اشراقات نيّرة من خطاب الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي عزة إبراهيم حفظه الله ورعاه (٢)
دلالات ومعاني الدّعوة لتذكّر إنجازات المقاومة العراقيّة الباسلة
أبو همام
نستذكر هذه الأيّام، الجريمة البربريّة الكبرى التي ارتكبتها الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحلفائها بحقّ العراق والأمّة العربية وذلك بغزو بلاد ما بين النّهرين وتدميرها وتخريبها والعبث بها أرضاً وشعباً وتاريخاً وحضارات، حتى اصبح تاريخ 9 نيسان 2003 تاريخا مفصليّا لا على صعيد العراق والوطن العربي فحسب، بل وعلى مستوى العالم بأسره، وذلك بالنّظر لارتداداته وانعكاساته الكارثيّة المعقّدة على جميع المستويات.
ففي ذلك اليوم، أٌريد للانسانية ان تسقط في غيابات التّردّي الشّامل والصّدمة المروّعة بالتّجرّد من أيّ وازع أخلاقيّ وببلوغ التّسلّط والتّجبّر والبطش منتهاه، حيث تم ضرب كل القوانين والشّرائع والمواثيق السماويّة والوضعيّة ، وسط ذهول العالم وعجز أحراره عن التّصدّي لفصول واحدة من أكبر الجرائم التي شهدتها البشرية.
لقد تعرض العراق في ظلّ انصياع المجتمع الدّوليّ الرّسميّ في سواده الأعظم لإعلان أمريكا تفرّدها بالعالم وتبشيرها بعصر القطب الواحد، لحرب كونيّة مروّعة ارتكبت فيها ابشع المجازر واستخدمت فيها أشدّ الأسلحة فتكاً وأكثرها تطوّرا، وتكالبت عليه الدّول والجيوش والأجهزة تكالباً محموماً فحوّلته إلى مسرح ملتهب تأكل ناره الأخضر واليابس، فلم يسلم منها بشر ولا شجر ولا حجر.
لقد فتحت أبواب جهنّم على العراق، وضاقت سماؤه بالطّائرات النّفّاثة وبالقاذفات الاستراتيجيّة، ودٌكّت أرضه دكّا بالصّواريخ والقنابل، ونٌكِّل بمهد الحضارات، فانتٌهِكت المحرّمات كافة، وقٌتّل الشّيوخ والرضع والأطفال والنّساء، وامتلأت المعتقلات برجال العراق وحرائره، وعمّت الفوضى العارمة، ونٌهِبت الآثار والثّروات واستبيحت المقدّرات، وشٌرِّعت أبواب المؤسّسات مفتوحة أمام اللّصوص وشذّاذ الآفاق والمجرمين. ورغم قوة المنابر الدّعائيّة والوسائل الإعلاميّة العملاقة التي جٌنِّدت لتثبيت أكاذيب المعتدين حتّى يسلّم الرّأي العامّ بها كحقائق راسخة، إلا أن بطلان تلك الأكاذيب والحجج للهجوم على العراق وافتضاحها المدوي كان أقوى منها جميعاً.
ورغم فظاعة تلك الجرائم وهول الأكاذيب، ورغم بحار الدّماء التي أٌرِيقت، ورغم اختلال موازين القوى الهائل، فإنّ العراق وشعبه وقواه الوطنية وعلى رأسها حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ فاجأ العالم فأبلى بلاء فاق كلّ التّصوّرات، وسطّر دروسا في الصّمود والتّحدّي والثّبات لا نظير لها في التّاريخ المعاصر، حيث اندلعت شرارة المقاومة مباشرة وبالتّزامن مع اليوم الأوّل للغزو، فقاد الفرسان منازلة شاملة دوّخت الأعداء ونقلت إليهم ما أعدّوه من صدمات وترويع، فتناثرت أشلاء الغزاة وأٌحْرِقت معدّاتهم ومٌزِّقوا شرّ ممزّق.
