الأمة العربية بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى فكر البعث الوحدوي التحرري النهضوي.

الأمة العربية بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى فكر البعث الوحدوي التحرري النهضوي

 

تمر اليوم الذكرى الحادية والسبعين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي جاء تعبيراً عن حاجة الأمة العربية إلى تنظيم طليعي يحقق ما كان يعتمل في صدور أبنائها من تطلعات نبيلة نحو غد عربي مشرق يحقق لها سبل النهضة والوحدة والتحرر والعدالة الاجتماعية.

لقد تأسس البعث في حقبة تمكنت فيها قوى الاستعمار من بسط سيطرتها على الامة فعاثت فيها الفساد ارضا وانسانا وتمكنت من الجثوم على صدرها وتكريس روح الضعف والانهزام في ابنائها واقامت الحواجز النفسية والعملية بينهم فكرست الانقسام كأحد اهم ركائز بقاء الاستعمار وضمان استمرار نهبه لمقدرات الامة.

في ظل هكذا اوضاع نهضت ثلة من شباب واع مخلص يتألم لما وصلت اليه الامة من ضعف وتمزق وتخلف ، للخروج بأمتهم من هذا الواقع ونقلها الى حالة التأهب للدفاع عن نفسها وطموحها في حياة حرة كريمة . فتداعوا للنضال من اجل خلق جيل عربي يعيد النبض الى عروق امتهم . فقرأوا امراضها بعيون فاحصة وقلوب مؤمنة وثقة في اجيالها القادمة، متكئين على رصيدها الجهادي ودورها الحضاري في انتشال البشرية من الظلمات والتخلف الفكري و الانهيار الاخلاقي . فاستنبطوا من ذلك شعار العمل النضالي (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) واستولدوا من رحم المعاناة اهداف وركائز النضال القومي المترابطة ترابطا عضويا في (الوحدة والحرية والاشتراكية ) وبدأوا النضال المنظم منذ السابع من نيسان 1947م منطلقين من دمشق ومادين جسور التلاحم النضالي مع ابناء الامة في كل ارجاء وطن العروبة . فخاضوا معارك احياء الامة وبعث نهضتها واعادة دورها الانساني على مدى سنوات طوال بذل فيها ملايين البعثيين تضحيات جسام وحققوا فيها صورا رائعة من البطولة والتضحية ونكران الذات ما يندر له مثيل في التاريخ ، واقاموا فيها نماذج للبناء صارت منارات مشرقة في تاريخنا العربي المعاصر.

لقد كان من عوامل تميز “البعث” أنه لم يكن فكراً أو تنظيماً نخبوياً أو حالماً، كما هو شأن كثير من الأحزاب والتنظيمات والتوجهات الفكرية التي كانت سائدة في الساحة السياسية العربية، فقد كان تنظيماً جماهيرياً واقعياً، ربط النظرية الفكرية بواقع الأمة، مستخلصاً فلسفته السياسية والفكرية وممارساته النضالية من صميم واقع العرب عبر التاريخ، فأجاب عن كل التحديات التي تواجه الانسان العربي وامته ، رابطاً على نحو رائع وخلاق ، ولأول مرة في تاريخ العرب المعاصر ، بين وحدة الأمة العربية وقضية التحرر من الاحتلال ومن النفوذ الأجنبي من جهة ، مع قضيتي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية من جهة اخرى ، فأكسب بذلك قضية الوحدة، التي كانت قضية نخبوية، دماءً جديدة من خلال ربطها بنضال الجماهير اليومي لتحقيق العدالة الاجتماعية ، وبنضال الأمة كلها لتحريرها من قيود الاحتلال والتبعية والنفوذ الأجنبي.

كما تميَّز “البعث” بأنه الفكر الوحيد الذي قدَّم نظرية متكاملة واعية عن العلاقة بين العروبة والاسلام، وربط بينهما على نحو عضوي شامل. حيث نظر إلى الإسلام، باعتباره الرسالة السماوية الخالدة التي حققت أعظم نقلة حضارية وإنسانية وقيمية في تاريخ العرب، ونظر إلى الأمة باعتبارها حقيقة راسخة خالدة، فكانت رؤيته للعلاقة بينهما، ونظرته إلى الدين والايمان، نظرة شمولية واعية مستمدة من طبيعة المجتمع العربي المؤمن ، ومواكبة في نفس الوقت لروح وحاجات العصر.

