل فصولاً، وكما التغول الإيراني ذي الطبيعة العدوانية في أكثر من ساحة عربية، والعدوان التركي على ليبيا وشمال شرق سوريا، وكل أشكال التدخل العسكري الأجنبي في الشؤون العربية.
إن هذه العدوانية الشاملة الأمة العربية من مشارب ومواقع مختلفة دولية كانت أو إقليمية، تتطلب مواجهة شاملة، تستنفر من خلالها القوى العربية التحررية كافة إمكاناتها الشعبية والسياسية، وتوظيفها في سياق مشروع متكامل يرتكز على مسلمات وحدة النضال الجماهيري ضد تحالف القوى الدولية والإقليمية التي يجمعها العداء للامة العربية وان اختلفت فيما بينها على المصالح.وعليه، فإنه وأمام محاولات إعادة تشكيل نظام إقليمي جديد تتبوأ “إسرائيل” وإيران وتركيا وأثيوبيا مواقع مقررة فيه، فإنه لا بد من إعادة الاعتبار المركز القومي الجاذب الذي يحقق الامتلاء السياسي والنفسي للامة ويضع حداً للفراغ القومي الذي بلغ ذروته بعد احتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني.
إن هذا الأمر يتطلب استعادة مصر لدورها القومي واستكمال تحرير العراق من الاحتلال والهيمنة ومنظومة الفساد وإنتاج حلول سياسية وطنية للازمات البنيوية في سوريا ولبنان واليمن وليبيا، وإنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية وإعادة توحيد قواها الوطنية على قاعدة الموقف المقاوم، ورفض ومقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني وتقديم الدعم السياسي والمادي لثورة السودان كي تأخذا كامل مداها التغييري وبما يمكنها من مواجهة الضغوطات التي يتعرض لها السودان لربط المساعدات بمواقف سياسية تمس سيادته الوطنية وجوهر موقفه القومي من القضايا القومية وهو بلد اللاءات الثلاث بما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي توجه التحية لجماهير العراق المنتفضة، وتكبر صمودها وإصرارها على استعادة السيادة الوطنية لأرض العراق التي تنتهكها قوى الاحتلال، وتجل شهداءها وجرحاها والمعتقلين والمختفين قسراً، تعتبر أن انتصار المشروع السياسي لثورة شعب العراق هو الذي سيشكل نقطة الانطلاق لإعادة الاعتبار للامة وامنها القومي.فالأمة سقطت دفاعاتها يوم سقط العراق والأمة تعود دفاعاتها لتنتصب أمام ما يتهددها من أخطار ومنها الخطران الإيراني والتركي، يوم يعود العراق حراً عربياً موحداً وديموقراطياً.فلتنتصر الأمة لذاتها عبر الانتصار لثورة شعب العراق ومقاومته، وليطلق موقف قومي قوي ضد عدوان القوى الإقليمية والدولية، ولتخرج كافة والقواعد القوات الأجنبية التي يؤدي استمرارها على الأرض العربية إلى انتهاك متمادٍ للسيادة القومية.
إن الأمة العربية تملك إمكانات شعبية ومادية كبيرة، وتختزن في ذاتها ارث تاريخ عظيم، وجماهيرها ما بخلت يوماً بعطاء وتضحية، ومصيرها يقرره أبناؤها ومعركة الأمة مع أعدائها هي معركة المصير الواحد وهذه نقطة البداية لمسيرة النهوض والاستنهاض القومي.
القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي
في ٢٠ / ٦ / ٢٠٢٠