ومن هنا فقد دعا الرّفيق القائد الأمين العامّ لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ عزّة إبراهيم في خطابه بمناسبة الذّكرى 72 لتأسيس الحزب إلى تذكّر إنجازات المقاومة العراقيّة الباسلة. قائلاً:
((تذكّروا دائماً ملحمة التّصدّي للغزو الامبرياليّ الصّهيونيّ الفارسيّ في العراق، تذكّروا ولا تنسوا كيف تطاول شعب العراق العظيم بمقاومته الوطنيّة والقوميّة والإسلاميّة الأسطورة وفي طليعتها البعث على أقوى وأكبر جيوش العالم وأكثرها تطوّراً في أساليب القتل والتّدمير.. لا تنسوا أبداً أنّ المقاومة العراقيّة الباسلة قتلت خمسة وسبعين ألف أمريكيّ غازي للعراق، لا تنسوا أبداً هزيمة الجيوش الغازية وعلى رأسها الجيش الأقوى في العالم، لا تنسوا أبداً الخسائر الاقتصاديّة الهائلة التي كادت تطيح باقتصاد أمريكا والعالم التي تكبّدها الغزاة، ولا تجعلوا الإعلام المعادي يُغطّي هذه الحقيقة أو يٌضبّب عليها ويقلّل من أهميّتها)).
فما هو مغزى تلك الدعوة وما هي دلالاتها؟.
انه من اولى تلك الدلالات هي قدرة البعث والقوى الوطنية العراقية على مقاومة المحن رغم شدة الإستهداف ،مما يزيد من ثقة الأجيال العربية الصاعدة بنفسها وبقدرتها على مواصلة نضالها مهما بلغت شدّة التحديات التي تواجهها. إذ لم يَحُلْ ما خٌصّت به قيادة المقاومة وعقولها المفكّرة وسواعدها الضّاربة من اجتثاث وملاحقات واغتيالات واعتقالات ومصادرة أرزاق وحلّ الجيش العراقيّ الوطني، دون تصاعد فعلها البطولي ذاك. وظلّ ثبات العراق ونخبه الرّساليّة المجاهدة أقوى من الهجمة البربرية العارمة، كما ظلّ إيمان العراق وفرسانه الغٌرّ الميامين بربّهم وبوطنهم وبأمّتهم وبعدالة قضيّتهم أصلب من أن يفتّ فيه احتدام المعركة واشتداد أوراها، فواصلوا اندفاعهم لملاحقة الغزاة، وعضّوا على عراقهم العربيّ الواحد بالنّواجذ، تحميهم صلاة ودعاء أمتهم العربية من المحيط إلى الخليج، إلى أن منّ الله عليهم بالنّصر المؤزّر بإعلان أمريكا عن فرارها من المستنقع العراقيّ بفعل خسائرها الفادحة في كل شئ. فحافظت المقاومة العراقيّة، فعلا ميدانيّا ومشروعا سياسيّا وتحرّريا قوميّا وإنسانيّا، على تصديها واستباقها لمؤامرات الغزاة وقبرها في مهدها، ولعلّ فشل تقسيم العراق لليوم وهو هدف الغزو الأعظم، أكبر دليل على ذلك.
ومن دلالات انتصار المقاومة الباسلة هو قدرتها الإستباقية على المواجهة لأكثر من عدو و في اكثر من محور. فرغم المواجهة المباشرة للمقاومة العراقية للقوات الغازية، إلا أنها لم تغفل عن المخطّط الجهنّميّ البديل عن الاحتلال الأمريكيّ ، والذي تمثّل بالاحتلال الإيرانيّ بالوكالة عن أسيادهم الأمريكان والصهاينة، فشرعت بفضح هذا المشروع ومحاربته، وتصدّت له بمختلف الوسائل. فعرّى البعث مخطّطات الفرس وسياساتهم في العراق، كما فضح مخطّط التّمدّد الإيرانيّ الفارسيّ التّوسّعيّ على حساب الوطن العربيّ وأقطار الأمة برمتها.