ولقد كانت إضاءات القائد المؤسس، الأستاذ أحمد ميشيل عفلق، سبّاقة في فهم هذه العلاقة العضوية، التي تستلهم الاسلام وتجعله باعثاً على نهضة الأمة العربية، وفي اعتباره أثمن ما يجب ان يحافظ عليه العربي، أياً كان دينه، فاعتبره زاده الثقافي والمعرفي والقيمي في مواجهة مخططات الإلحاد ومسخ هوية الأمة العربية.

وهكذا شكل ميلاد حزب العربي الاشتراكي انعطافه كبيرة في تاريخ العرب. انه ميلاد اشرقت شمسه في ارض الشام وانداحت اشراقته لتعم ارجاء الوطن العربي من المحيط الى الخليج ، تخط للأجيال العربية مبادئ وقيم الحياة التي تليق بأمة ذات رسالة ، وتؤسس لمدرسة نضالية غير مسبوقة ستظل قنديلا يهدي الثائرين لمئات السنين . فكان البعث مولود قومي خالص، ولد من رحم المعاناة الذاتية فوضع اللبنات لمسيرة حافلة بالعطاء مبنية على نظرية علمية استنبطت عبر قراءة واقع الامة وحاجاتها والشروط النضالية الكفيلة باعادة عجلتها الى حيز الفعل والحياة والنبض من جديد، فكان بعث الامل وبعث العمل.

لقد كان ميلاد البعث اول مشروع نضالي عربي جدي في العصر الحديث يتخذ من فلسطين قضية مركزية فربط “البعث” بذلك ومنذ البداية بين قضية الوحدة وتحرير فلسطين، فلم يجعل مسؤولية تحريرها على أهل ذلك القطر العربي فحسب، بل جعلها قضية مركزية لكل العرب. وكانت باكورة انطلاقته في ذلك دعوته الشباب العربي للتطوع في مقاومة العدوان الصهيوني وانخراط قيادته القومية متطوعين في صفوف المقاومة للدفاع عن فلسطين في العام1948م .وإيماناً من الحزب بضرورة العمل المؤسسي لتحرير فلسطين، فقد أنشأ لاحقاً جبهة التحرير العربية، لتكون فصيلاً مجاهداً يضم مناضلي “البعث” العرب ليعملوا مع أبناء فلسطين لتحرير الأرض المحتلة.

لقد كان البعث اول حركة نضالية تجعل من كل الوطن العربي ميدانا واحدا للنضال وتجعل من قضايا الامة هماً مشتركاً ، فتقبل الشباب العربي فكرة البعث وفلسفته النضالية القومية وانضم العديد من ابناء العروبة الى صفوفه مناضلين في ساحات عديدة من الوطن الكبير. كما قدم البعث نموذجا جديدا في التربية والسلوك على امتداد الساحة العربية حيث ربط الفكر بالممارسة واوجد تجربة جديدة انجبت اجيالا من (المفكرين المناضلين ) فكان قادة الحزب دوماً في مقدمة المسيرة النضالية وضربوا اروع الامثلة واندرها في الاقدام والشجاعة والشهامة رافعين شعار البعثي اول من يضحي .

ويسجِّل التاريخ بكثير من الفخر والاعتزاز المواقف القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي على مدى سنوات نضاله الطويل في مشرق الوطن العربي ومغربه، ووقوفه مع قضايا الأمة الكبرى، فلقد ولدت على يده اول وحدة عربية في العام 1958م عندما قدم اكبر تضحية من اجل تحقيقها انسجاما مع قناعته ووفاء لمبدئه في الوحدة العربية. ثم استكمل البعث مسيرة الوحدة بتوقيع ميثاق الوحدة الثلاثية بين العراق ومصر وسوريا، ثم توحيد القوات المسلحة العراقية والسورية تحت قيادة عسكرية واحدة عام 1963 لتشكل ولأول مرة ، طوقا استراتيجياً يطوق شمال الكيان الصهيوني الغاصب.

وكان دعم “البعث” للثورة الجزائرية واضحاً وسريعاً، فقد بادر الحزب بوضع الثورة الجزائرية مع اندلاعها في الأول من تشرين الثاني / نوفمبر 1954 في مكانتها القومية الصحيحة، وقاد نضالاً شعبياً واسعاً في مختلف الساحات العربية التي كان يتواجد فيها، ودعمها بكل الأساليب المتاحة، بل إنه فتح باب التطوع للالتحاق بصفوف الثوار، هادفاً في ذلك إلى حماية الثورة من جهة، والربط النضالي بين مشرق الوطن العربي ومغربه من جهة أخرى. كما احتضن “البعث” ثورة الشعب الإرتيري ودعمها بالمال والسلاح والخبرات في كل المجالات، فضلاً عن أوجه الدعم والإسناد الشعبي الأخرى.

