بيان قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي
بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين ليوم الشهيد
قبل أن يصل الخميني من باريس إلى طهران، أعلن عن نوايا شريرة تجاه العراق، جاحداً لكل ما لقاه من حُسن ضيافة، وتسهيلات من أعلى مستويات القيادة، وحماية له وللطاقم العامل معه من قبل أجهزة الأمن العراقية، ما في ذلك من إضافة عامل توتر إلى العلاقات العراقية الإيرانية التي تعاني أصلاً من توترات قديمة، وكل نظام حكم يصل إلى السلطة في طهران، كان يضيف إليها عناصر كراهية وحقد، كلها مستلة من تاريخ طويل من الحقد الفارسي على العراق، وبمجرد وصول خميني إلى طهران في الأول من شباط 1979، بدأت تخرج عن أفواه الطاقم المرافق له والذين أصبحوا فيها، أركان حكمه المستمر حتى اليوم على الضغائن نفسها التي تضاعفت مئات المرات منذ تسلمه الحكم كحاكم مطلق لإيران بلا منازع، استناداً إلى مبدأ اخترعه في ساعة خلوة شيطانية مع نفسه، وهو مبدأ ولاية الفقيه، الذي أراد منه أن يكون الحاكم بأمره، ليس على إيران فقط، وإنما على المسلمين كافة، متخطياً القانون الدولي وسيادة الدول على أراضيها، ولأن الأمر لم يتحقق كما أراد، فقد اخترع شعاراً يناسب طموحاته الشيطانية، اسمه (تصدير الثورة الإسلامية) إلى جهات العالم الأربع، فأدى سوء الفهم لدى البسطاء من المسلمين، إلى أكبر فتنة في القرن العشرين وما تزال هزاتها الارتدادية تضرب منطقة الشرق بقوة، مخلفة وراءها ملايين الضحايا بين قتيل وجريح ومغيب ومهجر.
لقد ناصب نظام الخميني العداء المكشوف للعراق، فصرح أكثر من مرة أن اتفاقية الجزائر عام 1975 لم تعد صالحة لأنها ثمرة تعاون بين الطواغيت حسب الهذيان الذي ساد الساحة الإيرانية، ثم دخل أكثر من مسؤول عديم الخبرة والدراية السياسية على خط التصريحات الاستفزازية، فقال أبو الحسن بني صدر الذي أصبح رئيساً للجمهورية، إنه لن يكون قادراً على إيقاف زحف القوات المسلحة الإيرانية وربما تتجاوز مدينة الرطبة، في حال نشبت الحرب بين البلدين.
لم يكن هناك أي حديث بصوت عال عن موضوع الحرب لا في الإعلام العراقي ولا من قبل الأوساط السياسية، فقد حرص العراق على منطق التهدئة، على الرغم من مرارة الحلق العراقي، جراء ما لاقاه العراق من جحود ونكران جميل، لم يصادف مثله من قبل، ولكن العراق الأبي عض بالنواجذ على مرارة الصبر وقرر ألا يعطي إيران فرصة رفع شعار المظلومية الذي حرص خميني على حمله على كتفه منذ هرب من إيران عام 1963، ولم يفتح أحد له ذراعيه كما فعل العراق.
ومع كل إشارة صبر عراقي إضافي، كانت غطرسة الزمرة المتخلفة التي وصلت إلى حكم إيران على قطارات أمريكية فرنسية بريطانية، تقفز فوق كل حواجز طول النفس العراقي، الذي لم يكن معهوداً عنه لا في تاريخه القديم ولا القريب، ولكنها رسالة ود ممدودة إلى جار فرضته الجغرافيا السياسية على المنطقة، وقذفت على مقار سلطته بآخر موجات المغول والتتار، فبدأت تحرشات القوات الإيرانية، من حرس وجيش على الحدود العراقية، إذ تعرضت عشرات المدن الحدودية العراقية، لقصف عنيف من مدفعية أمريكية الصنع وبعيدة المدى وخاصة المدفع 175 ملم ذاتي الحركة، وجراء هذا العمل العدواني وإرهاب الدولة الإيرانية، تعالت صيحات الغضب الشعبي وطالبت الحكومة بالتصدي للعدوان الإيراني بكل الوسائل المتاحة، لا سيما بعد أن عجزت الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي عن ثني إيران عن نواياها العدوانية، عبر مذكرات رسمية تجاوزت العشرات، وبلغ الموقف ذروة التوتر عندما ذهبت إيران إلى تهديد الملاحة البحرية في شط العرب، ووصل الحال لقصف طائرة من نوع F5 تم أسر طيارها في 7 أيلول 1980.
فاضطر العراق إزاء هذه الأوضاع المتفجرة إلى مهاجمة القواعد الجوية الإيرانية حماية لمدنه وسيادته الوطنية، واندلعت الحرب، وكان من بين أبشع ما ارتكبه العدو، جريمة تصفية أكثر من 1500 أسير يوم الأول من كانون الأول سنة 1981، على نحو لم يسبق له مثيل بين الدول المتمدنة، ولكنه لم يكن غريباً على بلد يحفل تاريخه البعيد والقريب بمثل هذه الجرائم، ففارس هي بلد سابور ذي الأكتاف الذي خلع أكتاف الأسرى من قبيلة إياد العربية، منتصف القرن الرابع الميلادي، وهذه الانتهاكات التي تطال أسرى الحرب تعد خرقاً لكل ما تعرف عليه المجتمع الإنساني، ثم جاءت القوانين الدولية لتكرس لهم حقوقاً كبيرة نصت عليها اتفاقية جنيف الثالثة، ولكن إيران هذا الرقم الخارج على المعادلات الأخلاقية والإسلامية والدولية، لا يخفي غبطته في ارتكاب مثل هذه الجرائم المروعة.
تحية لشهداء العراق في القادسية وأم المعارك وفي مواجهة الغزو الأمريكي سنة 2003، وفي كل المعارك التي خاضها العراقيون فوق ثرى فلسطين وسوريا ومصر وفي كل أرض وجهت لهم نداء (واعراقاه).
تحية لشهداء الأمة العربية في مواجهة الأعداء في كل زمان ومكان.
تحية للقائد الشهيد البطل الخالد صدام حسين.
وإلى أمام في دروب النضال من أجل مجد العراق والأمة العربية، ونسأل الله العلي القدير الثبات على طريق النصر والتحرير وهو قريب بإذن الله تعالى.
قيادة قطر العراق
لحزب البعث العربي الاشتراكي
بغداد الرشيد الأول من كانون الاول 2024