فقاوم البعث منبهاً العرب جميعاً إلى ذلك المشروع المتمثل بافتعال وتأجيج صراع طائفيّ وعرقي مقيت وإغراق العراق في أتونه، وعرّى ممارساتها الإجراميّة لتفريس العراق عبر تشريد أهله واستبدالهم بوافدين مستوطنين من فرس وأفغان وباكستانيّين وغيرهم، في إطار التّغيير الدّيموغرافيّ الذي تسابق طهران فيه الزّمن من أجل إنجاحه لاجتثاث العروبة وأهلها في العراق، ثم الانتقال بعد ذلك لتطبيقه في بقيّة الأقطار وفي مقدمتها سوريا ولبنان واليمن كما الأحواز العربيّة من قبل. كل ذلك إضافة إلى مساعيها المحمومة لخلخلة الأمن في الخليج العربيّ و التّوغّل النّاعم في أقطار الأمّة العربيّة في شطرها الإفريقيّ.
وكل ذلك إنما يأتي تنفيذا لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي يمهد لتأسيس “إسرائيل الكبرى”، حيث تتصاعد السّياسات الصّهيونيّة العاملة على تصفية قضيّة فلسطين العربية وتقابلها هرولة النّظام الرّسميّ العربيّ للتطبيع والتّعامل مع العدوّ الصّهيونيّ. مما يجسد التّحالف الاستراتيجيّ الوثيق بين إيران والولايات المتّحدة الأمريكيّة والصّهيونيّة العالميّة وكيانها الغاصب ، والذي لا يمكن للجعجعات الإعلاميّة والشّعارات الاستهلاكيّة التي تطلقها إيران وميليشيّاتها وأذرعها الطّائفيّة الإرهابيّة أن تفنّده أو تخفيه.
واليوم فإنّه لا مجال للقفز على حقيقة محوريّة مفادها أنّه لولا نهوض البعث بدوره التاريخي ضد هذا المشروع التوسعي الجهنمي، وصمود مقاومة العراق بوجه أعتى استهداف على مرّ التّاريخ، لاجتٌثَّت العروبة اجتثاثا فعليّا ولشٌرِّد العرب وتناثرتهم رياح الفناء ولا ريب.
ومن دلالات انتصار المقاومة العراقية هو ان حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ قد برهن بصموده هذا على أنّه حزب الأمّة برمتها، وأنّه الأكثر التصاقا بقضاياها، حيث تقدّم ببسالة نادرة وبفروسيّة فريدة وبرصيد هائل من الإيمان بالله والوطن كرّارا مقداما غير هيّاب، وثبت رغم الرّدى واشتداد المحنة، ورابط في سوح الجهاد، وظلّ ممتشقا بنادقه، مستقلاّ خنادقه، مقدّما بذلك أغلى التّضحيات. فقدّم البعث ما أعجز الأعداء وأذهل المشكّكين والمتخرّصين وفنّد ادّعاءاتهم. فرغم اغتيال نصف القيادة وأسر بقيّتها وملاحقتها والتّنكيل بكلّ مناضليه ومصادرة ممتلكاتهم وقطع أرزاقهم، ورغم الاجتثاث والاستهداف المستمر، فلم يتأخّر عن البذل والعطاء حتى وصل عدد شهدائه حوالي 170 ألف بعثيّ. ولم يتخلّ عن مبادئه وسط هذا اليمّ المظلم من الأهوال والأخطار، وحافظ على استعداد أسطوري للدّفاع عن الأمّة وعن حقوقها، فسفّه بذلك تقوّلات مناوئيه وأكاذيبهم في التّبشير بانتهاء البعث بانتهاء حكمه معتبرين أنه حزب سلطة، وفاتهم أنّ البعث وقيادته المجاهدة ركلت السّلطة وزهدت بها وأن السلطة لم تكن تمثل لها يوما إلا منصّة للنّضال القوميّ في سبيل تحقيق النهوض الحضاري للأمّة واسترجاع حقوقها كاملة غير منقوصة.
فانتزع البعث بصموده اعتراف السّبق والرّيادة من أعتى أعداء الأمّة وفرض احترامهم له وانبهارهم بأصالته وبنظافة يد رجالاته وبإقرارهم أنّ غزو العراق واستهداف نظامه الوطنيّ جريمة كبرى لا تغتفر، وأنها خطأ استراتيجيّ فادح.