في اليمن، كان حزب البعث العربي الاشتراكي الداعم الأكبر للوحدة، والمدافع الأمين عنها ضد محاولات التقسيم والانفصال، وهو اليوم يقف في صف “الشرعية” دفاعاً عن وحدة اليمن واستقلاله ورفضاً للميليشيات الحوثية الطائفية المدعومة من إيران وعصاباتها في العراق وسوريا ولبنان على نحو خاص.

أما في السودان، فقد كان دعم الحزب كبيراً في مواجهة حركات الانفصال والتمرد التي هددت وحدة هذا القطر العربي الشقيق، وقد سجَّل التاريخ موقف قيادة “البعث” في العراق لدعم السودان في معركة مدينة الكرمك التي كانت أثيوبيا تسعى لاحتلالها عام 1986، كما كان للحزب موقفه التاريخي في رفض انفصال جنوب السودان عن الوطن الأم. وكذا ما قامت به قيادة “البعث” في دعم الأشقاء في موريتانيا التي كانت مدينة روصو فيها معرضة لغزو من جمهورية السنغال، حيث وفَّر كل أشكال الدعم حفاظاً على وحدة الأراضي الموريتانية وسيادتها، وحال دون سقوط هذه المدينة العربية بيد المحتلين.

وفي العراق كانت ثورة السابع عشر من تموز المجيدة التي قادها البعث ردا حاسما على الانعكاسات السلبية التي خلفتها حرب حزيران 1967م في الامة، فأصبحت بغداد عاصمة للصمود وقاعدة للنهوض استرد عبرها الشباب العربي الثقة في النفس فكان عراق تموز منارة سامقة للنضال العربي وقف بقوة في وجه اطماع الامبريالية والصهيونية وصار البعث والعراق وقادته ورموزه من المجاهدين نموذجا للحياة التي يتوق اليها العربي في حماية وجوده وتحقيق امنياته في العزة والكرامة.

لقد كانت تجربة “البعث” في العراق، فرصة غنية لتطبيق أهداف الحزب في الوحدة والحرية والاشتراكية، فجاءت المنجزات التاريخية من خلال ملاحم البناء والتنمية والتأميم وقانون الحكم الذاتي، ثم ملاحم الدفاع الباسل عن بوابة الامة الشرقية ضد الاطماع التوسعية الايرانية ، محطات بارزة مشرقة في تجربة البعث الفكرية والنضالية والتنموية . فكانت ثورة “البعث” في العراق صورة حقيقية لغنى فكر الحزب وحيويته واستجابته لتطلعات امته .

ونظراً لأهمية الدور الاستراتيجي للبعث في عموم الوطن العربي فقد تعرض للعديد من مؤامرات واستهداف الاستعمار وادواته في المنطقة ، وحورب البعثيين بلا هوادة وطوردوا واعتقلوا ، فلم يواجه أي تنظيم سياسي، ما يواجهه حزب البعث العربي الاشتراكي، وخاصة في العراق ، من مؤامرات إجرامية تواصل سعارها إلى تنفيذ عملية الغزو والاحتلال الأميركي الغاشم للعراق، الذي أسفر عن استشهاد قائد مسيرة “البعث” وعدد كبير من مناضلي الحزب على مستوى القيادة وعلى المستويات التنظيمية اللاحقة، الذين زاد عددهم على 200 ألف شهيد، وعشرات ألوف الأسرى والمغيَّبين. الا ان ذلك لم يزدهم الا صموداً واصراراً وتمسكاً بالمبادئ.

لقد كان “البعث” وليس غيره، هو من واجه خلال السنوات الخمس عشرة الماضية الثقل الأكبر من إجراءات المحتلين وعملائهم، فكانت قرارات الاجتثاث والإقصاء والحظر والقتل والاعتقال ومصادرة الأموال من نصيبه ومن نصيب مناضليه، وما يزال مناضلو الحزب يواجهون هذه المخططات الشريرة بإيمان وصلابة ويقين مستقر بنصر الله العزيز، يصطفُّ معهم الخيرون من شعب العراق في ملحمة صمود باسل مجيد.

لقد فضحت مخططات “الاجتثاث” و “الإقصاء” و “الحظر” و “مصادرة الأموال” فرية الديمقراطية التي يتشدُّق بها الغرب، والتي زعمت الولايات المتحدة، الراعي الأول للارهاب في العالم، أنها جاءت لتحقيقها في العراق، كمسوغ لاحتلاله ونهب ثرواته . حيث ظهر المحتل على حقيقته متعطِّشاً لسفك الدماء وممارساً لأقصى درجات الارهاب وتقييد الحريات ومحاربة الأفكار وقطع الأرزاق.

ورغم ان احتلال بغداد العروبة في التاسع من نيسان 2003 م كان منعطفا خطيرا في التاريخ العربي، ويوما ادمى العين والقلب ووضع مصير الامة في اصعب واقسى امتحان شهدته في العصر الحديث ، الا انه رغم كل قسوة التدمير الذي احدثه الغزو وشراسة الاستهداف ، بقي البعث مؤسس المدرسة النضالية الفريدة ومفجر الطاقات والبطولات الاسطورية في وجه العدوان . فباحتلال بغداد كان لنيسان والبعث وابناء الرافدين موعد آخر مع المجد ، حيث بدأت صفحة اخرى من سفر البطولة والتحدي تسطع في سماء الرافدين واخذت فصائل المقاومة الوطنية العراقية الباسلة بقيادة البعث وقائده المجاهد الرفيق عزت ابراهيم تكبد الاحتلال الامريكي البريطاني خسائر فادحة ادت الى هروبه مهزوماً مخذولاً . واصبح البعث والمقاومة الوطنية العراقية شمسا تسطع نوراً على درب الخلاص، وترسم عبر هذه الملحمة البطولية فجراً جديداً يلوح في الافق ويبشر المؤمنين ان النصر آت، والظلم زائل ، وماتزال شمعة البعث تهدي الثائرين حتى يتحقق النصر المؤزر ويرحل الفرس واتباعهم وكل ادوات الاحتلال تحت ضربات الاوفياء المجاهدين ليبقى العراق لأهله وامته.

تمر علينا ذكرى تأسيس البعث هذا العام ومطالب الجهاد ضد اعداء الامة على اشدها ، فساحات عديدة في الوطن العربي تعيش احتلالات متعددة . فسوريا الانطلاقة تئن تحت مطرقة الدكتاتورية والتمزق من جهة ، وسندان احتلالات اجنبية عدة من جهة اخرى. وفلسطين ماتزال تواجه وحيدة القمع الصهيوني .

والاحتلال الفارسي في كل من الاحواز واليمن يتمدد ، والخليج تحت مطرقة التهديد الفارسي المستمر ، وليبيا تعيش الحرب بالوكالة، والصومال المقسم يعاني مخططات ابقائه قيد الاعتقال الاجنبي.

إن التحديات الجديدة الخطيرة التي تتعرض لها الأمة العربية ، احتلالاً وتآمراً وتقسيماً وبثّاً للفتن الطائفية والعرقية، تعيد التأكيد على أهمية فكر “البعث” الجامع الذي يوحد الأمة ويعبّئ صفوفها في مواجهة كل جيوش الغزاة والمتآمرين ودعاة التفتيت الطائفي والعرقي . إذ لا مناص من الفكر الوحدوي الشامل لمواجهة الشرذمة والتقسيم، ولا مناص من الحرية في مواجهة الاحتلال والتبعية للأجنبي والارتهان لمخططاته الإجرامية، ولابد من سيادة فكرة العدالة الاجتماعية، على مستوى القطر وعلى مستوى الأمة، لمواجهة اساليب الاستعمار والهيمنة الجديدة ممثلة بآليات العولمة وهيمنتها الفجّة من خلال وسائل شتى ليس اقلها الشركات الاحتكارية العابرة للجنسيات والحدود، وادوات الغزو الثقافي التي تستبيح الخصوصيات الدينية والثقافية والقيمية للمجتمعات.

إن الأمة اليوم، وهي تواجه المشاريع الصهيونية والفارسية والأميركية، بحاجة جدّيّة إلى الفكر الوحدوي التحرري النهضوي الذي يدافع عن وجودها وهويتها وتاريخها، ويضمن لها مستقبلها.