ورغم أنّ حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ هو حزب مقاوم منذ نشأته الأولى، إلا أنّ من دلالات انتصار مقاومته هو انه أضاف أبعاداً وقيماً لم تهتد إليها مقاومة أخرى قبله، ذلك أنّ المقاومة معه تحدّت المستحيل، وقارعت عتاة الجيوش العالميّة وأقواها بترساناتها العسكريّة وأسلحتها شديدة التّطوّر والفتك والتّدمير، وتصدّت لتحالف كونيّ لم يجيّش في الحروب السّابقة على مرّ التّاريخ، وناطحتهم وناظرتهم رغم الاختلال الهائل في موازين القوى وعلى جميع المستويات، كل ذلك في ظروف بالغة التّعقيد في ظل غياب أي إسناد دولي وما ترتب عن ذلك من فٌرِض العزلة التامة على المقاومة واستهدافها ومحاولة تشويهها. لذلك جاء توجيه الرفيق الأمين العام، بتذكر إنجازات المقاومة حتّى لا تٌحال إلى رفوف النّسيان، ولكي لا يتجاوزها المتجاوزون من الذين يتعمّدون تهميشها وحتّى إنكارها، ويوغلون في التّعتيم عليها.
ففي الدّعوة لتذكّر الفعل المقاوم في العراق، تسليط الضوء على استحقاق بعثيّ لا ريب فيه ولا مجال للانتقاص منه، وهو استحقاق أبطال المقاومة العراقيّة الباسلة، و فرسانها الأشاوس، كما أنّه استحقاق لأحرار العراق النّشامى وماجداته المجاهدات.
وتحمل الدّعوة لتذكّر منجزات المقاومة العراقيّة رسالة اعتراف وتبجيل لكلّ من انخرط فيها مهما كان حجم مساهمته. وقبل كل شئ هي رسالة اعتزاز وتقدير مفعم بالاحترام والوفاء والحبّ لشعب العراق ولأصالته ووطنيّته وقوميّته العصيّة على التّشكيك، لأنه ذلك الشعب الذي احتضن المقاومة وساندها ومدّها بالرّجال والسّلاح والمال، فكان ظهيرها الأقوى ودرعها الواقي وحصنها الحصين.
ومن استذكار إنجازات المقاومة نستلهم قدرة الطلائع العربية على مواجهة التعتيم والحرب النفسية بروح الأيمان الذي لا ينضب . فمن الحقائق الراسخة هو ان المقاومة تعرضت و لا تزال تتعرض إلى اليوم للتّغييب المتعمد، ويمارس ضدّها حصار مطبق من الأعداء والأشقّاء معاً، ولم تحظ لليوم بالقدر الكافي من الاهتمام، ولا بالدّراسة الموضوعيّة المنصفة المتوافقة مع عطائها وفعلها وملاحمها الأسطوريّة ، ومع ذلك لم يفتّ ذلك في عضدها . لذلك، جدّد الرّفيق الأمين العامّ لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ الاسترشاد بالأرقام، حتّى يدرك العراقيّون والعرب جميعهم ومعهم الرّأي العامّ الدوّليّ، ما حصدته المقاومة العراقيّة من نجاحات مذهلة.
وإن من دلالات انتصار المقاومة العراقية هو رسوخ العروبة كواقع حيّ نعيشه، وهوية متجذّرة ،وممارسة فعّالة . فقد أماطت اللّثام عن إبداع العقل العربيّ وقدرة السّواعد العربيّة على دحض الأكاذيب التي يدّعي فيها مروّجوها بأنّ نجم العروبة قد أفل، وأنّ أهلها عاجزون عن قلب ظهر المجنّ وتغيير واقعهم وانتزاع حقوقهم. لذا فإنّ التّذكير بانتصارات تلك المقاومة يجسد مٌنجزا عراقيّا عربيّا قوميّا يرقى بجدارة ليكون منجز القرن ولا ريب، وسِمَة الألفيّة الثّالثة بدون منازع، لما انطوت عليه من تَوْق وعزم إنسانيّ، وتصميم متشبّث بالقيم الحضاريّة والإنسانيّة ، وبإرادة شديدة الصّلابة لتحقيق السّلام وفرض نوازع الخير، وإنارة الظّلام، وردع التّوحّش والطّغيان والعدوان الآثم.