إن ما تتعرض له الامة اليوم يدعونا لان نتوجه بنداء صادق إلى كل القوى العربية المجاهدة والحريصة على وحدة الأمة وحماية هويتها ومستقبل أجيالها لمغادرة ضيق الاصطفافات السياسية، الفئوية والقطرية، إلى رحاب العمل العربي المشترك الواسع، مؤكدين أن يد الحزب ستبقى ممدودة لكل القوى التي تلتقي معها على قاعدة مواجهة مصادر الخطر الموجه للأمن القومي العربي، وحماية هوية الأمة حاضراً ومستقبلاً.

وهذا يُوجِب على قوى الأمة الحيّة أن تخرج من دوامة انقسامها السياسي على المستويين الرسمي والشعبي، كون هذا الانقسام بقدر ما يوفِّر بيئة لتنامي أدوار قوى التحالف الصهيو- استعماري المفتوح على علاقات عميقة مع المشروع الفارسي العنصري الطائفي، فإنه يُخرج مبادرات الحلول السياسية للكوارث والأزمات، التي تعصف بالعديد من الأقطار، من البيت العربي إلى الفضاءين الإقليمي والدولي اللذين لم يقدما لأمتنا حلاً ولم ينقذاها من أزمة. إن تعريب الحلول السياسية ، يتطلَّب توفير الأرضية الداخلية الوطنية المناسبة، التي تتشكل من الطيف السياسي القادر على إطلاق مبادرات ومشاريع وطنية وقومية على قواعد الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة. وإذا كانت المصالحات تًشكِّل مدخلاً لبلورة مشروع وطني للحل والإنقاذ، فإن هذا المشروع لا تحمله قوى طائفية ومذهبية تمارس الترهيب السياسي والتكفير الديني وترتبط بمراكز إدارة وتحكم خارجيين، بل تحمله القوى التي قاومت الاحتلالات والمشاريع الطائفية، التي تشكِّل خطراً مضافاً على الأمن القومي برمّته كما على أمن القطر المعني مباشرة، وعلى الأمن المجتمعي أيضاً، وهذا ما يستلزم تفعيل المشروع القومي الشامل، الذي يشكِّل حزب البعث العربي الاشتراكي ركيزة أساسية من ركائزه، باعتباره كان وسيبقى في المواقع الأمامية للدفاع عن الأمة وأمنها، وليس إطلاق مشاريع طائفية أو عنصرية تفتيتية مضادة.

ولان عصرنا الراهن ملئ بالمتغيرات المتسارعة فإن حزب البعث العربي الاشتراكي بعد سبعة عقود على تأسيسه، يؤكد من جديد أهمية مراجعة الذات وتقييم التجارب التي عاشها على مرِّ الحقب الماضية، مستنداً في ذلك الى ارثه الغني بممارسة النقد الذاتي باعتباره عنصراً أساسياً لتجدد الحزب واستمراره فكراً وتنظيماً ونضالاً. وهو إذ يمارسها اليوم ويدعو إلى ممارستها على كافة المستويات وفي جميع المجالات، إنما يؤكد على حيويته وثقته كحزب رسالي عظيم ، ورغبته في التجديد والتطوير، ودعم الايجابيات والبناء عليها ،ومحاربة السلبيات وفرز القائمين بها ، من اجل الانطلاق نحو مستقبل أكثر ثباتاً ورصانة وحيوية وتجدداً.

اليوم ونحن نحتفي بإحدى وسبعين سنة مرت من مسيرة البعث ، فأننا نرتشف من معانيها القوة، ونتزود بمزيد من العزم والاصرار على مواجهة اعداء الامة على طول الوطن العربي وعرضه .

فلينهض شباب الامة وجيل المستقبل في وجه الاعداء ، فان ذكرى مولد البعث ومسيرته العملاقة مدعاة لهذا الجيل ان يصنع منها المعجزات . ومرحبا بذكرى نيسان المعفرة بأريج البطولات، نيسان التحدي ، نيسان الرجولة والشهامة والوفاء .

 

  • تحية اكبار واجلال للأمين العام للحزب القائد الأعلى لجبهة الجهاد والتحرير الرفيق عزة إبراهيم .
  • تحية لكل الرفاق الذين ساهموا في تكوين فكر “البعث” وتأسيس الحزب، وفي مقدمتهم القائد المؤسس المرحوم أحمد ميشيل عفلق
  • تحية لشهداء الحزب والأمة العربية وفي طليعتهم القائد الشهيد صدام حسين ورفاقه في القيادة القومية وقيادة قطر العراق.
  • وعاشت الأمة العربية، وعاش نضالها الوحدوي التحرري.

 

مكتب الثقافة والإعلام القومي

السادس من نيسان / أبريل ٢٠١٨

Author: nasser