ولعل من بين أهمّ دلالات التّذكير بمنجزات المقاومة العراقيّة، هو مضمون الفخر والاعتزاز بتجاوز حزب البعث، حزب الأمّة المقاوم ، المنافح، المكافح لحلقات المكائد، وسحقه لقوانين التخلّف البائسة المترعة سَادِيَّة وعنصريّة، التي جاءت تحت شتى الأغطية لكسر شوكته وطمس تاريخه وتلويث سيرته، مستهدفين بذلك انتكاسة العروبة كلها وطمس معالمها، فخابوا فألا وساؤوا مصيرا.
واليوم ونحن نتأمل دلالات انتصار المقاومة العراقية الباسلة فإن من بين أهم ما نستلهمه منها هو أهمية الاعتماد على الذات بعد الله تعالى وعدم الإستسلام مهما عظمت قدرات العدو. كما وإن ما نحتاج إلى أن نتزود به للمستقبل، هو ما أفرزته تلك المقاومة من مرونة رائعة في إيجاد الوسائل، وتجددها الدائم لمواجهة الواقع، ومنع الانسداد والاختناق في الظروف الصعبة، من خلال النجاح المذهل في خلق البدائل، والقدرة العالية على المناورة واعتماد التكتيك الناجح.
ولقد كان من بين أهم عوامل نجاح المقاومة هو قدرتها على مواكبة روح العصر ، والانفتاح على متغيراته، وتحديد تحدّياته بشكل واقعي وموضوعي بعيدا عن الأحلام والعواطف. فلم تتجمد وسائلها في الماضي القديم وصيغه وقوالبه، بل استوعبت وبشكل سريع المتغيرات الدولية وانعكاساتها على الساحة العراقية تحديداً، وخاصة تلك المتمثلة في سعي “النظام العالمي الجديد” إلى تحطيم الدولة الوطنية أينما أمكن في العالم الثالث، واستبدالها بالمافيات والجيوش الخاصة والمليشيات، فواجهت كل ذلك بشجاعة وتجدد واقتدار. واليوم حيث تتسيد الماكنة الإعلامية العالمية الشريرة وأبواقها الناطقة بالعربية، فإن من دلالات انتصار المقاومة العراقية، هو نجاحها في تعزيز المناعة والحصانة لدى أبناء الأمة العربية ضد الشرور التي تبثها هذه الماكنة الإعلامية الضخمة، والقدرة الرائعة على كشف زيفها وتطويقها وتحطيمها.
كما أنّ من شأن العرفان والتذكير بمنجزات المقاومة، أن يزيد في حماس رفاق البعث وطلائع الأمة العربية وأحرارها في الوطن العربي، ويشحن هممهم ويستحثّهم لمزيد من البذل والعطاء والارتقاء بأدائهم نحو الالتزام الصّارم بالمصلحة العربيّة العليا وأهمية تحقيق الفرز الواعي لأولوياتها الإستراتيجية. وفي كل ذلك تهيئة لأبناء الأمّة لمتطلّبات المرحلة القادمة ومقتضياتها النّضالية، التي تشكل ديمومة امتلاك مقومات انتصاراتها، معينا لا ينضب للتّزوّد بأقوم المسالك والسّبل للإسراع في تحقيق النّصر المؤزّر الذي يشكل تحرير العراق من ربق الاحتلال الإيرانيّ الصّفويّ عنوانه الأكبر ، لتنطلق بعدها سواعد العراق وعقوله في عمليّة الإعمار والبناء والتّشييد وإصلاح ما أفسده أعداء الإنسانيّة والحياة .
إن استذكار منجزات المقاومة من شأنه شحذ الهمم واستيعاب القدرات للانطلاق نحو المستقبل متيقنين من أن الأمّة العربية بخير بإذن الله تعالى، لتواصل مسيرتها وتحقيق تطلعاتها في حياة حرة كريمة، ومواجهة قضايا العصر المتجددة، في عالم مزدحم بالمتغيرات والتحديات التي لا مكان فيها للركود والتلكؤ.